الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْعِتْقِ
فِعْلُهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَدَخَلَ وَهُوَ لَازِمٌ يَتَعَدَّى بِالْهَمْزِ فَلَا يُقَالُ: عَتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ بَلْ أَعْتَقَ. وَلَا يُقَالُ: عَتَقَ الْعَبْدُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بَلْ أُعْتِقَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ (الْعِتْقُ خُلُوصُ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ بِصِيغَةٍ)
سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ (وَهُوَ مَنْدُوبٌ مُرَغَّبٌ فِيهِ) فَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابُ الْعِتْقِ]
[أَرْكَانُ الْعِتْقِ]
بَابٌ
قَوْلُهُ: [وَلَا يُقَالُ عَتَقَ الْعَبْدُ] : لِأَنَّ الْفِعْلَ اللَّازِمَ لَا يُبْنَى لِلْمَجْهُولِ.
قَوْلُهُ: [خُلُوصُ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ] : خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ، وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ الْخُلُوصُ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْعِتْقُ الْكَرَمُ يُقَالُ، مَا أَبَيْنَ الْعِتْقَ فِي وَجْهِ فُلَانٍ يَعْنِي الْكَرَمَ، وَالْعِتْقُ الْجَمَالُ وَالْعِتْقُ الْحُرِّيَّةُ وَكَذَلِكَ الْعَتَاقُ بِالْفَتْحِ وَالْعَتَاقَةُ تَقُولُ مِنْهُ عَتَقَ الْعَبْدُ يَعْتِقُ عِتْقًا وَعَتَاقَةً وَعَتَاقًا (اهـ) . وَسُمِّيَ الْبَيْتُ بِالْعَتِيقِ إمَّا لِخُلُوصِهِ مِنْ يَدِ الْجَبَابِرَةِ إذْ لَمْ يَمْلِكْهُ جَبَّارٌ، وَإِمَّا لِأَنَّ اللَّهَ أَعْتَقَهُ مِنْ الْغَرَقِ بِالطُّوفَانِ.
قَوْلُهُ: [فَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ] : أَيْ وَلِذَا شُرِعَ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ، وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَنْعِ عِتْقِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ مِنْ الْحَيَوَانِ لِأَنَّهُ السَّائِبَةُ الْمُحَرَّمَةُ فِي الْقُرْآنِ كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُ إنْ قَدِمْت مِنْ سَفَرِي فَنَاقَتِي سَائِبَةٌ وَيَصِيرُ الِانْتِفَاعُ بِهَا حَرَامًا عِنْدَهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ} [المائدة: 103] . فَالْآيَةُ وَإِنْ لَمْ تُصَرِّحْ بِالتَّحْرِيمِ لَكِنَّهَا مُسْتَلْزِمَةٌ لَهُ.
مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» . وَمَعَ ذَلِكَ: صِلَةُ الرَّحِمِ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلَّتِي أَعْتَقَتْ رَقَبَةً: «لَوْ كُنْتِ أَخْدَمْتِيهَا أَقَارِبَك كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِك» . «وَقَدْ أَعْتَقَ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا وَسِتِّينَ رَقَبَةً» .
(وَأَرْكَانُهُ) أَرَادَ بِالرُّكْنِ: مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ (ثَلَاثَةٌ) : (الْمُعْتِقُ) بِكَسْرِ التَّاءِ.
(وَشَرْطُهُ: التَّكْلِيفُ) : شَمِلَ السَّكْرَانَ بِحَرَامٍ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَمَعَ ذَلِكَ] إلَخْ: هَذَا الْكَلَامُ لَا مَحَلَّ لَهُ وَلَا مُنَازِعَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [ثَلَاثًا وَسِتِّينَ رَقَبَةً] : هَذَا الْعَدَدُ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَإِلَّا فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ أَعْتَقَ مِنْ هَوَازِنَ سِتَّةَ آلَافِ نَسَمَةٍ» .
قَوْلُهُ: [وَأَرْكَانُهُ] : أَيْ الْعِتْقُ.
قَوْلُهُ: [أَرَادَ بِالرُّكْنِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ] : جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ وَهُوَ أَنَّ الرُّكْنَ مَا كَانَ دَاخِلَ الْمَاهِيَّةِ وَالْمُعْتِقُ وَالْمَعْتُوقُ لَيْسَا دَاخِلَيْنِ وَإِلَّا لَصَحَّ حَمْلُهُمَا عَلَى الْعِتْقِ كَمَا يُحْمَلُ الْحَيَوَانُ وَالنَّاطِقُ عَلَى الْإِنْسَانِ وَهُوَ بَاطِلٌ.
وَقَوْلُهُ: [ثَلَاثَةٌ] : أَيْ وَقَدْ أَفَادَهَا بِقَوْلِهِ: الْمُعْتِقُ وَرَقِيقٌ الَّذِي هُوَ الذَّاتُ الْمَعْتُوقَةُ وَصِيغَةٌ.
قَوْلُهُ: [شَمِلَ السَّكْرَانَ بِحَرَامٍ] : أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ صِحَّةِ عِتْقِهِ، وَالْخِلَافُ فِي السَّكْرَانِ الَّذِي عِنْدَهُ نَوْعٌ مِنْ الْعَقْلِ، وَأَمَّا الطَّافِحُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ: وَأَقْوَالِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ إلَّا مَا ذَهَبَ وَقْتُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ ذَكَرَ (ح) أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ:
لَا يَلْزَمُ السَّكْرَانَ إقْرَارُ عُقُودٍ
…
بَلْ مَا جَنَى عِتْقٌ طَلَاقٌ وَحُدُودٌ
لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ جِنَايَتُهُ وَطَلَاقُهُ وَعِتْقُهُ وَالْحُدُودُ بِخِلَافِ الْمُعَامَلَاتِ.
(وَالرُّشْدُ) : فَلَا يَلْزَمُ السَّفِيهَ عِتْقٌ؛ وَلَوْ عَلَّقَ وَهُوَ سَفِيهٌ فَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ رَشِيدٌ عَلَى الْأَظْهَرِ. أَمَّا الصَّبِيُّ إذَا عَلَّقَ ثُمَّ حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَلَوْ أَعْتَقَ السَّفِيهُ أُمَّ وَلَدِهِ لَزِمَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا غَيْرُ الِاسْتِمْتَاعِ وَقَلِيلُ الْخِدْمَةِ.
(وَلَزِمَ) الْعِتْقُ مُكَلَّفًا (غَيْرَ مَحْجُورٍ) .
(لَا مَرِيضًا) فِي زَائِدِ ثُلُثِهِ كَمَا قَالَ فَلِلْوَارِثِ رَدُّهُ (وَزَوْجَةً فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ) : أَيْ ثُلُثِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ مَرِيضٍ وَزَوْجَةٍ. وَرَدُّ الْوَارِثِ إيقَافٌ، وَالزَّوْجُ قِيلَ: إيقَافٌ، وَقِيلَ: إبْطَالٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
إنَّمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي السَّكْرَانِ الَّذِي مَعَهُ ضَرْبٌ مِنْ الْعَقْلِ، قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ (اهـ مُلَخَّصًا مِنْ بْن) .
قَوْلُهُ: [لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ] : أَيْ الْحَالُ وَالشَّانُّ.
وَقَوْلُهُ: [يَلْزَمُ جِنَايَتَهُ] : بَيَانٌ لِمَرْجِعِ الضَّمِيرِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَلْزَمُ السَّفِيهُ عِتْقٌ] : أَيْ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَهُ إمْضَاؤُهُ إذَا رَشَدَ مَا لَمْ يَكُنْ رَدَّهُ وَلِيُّهُ قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا] إلَخْ: أَيْ وَهُوَ غَيْرُ مُتَمَوِّلٍ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَالِيَّاتِ.
قَوْلُهُ: [وَلَزِمَ الْعِتْقُ مُكَلَّفًا] : خَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ.
وَقَوْلُهُ: [غَيْرَ مَحْجُورٍ] : خَرَجَ السَّفِيهُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَالْمَرِيضِ وَالزَّوْجَةِ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ، وَالْمَدِينِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَلِذَاكَ ذَكَرَ الْمُحْتَرَزَاتِ بِقَوْلِهِ لَا مَرِيضًا إلَخْ.
قَوْلُهُ: [كَمَا قَالَ فَلِلْوَارِثِ رَدُّهُ] : كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّ الْقَائِلَ الْمُصَنِّفُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِهِ كَمَا قَالَ.
قَوْلُهُ: [وَالزَّوْجُ قِيلَ إيقَافٌ وَقِيلَ إبْطَالٌ] : صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ وَالزَّوْجُ قِيلَ إبْطَالٌ وَقِيلَ لَا إبْطَالَ وَلَا إيقَافَ؛ لِأَنَّ أَشْهَبَ يَقُولُ بِالْأَوَّلِ وَابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ
(وَمَدِينًا) فَلَا يَلْزَمُ عِتْقُهُ إنْ (أَحَاطَ دِينُهُ) بِمَالِهِ وَلَوْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ (فَلِغَرِيمِهِ رَدُّهُ) : أَيْ الْعِتْقِ حَيْثُ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ جَمِيعَ الرَّقَبَةِ (أَوْ) رَدُّ (بَعْضِهِ) إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ جَمِيعَهَا. فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ وَالْعَبْدُ يُسَاوِيهَا فَلِلْغَرِيمِ رَدُّ الْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ يُسَاوِي أَرْبَعِينَ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ الرَّدُّ بِقَدْرِ دَيْنِهِ، فَيُبَاعُ مِنْ الرَّقِيقِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ إنْ وُجِدَ مُشْتَرٍ لِذَلِكَ، وَإِلَّا رَدَّ الْجَمِيعَ. وَمَحَلُّ كَوْنِ الْغَرِيمِ لَهُ الرَّدُّ:(إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) بِالْعِتْقِ وَلَمْ يَرُدَّ فَلَيْسَ لَهُ رَدٌّ (أَوْ يَطُولَ) زَمَنُ الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، وَالطُّولُ؛ بِأَنْ يَشْتَهِرَ الْمَعْتُوقُ بِالْحُرِّيَّةِ وَتُقْبَلُ شَهَادَاتُهُ مِمَّا هُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْحُرِّيَّةِ. وَقِيلَ: زِيَادَةٌ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ فَإِذَا طَالَ فَلَا رَدَّ؛ لِأَنَّ الطُّولَ مَظِنَّةُ الْعِلْمِ، فَلَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: لَمْ أَعْلَمْ بِالْعِتْقِ؛ بِخِلَافِ هِبَةِ الْمَدِينِ وَصَدَقَتِهِ فَيُرَدَّانِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ (أَوْ يَسْتَفِيدَ) السَّيِّدُ (مَالًا) بَعْدَ الْعِتْقِ
ــ
[حاشية الصاوي]
بِالثَّانِي وَحَجَّةُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي لَوْ رَدَّ عِتْقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَقْضِ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ وَلَا يَنْبَغِي لَهَا مِلْكُهُ (اهـ) . أَيْ فَلَوْ كَانَ إبْطَالًا لَجَازَ لَهَا مِلْكُهُ وَلَمْ يُطْلَبْ مِنْهَا تَنْفِيذُ عِتْقِهِ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ إبْطَالٌ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ، وَلَكِنْ لِمَا كَانَتْ نَجَّزَتْ عِتْقَهُ حَالَ الْحَجْرِ طَلَبَ مِنْهَا نَدْبًا تَنْفِيذَهُ عِنْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا رَدَّ الْجَمِيعَ] : أَيْ وَيُبَاعُ كُلُّهُ.
قَوْلُهُ: [وَلَمْ يَرُدَّ] : أَيْ حِينَ عِلْمِهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ يَطُولُ زَمَنُ الْعِتْقِ] إلَخْ: أَيْ مَعَ حُضُورِ رَبِّ الدَّيْنِ.
وَقَوْلُهُ: [وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ] : أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ غَرِيمَهُ فَالطُّولُ وَحْدَهُ كَافٍ وَلَا يُنْظَرُ لِقَوْلِ الْغُرَمَاءِ مَا لَمْ يَعْلَمْ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ، إمَّا لِأَنَّ الطُّولَ مَظِنَّةٌ لِلْعِلْمِ، وَإِمَّا لِاحْتِمَالِ أَنَّ السَّيِّدَ اسْتَفَادَ مَالًا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ] : أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْغَرِيمَ لَمْ يَعْلَمْ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَسَكَتَ فَيَمْضِيَانِ كَالْعِتْقِ اتِّفَاقًا.
قَوْلُهُ: [أَوْ يَسْتَفِيدُ السَّيِّدُ مَالًا] : مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَعْلَمُ أَيْ فَمَوَانِعُ رَدِّ الْغَرِيمِ لِلْعِتْقِ أَحَدُ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ؛ إمَّا عِلْمُ الْغَرِيمِ بِهِ مَعَ السُّكُوتِ، أَوْ الطُّولُ، أَوْ اسْتِفَادَةُ مَالٍ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ يَفِي بِالدَّيْنِ بَعْدَ عِتْقِهِ لَوْ لَمْ يَقُمْ الْغَرِيمُ حَتَّى ضَاعَ ذَلِكَ
يَفِي بِالدَّيْنِ وَلَمْ يَرُدَّ الْعِتْقَ حَتَّى أَعْسَرَ فَلَا رَدَّ (وَإِنْ) كَانَتْ اسْتِفَادَةُ الْمَالِ (قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ) لِلْعَبْدِ: بِأَنْ رَدَّ السُّلْطَانُ عِتْقَ الْمَدِينِ وَبَاعَ عَلَيْهِ الْعَبْدَ بِالْخِيَارِ كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ، فَقَبْلَ مُضِيِّ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ أَفَادَ السَّيِّدُ مَالًا يَفِي بِالدَّيْنِ فَيَمْضِي الْعِتْقُ وَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ رَدُّهُ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْغَرِيمِ إيقَافٌ، وَالْحَاكِمُ كَمَنْ نَابَ مَنَابَهُ وَأَمَّا رَدُّ الْوَصِيِّ وَالسَّيِّدِ فَإِبْطَالٌ.
(وَرَقِيقٌ) عُطِفَ عَلَى " الْمُعْتَقُ " وَسَوَاءٌ كَانَ كَامِلَ الرِّقِّ أَوْ ذَا شَائِبَةٍ. وَوَصَفَ الرَّقِيقَ بِقَوْلِهِ: (لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ) أَيْ بِرَقَبَتِهِ (حَقٌّ لَازِمٌ) : بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ أَصْلًا أَوْ غَيْرُ لَازِمٍ؛ كَحَقٍّ لِلسَّيِّدِ إسْقَاطُهُ، احْتِرَازًا عَنْ الْمَرْهُونِ وَالْجَانِي وَرَبُّهُ مُعْسِرٌ، وَإِلَّا عَجَّلَ الدَّيْنَ وَالْأَرْشَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
الْمَالُ وَرَجَعَ لِلْإِعْسَارِ.
قَوْلُهُ: [فَقَبْلَ مُضِيِّ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ] : أَيْ مُدَّةِ خِيَارِ بَيْعِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ بَيْعِ الْحَاكِمِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ فِي الرَّقِيقِ أَكْثَرَ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَفَادَ الْمَالَ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَلَا رَدَّ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ السُّلْطَانَ كَمَا صَوَّبَهُ الشَّارِحُ أَوْ الْمُفْلِسُ أَوْ الْغُرَمَاءُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ الْغُرَمَاءُ أَوْ الْمُفْلِسُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيُرَدُّ الْبَيْعُ حَتَّى بَعْدَ نُفُوذِهِ أَيْضًا حَيْثُ اسْتَفَادَ الْمَدِينُ مَالًا كَمَا فِي (ح) ذَكَرَهُ مُحَشِّي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا رَدُّ الصَّبِيِّ وَالسَّيِّدِ فَإِبْطَالٌ] : أَشَارَ ابْنُ غَازِيٍّ إلَى ضَبْطِ جَمِيعِ أَقْسَامِ الرَّدِّ بِقَوْلِهِ:
أَبْطِلْ صَنِيعَ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ
…
بِرَدِّ مَوْلَاهُ وَمَنْ يَلِيهِ
وَأَوْقِفَنْ فِعْلَ الْغَرِيمِ وَاخْتَلِفْ
…
فِي الزَّوْجِ وَالْقَاضِي كَمُبْدَلٍ عُرِفْ
قَوْلُهُ: [كَحَقٍّ لِلسَّيِّدِ إسْقَاطُهُ] : أَيْ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِفُلَانٍ ثُمَّ نَجَّزَ عِتْقَهُ فَإِنَّ عِتْقَهُ صَحِيحٌ مَاضٍ، لِأَنَّهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَهُوَ الْمُوصَى لَهُ بِهِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْحَقَّ غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي وَصِيَّتِهِ وَتَنْجِيزُ الْعِتْقِ هُنَا يُعَدُّ رُجُوعًا عَنْهَا.