الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ
نُورُهُ) صلى الله عليه وسلم
- (أَصْلُ الْأَنْوَارِ) وَالْأَجْسَامِ كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم لِجَابِرٍ رضي الله عنه: «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ نُورَ نَبِيِّك مِنْ نُورِهِ» الْحَدِيثُ
ــ
[حاشية الصاوي]
لِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ جِبْرِيلَ فَيُقَالُ لَهُ لَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ فِي أَعْلَى طَبَقَاتِ الْبَلَاغَةِ وَهِيَ مُطَابَقَةُ الْكَلَامِ لِمُقْتَضَى حَالِ الْمُخَاطَبِينَ وَهِيَ نَزَلَتْ رَدًّا عَلَى مَنْ يَذُمُّ الْوَاسِطَةَ بِقَوْلِهِمْ طَوْرًا: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: 103] وَطَوْرًا إنَّمَا الَّذِي يُعَلِّمُهُ جِنِّيٌّ فَقَالَ اللَّهُ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحاقة: 40] الْآيَةَ، وَأَمَّا فَضْلُ نَبِيِّنَا فَهُوَ ثَابِتٌ عِنْدَ أَعْدَائِهِ لَا نِزَاعَ. فِيهِ فَكَانُوا يُسَمُّونَهُ بِالصَّادِقِ الْأَمِينِ وَلِذَلِكَ وَبَّخَهُمْ اللَّهُ فِي تَكْذِيبِهِمْ لَهُ بِقَوْلِهِ:{أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} [المؤمنون: 69]
[نُوره صلى الله عليه وسلم]
قَوْلُهُ: [الْحَدِيثُ] : أَيْ وَنَصُّهُ: «أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَوَّلِ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ؟ فَقَالَ هُوَ نُورُ نَبِيِّك يَا جَابِرُ خَلَقَهُ اللَّهُ ثُمَّ خَلَقَ مِنْهُ كُلَّ خَيْرٍ وَخَلَقَ بَعْدَهُ كُلَّ شَرٍّ، فَحِينَ خَلَقَهُ أَقَامَهُ قُدَّامَهُ فِي مَقَامِ الْقُرْبِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ جَعَلَهُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ: فَخَلَقَ الْعَرْشَ مِنْ قِسْمٍ، وَالْكُرْسِيَّ مِنْ قِسْمٍ، وَحَمَلَةَ الْعَرْشِ وَخَزَنَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ قِسْمٍ، وَأَقَامَ الْقِسْمَ الرَّابِعَ فِي مَقَامِ الْحُبِّ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ جَعَلَهُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ: فَخَلَقَ الْقَلَمَ مِنْ قِسْمٍ، وَالرُّوحَ مِنْ قِسْمٍ، وَالْجَنَّةَ مِنْ قِسْمٍ، وَأَقَامَ الْقِسْمَ الرَّابِعَ فِي مَقَامِ الْخَوْفِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ جَعَلَهُ أَرْبَعَةَ أَجْزَاءٍ: فَخَلَقَ الْمَلَائِكَةَ مِنْ جُزْءٍ، وَخَلَقَ الشَّمْسَ مِنْ جُزْءٍ، وَخَلَقَ الْقَمَرَ وَالْكَوَاكِبَ مِنْ جُزْءٍ، وَأَقَامَ الْجُزْءَ الرَّابِعَ فِي مَقَامِ الرَّجَاءِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ جَعَلَهُ أَرْبَعَةَ أَجْزَاءٍ: فَخَلَقَ الْعَقْلَ مِنْ جُزْءٍ، وَالْحِلْمَ وَالْعِلْمَ مِنْ جُزْءٍ، وَالْعِصْمَةَ وَالتَّوْفِيقَ مِنْ جُزْءٍ، وَأَقَامَ الْجُزْءَ الرَّابِعَ فِي مَقَامِ الْحَيَاءِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ نَظَرَ إلَيْهِ فَتَرَشَّحَ ذَلِكَ النُّورُ عَرَقًا، فَقُطِرَتْ مِنْهُ مِائَةُ أَلْفٍ وَعِشْرُونَ أَلْفًا، وَأَرْبَعَةُ آلَافِ قَطْرَةٍ فَخَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ رُوحَ نَبِيٍّ أَوْ رَسُولٍ، ثُمَّ تَنَفَّسَتْ أَرْوَاحُ الْأَنْبِيَاءِ فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْ أَنْفَاسِهِمْ نُورَ أَرْوَاحِ الْأَوْلِيَاءِ وَالسُّعَدَاءِ وَالشُّهَدَاءِ وَالْمُطِيعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛
فَهُوَ الْوَاسِطَةُ فِي جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ وَلَوْلَاهُ مَا كَانَ شَيْءٌ كَمَا «قَالَ اللَّهُ لِآدَمَ صلى الله عليه وسلم: وَلَوْلَاهُ مَا خَلَقْتُك» الْحَدِيثُ إذْ لَوْلَا الْوَاسِطَةُ لَذَهَبَ كَمَا قِيلَ الْمَوْسُوطُ.
(وَالْعِلْمُ بِاَللَّهِ تَعَالَى) : أَيْ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ وَاجِبٍ وَجَائِزٍ وَمُسْتَحِيلٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
فَالْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ مِنْ نُورِي، وَالْكَرُوبِيُّونَ وَالرُّوحَانِيُّونَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مِنْ نُورِي، وَمَلَائِكَةُ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ مِنْ نُورِي، وَالْجَنَّةُ وَمَا فِيهَا مِنْ النَّعِيمِ مِنْ نُورِي، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْكَوَاكِبُ مِنْ نُورِي، وَالْعَقْلُ وَالْعِلْمُ وَالتَّوْفِيقُ مِنْ نُورِي، وَأَرْوَاحُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ مِنْ نُورِي، وَالشُّهَدَاءُ وَالسُّعَدَاءُ وَالصَّالِحُونَ مِنْ نَتَائِجِ نُورِي، ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ اثْنَيْ عَشَرَ حِجَابًا فَأَقَامَ النُّورَ وَهُوَ الْجُزْءُ الرَّابِعُ فِي كُلِّ حِجَابٍ أَلْفَ سَنَةٍ وَهِيَ مَقَامَاتُ الْعُبُودِيَّةِ، وَهِيَ حِجَابُ الْكَرَامَةِ وَالسَّعَادَةِ وَالرُّؤْيَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ وَالْحِلْمِ وَالْعِلْمِ وَالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ وَالصَّبْرِ وَالصِّدْقِ وَالْيَقِينِ، فَعَبَّدَ اللَّهُ ذَلِكَ النُّورَ فِي كُلِّ حِجَابٍ أَلْفَ سَنَةٍ، فَلَمَّا خَرَجَ النُّورُ مِنْ الْحُجُبِ رَكَّبَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ فَكَانَ يُضِيءُ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ كَالسِّرَاجِ فِي اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ الْأَرْضِ وَرَكَّبَ فِيهِ النُّورَ فِي جَبِينِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهُ إلَى شِيثٍ وَلَدِهِ، وَكَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ طَاهِرٍ إلَى طَيِّبٍ إلَى أَنْ وَصَلَ إلَى صُلْبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَمِنْهُ إلَى زَوْجِهِ أُمِّي آمِنَةَ، ثُمَّ أَخْرَجَنِي إلَى الدُّنْيَا فَجَعَلَنِي سَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَرَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ هَكَذَا كَانَ بَدْءُ خَلْقِ نَبِيِّك يَا جَابِرُ» (اهـ) مِنْ شَرْحِنَا عَلَى صَلَوَاتِ شَيْخِنَا الْمُصَنِّفِ نَقْلًا عَنْ شَيْخِنَا الشَّيْخِ سُلَيْمَانَ الْجَمَلِ فِي أَوَّلِ شَرْحِهِ عَلَى الشَّمَائِلِ عَنْ سَعْدِ الدِّينِ التَّفْتَازَانِيِّ فِي شَرْحِ بُرْدَةِ الْمَدِيحِ عِنْدَ قَوْلِهِ:
وَكُلُّ آيٍ أَتَى الرُّسُلُ الْكِرَامُ بِهَا
…
فَإِنَّمَا اتَّصَلَتْ مِنْ نُورِهِ بِهِمْ
قَوْلُهُ: [وَلَوْلَاهُ مَا خَلَقْتُك. . . الْحَدِيثَ] : أَيْ وَنَصُّهُ كَمَا فِي ابْنِ حَجَرٍ: «وَرَأَى أَيْ آدَم نُورَ مُحَمَّدٍ فِي سُرَادِقِ الْعَرْشِ وَاسْمُهُ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا مَقْرُونًا بِاسْمِهِ تَعَالَى فَسَأَلَ اللَّهَ عَنْهُ؟ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: هَذَا النَّبِيُّ مِنْ ذُرِّيَّتِك اسْمُهُ فِي السَّمَاءِ أَحْمَدُ وَفِي الْأَرْضِ مُحَمَّدٌ وَلَوْلَاهُ مَا خَلَقْتُك وَلَا خَلَقْت سَمَاءً وَلَا أَرْضًا، وَسَأَلَهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ مُتَوَسِّلًا إلَيْهِ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَغَفَرَ لَهُ» (اهـ) .
قَوْلُهُ: [إذْ لَوْلَا الْوَاسِطَةُ] : عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْلَاهُ مَا كَانَ شَيْءٌ وَلِقَوْلِهِ وَلَوْلَاهُ مَا خَلَقْتُك وَقَوْلُهُ كَمَا قِيلَ أَيْ قَوْلًا صَحِيحًا فَلَيْسَتْ الصِّيغَةُ لِلتَّضْعِيفِ لِلنِّسْبَةِ.