الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنْ مِتّ فَقَدْ أَبْرَأْتُك، فَيَبْرَأُ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ تَعَيُّنِ الْقَوَدِ إذَا لَمْ يَعْفُ وَلِيُّ الدَّمِ عَنْ الْجَانِي
(وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ عَفْوٌ) عَنْ الْجَانِي (عَلَى الدِّيَةِ إلَّا بِرِضَا الْجَانِي) : بَلْ لَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا أَوْ عَلَى الدِّيَةِ إنْ رَضِيَ الْجَانِي فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْجَانِي بِهَا خُيِّرَ الْوَلِيُّ بَيْنَ أَنْ يُقْتَصَّ بِهَا أَوْ يَعْفُوَ مَجَّانًا. وَقَالَ أَشْهَبُ: الْخِيَارُ لِلْوَلِيِّ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: الْقِصَاصِ، وَالْعَفْوِ مَجَّانًا، وَالْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ. وَلَا كَلَامَ لِلْجَانِي وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ.
(وَلَا قَوَدَ) : أَيْ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ قَوَدٌ (إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ) مِنْ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ اقْتَصَّ الْوَلِيُّ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ (أُدِّبَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ.
(وَلَا دِيَةَ لَهُ) : أَيْ لِوَلِيِّ الدَّمِ (إنْ عَفَا) عَنْ الْجَانِي (وَأَطْلَقَ) فِي عَفْوِهِ: أَيْ لَمْ يُقَيِّدْ بِدِيَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، فَيُقْضَى بِالْعَفْوِ مُجَرَّدًا عَنْ الدِّيَةِ.
(إلَّا أَنْ) تَظْهَرَ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ (إرَادَتُهَا) : أَيْ مَعَ الدِّيَةِ حَالَ الْعَفْوِ وَيَقُولُ: إنَّمَا عَفَوْت لِأَخْذِ الدِّيَةِ (فَيَحْلِفُ) أَيْ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ.
(وَيَبْقَى) الْوَلِيُّ بَعْدَ حَلِفِهِ (عَلَى حَقِّهِ) فِي الْقِصَاصِ (إنْ امْتَنَعَ الْجَانِي مِنْ دَفْعِهَا) : وَإِلَّا دَفَعَهَا وَتَمَّ الْعَفْوُ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ لَك إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّك أَرَدْتَهَا، فَتَحْلِفَ أَنَّك مَا عَفَوْت إلَّا لِأَخْذِهَا، ثُمَّ لَك ذَلِكَ (اهـ) وَظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقُ: أَيْ تَبَيَّنَ بِالْقَرَائِنِ حَالَ الْعَفْوِ إرَادَتُهَا وَادَّعَى ذَلِكَ حَلَفَ مُطْلَقًا بِالْقُرْبِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ. وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَغَيْرُهُمَا: يُقْبَلُ إلَّا إذَا قَامَ بِالْحَضْرَةِ، لَا إنْ قَامَ بَعْدَ طُولٍ. وَهَلْ هُوَ قَيْدٌ لَهَا أَوْ خِلَافٌ؟ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْبَاجِيِّ، وَأَنَّ الْمَشْهُورَ ظَاهِرُهَا مِنْ الْإِطْلَاقِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ قَالَ لَهُ إنْ مِتّ فَقَدْ أَبْرَأْتُك] : أَيْ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ إنْفَاذِ مَقْتَلِهِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْبَرَاءَةِ بَعْدَ الْجُرْحِ
[اسْتِحْقَاق دَم الْقَاتِل]
قَوْلُهُ: [وَقَالَ أَشْهَبُ] : مُقَابِلٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي هُوَ طَرِيقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَلِذَلِكَ قَالَ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ: وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَإِنْ كَانَ وَجِيهًا لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: 33] .
قَوْلُهُ: [أُدِّبَ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ] : مَحَلُّ أَدَبِهِ حَيْثُ كَانَ الْحَاكِمُ يُنْصِفُهُ.
قَوْلُهُ: [أَيْ تَبَيَّنَ] : الْمُنَاسِبُ أَنْ يَزِيدَ إنْ بَعُدَ أَيْ.
قَوْلُهُ: [وَأَنَّ الْمَشْهُورَ ظَاهِرُهَا مِنْ الْإِطْلَاقِ] : أَيْ فَالْمَدَارُ عَلَى الْقَرِينَةِ
(كَعَفْوِهِ) : أَيْ وَلِيِّ الدَّمِ (عَنْ عَبْدٍ) قَتَلَ غَيْرَهُ مِنْ حُرٍّ أَوْ رَقِيقٍ، وَقَالَ: إنَّمَا عَفَوْت لِأَخْذِهِ، وَأَخَذَ قِيمَةَ الْمَقْتُولِ أَوْ دِيَتَهُ إنْ كَانَ حُرًّا، فَلَا شَيْءَ لَهُ، إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَةُ ذَلِكَ، فَيَحْلِفَ وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ إنْ امْتَنَعَ سَيِّدُهُ مِنْ الدَّفْعِ الْمَذْكُورِ. فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ، قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ. وَالْمُعْتَمَدُ: أَنَّهُ إنْ حَلَفَ فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ امْتِنَاعٌ بَلْ يُخَيَّرُ أَنْ يَدْفَعَ الْعَبْدَ أَوْ قِيمَتَهُ أَوْ قِيمَةَ الْمَقْتُولِ أَوْ دِيَتَهُ.
(وَاسْتَحَقَّ) الْوَلِيُّ (دَمَ مَنْ قَتَلَ الْقَاتِلَ) : فَلَوْ قَتَلَ زَيْدٌ عَمْرًا. فَقَتَلَ أَجْنَبِيٌّ زَيْدًا فَوَلِيُّ عَمْرٍو يَسْتَحِقُّ دَمَ الْأَجْنَبِيِّ الْقَاتِلِ لِزَيْدٍ، إنْ شَاءَ عَفَا وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ، وَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّ زَيْدٍ عَلَى قَاتِلِهِ.
(وَ) اسْتَحَقَّ مَقْطُوعُ عُضْوٍ (مَنْ قَطَعَ الْقَاطِعَ) لَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا؛ كَمَا لَوْ قَطَعَ زَيْدٌ يَدَ عَمْرٍو فَقَطَعَ أَجْنَبِيٌّ يَدَ زَيْدٍ. فَعَمْرٌو يَسْتَحِقُّ يَدَ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا كَلَامَ لِزَيْدٍ هَذَا فِي الْعَمْدِ.
(وَ) اسْتَحَقَّ مَنْ ذُكِرَ فِي الْخَطَأِ (دِيَةَ الْخَطَأِ) مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَالْقَطْعَ عَلَى مَا سَيَأْتِي.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَيَحْلِفُ وَيَبْقَى] : أَيْ طَالَ الْأَمْرُ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: [فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ] : حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ عَبْدًا وَالْقَاتِلُ عَبْدًا خُيِّرَ سَيِّدُ الْقَاتِلِ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَهُ لِأَوْلِيَاءِ الدَّمِ أَوْ يَدْفَعَ لَهُمْ قِيمَتَهُ، أَوْ قِيمَةَ الْمَقْتُولِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ حُرًّا، خُيِّرَ سَيِّدُ الْقَاتِلِ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَهُ لِأَوْلِيَاءِ الدَّمِ أَوْ يَدْفَعَ لَهُمْ قِيمَتَهُ، أَوْ يَدْفَعَ لَهُمْ الدِّيَةَ، وَمَحَلُّ الْخِيَارِ إنْ لَمْ يَعْفُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ مَجَّانًا، فَإِنْ عَفَا وَقَالَ: أَرَدْت أَخْذَهُ أَوْ أَخْذَ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ أَوْ دِيَتِهِ كَانَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [وَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّ زَيْدٍ] : أَيْ وَلَوْ عَفَا عَنْهُ وَلِيُّ عَمْرٍو.
قَوْلُهُ: [وَلَا كَلَامَ لِزَيْدٍ] : أَيْ وَلَوْ عَفَا عَنْهُ عَمْرٌو.
قَوْلُهُ: [هَذَا] : أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ اسْتِحْقَاقِ دَمِ مَنْ قَتَلَ الْقَاتِلَ وَعُضْوٍ مِنْ قَطْعِ الْقَاطِعِ.
قَوْلُهُ: [وَاسْتَحَقَّ مَنْ ذُكِرَ فِي الْخَطَأِ] : الْمُرَادُ بِمَنْ ذُكِرَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلُ أَوْ نَفْسُ الْمَقْطُوعِ الْأَوَّلِ.
وَقَوْلُهُ: [فِي الْخَطَأِ] : أَيْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ خَطَأٌ وَالْأُولَى عَمْدٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.