الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ لَمْ يُطِقْ قُدِّمَ الْأَخَفُّ مُفَرَّقًا، فَإِنْ لَمْ يُطِقْ اُنْتُظِرَ قُدْرَتُهُ فَإِنْ كَانَ حَدٌّ لِلَّهِ - كَشُرْبٍ - وَحَدٌّ لِعَبْدٍ - كَقَذْفٍ - قُدِّمَ حَقُّ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَفْوَ فِيهِ. فَإِنْ كَانَ لِلْآدَمِيِّينَ؛ كَقَطْعٍ لِزَيْدٍ وَقَذْفٍ لِعَمْرٍو فَالتَّقْدِيمُ بِالْقُرْعَةِ
تَنْبِيهٌ:
لَوْ دَخَلَ جَانٍ الْحَرَمَ فَلَا يُؤَخَّرُ بَلْ يُخْرَجُ مِنْهُ وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ خَارِجَهُ وَلَوْ مُحْرِمًا وَلَا يُنْتَظَرُ لِإِتْمَامِهِ.
(وَسَقَطَ الْقِصَاصُ) إنْ عَفَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ، حَيْثُ كَانَ الْعَافِي
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يُطِقْ] : بِأَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ تَفْرِقَةِ الْأَشَدِّ.
قَوْلُهُ: [اُنْتُظِرَ قُدْرَتُهُ] : أَيْ أَوْ الْمَوْتُ.
قَوْلُهُ: [كَشُرْبٍ] إلَخْ: أَيْ وَزِنًا.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ لَا عَفْوَ فِيهِ] : أَيْ لِمَخْلُوقٍ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الشَّفَاعَةُ فِيهِ، وَقَوْلُهُمْ حَقُّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُجَازَاةِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ كَانَ لِآدَمِيِّينَ] : بَقِيَ عَلَيْهِ مَا إذَا كَانَ الْحَقَّانِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ كَمَا لَوْ قَذَفَهُ وَقَطَعَ يَدَهُ وَالْحُكْمُ فِيهِ مِثْلُ مَا إذَا كَانَ الْحَقَّانِ لِلَّهِ
[تَنْبِيهٌ دَخَلَ جَانٍ الْحَرَمَ]
قَوْلُهُ: [بَلْ يُخْرَجُ مِنْهُ] أَيْ وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِيهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَنْجِيسِهِ، وَسَوَاءٌ فَعَلَ مُوجِبَ الْحَدِّ فِي الْحَرَمِ أَوْ خَارِجَهُ وَلَجَأَ إلَيْهِ أَمَّا قَوْله تَعَالَى:{وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] فَقِيلَ: إنَّهُ إخْبَارٌ عَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ بِدَلِيلِ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: 67] وَقِيلَ إنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] وَقِيلَ كَانَ آمِنًا مِنْ الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ، وَقِيلَ الْجُمْلَةُ إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى أَيْ أَمَّنُوهُ مِنْ الْقَتْلِ وَالظُّلْمِ إلَّا بِمُوجِبٍ شَرْعِيٍّ وَهَذَا هُوَ الْأَتَمُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] .
[أَسْبَاب سُقُوط الْقِصَاصُ]
[سُقُوط الْقِصَاص بِالْعَفْوِ]
قَوْلُهُ: [وَسَقَطَ الْقِصَاصُ] : أَيْ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ بِالْقَوَدِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ رِجَالًا فَقَطْ مُسْتَوِينَ فِي الدَّرَجَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنْ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْقِصَاصِ وَجَبَ، وَإِنْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ الْقِصَاصَ وَبَعْضُهُمْ
مُسَاوِيًا (فِي دَرَجَةِ الْبَاقِي) وَالِاسْتِحْقَاقِ؛ كَابْنَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ، وَأَوْلَى إنْ كَانَ الْعَافِي أَعْلَى كَعَفْوِ ابْنٍ مَعَ أَخٍ فَإِنْ كَانَ أَنْزَلَ دَرَجَةً لَمْ يُعْتَبَرْ عَفْوُهُ؛ كَعَفْوِ أَخٍ مَعَ ابْنٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَافِي لَمْ يُسَاوِ الْبَاقِيَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ مَعَ إخْوَةٍ لِأَبٍ.
(وَالْبِنْتُ) أَوْ بِنْتُ الِابْنِ (أَحَقُّ مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ وَضِدِّهِ) : فَمَتَى طَلَبَتْ الْقِصَاصَ الثَّابِتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ أَوْ الْعَفْوَ عَنْ الْقَتْلِ فَلَهَا، وَلَا كَلَامَ لِلْأُخْتِ وَإِنْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لَهَا فِي الْإِرْثِ وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الدِّيَةِ.
أَمَّا لَوْ احْتَاجَ الْقِصَاصُ لِقَسَامَةِ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَقْسِمَا؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَقْسِمْنَ فِي الْعَمْدِ بَلْ الْعَصَبَةُ. فَحَيْثُ أَقْسَمُوا وَأَرَادُوا الْقَتْلَ وَعَفَتْ الْبِنْتُ، فَلَا عَفْوَ لَهَا، وَإِنْ عَفَوْا أَوْ أَرَادَتْ الْقَتْلَ فَلَا عَفْوَ لَهُمْ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْجَمِيعِ أَوْ بَعْضِ الْبَنَاتِ وَبَعْضٍ مِنْهُمْ.
ــ
[حاشية الصاوي]
الْعَفْوَ فَالْقَوْلُ لِطَالِبِ الْعَفْوِ وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ وَلِمَنْ يَعْفُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ.
قَوْلُهُ: [وَالِاسْتِحْقَاقُ] : قَيْدٌ تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ وَزَادَهُ الشَّارِحُ وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي الشَّارِحِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ أَخَوَيْنِ] : أَيْ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ وَمِثْلُهُمَا الْعَمَّانِ.
قَوْلُهُ: [فِي الِاسْتِحْقَاقِ] : أَيْ فِي أَصْلِ اسْتِحْقَاقِ الدَّمِ إذْ لَا اسْتِحْقَاقَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لِلْعَاصِبِ وَهُمْ غَيْرُ عَصَبَةٍ.
قَوْلُهُ: [وَالْبِنْتُ] إلَخْ: هَذِهِ مَرْتَبَةٌ ثَانِيَةٌ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ نِسَاءً فَقَطْ وَذَلِكَ لِعَدَمِ مُسَاوَاةِ عَاصِبٍ لَهُنَّ فِي الدَّرَجَةِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا أَوْ وُجِدَ وَكَانَ أَنْزَلَ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لَهَا فِي الْإِرْثِ] : أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مُسَاوَاتِهَا لَهَا فِي الْإِرْثِ مُسَاوَاتُهَا لَهَا فِي الدَّمِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الدِّيَةِ] : أَيْ دِيَةِ عَمْدٍ لِعَدَمِ مُسَاوَاتِهَا فِي التَّعْصِيبِ كَتَسَاوِي الْعَصَبَةِ مِنْ الرِّجَالِ.
قَوْلُهُ: [أَمَّا لَوْ احْتَاجَ الْقِصَاصُ لِقَسَامَةٍ] : مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الثَّابِتُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ.
قَوْلُهُ: [فَلَا عَفْوَ لَهَا] : أَيْ وَالْقَوْلُ لِلْعَصَبَةِ فِي الْقِصَاصِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا عَفْوَ لَهُمْ] : أَيْ وَالْقَوْلُ لَهَا فِي طَلَبِ الْقِصَاصِ.
(وَإِنْ عَفَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ كَبَنَاتٍ) : أَوْ بَنَاتِ ابْنٍ أَوْ أَخَوَاتٍ، وَلَمْ يَكُنْ عَاصِبٌ أَوْ كَانَ وَلَا كَلَامَ (نَظَرَ الْحَاكِمُ) الْعَدْلَ فِي الصَّوَابِ مِنْ إمْضَاءٍ وَرَدٍّ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَاصِبِ إذْ يَرِثُ الْبَاقِيَ لِبَيْتِ الْمَالِ.
(وَفِي) اجْتِمَاعِ (رِجَالٍ وَنِسَاءٍ) - أَعْلَى دَرَجَةً مِنْهُمْ وَلَا يَحُزْنَ الْمِيرَاثَ - (لَمْ يَسْقُطْ) الْقِصَاصُ (إلَّا بِهِمَا) : أَيْ بِعَفْوِ الْفَرِيقَيْنِ، فَمَنْ أَرَادَ الْقِصَاصَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَكَرَّرَ هَذَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ:(أَوْ بِبَعْضٍ عَنْ كُلٍّ) : مِنْ الْفَرِيقَيْنِ؛ (وَمَهْمَا عَفَا الْبَعْضُ) مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ لِلدَّمِ - مَعَ تَسَاوِي دَرَجَتِهِمْ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّمِ مُطْلَقًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا - فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ.
وَإِذَا سَقَطَ (فَلِمَنْ بَقِيَ) مِمَّنْ لَمْ يَعْفُ، وَلَهُ التَّكَلُّمُ أَوْ مَعَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ كَانَ وَلَا كَلَامَ] : أَيْ لِكَوْنِ الْبِنْتِ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْهُ وَالْقَتْلُ ثَابِتٌ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ.
قَوْلُهُ: [فِي الصَّوَابِ مِنْ إمْضَاءٍ وَرَدٍّ] : أَيْ فَإِذَا أَمْضَى بِنَظَرِهِ عَفْوَ بَعْضِ الْبَنَاتِ فَلِمَنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَاحِدَةٌ مِنْ كَبَنَاتٍ أَنَّهُ لَوْ عَفَوْنَ كُلُّهُنَّ أَوْ أَرَدْنَ الْقَتْلَ كُلُّهُنَّ لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ نَظَرٌ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَاصِبِ] : هَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ تَامٍّ لِأَنَّ الْحُكْمَ أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْظُرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا كَمَا إذَا قُتِلَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ بِنْتَيْنِ وَأُخْتًا وَعَفَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ فَالْأَظْهَرُ فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا جُعِلَ النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ لِضَعْفِ رَأْيِ النِّسَاءِ بِخِلَافِ الرِّجَالِ.
قَوْلُهُ: [وَلَمْ يَحُزْنَ الْمِيرَاثَ] : وَمِثْلُهُ لَوْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَكَانَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ.
قَوْلُهُ: [وَكَرَّرَ هَذِهِ] : الصَّوَابُ حَذْفُهُ لِأَنَّهُ لَا تَكْرَارَ، فَإِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَمْ تَتَقَدَّمْ بِعَيْنِهَا وَإِنَّمَا يُرَدُّ عَلَى قَوْلِ خَلِيلٍ حَيْثُ قَدَّمَ عَلَى تِلْكَ الْعِبَارَةِ، وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ أَعْلَى دَرَجَةً وَكَانَ لِلرِّجَالِ كَلَامٌ لِكَوْنِهِمْ وَارِثِينَ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ قَسَامَةٍ أَوْ كَانُوا غَيْرَ وَارِثِينَ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ إلَّا بِكُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أَوْ بِبَعْضٍ مِنْهُمَا.
قَوْلُهُ: [وَلَهُ التَّكَلُّمُ] إلَخْ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَفَا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الدَّمِ وَمِنْ الدِّيَةِ
(نَصِيبَهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ) : وَكَذَا لَوْ عَفَا جَمِيعُ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ مُرَتَّبًا، فَلِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَا تَكَلُّمَ لَهُ نَصِيبُهُ كَوَلَدَيْنِ وَزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ - لِأَنَّهُ مَالٌ ثَبَتَ بِعَفْوِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ لَوْ عَفْوًا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَلَا شَيْءَ لِمَنْ لَا تَكَلُّمَ لَهُ، كَمَا إذَا كَانَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَاحِدًا وَعَفَا.
(كَإِرْثِهِ) : أَيْ الدَّمَ؛ تَشْبِيهٌ فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ: كَمَا لَوْ قَتَلَ أَحَدُ وَلَدَيْنِ أَبَاهُ ثُمَّ مَاتَ غَيْرُ الْقَاتِلِ وَلَا وَارِثَ لَهُ سِوَى الْقَاتِلِ فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ دَمَ نَفْسِهِ كُلَّهُ وَكَذَا لَوْ وَرِثَ بَعْضَ الدَّمِ، كَمَا قَالَ:
(وَلَوْ قِسْطًا) كَمَا لَوْ كَانَ غَيْرُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ الْقَاتِلِ وَغَيْرِهِ، فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ، فَيَسْقُطُ، وَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَمَا بَقِيَ مِنْهَا يَكُونُ لِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ كَالزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ وَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ عَفَا أَحَدُ ابْنَيْنِ سَقَطَ حَظُّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَبَقِيَّتُهَا لِمَنْ بَقِيَ تَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَغَيْرُهَا.
قَوْلُهُ: [كَوَلَدَيْنِ وَزَوْجٍ] : أَيْ وَعَفَا أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ أَوْ هُمَا مُرَتَّبَيْنِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ الْعَفْوُ مَجَّانًا، أَمَّا إذَا وَقَعَ عَلَى مَالٍ فَلِمَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَكَلُّمٌ سَوَاءٌ وَقَعَ الْإِسْقَاطُ مُرَتَّبًا أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: [فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ دَمَ نَفْسِهِ كُلَّهُ] : أَيْ وَحَيْثُ وَرِثَ الْقَاتِلُ دَمَ نَفْسِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا صَارَ مَعْصُومًا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ قَتْلُهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ نَفْسَهُ لِلْقَتْلِ وَصَارَ الْحَقُّ لِلَّهِ وَلِلْمَقْتُولِ، فَحَقُّ اللَّهِ يُقْبَلُ بِالتَّوْبَةِ وَحَقُّ الْمَقْتُولِ مَعْجُوزٌ عَنْ وَفَائِهِ فَعَلَيْهِ التَّضَرُّعُ لِلَّهِ فِي إرْضَائِهِ عَنْهُ وَهَذَا بِخِلَافِ حَدٍّ نَحْوِ الزِّنَا مِنْ كُلِّ حَدٍّ الْحَقُّ فِيهِ لِلَّهِ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وَلِيٍّ يَطْلُبُهُ بَلْ مَتَى ثَبَتَ عَلَيْهِ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ إقَامَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُثْبِتَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْإِقْرَارِ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ إقَامَتُهُ وَجَازَ لَهُ السَّتْرُ وَإِخْلَاصُ التَّوْبَةِ لِلَّهِ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ قِسْطًا] إلَخْ: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ وَرِثَ الْقَاتِلُ أَحَدَ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ بَطَلَ قَوَدُهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْ الْجَانِي إذَا وَرِثَ جُزْءًا مِنْ دَمِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ مَنْ بَقِيَ يَسْتَقِلُّ الْوَاحِدُ مِنْهُ بِالْعَفْوِ، وَأَمَّا إذَا