الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَالرَّقِيقُ) فِي الِالْتِقَاطِ (كَالْحُرِّ) فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبٍ أَوْ حُرْمَةٍ أَوْ كَرَاهَةٍ وَتَعْرِيفٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ. (وَ) الضَّمَانُ إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِمَا مَرَّ (قَبْلَ السَّنَةِ) يَكُونُ (فِي رَقَبَتِهِ) فَيُبَاعُ فِيهَا مَا لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ. وَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهُ عَنْهُ وَبَعْدَ السَّنَةِ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ فَيُتْبَعُ بِهَا إنْ عَتَقَ وَلَا يُبَاعُ فِيهَا.
(وَلَهُ) : أَيْ لِلْمُلْتَقِطِ - حُرًّا أَوْ رَقِيقًا - (أَكْلُ مَا يَفْسُدُ) لَوْ تَرَكَهُ؛ كَثَرِيدٍ وَلَحْمٍ وَفَاكِهَةٍ وَخُضَرٍ، بِخِلَافِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَفْسُدُ، فَلَيْسَ لَهُ أَكْلُهُ (وَلَوْ) وَجَدَهُ (بِقَرْيَةٍ) كَمَا لَوْ وَجَدَهُ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ (وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) فِي أَكْلِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَالرَّقِيقُ] : أَيْ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ وُجُوبٍ] : أَيْ وَهُوَ فِي صُورَتَيْنِ.
قَوْلُهُ [أَوْ حُرْمَةٍ] : أَيْ وَهِيَ فِي صُورَتَيْنِ أَيْضًا.
وَقَوْلُهُ: [أَوْ كَرَاهَةٍ] : أَيْ وَهِيَ فِي صُورَتَيْنِ أَيْضًا.
وَقَوْلُهُ: [وَتَعْرِيفٍ] : أَيْ وَوُجُوبِ تَعْرِيفٍ مِنْ سَنَةٍ أَوْ أَيَّامٍ.
وَقَوْلُهُ: [وَغَيْرِ ذَلِكَ] : أَيْ كَالْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي يَفْعَلُهَا بَعْدَ أَمَدِ التَّعْرِيفِ وَبَاقِي الْأَحْكَامِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ.
قَوْلُهُ: [وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ] : أَيْ الِالْتِقَاطِ لِأَنَّهُ يُعَرِّفُهَا حَالَ خِدْمَتِهِ فَلَا تَشْغَلُهُ.
قَوْلُهُ: [وَبَعْدَ السَّنَةِ] : أَيْ إذَا ضَاعَتْ بَعْدَ السَّنَةِ بِتَفْرِيطٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا وَتَمَلَّكَهَا
[أَكْلُ مَا يَفْسُدُ مِنْ اللُّقَطَةِ]
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ التَّمْرِ] : إلَخْ سَيَأْتِي يُصَرِّحُ الْمَتْنُ بِهَذَا الْمَفْهُومِ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ هُنَا فَإِنَّهُ أَوْجَبَ التَّعْقِيدَ قَوْلُهُ: [وَلَوْ وَجَدَهُ بِقَرْيَةٍ] : مُبَالَغَةٌ عَلَى أَكْلِ مَا يَفْسُدُ.
وَقَوْلُهُ: [كَمَا لَوْ وَجَدَهُ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ] : تَشْبِيهٌ فِي جَوَازِ الْأَكْلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّرَ قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلٍ حَيْثُ كَانَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ وَإِنَّمَا يُتَوَهَّمُ لَوْ وُجِدَ بِقَرْيَةٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي أَكْلِهِ] : الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَا يَفْسُدُ، وَالْمَعْنَى لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي أَكْلِهِ بَعْدَ الِاسْتِينَاءُ بِقَدْرِ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا قَلَّ ثَمَنُهُ أَوْ كَثُرَ، وَلَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ بِيعَ وَوُقِفَ ثَمَنُهُ. وَقَالَ فِي
(كَغَيْرِهِ) : أَيْ غَيْرِ مَا يُفْسِدُهُ كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ فَلَهُ أَكْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ) لِقِلَّتِهِ جِدًّا؛ نَحْوُ التَّمْرَةِ وَالزَّبِيبَةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ فَلَيْسَ لَهُ أَكْلُهُ. فَإِنْ أَكَلَهُ ضَمِنَ.
(وَ) لَهُ أَكْلُ (شَاةٍ) مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ وَجَدَهَا (بِفَيْفَاءَ) لَا بِعُمْرَانٍ وَعَسُرَ عَلَيْهِ حَمْلُهَا لِلْعُمْرَانِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي أَكْلِهَا. فَإِنْ تَيَسَّرَ حَمْلُهَا وَجَبَ عَلَيْهِ حَمْلُهَا وَتَعْرِيفُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (فَإِنْ حَمَلَهَا) : أَيْ الشَّاةَ الَّتِي يَجُوزُ أَكْلُهَا لِعُسْرِ حَمْلِهَا، بِأَنْ تَكَلَّفَ حَمْلَهَا
ــ
[حاشية الصاوي]
الْمَجْمُوعِ لَهُ أَكْلُ مَا يَفْسُدُ وَضَمِنَ مَا لَهُ ثَمَنٌ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [فَلَيْسَ لَهُ أَكْلُهُ] : هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ مِمَّا يُعَرَّفُ بِأَنَّهُ كَانَ ثَمَنُهُ يَزِيدُ عَلَى الدَّرَاهِمِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَرَّفُ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ أَكْلِهِ، وَإِنَّمَا إذَا أَكَلَهُ ضَمِنَهُ لِرَبِّهِ إنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ أَكَلَهُ ضَمِنَ] : أَيْ حَيْثُ وُجِدَ رَبُّهُ. وَحَاصِلُ التَّحْرِيرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهُ إذَا الْتَقَطَ طَعَامًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَفْسُدَ بِالتَّأْخِيرِ أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُعَرَّفُ أَوْ أَقَلَّ مِمَّا يُعَرَّفُ أَوْ لَا ثَمَنَ لَهُ أَصْلًا كَالتَّمْرَةِ وَالزَّبِيبَةِ وَالْعِنَبَةِ. فَهَذِهِ سِتٌّ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَفْسُدُ أُكِلَ بَعْدَ الِاسْتِينَاءُ قَلِيلًا، فَإِنْ ظَهَرَ رَبُّهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا عَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ وَخَلِيلٍ، وَضَمِنَ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ وَالْمَجْمُوعِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَفْسُدُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعَرَّفُ عَرَّفَهُ وَجَرَى فِيهِ أَحْكَامُ التَّعْرِيفِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَرَّفُ أَكَلَهُ وَضَمِنَهُ لِرَبِّهِ إنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي أَكْلِهَا] : هَذَا يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي الطَّعَامِ الَّذِي يَفْسُدُ مُطْلَقًا، بَلْ هُوَ أَحْرَوِيٌ وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ شَارِحُنَا وَخَلِيلٌ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ تَيَسَّرَ حَمْلُهَا وَجَبَ عَلَيْهِ] إلَخْ: أَيْ فَإِنْ أَكَلَهَا حِينَئِذٍ ضَمِنَ إنْ عُلِمَ رَبُّهَا.
قَوْلُهُ: [وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ] : أَيْ وَمَا فِي (عب) مِنْ جَوَازِ الْأَكْلِ مُطْلَقًا تَيَسَّرَ حَمْلُهَا أَوْ لَا فَضَعِيفٌ كَمَا فِي (بْن) .
لِلْعُمْرَانِ (حَيَّةً عُرِّفَتْ) وُجُوبًا وَعَلَى رَبِّهَا أُجْرَةُ حَمْلِهَا. وَإِنْ حَمَلَهَا مَذْبُوحَةً فَرَبُّهَا أَحَقُّ بِهَا إنْ عَلِمَ قَبْلَ أَكْلِهَا وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهَا.
(وَ) لَهُ أَكْلُ (بَقَرَةٍ بِمَحَلِّ خَوْفٍ) مِنْ سِبَاعٍ أَوْ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ بِفَيْفَاءَ - وَعَسُرَ سَوْقُهَا - لِلْعُمْرَانِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. فَإِنْ تَكَلَّفَ سَوْقَهَا عُرِّفَتْ كَالشَّاةِ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ سَوَّى بَيْنَ الْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ بِمَحَلِّ الْخَوْفِ فِي عُسْرِ الْإِتْيَانِ بِهِمَا إلَى الْعُمْرَانِ فَلِذَا قُلْنَا: (عَسُرَ سَوْقُهُمَا) لِلْعُمْرَانِ. فَإِنْ تَيَسَّرَ وَجَبَ حَمْلُهُمَا وَتَعْرِيفُهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا. (وَ) إنْ وُجِدَتْ (بِأَمْنٍ) : أَيْ بِمَحَلٍّ مَأْمُونٍ (تُرِكَتْ) . فَإِنْ أَكَلَهَا ضَمِنَ، وَإِنْ حَمَلَهَا لِلْعُمْرَانِ عُرِّفَتْ كَمَا لَوْ وَجَدَهَا بِهِ. (كَإِبِلٍ) : فَإِنَّهَا تُتْرَكُ وُجُوبًا (مُطْلَقًا) وَجَدَهَا بِصَحْرَاءَ أَوْ بِالْعُمْرَانِ. إنْ خَافَ عَلَيْهَا أَمْ لَا، وَقِيلَ: إنْ خِيفَ عَلَيْهَا مِنْ خَائِنٍ أُخِذَتْ وَعُرِّفَتْ أَوْ بِيعَتْ وَوُقِفَ ثَمَنُهَا لِصَاحِبِهَا، وَقِيلَ: إنْ خِيفَ عَلَيْهَا مِنْ السِّبَاعِ كَأَنْتَ فِي حُكْمِ الْغَنَمِ لِوَاجِدِهَا أَكْلُهَا. وَقِيلَ: بَلْ تُؤْخَذُ لِتُعَرَّف إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي حَمْلِهَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَعَلَى رَبِّهَا أُجْرَةُ حَمْلِهَا] : أَيْ يُخَيَّرُ رَبُّهَا بَيْنَ أَخْذِهَا وَدَفْعِ أُجْرَةِ حَمْلِهَا أَوْ تَرْكِهَا لِمَنْ حَمَلَهَا فَحَمْلُهَا كَالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا لَا يَتْبَعُ بِهِ ذِمَّةَ رَبِّهَا، بَلْ فِي عَيْنِهَا إنْ شَاءَ رَبُّهَا دَفَعَهُ أَوْ تَرَكَهَا فِيهِ. خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ أَوَّلًا وَآخِرًا مِنْ تَحَتُّمِ أُجْرَةِ الْحَمْلِ عَلَى رَبِّهَا.
قَوْلُهُ: [وَجَبَ حَمْلُهُمَا وَتَعْرِيفُهُمَا] : أَيْ وَيُؤْخَذُ مِنْ رَبِّهِمَا أُجْرَةُ الْحَمْلِ أَوْ يَتْرُكُهُمَا لِمَنْ جَاءَ بِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ فَقَوْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الشَّاةِ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ حَمَلَهَا لَلْعُمْرَانِ عُرِّفَتْ] : أَيْ إنْ تَجَرَّأَ وَخَالَفَ الْوَاجِبَ مِنْ التَّرْكِ وَانْظُرْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هَلْ يَلْزَمُ رَبَّهَا أُجْرَةُ حَمْلِهَا أَوْ لَا لِتَعْدِيهِ بِالْحَمْلِ؟
قَوْلُهُ: [خَافَ عَلَيْهِمَا أَمْ لَا] : أَيْ فَفِي (بْن) الْمُعْتَمَدُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ تَرْكُهَا مُطْلَقًا. قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ - بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عَدَمَ الْتِقَاطِ الْإِبِلِ - قِيلَ إنَّ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الزَّمَانِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ، وَقِيلَ هُوَ خَاصٌّ بِزَمَنِ الْعَدْلِ وَصَلَاحِ النَّاسِ، وَأَمَّا فِي الزَّمَانِ الَّذِي فَسَدَ فَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهَا تُؤْخَذُ وَتُعَرَّفُ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ رَبُّهَا بِيعَتْ وَوُقِفَ ثَمَنُهَا فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ تَصَدَّقَ بِهِ كَمَا فَعَلَ عُثْمَانُ رضي الله عنه لَمَّا دَخَلَ