الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَيَمِينُ الطَّالِبِ) : أَيْ الْمُدَّعِي: (أَنَّ لِي) عِنْدَهُ (فِي ذِمَّتِهِ كَذَا، أَوْ: لَقَدْ فَعَلَ كَذَا) : كَقَتْلِ عَبْدِي أَوْ دَابَّتِي أَوْ أَتْلَفَ مَالِي حَيْثُ أَقَامَ شَاهِدًا فَقَطْ.
(وَ) يَمِينُ (الْمَطْلُوبِ) : أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: (مَا لَهُ عِنْدِي كَذَا) - أَيْ مَا ادَّعَى بِهِ الْمُدَّعِي - (وَلَا شَيْءَ مِنْهُ) وَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ، بِمِائَةٍ مَثَلًا مُدَّعٍ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا وَحَقُّ الْيَمِينِ نَفْيُ كُلِّ مُدَّعًى بِهِ. (وَنَفَى) الْحَالِفُ (السَّبَبَ وَغَيْرَهُ إنْ عَيَّنَ) مَنْ الْمُدَّعِي، فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِمِائَةٍ مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ حَلَفَ: مَا لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا؛ لَا مِنْ قَرْضٍ وَلَا غَيْرِهِ، أَوْ لَا مِنْ بَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ. فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ سَبَبًا كَفَاهُ نَفْيُ الْمُدَّعَى بِهِ نَحْوُ: مَا لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَلَا شَيْءَ مِنْهُمَا.
(فَإِنْ) كَانَ الْمَطْلُوبُ، (قَضَى) مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَجَحَدَهُ الْمُدَّعِي وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ (نَوَى) الْحَالِفُ بِيَمِينِهِ مَا لَهُ عَلَيَّ كَذَا (وَ) لَا شَيْءَ مِنْهُ (يَجِبُ قَضَاؤُهُ الْآنَ) لِأَنَّهُ قَدْ قَضَى مَا كَانَ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
الْعِلْمِ يَعْتَمِدُ عَلَى الظَّنِّ وَإِنْ لَمْ يَقْوَ بَلْ وَعَلَى الشَّكِّ
[يَمِينُ الْمُدَّعِي وَيَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]
قَوْلُهُ: [وَحَقُّ الْيَمِينِ نَفْيُ كُلِّ مُدَّعًى بِهِ] : أَيْ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ مَا لَهُ عِنْدِي كَذَا؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْكُلِّ إثْبَاتٌ لِكُلِّ أَجْزَائِهِ وَنَفْيَهُ لَيْسَ نَفْيًا لِكُلِّ أَجْزَائِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: الْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْمُحَلِّفِ وَنِيَّتُهُ نَفْيُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمُدَّعَى بِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ. فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْقَصْدَ هُنَا زِيَادَةُ التَّشْدِيدِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. فَإِنْ أُسْقِطَ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهَا مَعَ الْقُرْبِ وَإِعَادَةِ الْيَمِينِ بِتَمَامِهَا مَعَ الْبُعْدِ.
قَوْلُهُ: [إنْ عُيِّنَ مِنْ الْمُدَّعِي] : أَيْ سَوَاءٌ ذَكَرَهُ الْمُدَّعِي بِدُونِ سُؤَالٍ عَنْهُ أَوْ بَعْدَ أَنْ سَأَلَهُ عَنْهُ الْحَاكِمُ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ قَضَى مَا عَلَيْهِ] : إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ تَسَلَّفَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا وَقَضَاهُ لَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ قَامَ صَاحِبُ الْمَالِ وَطَلَبَهُ فَأَنْكَرَ وَقَالَ: لَا شَيْءَ لَك عِنْدِي وَطَلَبَ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَنَّهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ وَيَنْوِي سَلَفًا يَجِبُ عَلَيْهِ الْآنَ رَدُّهُ وَيَبْرَأُ مِنْ الْإِثْمِ وَمِنْ الدَّيْنِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ حِينَ طَلَبَهُ مِنْهُ: رَدَدْتُهُ عَلَيْهِ لَزِمَهُ وَكَانَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الرَّدِّ. فَإِنْ قُلْت: الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ وَنِيَّةُ الْمُحَلِّفِ أَنَّهُ مَا تَسَلَّفَ
(وَحَلَفَ) مَنْ دَفَعَ لِغَيْرِهِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ دَيْنًا أَوْ سَلَفًا لِطَالِبِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَادَّعَى آخِذُهَا أَنَّهُ وَجَدَهَا أَوْ بَعْضًا مِنْهَا مَغْشُوشًا أَوْ وَجَدَهَا نَاقِصَةً (فِي الْغِشِّ: عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) لَا الْبَتِّ: بِأَنْ يَحْلِفَ: مَا دَفَعْت إلَّا جَيِّدَةً فِي عِلْمِي وَلَا أَعْلَمُ فِيهَا غِشًّا.
(وَ) يَحْلِفُ (فِي النَّقْصِ بَتًّا) : بِأَنْ يَحْلِفَ: مَا دَفَعْتهَا لَك إلَّا كَامِلَةً. فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَا يَكْفِي الْحَلِفُ فِي النَّقْصِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ.
(وَإِنْ نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ (فِي مَالٍ) وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ؛ كَخِيَارٍ وَأَجَلٍ (اسْتَحَقَّهُ الطَّالِبُ) : أَيْ فَإِنَّ الطَّالِبَ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الْمَالَ (بِهِ) أَيْ بِالنُّكُولِ (وَبِالْيَمِينِ) مَعًا: بِأَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ بَعْدَ نُكُولِ الْمَطْلُوبِ أَنَّ لِي عِنْدَهُ كَذَا (إنْ حَقَّقَ) عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى.
ــ
[حاشية الصاوي]
مِنْهُ أَصْلًا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتِلْكَ الْيَمِينِ وَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْيَمِينَ هُنَا لَيْسَتْ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ حَقٍّ بِاعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَقَوْلُهُمْ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمُحَلِّفِ حَقٌّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
تَنْبِيهٌ:
إنْ ادَّعَيْت أَيّهَا الْمَدِينُ أَنَّك قَضَيْت الْمَيِّتَ حَقَّهُ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ لَمْ يَحْلِفْ مِنْهُمْ إلَّا الْبَالِغُ الَّذِي يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْتَ أَنَّك وَفَّيْت وَسَقَطَ عَنْك مَنَابُ النَّاكِلِ فَقَطْ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُظَنَّ بِهِمْ الْعِلْمُ أَوْ لَمْ يَكُونُوا بَالِغِينَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَحَقُّهُمْ ثَابِتٌ عَلَى الْمَدِينِ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيَمِينٍ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى وَرَثَةِ مَيِّتٍ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنًا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ فَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ إنْ عَلِمُوا بِهِ وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ يَمِينِ الْقَضَاءِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ إلَى الْآنَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ حَلَفُوا عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِمْ الْعِلْمَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُجِيبُوا كَانَ مِنْ أَفْرَادِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ حُبِسَ وَأُدِّبَ ثُمَّ حَكَمَ بِلَا يَمِينٍ قَوْلُهُ:[وَيَحْلِفُ فِي النَّقْصِ بَتًّا] : تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا هُنَا لِمُنَاسِبَةِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي النَّقْصِ الْمَذْكُورِ بَتًّا سَوَاءٌ كَانَ صَيْرَفِيًّا أَمْ لَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّ نَقْصَ الْوَزْنِ كَنَقْصِ الْعَدَدِ وَهَذَا فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا، وَأَمَّا فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ عَدَدًا فَنَقْصُ الْوَزْنِ كَالْغِشِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ طَرِيقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هَذَا التَّفْصِيلُ إنْ كَانَ الدَّافِعُ غَيْرَ صَيْرَفِيٍّ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ صَيْرَفِيًّا
(وَإِلَّا) يُحَقِّقْ الدَّعْوَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَتْ دَعْوَتُهُ عَلَيْهِ دَعْوَى اتِّهَامٍ (فَبِمُجَرَّدِهِ) : أَيْ فَالطَّالِبُ يَسْتَحِقُّ مَا ادَّعَاهُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الِاتِّهَامِ لَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي.
(وَلِيُبَيِّنَ الْحَاكِمُ) لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (حُكْمَهُ) : أَيْ حُكْمَ النُّكُولِ؛ أَيْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ أَوْ التُّهْمَةِ، بِأَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ لَهُ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ: إنْ نَكَلْت عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ مَا ادَّعَاهُ، وَفِي الِاتِّهَامِ: إنْ نَكَلْت اسْتَحَقَّ الْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ عَلَيْك بِمُجَرَّدِ نُكُولِك. وَهَذَا الْبَيَانُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ كَالْإِعْذَارِ فِي مَحَلِّهِ.
(وَلَا يُمَكَّنُ) مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِنْ مُدَّعٍ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ (مِنْهَا) : أَيْ مِنْ الْيَمِينِ (إنْ نَكَلَ) مِنْهَا بِأَنْ قَالَ: لَا أَحْلِفُ، أَوْ قَالَ لِخَصْمِهِ احْلِفْ أَنْتَ وَخُذْ مَا تَدَّعِيهِ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَحْلِفُ. وَأَمَّا لَوْ الْتَزَمَهَا ابْتِدَاءً وَقَالَ: أَحْلِفُ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: لَا أَحْلِفُ، وَأَرَادَ تَحْلِيفَ خَصْمِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ رُجُوعُهُ عَنْ الْيَمِينِ بَعْدَ الْتِزَامِهَا مُوجِبًا لِعَدَمِ رَدِّهَا عَلَى خَصْمِهِ. هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ:
ــ
[حاشية الصاوي]
فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ مُطْلَقًا لَا فَرْقَ بَيْنَ نَقْصِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ وَالْغِشِّ، وَظَاهِرُ (ح) فِي بَابِ الْبَيْعِ اعْتِمَادُ هَذَا الثَّانِي، وَمَحَلُّ هَذَا إنْ قَبَضَهَا عَلَى سَبِيلِ الْمُفَاصَلَةِ، وَأَمَّا إنْ قَبَضَهَا لِيُرِيَهَا أَوْ لِيَزِنَهَا فَهُوَ مُصَدَّقٌ لِأَنَّهُ أَمِينٌ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ دَعْوَى الِاتِّهَامِ لَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي] : أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ.
قَوْلُهُ: [وَلِيُبَيِّنَ الْحَاكِمُ] : أَيْ وَكَذَلِكَ الْمُحَكَّمُ.
قَوْلُهُ: [شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ] : أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِهِ، وَمَحَلُّ كَوْنِ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُحَكَّمِ يُطْلَبُ بِالْبَيَانِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْرِفُ هَذَا الْحُكْمَ وَإِلَّا فَلَا يُطْلَبُ الْبَيَانُ لَهُ.
قَوْلُهُ: [مِنْ مُدَّعٍ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ] : فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَامْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالثَّانِي كَمَا لَوْ عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْبَيِّنَةِ وَطَلَبَ الْيَمِينَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَنَكَلَ وَقَالَ: لَا أَحْلِفُ.
وَقَوْلُهُ: [إنْ نَكَلَ] : أَيْ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمِ وَلَا عِبْرَةَ بِنُكُولِهِ عِنْدَ الْخَصْمِ.