الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَصْلُ الْقَسَامَةِ الْقِصَاصُ. وَإِذَا انْتَفَتْ فِي عَمْدِهِمْ انْتَفَتْ فِي خَطَئِهِمْ - ابْنُ عَرَفَةَ. قَالَ الْبَاجِيُّ: إذَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ فِي الْقَتْلِ فَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ: لَا تَجُوزُ حَتَّى تَشْهَدَ الْعُدُولُ بِرُؤْيَةِ الْبَدَنِ مَقْتُولًا - ابْنُ رُشْدٍ: رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ.
(وَلَا يَقْدَحُ) فِي شَهَادَتِهِمْ (رُجُوعُهُمْ) بَعْدَهَا عَنْهَا قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ (وَلَا تَجْرِيحُهُمْ) بِشَيْءٍ (إلَّا بِكَثْرَةِ كَذِبٍ) مِنْ جَمِيعِ الشَّاهِدِينَ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ وَمَوَانِعِهَا، شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَرَاتِبِهَا.
وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: إمَّا أَرْبَعَةُ عُدُولٍ وَإِمَّا عَدْلَانِ
وَإِمَّا عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَإِمَّا امْرَأَتَانِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَأَصْلُ الْقَسَامَةِ الْقِصَاصُ] : أَيْ وَأَمَّا دُخُولُهَا فِي الْخَطَأِ فَخِلَافُ الْأَصْلِ وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ فِي الدِّيَاتِ يُحَلِّفُهَا فِي الْخَطَأِ مَنْ يَرِثُ.
قَوْلُهُ: [انْتَفَتْ فِي خَطَئِهِمْ] : أَيْ مِنْ بَابٍ أَوْلَى لِأَنَّهَا فِيهِ خِلَافُ الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [لَا تَجُوزُ حَتَّى تَشْهَدَ الْعُدُولُ] إلَخْ: هَذَا يُضَمُّ لِلشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَتَكُونُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَجْمُوعِ شَرْطَانِ آخَرَانِ وَهُمَا كَوْنُهُ ابْنَ عَشْرٍ وَكَوْنُهُ مِنْ الصِّبْيَانِ الْمُجْتَمَعِينَ لَا صَبِيٌّ مَرَّ عَلَيْهِمْ فَتَكُونُ الشُّرُوطُ سِتَّةَ عَشَرَ.
قَوْلُهُ: [قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ] : أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ رُجُوعَهُمْ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَأَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ لِبُلُوغِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ الْبُلُوغِ لَقُبِلَ رُجُوعُهُمْ.
قَوْلُهُ: [وَلَا تَجْرِيحُهُمْ بِشَيْءٍ] : أَيْ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ الَّذِي هُوَ رَأْسُ أَوْصَافِ الْعَدَالَةِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ جَمِيعِ الشَّاهِدِينَ] : أَيْ بِأَنْ تَشْهَدَ الْعُدُولُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الصِّبْيَانَ الشَّاهِدِينَ مُجَرَّبُونَ بِالْكَذِبِ.
[مَرَاتِب الشَّهَادَة]
[الْمَرْتَبَة الأولي مَا يُطْلَبُ فِيهِ أَرْبَعَةُ عُدُولٍ]
قَوْلُهُ: [وَهِيَ أَرْبَعَةٌ] : بَقِيَتْ خَامِسَةٌ وَهِيَ ذَكَرٌ فَقَطْ أَوْ أُنْثَى فَقَطْ فِي مَسْأَلَةِ إثْبَاتِ الْخُلْطَةِ الْمُوجِبَةِ لِتَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمِينَ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْقَوْلُ الْآخَرُ هُوَ الْمُرَجَّحُ لَمْ يَلْتَفِتْ لَهَا الْمُصَنِّفُ
وَبَدَأَ بِالْأُولَى فَقَالَ: (وَلِلزِّنَا وَاللِّوَاطِ) : أَيْ لِلشَّهَادَةِ عَلَى حُصُولِهِمَا (أَرْبَعَةٌ) مِنْ الْعُدُولِ. وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِهِمَا فَيَكْفِي فِيهِ الْعَدْلَانِ. وَإِنَّمَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ:
(إنْ اتَّحَدَ) الزِّنَا عِنْدَهُمْ أَوْ اللِّوَاطُ (كَيْفِيَّةً) : أَيْ فِي الصِّفَةِ، وَأَدَّوْا الشَّهَادَةَ كَذَلِكَ مِنْ اضْطِجَاعٍ أَوْ قِيَامٍ أَوْ هُوَ فَوْقَهَا أَوْ تَحْتَهَا فِي مَكَانِ كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا. وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ كُلِّهِ لِلْحَاكِمِ عَلَى انْفِرَادِهِمْ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ قَبْلَ الْأَدَاءِ. بِأَمْكِنَةٍ.
(وَرُؤْيَا) : بِأَنْ يَرَوْا ذَلِكَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ جَمِيعًا.
(وَأَدَاءً) يُؤَدُّوهَا مَعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَا مُتَفَرِّقِينَ فِي أَوْقَاتٍ، وَإِلَّا لَمْ تُقْبَلْ؛ وَحُدُّوا لِلْقَذْفِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَيَكْفِي فِيهَا الْعَدْلَانِ] : مُقْتَضَى قَبُولِ رُجُوعِ الْمُقِرِّ بِالزِّنَا وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِشُبْهَةٍ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى الْإِقْرَارِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ قَبُولَ رُجُوعِهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْمُقِرَّ بِالزِّنَا لَا يُقْبَلُ بِرُجُوعِهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ حَدُّهُ إلَّا إذَا شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَدْلَانِ، فَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ حَتَّى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، لِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْحَدِّ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ عَلَى اسْتِمْرَارِ الْإِقْرَارِ لَكَانَ لِأَوْلِيَاءِ الدَّمِ طَلَبُ الْحَاكِمِ بِهِ فَتَأَمَّلْ. وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ عَلَى فِعْلِ الزِّنَا وَاللِّوَاطِ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّ الْفَضِيحَةَ فِيهِمَا أَشْنَعُ مِنْ سَائِرِ الْمَعَاصِي فَشَدَّدَ الشَّارِعُ فِيهِمَا طَلَبًا لِلسَّتْرِ.
قَوْلُهُ: [إنْ اتَّحَدَ] : أَفْرَدَ الضَّمِيرَ الْعَائِدَ لِأَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ، وَأَفَادَ هَذَا الشَّارِحُ بِعِطْفِهِ بِأَوْ.
قَوْلُهُ: [وَأَدُّوا الشَّهَادَةَ كَذَلِكَ] : أَيْ عَلَى طِبْقِ مَا رَأَوْا وَلَا يَكْفِي الْإِجْمَالُ.
قَوْلُهُ: [وَرُؤْيَا] : عَطْفٌ عَلَى كَيْفِيَّةً، وَالْمَعْنَى أَنَّ تَحَمُّلَهُمْ الشَّهَادَةَ يَكُونُ بِرُؤْيَا وَاحِدَةٍ أَيْ يَرَوْنَهُ دَفْعَةً أَوْ مُتَعَاقِبًا مَعَ الِاتِّصَالِ كَمَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [وَحُدُّوا لِلْقَذْفِ] : أَيْ حَيْثُ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ وَكَانَ الْمَقْذُوفُ عَفِيفًا.
يَشْهَدُونَ (بِأَنَّهُ أَوْلَجَ) : أَيْ أَدْخَلَ (الذَّكَرَ فِي الْفَرْجِ كَالْمِرْوَدِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ: أَيْ كَإِيلَاجِ الْمِرْوَدِ (فِي الْمُكْحُلَةِ) : وَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، لَا أَنَّهَا تُنْدَبُ فَقَطْ، زِيَادَةً فِي التَّشْدِيدِ عَلَيْهِمْ وَطَلَبًا لِلسَّتْرِ مَا أَمْكَنَ.
(وَ) إذَا أَرَادُوا أَدَاءَ الشَّهَادَةِ (جَازَ لَهُمْ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (نَظَرُ الْعَوْرَةِ) لِتَأْدِيَتِهَا عَلَى وَجْهِهَا، وَالسَّتْرُ أَوْلَى إلَّا أَنْ يَشْتَهِرَ الزَّانِي بِالزِّنَا أَوْ يَتَجَاهَرَ بِهِ.
(وَفَرَّقُوا) وُجُوبًا فِي الزِّنَا وَاللِّوَاطِ خَاصَّةً (عِنْدَ الْأَدَاءِ، وَسَأَلَ) الْحَاكِمُ (كُلًّا) مِنْهُمْ (بِانْفِرَادِهِ) عَلَى الْكَيْفِيَّةِ وَالرُّؤْيَا، فَإِنْ تَخَلْخَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَوْ لَمْ يُوَافِقْ، غَيْرَهُ حُدُّوا لِلْقَذْفِ. وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَجْهَ الشَّهَادَةِ فِي الزِّنَا: أَنْ يَأْتِيَ الْأَرْبَعَةُ الشُّهَدَاءُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ يَشْهَدُونَ عَلَى وَطْءٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ بِهَذَا تَتِمُّ الشَّهَادَةُ (اهـ.) وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا: وَيَنْبَغِي إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عِنْدَهُ بِالزِّنَا أَنْ يَكْشِفَهُمْ عَلَى شَهَادَتِهِمْ وَكَيْفَ رَأَوْهُ وَكَيْفَ صَنَعَ، فَإِنْ رَأَى فِي شَهَادَتِهِمْ مَا تَبْطُلُ بِهِ الشَّهَادَةُ أُبْطِلَتْ (اهـ.) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: اُنْظُرْ قَوْلَهُ " يَنْبَغِي " هَلْ مَعْنَاهُ يَجِبُ؟ أَوْ هُوَ عَلَى بَابِهِ؟ الْأَقْرَبُ الْوُجُوبُ (انْتَهَى) .
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِأَنَّهُ أَوْلَجَ] : مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ يَشْهَدُونَ.
قَوْلُهُ: [وَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ] : أَيْ كَمَا قَالَ بَهْرَامُ وَالْمَوَّاقُ.
وَقَوْلُهُ: [لَا أَنَّهَا تُنْدَبُ فَقَطْ] : أَيْ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ.
قَوْلُهُ: [جَازَ لَهُمْ] : الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ وَهُوَ كَيْفَ تَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّ النَّظَرَ لِلْعَوْرَةِ مَعْصِيَةٌ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ حِينَئِذٍ بَلْ مَأْذُونٌ فِيهِ لِتَوَقُّفِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَازُ النَّظَرِ لِلْعَوْرَةِ وَلَوْ قَدَرُوا عَلَى مَنْعِهِمْ مِنْ فِعْلِ الزِّنَا ابْتِدَاءً وَلَا يَقْدَحُ فِيهِمْ الْإِقْرَارُ عَلَى الزِّنَا كَمَا فِي (ح) وَغَيْرِهِ، لَكِنَّ الَّذِي فِي ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُمْ إذَا قَدَرُوا عَلَى مَنْعِهِمْ مِنْ فِعْلِ الزِّنَا ابْتِدَاءً فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ لِبُطْلَانِ شَهَادَتِهِمْ بِعِصْيَانِهِمْ بِسَبَبِ عَدَمِ مَنْعِهِمْ مِنْهُ ابْتِدَاءً وَنَحْوِهِ لِابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَشْتَهِرَ الزَّانِي بِالزِّنَا] : أَيْ فَرَفْعُهُمْ لِلْقَاضِي أَوْلَى مِنْ السَّتْرِ.
قَوْلُهُ: [أَنْ يَكْشِفَهُمْ] : أَيْ يَطْلُبَ مِنْهُمْ إيضَاحَ الشَّهَادَةِ.