الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَوْ نَظَرَ لَهُ مِنْ كُوَّةٍ) طَاقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَبَابٍ (فَقَصَدَ عَيْنَهُ) : بِأَنْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ قَاصِدًا قَلْعَ عَيْنِهِ فَقَلَعَهَا أَوْ أَذْهَبَ بَصَرَهَا فَيُقْتَصُّ مِنْهُ.
(وَإِلَّا) يَقْصِدْ قَلْعَ عَيْنِهِ بِأَنْ قَصَدَ الزَّجْرَ (فَلَا) قِصَاصَ بَلْ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ عَلَى الرَّاجِحِ. وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ بِرَمْيِ النَّاظِرِ مِنْ كُوَّةٍ خُرِّجَتْ مَخْرَجَ الزَّجْرِ أَوْ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ} [النحل: 126] الْآيَةَ.
(وَ
مَا أَتْلَفَتْهُ الْبَهَائِمُ)
مِنْ الزَّرْعِ وَالْحَوَائِطِ - مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ أَمْ لَا - وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةِ الْعَدَاءِ وَلَمْ يَحْفَظْهَا رَبُّهَا بِرَبْطٍ أَوْ غَلْقِ بَابٍ (لَيْلًا) : مَعْمُولُ " أَتْلَفَتْهُ "(فَعَلَى رَبِّهَا) ضَمَانُهُ. فَإِنْ عُرِفَتْ بِالْعَدَاءِ فَعَلَى رَبِّهَا وَلَوْ نَهَارًا حَيْثُ لَمْ يَحْفَظْهَا. فَإِنْ رَبَطَهَا رَبْطًا مُحْكَمًا أَوْ غَلَقَ الْبَابَ فَانْفَلَتَتْ فَلَا ضَمَانَ مُطْلَقًا.
ــ
[حاشية الصاوي]
الْمَعْضُوضِ لِأَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [فَقَصَدَ عَيْنَهُ] : أَيْ قَصَدَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ رَمْيَ عَيْنِ النَّاظِرِ لِقَلْعِهَا.
قَوْلُهُ: [عَلَى الرَّاجِحِ] : أَيْ خِلَافًا لِبَهْرَامَ وَالتَّتَّائِيِّ أَيْ حَيْثُ قَالَا بِلُزُومِ الدِّيَةِ إنْ قَصَدَ بِالرَّمْيِ فَقْءَ عَيْنِهِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الزَّجْرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّاجِحِ إنْ ادَّعَى الْمَرْمِيُّ أَنَّ الرَّامِيَ قَصَدَ عَيْنَهُ وَادَّعَى الرَّامِي عَدَمَ قَصْدِهَا وَلَا بَيِّنَةَ وَلَا قَرِينَةَ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِدَعْوَى الرَّامِي لِأَنَّ الْقَصْدَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ، وَلِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ بِالشَّكِّ وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْعَضِّ تَرْجِيحُ كَلَامِ بَهْرَامَ وَالتَّتَّائِيِّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ لِلرَّاجِحِ بِأَنَّ التَّعَدِّيَ بِالْعَضِّ أَعْظَمُ مِنْ التَّعَدِّي فِي النَّظَرِ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ] : أَيْ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّ عَيْنَهُ هَدَرٌ لِتَعَدِّيهِ.
قَوْلُهُ: [بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ} [النحل: 126]] : أَيْ لِعُمُومِهَا.
[مَا أَتْلَفَتْهُ الْبَهَائِمُ]
قَوْلُهُ: [مِنْ الزَّرْعِ وَالْحَوَائِطِ] : أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَتْلَفَتْ غَيْرَهُمَا مِنْ مَالٍ أَوْ آدَمِيٍّ فَإِنْ كَانَتْ عَادِيَةً ضَمِنَ رَبُّهَا مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا حَيْثُ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ عَادِيَةٍ فَلَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَلَوْ لَمْ يَرْبِطْهَا أَوْ يَغْلِقْ عَلَيْهَا وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مَعَهَا وَإِلَّا ضَمِنَ.
وَإِذَا لَزِمَهُ الضَّمَانُ: فَعَلَيْهِ (وَإِنْ زَادَ) مَا أَتْلَفَتْهُ مِنْ زَرْعٍ (عَلَى قِيمَتِهَا) وَلَيْسَ لِرَبِّهَا أَنْ يُسَلِّمَهَا فِيمَا أَتْلَفَتْهُ، فَلَيْسَتْ كَالْعَبْدِ الْجَانِي لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ.
(وَقُوِّمَ إنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ) : بِأَنْ يُقَوَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ، بِأَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَتُهُ عَلَى تَقْدِيرِ سَلَامَتِهِ وَتَقْدِيرِ جَائِحَتِهِ؟ فَمَا قَالَهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ. فَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ حَتَّى عَادَ كَمَا كَانَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ. فَلَوْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَقِيمَتُهُ وَقْتَ إتْلَافِهِ.
(لَا) مَا أَتْلَفَهُ غَيْرُ الْعَادِيَةِ (نَهَارًا)، فَلَيْسَ عَلَى رَبِّهَا ضَمَانٌ بِشَرْطَيْنِ:(إنْ سَرَحَتْ بِبُعْدِ الْمَزَارِعِ) جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُظَنُّ وُصُولُهَا لِلزَّرْعِ فَاتَّفَقَ أَنَّهَا وَصَلَتْ؛ فَلَا ضَمَانَ. فَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ فَعَلَى رَبِّهَا الضَّمَانُ لَقِيمَةِ الزَّرْعِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا رَاعٍ) فِيهِ قُدْرَةٌ عَلَى حِفْظِهَا.
(وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ فِيهِ كِفَايَةٌ لِحِفْظِهَا (فَعَلَى الرَّاعِي) الضَّمَانُ لِلزَّرْعِ وَلَوْ صَبِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَمِّنْ عَلَى الْمُتْلِفِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قُدْرَةٌ عَلَى حِفْظِهَا فَالضَّمَانُ عَلَى رَبِّهَا.
وَهَذَا فِيمَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ. أَمَّا مِثْلُ الْحَمَامِ وَالنَّحْلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّهِ وَعَلَى رَبِّ الزَّرْعِ حِفْظُهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ] : عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَيْسَتْ كَالْعَبْدِ.
قَوْلُهُ: [فَمَا قَالَهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ] : مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ يُعْمَلُ بِهِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا لَوْ حَكَمَ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ عَادَ لِهَيْئَتِهِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ؛ فَقَالَ مُطَرِّفٌ تَمْضِي الْقِيمَةُ لِرَبِّ الزَّرْعِ، وَقَالَ غَيْرُهُ تُرَدُّ وَالرَّاجِحُ قَوْلُ مُطَرِّفٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ نَقَلَهُ (بْن) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الزَّرْعَ عَلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ لِلْجَانِي.
قَوْلُهُ: [عَلَى مَا تَقَدَّمَ] : أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي التَّقْوِيمِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَتُهُ عَلَى تَقْدِيرِ سَلَامَتِهِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَمِّنْ] : هَكَذَا بِالتَّشْدِيدِ.
قَوْلُهُ: [وَهَذَا فِيمَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ] : حَاصِلُ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا وَلَا الْحِرَاسَةُ لَهَا كَحَمَامٍ وَنَحْوِهِ فَقِيلَ يُمْنَعُ أَرْبَابُهَا مِنْ
وَأَمَّا مَا أَتْلَفَتْهُ الدَّابَّةُ بِفِعْلِ شَخْصٍ فَعَلَى فَاعِلِهِ وَإِنْ سَقَطَ رَاكِبُهَا فَأَتْلَفَ مَالًا، فَفِي مَالِهِ وَغَيْرُ الْمَالِ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَمَا أَتْلَفَتْهُ بِذَنَبِهَا أَوْ أَتْلَفَهُ وَلَدُهَا فَهَدَرٌ.
كَأَنْ أَتْلَفَتْ مُمْسِكَهَا الْبَالِغَ الْحُرَّ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ أَمَرَهُمَا. وَإِنْ أَتْلَفَتْ بِغَيْرِ فِعْلٍ بَلْ بِسَيْرِهَا؛ كَحَجَرٍ أَطَارَتْهُ ضَمِنَ الْقَائِدُ أَوْ السَّائِقُ أَوْ الرَّاكِبُ - وَلَوْ حَصَلَ مِنْهُ إنْذَارٌ - لِأَنَّ مَنْ بِالطَّرِيقِ لَا يَلْزَمُهُ التَّنَحِّي، فَلَا يَنْفَعُ قَوْلُهُمْ: يَمِينُك شِمَالُك إذَا حَصَلَ تَلَفُ شَيْءٍ فَإِنْ اجْتَمَعُوا ضَمِنَ الْقَائِدُ وَالسَّائِقُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِعْلٌ مِنْ الرَّاكِبِ. فَإِنْ تَعَدَّدَ الرَّاكِبُ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُقَدَّمِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ عَلَى جَنْبِ الدَّابَّةِ اشْتَرَكَا. فَإِنْ حَصَلَ شَكٌّ هَلْ مِنْ الدَّابَّةِ أَوْ مِنْ الْفِعْلِ: فَهَدَرٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
اتِّخَاذِهَا إنْ كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ، وَرِوَايَةُ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ، وَقِيلَ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ اتِّخَاذِهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَتْلَفَتْهُ، وَعَلَى أَرْبَابِ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ حِفْظُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ وَأَصْبَغَ، وَصَوَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَوَّلَ لِإِمْكَانِ اسْتِغْنَاءِ رَبِّهَا عَنْهَا وَضَرُورَةِ النَّاسِ لِلزَّرْعِ وَالشَّجَرِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَاعِدَةُ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ] : أَيْ إنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [كَأَنْ أَتْلَفْت مُمْسِكَهَا] إلَخْ: هَذَا اخْتِصَارٌ مُخِلٌّ وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ فِي (عب) فَإِنْ انْفَلَتَتْ دَابَّةٌ فَنَادَى رَبُّهَا رَجُلًا بِإِمْسَاكِهَا فَأَمْسَكَهَا أَوْ أَمَرَهُ بِسَقْيِهَا فَفَعَلَ فَقَتَلَتْهُ أَوْ قَطَعَتْ لَهُ عُضْوًا لَمْ يَضْمَنْ رَبُّهَا كَعَدَمِ ضَمَانِ رَاكِبٍ وَسَائِقٍ وَقَائِدٍ مَا حَصَلَ مِنْ فَلُوِّهَا يَعْنِي وَلَدَهَا، فَإِنْ نَادَى صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا بِإِمْسَاكِهَا أَوْ سَقْيِهَا فَأَتْلَفَتْهُ فَقِيمَةُ الْعَبْدِ، وَدِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ، كَنَاخِسِ دَابَّةٍ فَقَتَلَتْ رَجُلًا فَعَلَى عَاقِلَةِ النَّاخِسِ، فَإِنْ قَتَلَتْ رَجُلًا فِي مَسْكِ الصَّبِيِّ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ أَمَرَهُمَا بِسَقْيِهَا فَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَلَا رُجُوعَ لَهُمْ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآمِرِ وَبَيْنَ فِدَائِهِ بِدِيَةِ الْحُرِّ (اهـ) .