الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَغَرِمَا لِلْمَدِينِ خَمْسِينَ فَقَطْ) عِوَضًا عَنْ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو مِنْهُ وَلَا يَغْرَمَانِ لَهُ جَمِيعَ الْمِائَةِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى زَيْدٍ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ عَنْهُ وَلَيْسَ لِزَيْدٍ سِوَى الْخَمْسِينَ الَّتِي تَخُصُّهُ مِنْ الْمِائَةِ.
(وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا) : أَيْ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الرُّجُوعِ دُونَ الْآخَرِ (غَرِمَ) الرَّاجِعُ (النِّصْفَ) : أَيْ نِصْفَ الْحَقِّ فَيَغْرَمُ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي الْقَتْلِ وَنِصْفَ الْمَالِ فِي غَيْرِهِ، فَيَغْرَمُ لِلْمَدِينِ فِي مَسْأَلَةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو خَمْسًا وَعِشْرِينَ.
وَاخْتُلِفَ: إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدُ بَعْدَ الْحُكْمِ هَلْ يَغْرَمُ جَمِيعَ الْحَقِّ؟ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، أَوْ يَغْرَمَ نِصْفَهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَعَهُ كَشَاهِدٍ؟ (كَرَجُلٍ) شَهِدَ (مَعَ نِسَاءٍ) ثُمَّ رَجَعَ فَيَغْرَمُ نِصْفَ الْحَقِّ.
(وَعَلَيْهِنَّ) - إنْ رَجَعْنَ - (وَإِنْ كَثُرْنَ النِّصْفَ) : لِأَنَّهُنَّ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ وَلَوْ كُنَّ أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ (إلَّا أَنْ يَبْقَى مِنْهُنَّ اثْنَتَانِ) : فَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّاجِعَاتِ لِتَمَامِ الشَّهَادَةِ بِالِاثْنَتَيْنِ (فَإِنْ بَقِيَتْ) مِنْهُنَّ (وَاحِدَةٌ) فَقَطْ (فَالرُّبْعُ) : يَلْزَمُ جَمِيعَ الرَّاجِعَاتِ بِالسَّوِيَّةِ وَلَوْ تَرَتَّبُوا فِي رُجُوعِهِنَّ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَغَرِمَا لِلْمَدِينِ] : أَيْ الَّذِي هُوَ بَكْرٌ.
قَوْلُهُ: [عِوَضًا عَنْ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو] : أَيْ لِإِتْلَافِهِمَا تِلْكَ الْخَمْسِينَ عَلَى الْمَدِينِ الَّذِي هُوَ بَكْرٌ لَيْسَ بِشَهَادَتِهِمَا.
قَوْلُهُ: [وَلَيْسَ لِزَيْدٍ سِوَى الْخَمْسِينَ الَّتِي تَخُصُّهُ] : أَيْ وَلَوْ كَانَ يَدَّعِي الْمِائَةَ بِتَمَامِهَا لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالشَّهَادَةِ الْأُولَى الَّتِي ثَبَتَ بِهَا الْحُكْمُ
[رجع أَحَد الشَّاهِدين عَنْ شَهَادَته وَلَمْ يرجع الْأُخَر]
قَوْلُهُ: [غَرِمَ الرَّاجِعُ النِّصْفَ] : أَيْ إنْ كَانَ رُجُوعُهُ عَنْ جَمِيعِ الْحَقِّ الَّذِي شَهِدَ بِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ رُجُوعُهُ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ فَسَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ الْمَشْهُورُ] : أَيْ وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ اسْتِظْهَارٌ أَيْ مُقَوِّيَةٌ لِلشَّاهِدِ فَقَطْ وَالْحَقُّ ثَابِتٌ بِالشَّاهِدِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْيَمِينَ مَعَهُ كَشَاهِدٍ] : أَيْ مُكَمِّلَةٌ لِنِصَابِ الشَّهَادَةِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ بَقِيَتْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ] : إلَخْ: فَإِنْ رَجَعَتْ تِلْكَ الْوَاحِدَةُ غَرِمَ الْجَمِيعُ النِّصْفَ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ تَرَتَّبُوا] : الْمُنَاسِبُ تُرَتَّبْنَ
(وَهُوَ) أَيْ الرَّجُلُ (مَعَهُنَّ فِي) مَا يُقْبَلُ فِيهِ الْمَرْأَتَانِ (كَرَضَاعٍ) وَوِلَادَةٍ، (كَامْرَأَةٍ) فَقَطْ لَا كَاثْنَتَيْنِ بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ؛ فَإِنَّهُ مَعَهُنَّ كَامْرَأَتَيْنِ. فَإِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَمِائَةُ امْرَأَةٍ بِمَالٍ وَرَجَعَ الرَّجُلُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَعَلَيْهِ نِصْفُهُ، وَكَذَا إنْ رَجَعَ مَعَهُ مَا عَدَا امْرَأَتَيْنِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّاجِعَاتِ إذْ لَا تُضَمُّ النِّسَاءُ لِلرَّجُلِ فِي الْأَمْوَالِ. فَإِذَا رَجَعَتْ الْبَاقِيَتَانِ كَانَ عَلَى جَمِيعِهِنَّ النِّصْفُ وَعَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ. وَأَمَّا فِي الرَّضَاعِ وَنَحْوِهِ فَكَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا شَهِدَ بِرَضَاعٍ مَعَ مِائَةِ امْرَأَةٍ ثُمَّ رَجَعَ مَعَ ثَمَانِيَةٍ وَتِسْعِينَ مِنْهُنَّ فَلَا غُرْمَ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِالْحُكْمِ. فَإِنْ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ كَانَ نِصْفُ الْغَرَامَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّاجِعَاتِ، فَإِنْ رَجَعَتْ الْبَاقِيَةُ كَانَ الْغُرْمُ بِجَمِيعِ الْحَقِّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِنَّ وَهُوَ كَامْرَأَةٍ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ فِي بَابِ الرَّضَاعِ:" وَثَبَتَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَبِامْرَأَتَيْنِ " فَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: " وَبِامْرَأَتَيْنِ " أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ امْرَأَةٍ فِي الرَّضَاعِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ هُنَا " كَاثْنَتَيْنِ " فَخِلَافُ الْمَذْهَبِ. فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْغُرْمُ فِي الرَّضَاعِ عَلَى شَاهِدِي الرُّجُوعِ فِيهِ لِأَنَّهُمَا - إنْ شَهِدَا بِالرَّضَاعِ قَبْلَ الدُّخُولِ - فُسِخَ النِّكَاحُ بِلَا مَهْرٍ، وَإِنْ شَهِدَا بِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَالْمَهْرُ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ لِلْوَطْءِ، وَإِنَّمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا الْعِصْمَةَ وَهِيَ لَا قِيمَةَ لَهَا؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ فَيَغْرَمُ الرَّاجِعُ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا مَا فَوَّتَهُ مِنْ الْإِرْثِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كَرَضَاعٍ وَوِلَادَةٍ] : أَيْ وَاسْتِهْلَالٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ.
وَقَوْلُهُ: [كَامْرَأَةٍ] أَيْ فِي الْغُرْمِ عِنْدَ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ.
قَوْلُهُ: [مَا عَدَا امْرَأَتَيْنِ] : أَيْ بِأَنْ رَجَعَ مَعَهُ ثَمَانٍ وَتِسْعُونَ.
قَوْلُهُ: [إذْ لَا تُضَمُّ النِّسَاءُ لِلرَّجُلِ فِي الْأَمْوَالِ] إلَخْ: أَيْ لِأَنَّهُ يُعَدُّ شَطْرًا مُسْتَقِلًّا وَالشَّطْرُ الْآخَرُ إمَّا امْرَأَتَانِ أَوْ الْيَمِينُ.
قَوْلُهُ: [كَانَ عَلَى جَمِيعِهِنَّ النِّصْفُ] : أَيْ عَلَى الصَّوَابِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ النِّصْفَ يَلْزَمُ الْبَاقِيَتَيْنِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّاجِعَاتِ] : أَيْ وَيُعَدُّ رَأْسًا مَعَهُنَّ.
قَوْلُهُ: [وَثَبَتَ بِرَجُلٍ] إلَخْ: مَقُولُ قَوْلِ الشَّيْخِ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا قَوْلُهُ هُنَا كَاثْنَتَيْنِ] : أَيْ حَيْثُ قَالَ وَهُوَ مَعَهُنَّ فِي الرَّضَاعِ كَاثْنَتَيْنِ.
قَوْلُهُ: [مَا فَوَّتَهُ مِنْ الْإِرْثِ] : أَيْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ
وَيَغْرَمُ لِلْمَرْأَةِ مَا فَوَّتَاهَا مِنْ الصَّدَاقِ إنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ وَالرُّجُوعُ عَنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ.
(وَإِنْ رَجَعَ) الشَّاهِدُ عَنْ بَعْضِ مَا شَهِدَ بِهِ غَرِمَ نِصْفَهُ - أَيْ نِصْفَ الْبَعْضِ - فَإِنْ رَجَعَ عَنْ نِصْفِ مَا شَهِدَ بِهِ غَرِمَ رُبْعَ الْحَقِّ، وَإِنْ رَجَعَ عَنْ ثُلُثِهِ غَرِمَ سُدُسَ الْحَقِّ.
(وَإِنْ رَجَعَ) بَعْدَ الْحُكْمِ مِنْ الشُّهُودِ (مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِدُونِهِ) - كَوَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَكَاثْنَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةٍ - (فَلَا غُرْمَ) عَلَى الرَّاجِعِ لِاسْتِقْلَالِ الْحُكْمِ بِالْبَاقِي.
(فَإِنْ رَجَعَ) بَعْدَهُ (غَيْرُهُ) مِمَّنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِهِ (فَالْجَمِيعُ) : أَيْ جَمِيعُ الرَّاجِعِينَ يَغْرَمُونَ مَا رَجَعُوا عَنْهُ فَإِنْ رَجَعَ مَا عَدَا وَاحِدٍ فَالنِّصْفُ عَلَى الْجَمِيعِ سَوِيَّةً. فَإِنْ رَجَعَ الْأَخِيرُ فَالْحَقُّ كُلُّهُ عَلَى الْجَمِيعِ.
ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةً تَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ، تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ بِقَوْلِهِ:(وَلِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ) بِالْحَقِّ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ الرَّاجِعَيْنِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ دَفْعِهِ الْحَقَّ لِلْمُدَّعِي (مُطَالَبَتُهُمَا) : أَيْ الشَّاهِدَيْنِ الرَّاجِعَيْنِ (بِالدَّفْعِ) : أَيْ دَفْعِ الْحَقِّ (لِلْمَقْضِيِّ لَهُ) : وَهُوَ الْمُدَّعِي بِأَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَهُمَا: ادْفَعَا الْحَقَّ الَّذِي رَجَعْتُمْ عَنْ شَهَادَتِكُمَا بِهِ لِلْمُدَّعِي.
(وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ) بِالْحَقِّ وَهُوَ الْمُدَّعِي (الْمُطَالَبَةُ) لَهُمَا أَيْضًا وَذَلِكَ (إذَا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَيَغْرَمُ لِلْمَرْأَةِ مَا فَوَّتَاهَا مِنْ الصَّدَاقِ] : أَيْ مَعَ الْإِرْثِ. لَا يُقَالُ إنَّهُ سَبَقَ فِي النِّكَاحِ أَنَّ الْفَسْخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا فِي نِكَاحِ الدِّرْهَمَيْنِ وَفُرْقَةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَالْمُتَرَاضَعِينَ فَإِنَّ فِيهِ نِصْفَ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّنَا نَقُولُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ الرَّضَاعَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهِيَ تُنْكِرُهُ وَلَا بَيِّنَةَ، أَمَّا لَوْ كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ شَهِدَتْ بِهِ كَمَا هُنَا فَالْفَسْخُ مِنْ غَيْرِ لُزُومِ شَيْءٍ أَصْلًا.
قَوْلُهُ: [مَا عَدَا وَاحِدٍ] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ وَالْمُنَاسِبُ النَّصْبُ.
قَوْلُهُ: [الَّذِي رَجَعْتُمْ] : الْمُنَاسِبُ رَجَعْتُمَا قَوْلُهُ: [وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ] إلَخْ: أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ الْقَائِلِ: لَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَيْنِ غُرْمٌ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ إذَا طَالَبَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ لَوْ حَضَرَ مِنْ غَيْبَتِهِ لَأَقَرَّ بِالْحَقِّ فَلَا يَغْرَمَانِ كَذَا وَجَّهَ بِهِ كَلَامَ الْمَوَّازِيَّةِ وَهُوَ لَا يَظْهَرُ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ مَعَ جَعْلِ التَّعَذُّرِ شَامِلًا لَهُمَا، وَنَصُّ الْمَوَّازِيَّةِ إذَا حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَ فَهَرَبَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ فَطَلَبَ الْمَقْضِيُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الشَّاهِدَيْنِ بِمَا كَانَ يَغْرَمَانِ لِغَرِيمِهِ لَوْ غَرِمَ لَمْ يَلْزَمْهُمَا غُرْمٌ حَتَّى