الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ الْمُزَنِيّ: صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ. فَقَالَ الْقَاضِي: الِاسْمُ اسْمُ عَدْلٍ، وَمَنْ يَشْهَدُ أَنَّك الْمُزَنِيّ؟ فَقَالَ الْحَاضِرُونَ: هُوَ الْمُزَنِيّ، فَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِ. فَقَالَ الْمُزَنِيّ: سَتَرَنِي الْقَاضِي سَتَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى. (أَوْ إقْرَارِ الْخَصْمِ) الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (بِالْعَدَالَةِ) لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَيَحْكُمُ بِهَا، وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي خِلَافَ ذَلِكَ، لِأَنَّ إقْرَارَ الْخَصْمِ بِعَدَالَةِ الشَّاهِدِ كَالْإِقْرَارِ بِالْحَقِّ.
(وَقَرِيبُ الْغَيْبَةِ) : كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ مَعَ الْأَمْنِ حُكْمُهُ (كَالْحَاضِرِ) فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةِ، ثُمَّ يُرْسِلُ إلَيْهِ بِالْأَعْذَارِ فِيهَا وَأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَقْدَمَ أَوْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا عَنْهُ فِي الدَّعْوَى. فَإِنْ لَمْ يَقْدَمَ وَلَا وَكَّلَ عَنْهُ وَكِيلًا حَكَمَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَبِيعَ عَقَارُهُ فِي الدَّيْنِ وَيُعَجِّزُهُ إلَّا فِي دَمٍ وَعِتْقٍ وَنَسَبٍ وَطَلَاقٍ وَحَبْسٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَ) الْغَائِبُ (الْبَعِيدُ جِدًّا) كَإِفْرِيقِيَّةَ مِنْ الْمَدِينَةِ (يُقْضَى) عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَزْكِيَتِهَا (بِيَمِينِ الْقَضَاءِ) مِنْ الْمُدَّعِي: أَنَّ حَقَّهُ هَذَا ثَابِتٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ مَا أَبْرَأهُ بِهِ وَلَا وَكَّلَ الْغَائِبُ مَنْ يَقْضِيهِ عَنْهُ وَلَا أَحَالَهُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ فِي الْكُلِّ وَلَا الْبَعْضِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
[غيبَة الخصوم]
قَوْلُهُ: [وَقَرِيبُ الْغَيْبَةِ] إلَخْ: اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْقَاضِي يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إنْ كَانَ مُتَوَطِّنًا بِوِلَايَتِهِ أَوْ لَهُ مَالٌ أَوْ وَكِيلٌ أَوْ حَمِيلٌ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَمَاعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَلَا حُكْمٌ كَمَا فِي (عب) .
قَوْلُهُ: [وَالثَّلَاثَةِ] : أَيْ وَمَا قَارَبَهَا.
قَوْلُهُ: [وَيُعَجِّزُهُ] : أَيْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِعَدَمِ قَبُولِ حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَالتَّوْضِيحِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْخَرَشِيِّ إنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ فَهُوَ سَهْوٌ مِنْهُ كَمَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [إلَّا فِي دَمٍ] : هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُشْكِلٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ فِي تَعْجِيزِ الطَّالِبِ لَا الْمَطْلُوبِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي قَوْلِهِ فَهَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتُ إنَّمَا هِيَ مَفْرُوضَةٌ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِي الطَّالِبِ، وَأَمَّا الْمَطْلُوبُ فَيُعَجِّزُهُ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ.
وَيَمِينُ الْقَضَاءِ وَاجِبَةٌ لَا يَتِمُّ الْحُكْمُ إلَّا بِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ (كَالْمَيِّتِ) يُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ بِالدَّيْنِ. (وَالْيَتِيمِ) يُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ تَحْتَ يَدِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ مِنْ الْمُدَّعِي بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَنَّهُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا وَهَبَهُ وَلَا حَبَسَهُ عَلَيْهِ. (أَوْ الْفُقَرَاءِ) كَذَلِكَ.
ثُمَّ أَشَارَ لَلْغَيْبَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ بِقَوْلِهِ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَيَمِينُ الْقَضَاءِ وَاجِبَةٌ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي تَشْهَدُ بِدَيْنٍ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ تَشْهَدُ بِأَنَّ الْغَائِبَ أَقَرَّ أَنَّ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ كَذَا لِأَنَّهُ قَدْ يَقْضِيهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ أَوْ يُبَرِّئُهُ أَوْ يُحِيلُ شَخْصًا عَلَيْهِ، هَذَا هُوَ الْحَقُّ كَمَا فِي (بْن) خِلَافًا (لعب) حَيْثُ قَالَ بِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِيَمِينِ الْقِصَاءِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ: [الْمَذْهَبِ] : وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا اسْتِظْهَارٌ أَيْ مُقَوِّيَةٌ لِلْحُكْمِ فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِدُونِهَا عَلَى هَذَا.
قَوْلُهُ: [كَالْمَيِّتِ يُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ] : أَيْ كَمَا إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَنْ مَاتَ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ كَذَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَلَمْ يُقِرَّ وَرَثَتُهُ بِهِ فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُدَّعِي بِهَذَا الدَّيْنِ إلَّا إذَا حَلَفَ يَمِينَ الْقَضَاءِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ أَقَرَّ وَرَثَتُهُ الْكِبَارُ قَبْلَ رَفْعِ الْمُدَّعِي لِلْحَاكِمِ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ يَمِينٌ وَأَمَّا إنْ أَقَرُّوا بَعْدَ الرَّفْعِ وَرَضُوا بِعَدَمِ حَلِفِهِ فَهَلْ كَذَلِكَ لَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ أَفَادَهُ مُحَشِّي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [وَالْيَتِيمِ] : مِثْلُهُ الصَّغِيرُ وَالسَّفِيهُ.
قَوْلُهُ: [أَنَّهُ مِلْكُهُ] : أَيْ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ إلَى الْآنِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ الْفُقَرَاءِ كَذَلِكَ] : أَيْ فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِمْ أَنَّ مَا حَبَسَهُ فُلَانٌ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ بَعْدَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الدَّعْوَى عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَمَا إذَا ادَّعَى إنْسَانٌ أَنَّهُ مُعْدَمٌ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ الَّذِي مَاتَ وَوَضَعَ مَالَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِظَنِّ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ مَعَ الْبَيِّنَةِ.
(وَالْعَشَرَةُ) الْأَيَّامُ مَعَ الْأَمْنِ (وَالْيَوْمَانِ مَعَ الْخَوْفِ) كَذَلِكَ: أَيْ يُقْضَى عَلَيْهِ فِيهَا مَعَ يَمِينِ الْقَضَاءِ (فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ) مِنْ دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَأَمَّا فِي دَعْوَى اسْتِحْقَاقِ عَقَارٍ فَلَا يُقْضَى بِهِ بَلْ تُؤَخَّرُ الدَّعْوَى حَتَّى يَقْدَمَ لِقُوَّةِ الْمُشَاحَّةِ فِي الْعَقَارِ، بِخِلَافِ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ جِدًّا فَإِنَّ فِي الصَّبْرِ لِقُدُومِهِ شِدَّةُ ضَرَرٍ عَلَى الْمُدَّعِي. (وَسَمَّى الْقَاضِي لَهُ) : أَيْ لِلْغَائِبِ الْبَعِيدِ أَوْ الْمُتَوَسِّطِ (الشُّهُودَ إذَا قَدِمَ) مِنْ غَيْبَتِهِ. وَكَذَا مَنْ عَدَلَهُمْ إنْ احْتَاجُوا لِلتَّعْدِيلِ. (وَإِلَّا) يُسَمِّ لَهُ الشُّهُودَ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي يَمِينَ الْقَضَاءِ (نُقِصَ) حُكْمُهُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: مَا لَمْ يَشْتَهِرْ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ وَإِلَّا فَلَا يُنْقَضُ. وَاعْلَمْ أَنَّ مُتَوَسِّطَ الْغَيْبَةِ كَبَعِيدِهَا حَتَّى عَقَارَهُ لِدَيْنٍ أَوْ نَفَقَةٍ إلَّا فِي دَعْوَى اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ فَيَفْتَرِقَانِ. وَلَمَّا ذَكَرَ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ ذَكَرَ الْحُكْمَ بِالْغَائِبِ بِقَوْلِهِ: (وَحَكَمَ) الْحَاكِمُ (بِغَائِبٍ) : أَيْ بِشَيْءٍ غَائِبٍ عَنْ بَلَدِ الْحُكْمِ وَلَوْ كَانَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَالْعَشَرَةُ الْأَيَّامِ مَعَ الْأَمْنِ] : أَيْ وَمَا قَارَبَهَا، فَمَا قَارَبَ كُلًّا مِنْ الْغَيْبَاتِ الثَّلَاثِ يُعْطَى حُكْمَهُ، فَالْأَرْبَعَةُ أَيَّامٍ تُلْحَقُ بِالْقَرِيبَةِ وَالثَّمَانِيَةُ وَالتِّسْعَةُ تُلْحَقُ بِالْمُتَوَسِّطَةِ، وَالْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ تُلْحَقُ بِالْأَحْوَطِ أَفَادَهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [لِقُوَّةِ الْمُشَاحَّةِ فِي الْعَقَارِ] : أَيْ تَشَاحُحِ النُّفُوسُ بِسَبَبِهِ وَحُصُولُ الضَّغَائِنِ وَالْحِقْدِ وَالنِّزَاعِ عِنْدَ أَخْذِهِ فَتُؤَخَّرُ الدَّعْوَى لِيَكُونَ حُضُورُهُ أَقْطَعَ لِلنِّزَاعِ.
قَوْلُهُ: [نُقِضَ حُكْمُهُ] : هَذَا يُفِيدُ أَنَّ تَسْمِيَةَ الشُّهُودِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَقِيلَ: تَسْمِيَةُ الشُّهُودِ مُسْتَحَبَّةٌ.
قَوْلُهُ: [قَالَ بَعْضُهُمْ] : أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْجَزِيرِيِّ وَابْنِ فَرْحُونٍ كَمَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [حَكَمَ الْحَاكِمُ بِغَائِبٍ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْحُكْمِ وَهُوَ مِمَّا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ فِي غَيْبَتِهِ كَالْعَقَارِ وَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ عَلَى حُضُورِهِ، بَلْ تُمَيِّزُهُ الْبَيِّنَةُ بِالصِّفَةِ وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو وَهُمَا بِرَشِيدٍ مَثَلًا أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ.
فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (يَتَمَيَّزُ) : نَعْتٌ لِ: " غَائِبٍ " أَيْ: إذَا كَانَ الْغَائِبُ يَتَمَيَّزُ (بِالصِّفَةِ) مِنْ حَيَوَانٍ؛ كَعَبْدٍ وَغَيْرِهِ كَثَوْبٍ (وَلَوْ عَقَارًا) مِنْ سَائِرِ الْمُقَوَّمَاتِ. وَلَا يَطْلُبُ حُضُورَهُ، فَلَوْ كَانَ لَا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ كَقُطْنٍ وَحَرِيرٍ، فَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِقِيمَتِهِ - سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ أَوْ الْمِثْلِيَّاتِ - حَكَمَ بِهِ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِي الْمِثْلِيِّ لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهِ. وَاحْتُرِزَ بِالْغَائِبِ مِنْ الْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ بِتَمَيُّزِهِ بِالصِّفَةِ أَمْ لَا، إلَّا أَنْ يَعْسُرَ إحْضَارُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ. وَإِذَا كَانَ لَهُ الْحُكْمُ بِالْغَائِبِ - وَلَوْ عَقَارًا - (فَالدَّعْوَى حَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْأَرْجَحِ) فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ: حَتَّى تَحْضُرَ مَحَلَّ الْمُدَّعَى بِهِ، فَلِلطَّالِبِ إقَامَةُ الدَّعْوَى عَلَى خَصْمِهِ حَيْثُ وَجَدَهُ.
وَقِيلَ: مَحَلُّ الدَّعْوَى حَيْثُ الْمُدَّعَى بِهِ فَيُجَابُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا طَلَبَ الدَّعْوَى فِيهِ. وَالْخِلَافُ فِي الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ. وَأَمَّا الدَّيْنُ فَحَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اتِّفَاقًا. وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَوَطِّنًا بِغَيْرِ وِلَايَةِ الْقَاضِي فَدَخَلَ بَلَدَ الْقَاضِي فَتَعَلَّقَ بِهِ خَصْمُهُ. وَأَمَّا قَاضِي بَلَدِهِ فَيَحْكُمُ
ــ
[حاشية الصاوي]
كِتَابًا مَثَلًا بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْكِتَابَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي صِفَتُهُ كَذَا مِلْكٌ لِذَلِكَ الْمُدَّعِي، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ لَهُ بِهِ كَمَا يَحْكُمُ بِالدَّيْنِ الْمُتَمَيِّزِ بِالصِّفَةِ، وَإِنْ كَانَ تَمْيِيزُهُ نَوْعِيًّا لَا شَخْصِيًّا كَمَا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْمَحَابِيبِ أَوْ الرِّيَالَاتِ كَذَا أَوْ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ إرْدَبَّ قَمْحٍ سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةً قَدْرُهَا كَذَا فَإِنَّهُ يَحْكُمُ لَهُ بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [حَكَمَ بِهِ أَيْضًا] : أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْقِيمَةِ لَا بِالْمُقَوَّمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ قَالَ حَكَمَ بِهَا أَيْضًا كَانَ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: [فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ] : هَكَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْخَرَشِيِّ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ لَوْ قَالَ فَلَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَنْ حَقَّقَ.
قَوْلُهُ: [فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ] : اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ.
قَوْلُهُ: [عَلَى الْأَرْجَحِ] : أَيْ وَبِهِ الْعَمَلُ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ.
قَوْلُهُ: [مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ] : أَيْ وَلَوْ مِثْلِيَّاتٍ.
عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ إذَا كَانَ الْغِيبَةُ بَعِيدَةً جِدًّا وَلَوْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ أَوْ مُتَوَسِّطَةً فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ، وَالْقَرِيبُ كَالْحَاضِرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ. وَأَمَّا مُتَوَطِّنٌ بِبَلَدِ الْقَاضِي ادَّعَى عَلَيْهِ بِغَائِبٍ فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِنَا:" وَحَكَمَ بِغَائِبٍ يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ ". (وَمُكِّنَ مُدَّعٍ لِغَائِبٍ بِلَا تَوْكِيلٍ) لَهُ مِنْ الْغَائِبِ بَلْ حِسْبَةً لِلَّهِ (إنْ خِيفَ ضَيَاعُ الْمَالِ) : أَيْ مَالِ الْغَائِبِ، بِأَنْ كَانَ مَنْ لَهُ الْمَالُ غَائِبًا فَخَافَ حَاضِرٌ أَنْ يُضَيِّعَ مَالَهُ فَرَفَعَ الْحَاضِرُ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي وَادَّعَى عَنْ الْغَائِبِ حِسْبَةً لِحِفْظِ مَالِ الْغَائِبِ فَيُمَكَّنُ مِنْ الدَّعْوَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا يُمَكَّنُ. (وَلَا حُكْمَ لَهُ) : أَيْ لِلْقَاضِي (بِغَيْرِ وِلَايَتِهِ) : بَلْ هُوَ كَآحَادِ النَّاسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [حِسْبَةً] : بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ السِّينِ عَلَى وَزْنِ قِرْبَةٍ.
قَوْلُهُ: [فَيُمَكَّنُ مِنْ الدَّعْوَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ] إلَخْ: مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا كَانَ مَنْ يُرِيدُ الدَّعْوَى لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، أَمَّا مَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ كَزَوْجَةِ الْغَائِبِ وَأَقَارِبِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فَيُمَكَّنُونَ مِنْ الدَّعْوَى اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ ضَمَانٌ كَمُسْتَعِيرٍ لِمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمُرْتَهِنٍ كَذَلِكَ وَحَمِيلِ مَدِينٍ أَرَادَ فِرَارًا أَوْ سَفَرًا بَعِيدًا فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الدَّعْوَى اتِّفَاقًا.
قَوْلُهُ: [بَلْ هُوَ كَآحَادِ النَّاسِ] : أَيْ فَقَاضِي رَشِيدٍ لَا حُكْمَ لَهُ بِصَوْمٍ مَثَلًا فِي إسْكَنْدَرِيَّةَ كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْ نَازِلًا بِهَا، فَلَوْ أَرَادَتْ امْرَأَةٌ التَّزَوُّجَ وَلَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ إلَّا الْقَاضِي فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا الْقَاضِي الَّذِي هُوَ بِمَحِلِّ وِلَايَتِهِ؛ مَثَلًا لَوْ كَانَتْ امْرَأَةٌ بِإِسْكَنْدَرِيَّةِ لَا وَلِيَّ لَهَا إلَّا الْقَاضِي فَلَا يُزَوِّجُهَا قَاضِي رَشِيدٍ وَإِنَّمَا يُزَوِّجُهَا قَاضِي إسْكَنْدَرِيَّةَ، وَإِنْ كَانَ قَاضِي رَشِيدٍ نَازِلًا بِإِسْكَنْدَرِيَّةِ بَلْ هُوَ كَعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ تَرْتَحِلْ الْمَرْأَةُ لِمَحِلِّ وِلَايَتِهِ وَتُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِهَا وَإِلَّا فَالْحَقُّ لَهُ، وَقِسْ عَلَى هَذَا. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ وِلَايَةِ قَاضِي الْقَاهِرَةِ جَمِيعُ الْبِلَادِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ لَهَا قَاضٍ مُسْتَقِلٌّ مِنْ السُّلْطَانِ فَجَمِيعُ الْبِلَادِ الَّتِي تَأْخُذُ قُضَاتُهَا النِّيَابَةَ مِنْهُ يُقَالُ لَهَا: مَحَلُّ وِلَايَتِهِ. تَتِمَّةٌ: يَجْلِبُ الْقَاضِي الْخَصْمَ بِخَاتَمٍ أَوْ رَسُولٍ أَوْ وَرَقَةٍ أَوْ أَمَارَةٍ إنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَقَلَّ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَالْحَالُ أَنَّهُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَأَرَادَ جَلْبَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي إلَّا بِشَاهِدٍ يَشْهَدُ بِالْحَقِّ فَيَجْلِبُهُ وَلَكِنْ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَكْتُبُ لَهُ إمَّا أَنْ تَحْضُرَ أَوْ تُوَكِّلَ أَوْ تُرْضِي خَصْمَك فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ قَضَيْنَا عَلَيْك.