الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي التَّدْبِيرِ
وَأَحْكَامِهِ (نُدِبَ التَّدْبِيرُ) : لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْعِتْقِ. (وَأَرْكَانُهُ كَالْعِتْقِ) مُدَبِّرٌ، وَمُدَبَّرٌ، وَصِيغَةٌ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ:(وَهُوَ تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ) : فَلَا يَكُونُ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا مُكْرَهٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ فِي التَّدْبِيرِ]
[أَرْكَان التَّدْبِيرِ]
بَابٌ: هُوَ فِي اللُّغَةِ النَّظَرُ فِي عَاقِبَةِ الْأَمْرِ وَالتَّفَكُّرُ فِيهِ، وَقَالَ الْقَرَافِيُّ فِي التَّنْبِيهَاتِ التَّدْبِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ إدْبَارِ الْحَيَاةِ، وَدُبُرُ كُلِّ شَيْءٍ مَا وَرَاءَهُ بِسُكُونِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا، وَالْجَارِحَةُ بِالضَّمِّ لَا غَيْرُ (اهـ) وَفِي (بْن) جَوَازُ الضَّمِّ وَالسُّكُونِ فِيهَا كَغَيْرِهَا. وَاصْطِلَاحًا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [نُدِبَ التَّدْبِيرُ] : أَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ قَالَ تَعَالَى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77] وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ» وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ.
قَوْلُهُ: [مُدَبِّرٌ] : بِكَسْرِ الْبَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُنْشِئُ التَّدْبِيرِ.
وَقَوْلُهُ: [مُدَبَّرٌ] بِصِيغَةِ اسْم الْمَفْعُولِ اسْمٌ لِلرَّقَبَةِ وَالْمُرَادُ بِالرُّكْنِ مَا تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ الشَّيْءِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْعِتْقِ.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ] : أَيْ وَلَوْ سَكْرَانَ بِحَرَامٍ إذَا كَانَ عِنْدَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ طَافِحًا فَهُوَ كَالْبَهِيمَةِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ اتِّفَاقًا، وَمَا فِي (عب) فِيهِ نَظَرٌ، وَأَمَّا السَّكْرَانُ بِحَلَالٍ فَكَالْمَجْنُونِ اتِّفَاقًا.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَكُونُ مِنْ صَبِيٍّ] إلَخْ: أَيْ فَتَدْبِيرُهُ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي تَدْبِيرِ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ فِيمَا يَأْتِي، أَمَّا بُطْلَانُهُ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالْمُكْرَهِ وَالْعَبْدِ فَبِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا بُطْلَانُهُ مِنْ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ فَعَلَى الرَّاجِحِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
(رَشِيدٍ) خَرَجَ تَعْلِيقُ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ (وَإِنْ) كَانَ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ (زَوْجَةً) دُبِّرَتْ (فِي زَائِدِ الثُّلُثِ) عَنْ مَالِهَا الْآنَ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ غَيْرُ الْمُدَبَّرِ، فَيَلْزَمُهَا وَلَا كَلَامَ لِزَوْجِهَا؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ فِي مِلْكِهَا لِلْمَوْتِ، فَبَعْدَ الْمَوْتِ يَكُونُ الزَّوْجُ كَبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ، (عِتْقَ رَقِيقِهِ) مَعْمُولُ:" تَعْلِيقِ " أَيْ تَعْلِيقِهِ نُفُوذَ الْعِتْقِ (عَلَى مَوْتِهِ) : أَيْ مَوْتِ الْمُعَلِّقِ - بِكَسْرِ اللَّامِ - (لُزُومًا) خَرَجَ تَعْلِيقُ الْوَصِيَّةِ كَمَا يَأْتِي. (بِدَبَّرْتُ) أَيْ تَعْلِيقٌ إلَخْ أَيْ: دَبَّرْتُكَ أَوْ: دَبَّرْت فُلَانًا (وَأَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ) أَنْتَ: (حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي) بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّهَا: فَيَقُومُ التَّدْبِيرُ بِهَذِهِ الصِّيَغِ مَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِمَا يَصْرِفُهُ لِلْوَصِيَّةِ كَقَوْلِهِ لَهُ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ وَلِي الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ
ــ
[حاشية الصاوي]
إنَّهُ مِنْ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ وَصِيَّةٌ بِلَفْظِ التَّدْبِيرِ فَإِطْلَاقُ التَّدْبِيرِ عَلَيْهِ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ، وَحِينَئِذٍ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَهُمَا الرُّجُوعُ بَعْدَ الرُّشْدِ. وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ زَوْجَةٌ دَبَّرَتْ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ] : أَيْ دَبَّرَتْ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَزْيَدُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا، وَرَدَ بِالْمُبَالَغَةِ قَوْلُ سَحْنُونَ إنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَصِحُّ مِنْ الزَّوْجَةِ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ خَطَأٌ أَفَادَهُ (بْن) نَقْلًا عَنْ الْمَوَّاقِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الرَّقِيقَ فِي مِلْكِهَا لِلْمَوْتِ] : أَيْ فَلَهَا اسْتِخْدَامُهُ وَالتَّجَمُّلُ بِهِ وَفِي هَذَا مَنْفَعَةٌ لِلزَّوْجِ فَلَمْ يَخْرُجْ الْعَبْدُ بِالتَّدْبِيرِ عَنْ انْتِفَاعِ الزَّوْجِ بِهِ إلَى مَوْتِهَا وَبَعْدَهُ، فَالزَّوْجُ كَبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ. بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَخْرُجُ عَنْ انْتِفَاعِ الزَّوْجِ بِهِ.
قَوْلُهُ: [خَرَجَ تَعْلِيقُ الْوَصِيَّةِ] : لِأَنَّ تَعْلِيقَهَا غَيْرُ لَازِمٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَصَارَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالتَّدْبِيرِ اللُّزُومَ وَعَدَمَهُ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى افْتِرَاقِ حَقِيقَتِهِمَا.
وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا كَمَا نَقَلَهُ (بْن) عَنْ الْمِعْيَارِ أَنَّ الْعِتْقَ فِي التَّدْبِيرِ أَلْزَمَهُ ذِمَّتَهُ وَأَنْشَأَهُ مِنْ الْآنِ وَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى الْمَوْتِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَرْجِعَ فِيهِ وَالْوَصِيَّةُ أَمْرٌ بِالْعِتْقِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَعْقِدْ عَلَى نَفْسِهِ عِتْقًا الْآن، فَالْعِتْقُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ كَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا لِيَبِيعَ عَبْدَهُ أَوْ يَهَبَهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ بِمَا شَاءَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ مَا لَمْ يُنَفِّذْ الْوَكِيلُ مَا أَمَرَهُ بِهِ.
وَإِلَّا كَانَ وَصِيَّةً
كَمَا قَالَ: (لَا) إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِالْمَوْتِ عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ فَيَكُونُ غَيْرَ لَازِمٍ إلَى آخِرِ مَا قَالَ: (إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي) هَذَا فَأَنْتَ، أَوْ: فَفُلَانٌ حُرٌّ (أَوْ) قَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ (سَفَرِي هَذَا) فَأَنْتَ حُرٌّ (أَوْ) قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي؛ (فَوَصِيَّةٌ لَا تَلْزَمُ) فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَمَحَلُّ كَوْنِ هَذِهِ الصِّيَغِ وَصِيَّةً لَا تَلْزَمُ (إنْ لَمْ يُرِدْهُ) : أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّدْبِيرَ، فَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَرَادَهُ لَزِمَ (أَوْ يُعَلِّقْهُ) : عَلَى شَيْءٍ.
فَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ اللَّازِمُ تَدْبِيرًا أَوْ وَصِيَّةً، كَقَوْلِهِ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا، فَكَلَّمَهُ.
(وَ) إذَا دَبَّرَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْحَامِلَ (تَنَاوَلَ) التَّدْبِيرُ (حَمْلَهَا) الْكَائِنَ فِيهَا وَقْتَ التَّدْبِيرِ. وَأَوْلَى الْحَاصِلَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا (كَوَلَدِ مُدَبَّرٍ) حَصَلَ حَمْلُهُ (مِنْ أَمَتِهِ) : أَيْ أَمَةِ ذَلِكَ الْمُدَبَّرِ (إنْ حَمَلَتْ) بِهِ مِنْ أَبِيهِ (بَعْدَهُ) : أَيْ بَعْدَ تَدْبِيرِ أَبِيهِ فَالْحَمْلُ مُدَبَّرٌ تَبَعًا لِأَبِيهِ لِانْفِصَالِ مَائِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ، بِخِلَافِ لَوْ كَانَتْ حَامِلَةً بِهِ قَبْلَ تَدْبِيرِ أَبِيهِ فَلَا يَدْخُلُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَيْ تَعْلِيقٌ إلَى آخِرِهِ] : كَلَامٌ نَاقِصٌ لَا مَعْنَى لَهُ وَلَعَلَّ حَقَّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ إلَخْ مُصَوَّرٌ بِدَبَّرْتُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [إلَى آخِرِ مَا قَالَ] : الْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ وَيَقُولُ كَقَوْلِهِ إنْ مِتُّ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [أَيْ لَمْ يَقْصِدْ التَّدْبِيرَ] : فِي (بْن) النِّيَّةُ كَافِيَةٌ، وَأَمَّا إذَا أَتَى بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ إذَا مِتُّ فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ لَا يُغَيَّرُ فَهَذَا مِنْ قَبِيلِ التَّدْبِيرِ الصَّرِيحِ لَا النِّيَّةِ فَقَطْ خِلَافًا لعب (اهـ) .
قَوْلُهُ: [فَيَكُونُ اللَّازِمُ تَدْبِيرًا أَوْ وَصِيَّةً] : الصَّوَابُ لَا وَصِيَّةً.
قَوْلُهُ: [وَأَوْلَى الْحَاصِلُ بَعْدَهُ] : أَيْ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهَا قَبْلَ تَدْبِيرِهَا فَإِنَّهُ رَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ.
قَوْلُهُ: [قَبْلَ تَدْبِيرِ أَبِيهِ] إلَخْ: أَيْ سَوَاءٌ وَضَعَتْهُ قَبْلَ تَدْبِيرِهِ أَيْضًا أَوْ وَضَعَتْهُ بَعْدَهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا انْفَصَلَ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ رَقِيقٌ سَوَاءٌ كَانَ التَّدْبِيرُ لِلْأَمَةِ أَوْ لِلْعَبْدِ
الْحَمْلُ فِي التَّدْبِيرِ لِانْفِصَالِ مَائِهِ قَبْلَهُ (وَصَارَتْ) أَمَتُهُ (أُمَّ وَلَدٍ) لِذَلِكَ الْمُدَبَّرِ (بِهِ) : أَيْ بِوَلَدِهَا الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ تَدْبِيرِ أَبِيهِ (إنْ عَتَقَ) الْوَلَدُ: بِأَنْ حَمَّلَهُ الثُّلُثَ مَعَ أَبِيهِ، فَإِنْ ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا تَحَاصَّا؛ أَيْ الْوَلَدُ وَأَبُوهُ، فَإِذَا عَتَقَ بَعْضُ الْوَلَدِ لِتَحَاصُصٍ فَلَا تَكُونُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ الْحُرِّ حَمْلُهَا كُلُّهُ حُرٌّ، وَكَذَا تُحَاصِصُ الْمُدَبَّرَةُ وَوَلَدُهَا عِنْدَ الضِّيقِ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَقَوْلُ الْأَصْلِ " قُدِّمَ الْأَبُ عِنْدَ الضِّيقِ " تَبِعَ فِيهِ اسْتِظْهَارَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.
(وَلِلسَّيِّدِ) : أَيْ سَيِّدِ مَنْ دَبَّرَهُ (نَزْعُ مَالِهِ) : لِأَنَّهُ رَقِيقٌ. وَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَهُ النِّزَاعُ:
(إنْ لَمْ يَمْرَضْ) السَّيِّدُ مَرَضًا مَخُوفًا، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ نَزْعُ مَالِ الْمُدَبَّرِ، لِأَنَّهُ يَنْزِعُهُ لِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ اشْتَرَطَ وَقْتَ التَّدْبِيرِ أَنَّ لَهُ الِانْتِزَاعَ إذَا مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا،
ــ
[حاشية الصاوي]
الْمُسْتَرْسِلِ عَلَيْهَا وَمَا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ كَانَ التَّدْبِيرُ لِلْأَمَةِ أَوْ الْعَبْدِ الْمُسْتَرْسِلِ، وَأَمَّا مَا كَانَ حَمْلُهُ حِينَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ إنْ دُبِّرَتْ أُمُّهُ لَا إنْ دُبِّرَ أَبُوهُ وَإِنَّمَا دَخَلَ وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ تَدْبِيرِهَا فِي عَقْدِ تَدْبِيرِهَا دُونَ حَمْلِهَا مِنْ أَبِيهِ قَبْلَ تَدْبِيرِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ كَجُزْءٍ مِنْهَا حَتَّى تَضَعَ فَإِذَا دَبَّرَهَا فَقَدْ دَبَّرَهُ، وَإِذَا دَبَّرَ الْأَبَ لَمْ يَدْخُلْ تَدْبِيرُ الْأُمِّ وَلَا حَمْلُهَا حَتَّى تَحْمِلَ بِهِ بَعْدَ تَدْبِيرِ الْأَبِ.
قَوْلُهُ: [وَصَارَتْ أَمَتُهُ أُمَّ وَلَدٍ] : حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُدَبَّرَ إذَا عَتَقَ وَلَدُهُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَذَلِكَ الْعِتْقُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ الَّذِي دُبِّرَ أَبَاهُ بِأَنْ حَمَّلَهُ الثُّلُثَ هُوَ وَأَبُوهُ أَوْ عَتَقَا مَعًا فَإِنَّ الْأَمَةَ الَّتِي حَمَلَتْ بِهِ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْوَلَدِ فَتَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ مَالِ سَيِّدِهَا وَهُوَ الْمُدَبَّرُ الْمَذْكُورُ.
قَوْلُهُ: [تَحَاصَّا] : أَيْ فَإِذَا كَانَ ثُلُثُ مَالِ السَّيِّدِ عَشْرَةً وَكَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَالْأَبِ مَعًا ثَلَاثِينَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ بِمِقْدَارِ خَمْسَةٍ وَهُوَ سُدُسُهُ.
قَوْلُهُ: [أَيْ سَيِّدُ مَنْ دَبَّرَهُ] : الْأَسْهَلُ سَيِّدُ الْمُدَبِّرِ.
قَوْلُهُ: [نَزَعَ مَالَهُ] : مُرَادُهُ مَا وُهِبَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ اكْتَسَبَهُ بِتِجَارَةٍ أَوْ خُلْعِ زَوْجَةٍ، وَأَمَّا مَا نَشَأَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَخَرَاجِهِ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ فَلِلسَّيِّدِ نَزْعُهُ وَلَوْ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِشَرْطٍ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الِانْتِزَاعِ عَلَيْهِ مَجَازٌ إذْ هُوَ لِلسَّيِّدِ أَصَالَةً.