الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي النَّاسِ الْجَرْحُ لَا الْعَدَالَةُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، بَلْ وُجُودُ الْعَدْلِ فِي زَمَانِنَا هَذَا نَادِرٌ جِدًّا.
(وَجَازَ
شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ
بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ) : اعْلَمْ أَنَّ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ الْأَصْلُ فِيهَا عَدَمُ الْجَوَازِ فِي كُلِّ شَيْءٍ لِعَدَمِ الْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ فِيهِمْ، إلَّا أَنَّ أَئِمَّتَنَا جَوَّزُوهَا فِي شَيْءٍ خَاصٍّ لِلضَّرُورَةِ بِشُرُوطٍ:
الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ عَلَى بَعْضِهِمْ، لَا عَلَى كَبِيرٍ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ (فِي جُرْحٍ وَقَتْلٍ فَقَطْ) لَا فِي مَالٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا. وَ " الْوَاوُ " بِمَعْنَى " أَوْ ". وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ: ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَالشَّاهِدُ) مِنْهُمْ (حُرٌّ) لَا عَبْدٌ (مُسْلِمٌ) لَا كَافِرٌ (ذَكَرٌ) .
ــ
[حاشية الصاوي]
[شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ]
[شُرُوط شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ]
قَوْلُهُ: [وَجَازَ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ] : أَيْ وَأَمَّا النِّسَاءُ فِي كَالْأَعْرَاسِ وَالْحَمَّامَاتِ وَالْمَآتِمِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ فِي جُرْحٍ وَلَا قَتْلٍ؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُنَّ غَيْرُ مَشْرُوعٍ. بِخِلَافِ الصِّبْيَانِ فَإِنَّ اجْتِمَاعَهُمْ مَشْرُوعٌ لِتَدْرِيبِهِمْ عَلَى مَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَالْغَالِبُ عَدَمُ حُضُورِ الْكِبَارِ مَعَهُمْ، فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ لَأَدَّى إلَى هَدَرِ دِمَائِهِمْ كَذَا فِي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [لِعَدَمِ الْعَدَالَةِ] : أَيْ لِأَنَّ الْعَدْلَ حُرٌّ بَالِغٌ عَاقِلٌ رَشِيدٌ بَرِيءٌ مِنْ الْفِسْقِ.
قَوْلُهُ: [بِشُرُوطٍ] : ذَكَرَهَا الشَّارِحُ أَحَدَ عَشَرَ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ.
قَوْلُهُ: [لَا عَلَى كَبِيرٍ] : أَيْ وَلَا لِكَبِيرٍ فَشَهَادَةُ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ إلَّا إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ.
قَوْلُهُ: [لَا فِي مَالٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ] : وَيُلْغَزُ فِي ذَلِكَ فَيُقَالُ شَخْصٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْقَتْلِ وَالْجُرْحِ لَا فِي الْمَالِ وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّ الْمَالَ يُخَفَّفُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [وَالْخَامِسُ] : الْأُولَى أَنْ يَزِيدَ وَالسَّادِسُ وَالسَّابِعُ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ خَمْسَةً بَعْدَ الِاثْنَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ.
قَوْلُهُ: [وَالشَّاهِدُ مِنْهُمْ حُرٌّ] إلَخْ: تَخْصِيصُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ بِالشَّاهِدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مِنْهُمْ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ الشَّاهِدِ بِذَلِكَ.
لَا أُنْثَى (مُتَعَدِّدٌ) اثْنَانِ فَأَكْثَرَ لَا وَاحِدٌ (لَمْ يَشْتَهِرْ) الشَّاهِدُ (بِالْكَذِبِ) : لَا إنْ اُشْتُهِرَ بِهِ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ.
وَتَضَمَّنَ هَذَا أَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا؛ فَهُوَ شَرْطٌ سَادِسٌ، لِأَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَا يَضْبِطُ مَا يَقُولُ، فَلَا يُوصَفُ بِصِدْقٍ وَلَا كَذِبٍ.
السَّابِعُ وَالثَّامِنُ: أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ: (غَيْرُ عَدُوٍّ) لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ (وَلَا قَرِيبٍ) لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَلَوْ بَعُدَتْ: كَابْنِ الْعَمِّ وَابْنِ الْخَالِ أَوْ الْخَالَةِ.
التَّاسِعُ: أَنْ لَا يَخْتَلِفُوا فِي شَهَادَتِهِمْ؛ فَإِنْ اخْتَلَفُوا بِأَنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: قَتَلَهُ فُلَانٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ قَتَلَهُ فُلَانٌ آخَرُ لَمْ تُقْبَلْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
(وَلَا اخْتِلَافَ) فِي الشَّهَادَةِ (بَيْنَهُمْ) اتَّفَقُوا، أَوْ سَكَتَ الْبَاقِي، أَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ.
الْعَاشِرُ: أَنْ لَا يَتَفَرَّقُوا بَعْدَ اجْتِمَاعِهِمْ إلَى نَحْوِ مَنَازِلِهِمْ، فَإِنْ تَفَرَّقُوا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ تَفْرِيقَهُمْ مَظِنَّةُ تَعْلِيمِهِمْ مَا لَمْ يَكُنْ وَقَعَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
ــ
[حاشية الصاوي]
فَائِدَةٌ
نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ عَدَمِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْمَالِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا وَإِلَّا كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْوَالِ وَهُمْ لَا يَشْهَدُونَ فِيهَا أَفَادَهُ مُحَشِّي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [لَا أُنْثَى] : هَذَا يُفِيدُ أَنَّ لَفْظَ صِبْيَانٍ يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِنَاثِ أَيْضًا وَإِلَّا كَانَ الْمَوْضُوعُ يُخْرِجُهُ.
قَوْلُهُ: [مُتَعَدِّدٌ] : هَذَا هُوَ الشَّرْطُ السَّادِسُ الَّذِي أَشَرْنَا لَهُ وَجَعَلَهُ لَمْ يَشْتَهِرْ بِالْكَذِبِ شَرْطًا سَادِسًا الْمُنَاسِبُ كَوْنُهُ ثَامِنًا.
قَوْلُهُ: [السَّابِعُ وَالثَّامِنُ] : صَوَابُهُ التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ.
قَوْلُهُ: [غَيْرُ عَدُوٍّ] : أَيْ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ بَيْنَ الصِّبْيَانِ أَوْ بَيْنَ آبَائِهِمْ.
قَالَ الْخَرَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُطْلَقَ الْعَدَاوَةِ هُنَا مُضِرٌّ سَوَاءٌ كَانَتْ دُنْيَوِيَّةً أَوْ دِينِيَّةً (اهـ) أَيْ لِشِدَّةِ تَأْثِيرِهَا عِنْدَ الصِّبْيَانِ وَضَعْفِ شَهَادَتِهِمْ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ بَعُدَتْ] : أَيْ فَلَيْسُوا كَالْبَالِغِينَ.
قَوْلُهُ: [التَّاسِعُ] : صَوَابُهُ الْحَادِيَ عَشَرَ.
قَوْلُهُ: [الْعَاشِرُ] : صَوَابُهُ الثَّانِيَ عَشَرَ.
قَوْلُهُ: [مَا لَمْ يَكُنْ وَقَعَ] : مَا اسْمٌ مَوْصُولٌ وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهَا صِلَتُهَا أَوْ نَكِرَةٌ.
(وَلَا فُرْقَةَ) بَيْنَهُمْ، فَإِنْ تَفَرَّقُوا فَلَا.
(إلَّا أَنْ يُشْهَدَ عَلَيْهِمْ قَبْلَهَا) : أَيْ قَبْلَ فُرْقَتِهِمْ فَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهِمْ الْعُدُولُ قَبْلَ فُرْقَتِهِمْ صَحَّتْ الْحَادِيَ عَشَرَ: قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَحْضُرْ) بَيْنَهُمْ (كَبِيرٌ) : أَيْ بَالِغٌ وَقْتَ الْقَتْلِ أَوْ الْجُرْحِ، فَإِنْ حَضَرَ وَقْتَهُ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ تُقْبَلْ لِإِمْكَانِ تَعْلِيمِهِمْ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْكَبِيرُ غَيْرَ عَدْلٍ، فَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَخَالَفَهُمْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ وَافَقَهُمْ قُبِلَتْ. وَقِيلَ: لَا؛ فَإِنْ قَالَ الْعَدْلُ: لَا أَدْرِي مَنْ رَمَاهُ، فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ.
ثُمَّ إذَا قُبِلَتْ - عِنْدَ الشُّرُوطِ - فَلَا قَسَامَةَ إذْ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمْ، إنَّمَا عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهَا صِفَةٌ لَهَا وَهِيَ مَعْمُولَةٌ لِقَوْلِهِ: وَتَعْلِيمِهِمْ، وَالْمَعْنَى أَنَّ تَفْرِيقَهُمْ مَظِنَّةُ تَعَلُّمِهِمْ مِنْ الْكِبَارِ الشَّيْءَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ وَقَعَ أَوْ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ وَقَعَ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ تَفَرَّقُوا فَلَا] : أَيْ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَكَرَّرَهُ تَوْطِئَةً لِلِاسْتِثْنَاءِ بَعْدُ.
قَوْلُهُ: [صَحَّتْ] : أَيْ قَبْلَ مَا حَكَاهُ عَنْهُمْ الْعُدُولُ وَالْمُرَادُ عَدْلَانِ فَأَكْثَرُ.
قَوْلُهُ: [الْحَادِيَ عَشَرَ] : صَوَابُهُ الثَّالِثَ عَشَرَ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَحَالَفَهُمْ] : قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ حَاصِلُ مَا فِي (ح) أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْكَبِيرُ وَقْتَ الْقَتْلِ أَوْ الْجُرْحِ وَكَانَ عَدْلًا فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ لِلِاسْتِغْنَاءِ بِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ مُتَعَدِّدًا مُطْلَقًا أَوْ وَاحِدًا وَالشَّهَادَةُ فِي جُرْحٍ، أَيْ فَيَحْلِفُ مَعَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي قَتْلٍ فَلَا يَضُرُّ حُضُورُ ذَلِكَ الْوَاحِدِ فِي شَهَادَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ فَقَوْلَانِ جَوَازُ شَهَادَتِهِمْ وَعَدَمُ جَوَازِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَانَ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا. وَأَمَّا إذَا حَضَرَ بَعْدَ الْمَعْرَكَةِ وَقَبْلَ الِافْتِرَاقِ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ إذَا كَانَ عَدْلًا. وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ فَلَا، فَتَمَسَّكْ بِهَذَا وَاتْرُكْ خِلَافَهُ (اهـ) . فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَكَلَامُ شَارِحنَا مُجْمَلٌ، وَقَوْلُ (ح) : فَلَا يَضُرُّ حُضُورُ ذَلِكَ الْوَاحِدِ فِي شَهَادَتِهِمْ، ظَاهِرُهُ وَافَقَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ، وَلَكِنْ يُقَيَّدُ بِمَا قُيِّدَ بِهِ شَرْحُنَا.