الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَوْ بِمَرَضِ) الْوَلَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَا اعْتِصَارَ، لَتَعَلُّقِ حَقِّ وَرَثَتِهِ بِالْهِبَةِ.
(كَوَاهِبٍ) : أَيْ كَمَرَضِهِ الْمَخُوفِ؛ فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الِاعْتِصَارِ؛ لِأَنَّ اعْتِصَارَهَا قَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ (إلَّا أَنْ يَهَبَ) الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ (عَلَى هَذِهِ) : أَيْ عَلَى حَالَةٍ مِنْ هَذِهِ (الْأَحْوَالِ) كَأَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مُتَزَوِّجًا أَوْ مَدِينًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ يَكُونَ الْوَالِدُ مَرِيضًا فَلَهُ الِاعْتِصَارُ.
(أَوْ يَزُولَ الْمَرَضُ) الْقَائِمُ بِالْوَاهِبِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ، فَلَهُ الِاعْتِصَارُ بِخِلَافِ زَوَالِ النِّكَاحِ أَوْ الدَّيْنِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّ الْمَرَضَ لَمْ يُعَامِلْهُ النَّاسُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالدَّيْنِ (انْتَهَى) ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ زَوَالَ الْفَوَاتِ كَزَوَالِ الْمَرَضِ.
(وَكُرِهَ) لِمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ (تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ) تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ (بِغَيْرِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ بِمَرَضِ الْوَلَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ] : أَيْ مَرَضًا مَخُوفًا.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَهَبَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ عَلَى هَذِهِ] : اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ كَانَتْ الْهِبَةُ لِغَيْرِ مَدِينٍ وَمُتَزَوِّجٍ وَمَرِيضٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَثْنَى.
قَوْلُهُ: [لَمْ يُعَامِلْهُ النَّاسُ عَلَيْهِ] : أَيْ بَلْ هُوَ أَمْرٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَإِذَا زَالَ عَادَ الِاعْتِصَارُ. بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالدَّيْنِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمْرٌ عَامَلَهُ النَّاسُ بَعْدَ الْهِبَةِ عَلَيْهِ فَيَسْتَمِرُّونَ عَلَى الْمُعَامَلَةِ لِأَجْلِهِ لِانْفِتَاحِ بَابِهَا فَيَسْتَمِرُّ عَلَى عَدَمِ الِاعْتِصَارِ.
قَوْلُهُ: [كَزَوَالِ الْمَرَضِ] : أَيْ فِي كَوْنِهِ يُسَوِّغُ الِاعْتِصَارَ.
[تَمَلُّكُ الصَّدَقَة]
قَوْلُهُ: [وَكُرِهَ لِمَنْ تَصَدَّقَ] إلَخْ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا، وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ وَجَمَاعَةٌ بِالتَّحْرِيمِ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِتَشْبِيهِهِ فِي الْحَدِيثِ بِأَقْبَحِ شَيْءٍ وَهُوَ عَوْدُ الْكَلْبِ فِي قَيْئِهِ. لَمَّا «أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه شِرَاءَ فَرَسٍ تَصَدَّقَ بِهَا نَهَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ: لَا تَشْتَرِهِ وَلَوْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» ، وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ إنَّهُ مَثَّلَ بِغَيْرِ مُكَلَّفٍ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ شَنَّعَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَالَ إنَّ الْقَصْدَ مِنْ التَّشْبِيهِ الذَّمُّ وَزِيَادَةُ التَّنْفِيرِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْحُرْمَةِ (اهـ بْن) وَلَا فَرْقَ فِي كَرَاهَةِ تَمَلُّكِ الصَّدَقَةِ بِالْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ كَوْنِهَا وَاجِبَةً كَالزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ أَوْ مَنْدُوبَةً وَلَوْ تَدَاوَلَتْهَا الْأَمْلَاكُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ الصَّدَقَةُ الْمُسَمَّاةُ بِالْعَارِيَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، وَجَازَ لِمُعْرٍ وَقَائِمٍ مَقَامَهُ اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ أَعْرَاهَا إلَخْ، وَالْعُمْرَى فَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ يَجُوزُ لِلْمُعْمِرِ أَوْ
إرْثٍ) : بَلْ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ، وَأَمَّا تَمَلُّكُهَا بِالْإِرْثِ فَجَبْرِيٌّ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَأَمَّا الْهِبَةُ فَلَا كَرَاهَةَ فِي تَمَلُّكِهَا. وَكَمَا يُكْرَهُ تَمَلُّكُ الذَّاتِ يُكْرَهُ تَمَلُّكُ الْمَنْفَعَةِ؛ أَيْ يُكْرَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ:(وَ) كُرِهَ (رُكُوبُهَا) : وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ، وَأَوْلَى الْحَرْثُ أَوْ الطَّحْنُ عَلَيْهَا. (وَ) كُرِهَ (انْتِفَاعٌ) لِمُتَصَدِّقٍ بِهَا (بِغَلَّتِهَا) مِنْ ثَمَرَةٍ وَلَبَنٍ وَكِرَاءٍ. وَيَشْمَلُ ذَلِكَ الْقِرَاءَةَ فِيهَا إنْ كَانَتْ كِتَابًا. (وَيُنْفِقَ) : أَيْ يَجُوزُ لِوَلَدٍ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَالِدُهُ بِصَدَقَةٍ أَنْ يُنْفِقَ (عَلَى وَالِدٍ افْتَقَرَ) أَبًا كَانَ أَوْ أُمًّا (مِنْهَا) : أَيْ مِنْ الصَّدَقَةِ الَّتِي تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ لِوُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْوَلَدِ حِينَئِذٍ. (وَلَهُ) : أَيْ لِلْوَالِدِ الْمُتَصَدِّقِ عَلَى وَلَدِهِ بِعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (تَقْوِيمُ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ) تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ وَلِذَا قَالَ (لِمَحْجُورِهِ) الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ. وَقَوْلُهُ: (لِلضَّرُورَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِ " جَازَ " الْمُقَدَّرِ أَيْ: أَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ إنْ اقْتَضَتْ الضَّرُورَةُ ذَلِكَ؛ كَأَنْ تَعَلَّقَتْ نَفْسُهُ بِالْجَارِيَةِ أَوْ احْتَاجَ لِخِدْمَةِ الْعَبْدِ بِحَيْثُ إذَا لَمْ يُقَوِّمْهُ عَلَى نَفْسِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَرَثَتِهِ أَنْ يَبْتَاعُوا مِنْ الْمُعْمَرِ بِالْفَتْحِ مَا أُعْمِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ حَيَاةَ الْمُعْمِرِ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَعْرُوفِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً فَيُمْنَعُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَةِ الْمُعْمِرِ بِالْكَسْرِ أَنْ يَشْتَرِيَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ مِنْهَا لَا أَكْثَرَ (اهـ) بِاخْتِصَارٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا التَّصَدُّقُ بِالْمَاءِ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْفُقَرَاءُ فَقَطْ، بَلْ هُمْ وَالْأَغْنِيَاءُ كَمَا لِبَعْضِ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ، وَفِي الْعَلَمِيِّ عَلَيْهَا مَنْ أَخْرَجَ كِسْرَةً لِسَائِلٍ فَلَمْ يَجِدْهُ فَلِابْنِ رُشْدٍ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا أَكَلَهَا مُخْرِجُهَا وَإِلَّا فَلَا، وَفِي النَّوَادِرِ إنْ أَخْرَجَهَا لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْهَا فَلْيُعْطِهَا لِغَيْرِهِ وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ الَّذِي لَمْ يَجِدْهُ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا الْهِبَةُ فَلَا كَرَاهَةَ] إلَخْ: أَيْ الَّتِي تُعْتَصَرُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: [وَكَمَا يُكْرَهُ تَمَلُّكُ الذَّاتِ يُكْرَهُ تَمَلُّكُ الْمَنْفَعَةِ] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا مَنْ تَصَدَّقَ بِغَلَّةِ الْحَيَوَانِ دُونَ ذَاتِهِ ثُمَّ بَاعَ الذَّاتَ فَلَهُ شِرَاءُ الذَّاتِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ مَالِكٍ.
قَوْلُهُ: [وَيُنْفِقُ] إلَخْ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ.
قَوْلُهُ: [أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَالِدٍ افْتَقَرَ] إلَخْ: أَيْ وَكَذَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنْ صَدَقَةٍ تَصَدَّقَتْ بِهَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ لِلنِّكَاحِ لَا لِلْفَقْرِ.
قَوْلُهُ: [تَقْوِيمُ جَارِيَةٍ] إلَخْ: أَوْ شِرَاءُ مَا ذُكِرَ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ تَقْوِيمُهَا