الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَالْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ) : غَيْرِ اللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مِنْ مُدَّعٍ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ (بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ) : أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَالْوَاوُ كَالْبَاءِ. وَأَمَّا اللِّعَانُ فَالْيَمِينُ فِيهِ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ، وَلَا يَزِيدُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. وَكَذَا فِي الْقَسَامَةِ لَا يَزِيدُهَا بَعْدَ قَوْلِهِ: أُقْسِمُ بِاَللَّهِ، وَقِيلَ: يَزِيدُهَا فِيهِمَا.
وَ (لَوْ) كَانَ الْحَالِفُ (كِتَابِيًّا) وَلَا يَزِيدُ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ. وَقِيلَ يَزِيدُ
ــ
[حاشية الصاوي]
[صِيغَة الْيَمِين فِي الشَّهَادَة]
قَوْلُهُ: [وَالْيَمِينُ] : أَيْ فِي الْمُعْتَبَرِ لِقَطْعِ النِّزَاعِ وَهِيَ الْمُتَوَجِّهَةُ مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُحَكَّمِ. فَمُجَرَّدُ طَلَبِ الْخَصْمِ الْيَمِينَ مِنْ خَصْمِهِ بِدُونِ تَوْجِيهِ مَنْ ذُكِرَ لَا يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ لَهُ، فَإِنْ أَطَاعَ بِهَا ثُمَّ تَرَافَعَا لِحَاكِمٍ أَوْ مُحَكَّمٍ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ ثَانِيًا لِأَنَّ يَمِينَهُ الْأُولَى لَمْ تُصَادِفْ مَحَلًّا.
قَوْلُهُ: [فِي كُلِّ حَقٍّ] : أَيْ مَالِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالِيُّ جَلِيلًا أَوْ حَقِيرًا وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ.
قَوْلُهُ: [مِنْ مُدَّعٍ] : أَيْ تَكْمِلَةً لِلنِّصَابِ كَمَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا، أَوْ كَانَتْ اسْتِظْهَارًا كَأَنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِالْحَقِّ أَوْ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: [أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ] : أَيْ عِنْدَ عَجْزِ الْمُدَّعِي عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِمَا ادَّعَاهُ.
قَوْلُهُ: [أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ] : أَيْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَا نَقْصٍ عَنْهُ فَلَا يُزَادُ: عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الِاسْمِ بِدُونِ وَصْفِهِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ يَمِينًا تُكَفَّرُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا زِيَادَةُ التَّخْوِيفِ وَالْإِرْهَابِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ نَقْلًا عَنْ الْمَازِرِيِّ: الْمَنْصُوصُ عِنْدَ جَمِيعِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ: بِاَللَّهِ، فَقَطْ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: وَاَلَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَمْ يُجْزِهِ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [وَالْوَاوُ كَالْبَاءِ] : أَيْ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ قَالَ (ح) : لَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي الْمُثَنَّاةِ فَوْقٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُ كِتَابِيًّا] : أَوْ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يَقُولُ: بِاَللَّهِ فَقَطْ (اهـ) أَيْ لِأَنَّهُ يَقُولُ بِالتَّثْلِيثِ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا أَنَّ الذِّمِّيَّ مُطْلَقًا يَقُولُ بِاَللَّهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْيَهُودِيَّ يَقُولُ: الْعُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ فَالتَّأْوِيلَاتُ ثَلَاثَةٌ
الْيَهُودِيُّ: الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى. وَيَزِيدُ النَّصْرَانِيُّ: الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى. (وَغُلِّظَتْ) الْيَمِينُ عَلَى الْحَالِفِ (فِي رُبْعِ دِينَارٍ) فَأَكْثَرَ (بِالْقِيَامِ) : بِأَنْ يَحْلِفَهَا وَهُوَ قَائِمٌ. (وَبِالْجَامِعِ) لِلْمُسْلِمِ (وَبِمِنْبَرِهِ عليه الصلاة والسلام) لِمَنْ بِالْمَدِينَةِ أَيْ عِنْدَهُ لَا فَوْقَهُ (فَقَطْ) لَا بِمِنْبَرِ غَيْرِهِ، وَلَا بِالزَّمَنِ كَبَعْدِ الْعَصْرِ، وَ (لَا بِاسْتِقْبَالٍ) لِلْقِبْلَةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَغُلِّظَتْ الْيَمِينُ] : أَيْ وُجُوبًا إنْ طَلَبَ الْمُحَلِّفُ التَّغْلِيظَ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ فِي الْيَمِينِ وَالتَّشْدِيدَ فِيهَا مِنْ حَقِّهِ، فَإِنْ أَبَى مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِمَّا طَلَبَهُ الْمُحَلِّفُ مِنْ التَّغْلِيظِ عُدَّ نَاكِلًا.
قَوْلُهُ: [فِي رُبْعِ دِينَارٍ] : أَيْ إذَا كَانَ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَلَوْ عَلَى اثْنَيْنِ مُتَضَامِنَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا كَفِيلٌ عَنْ الْآخَرِ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ الْجَمِيعِ لَا إنْ كَانَ مِنْ ذَكَرٍ عَلَى شَخْصَيْنِ لِوَاحِدٍ؛ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ لَا يَكُونُ فِي أَقَلَّ مِنْ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ: [وَبِالْجَامِعِ] : الْبَاءُ لِلْآلَةِ لَا لِلظَّرْفِيَّةِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ الْيَمِينَ إذَا وَقَعَتْ فِي الْجَامِعِ تُغَلَّظُ بِصِفَاتٍ أُخْرَى زَائِدَةٍ عَلَى الْوَصْفِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْيَمِينُ وَاحِدَةٌ فِي الْجَامِعِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ فِي رُبْعِ دِينَارٍ تُغَلَّظُ بِوُقُوعِهَا فِي الْجَامِعِ، وَالْمُرَادُ بِالْجَامِعِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ فَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ لَا جَامِعَ لَهُمْ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: يَحْلِفُونَ حَيْثُ هُمْ، وَقِيلَ: يُجْلَبُونَ لِلْجَامِعِ بِقَدْرِ مَسَافَةِ وُجُوبِ السَّعْيِ لِلْجُمُعَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَثُلُثٌ، وَقِيلَ: بِنَحْوِ الْعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا حَلَفُوا بِمَوْضِعِهِمْ نَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ وَأَقْوَاهَا أَوْسَطُهَا.
قَوْلُهُ: [وَبِمِنْبَرِهِ] : إنَّمَا اخْتَصَّ مِنْبَرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ عِنْدَ مِنْبَرِي كَاذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» وَأَمَّا التَّغْلِيطُ بِمَكَّةَ فَيَكُونُ بِالْحَلِفِ عِنْدَ الرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مَكَان فِي الْمَسْجِدِ.
قَوْلُهُ: [لَا بِمِنْبَرِ غَيْرِهِ] : أَيْ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَكَانٍ مِنْهُ، وَقِيلَ: الَّذِي جَرَى
وَلَا بُدَّ فِي الْيَمِينِ مِنْ حُضُورِ الْخَصْمِ: فَإِنْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِغَيْرِ حُضُورِهِ لَمْ تَجُزْ - نَصَّ عَلَيْهِ الْبَاجِيُّ.
(كَالْكَنِيسَةِ) لِلنَّصْرَانِيِّ (وَالْبِيعَةِ) لِلْيَهُودِيِّ: أَيْ فَإِنَّهَا تُغَلَّظُ عَلَيْهِمَا بِهِمَا، لِأَنَّ الْقَصْدَ إرْهَابُ الْحَالِفِ، وَإِنْ كَانَتَا حَقِيرَتَيْنِ شَرْعًا.
(وَخَرَجَتْ الْمُخَدَّرَةُ لَهَا) : أَيْ لِلْيَمِينِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُدَّعِيَةً وَأَقَامَتْ شَاهِدًا فَقَطْ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهَا.
(إلَّا الَّتِي لَا تُخْرَجُ) : أَيْ شَأْنُهَا عَدَمُ الْخُرُوجِ أَصْلًا؛ كَنِسَاءِ الْمُلُوكِ فَلَا تُخْرَجُ لِلتَّغْلِيظِ، وَلِتَحْلِفَ بِبَيْتِهَا، بِأَنْ يُرْسِلَ لَهَا الْقَاضِي مَنْ يُحَلِّفُهَا بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ. وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْحُرَّةِ فِيمَنْ تَخْرُجُ أَوْ لَا تَخْرُجُ. وَمِنْ شَأْنِهَا الْخُرُوجُ بِاللَّيْلِ فَقَطْ أَوْ النَّهَارِ فَقَطْ أُخْرِجَتْ فِيمَا تَخْرُجُ فِيهِ.
(وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ) فِي يَمِينِهِ: أَيْ جَازَ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْيَمِينِ بَتًّا مُسْتَنِدًا (عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ أَوْ قَرِينَةٍ) تُفِيدُ قُوَّةَ الظَّنِّ؛ (كَخَطِّ أَبِيهِ) : أَوْ أَخِيهِ، بِأَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَكَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَكَقِيَامِ شَاهِدٍ لِلْمُدَّعِي بِدَيْنٍ لِأَبِيهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الصاوي]
بِهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ حَتَّى فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ. وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَهُ (بْن) .
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْقَصْدَ إرْهَابُ الْحَالِفِ] : قَالَ فِي الْأَصْلِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: يَجُوزُ تَحْلِيفُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُصْحَفِ وَعَلَى سُورَةِ بَرَاءَةٌ، وَفِي ضَرِيحِ وَلِيٍّ حَيْثُ كَانَ لَا يَنْكَفُّ إلَّا بِذَلِكَ وَيَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ بِقَدْرِ مَا أَحْدَثُوا مِنْ الْفُجُورِ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [وَخَرَجَتْ الْمُخَدَّرَةُ] : أَيْ وَهِيَ الَّتِي يَزْرِي بِهَا مَجْلِسُ الْقَاضِي لِمُلَازِمَتِهَا لِلْخِدْرِ أَيْ السَّتْرِ.
قَوْلُهُ: [عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ] : أَيْ وَقِيلَ: إنَّمَا يَعْتَمِدُ عَلَى الْيَقِينِ. وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَا يَحْلِفُ فِيهِ بَتًّا يُكْتَفَى فِيهِ بِظَنٍّ قَوِيٍّ وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ الْيَقِينُ.
قَوْلُهُ: [كَخَطِّ أَبِيهِ] : أَيْ كَالظَّنِّ الْحَاصِلِ لَهُ بِرُؤْيَةِ خَطِّ أَبِيهِ إلَخْ. وَتَقْيِيدُ الظَّنِّ بِالْقَوِيِّ يُفِيدُ أَنَّ الظَّنَّ الضَّعِيفَ كَالشَّكِّ لَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ، بَلْ الْيَمِينُ فِيهِ غَمُوسٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْيَمِينِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْبَاتُّ أَنَّ مَنْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ