الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ شَرَعَ فِي
الْعَوْلِ
وَعَرَّفَهُ فَقَالَ: (وَإِنْ زَادَتْ الْفُرُوضُ) : أَيْ سِهَامُ الْوَرَثَةِ (عَلَى أَصْلِهَا) أَيْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ (عَالَتْ) الْفُرُوضُ: أَيْ زِيدَ فِيهَا بِأَنْ تُجْعَلَ الْفُرُوضُ بِقَدْرِ السِّهَامِ فَيَدْخُلَ النَّقْصُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ كَمَا قَالَ: (وَهُوَ) : أَيْ الْعَوْلُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ (زِيَادَةٌ فِي السِّهَامِ وَنَقْصٌ فِي الْأَنْصِبَاءِ) : كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَأُخْتٍ لِأُمٍّ فَفِيهَا نِصْفَانِ وَسُدُسٍ فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ يَسْتَغْرِقُهَا النِّصْفَانِ فَيُزَادُ عَلَيْهَا بِمِثْلِ سُدُسِهَا فَتَبْلُغُ سَبْعَةً كَمَا يَأْتِي.
(وَالْعَائِلُ مِنْ الْأُصُولِ) السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (ثَلَاثَةٌ) : وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ فَلَا تَعُولُ وَهِيَ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَالثَّمَانِيَةُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الِاثْنَيْنِ إمَّا نَاقِصَةٌ أَوْ عَادِلَةٌ، وَكَذَلِكَ الثَّلَاثَةُ وَأَنَّ الْأَرْبَعَةَ وَالثَّمَانِيَةَ دَائِمًا نَاقِصَتَانِ فَتَعُولُ. (السِّتَّةُ) أَرْبَعٌ عَوْلَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَتَعُولُ (لِسَبْعَةٍ) بِمِثْلِ سُدُسِهَا:(كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ) شَقِيقَتَيْنِ أَوْ لِأَبٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ وَهَذِهِ أَوَّلُ فَرِيضَةٍ عَالَتْ فِي الْإِسْلَامِ
ــ
[حاشية الصاوي]
[الْعَوْلِ]
قَوْلُهُ: [ثُمَّ شَرَعَ فِي الْعَوْلِ] : هُوَ لُغَةً الزِّيَادَةُ وَاصْطِلَاحًا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يَقَعْ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا فِي زَمَنِ الصِّدِّيقِ، وَأَوَّلُ مَنْ نَزَلَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي زَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ لِغَيْرِ أُمٍّ الْعَائِلَةِ لِسَبْعَةٍ فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَنْ أَخَّرَهُ الْكِتَابُ فَأُؤَخِّرُهُ وَلَا مَنْ قَدَّمَهُ فَأُقَدِّمُهُ، وَلَكِنْ قَدْ رَأَيْت رَأْيًا فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ، وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنْ عُمَرَ وَهُوَ أَنْ يَدْخُلَ الضَّرَرُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَيُنْقَصَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ سَهْمِهِ. وَيُقَالُ إنَّ الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْعَبَّاسُ أَوَّلًا، وَقِيلَ عَلِيٌّ وَقِيلَ زَيْدٌ، وَقِيلَ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَقَالَ لَهُمْ: فَرَضَ اللَّهُ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ، فَإِنْ بَدَأْت بِالزَّوْجِ لَمْ يَبْقَ لِلْأُخْتَيْنِ حَقُّهُمَا وَإِنْ بَدَأْت بِالْأُخْتَيْنِ لَمْ يَبْقَ لِلزَّوْجِ حَقُّهُ فَأَشِيرُوا إلَيَّ، فَأَشَارَ الْعَبَّاسُ بِالْعَوْلِ، وَقَالَ: أَرَأَيْت لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ سِتَّةَ دَرَاهِمَ وَلِرَجُلٍ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ وَلِآخَرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ أَلَيْسَ يُجْعَلُ الْمَالُ سَبْعَةَ أَجْزَاءٍ؟ فَأَخَذَتْ الصَّحَابَةُ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَّا ابْنُ عَبَّاسٍ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ الْخِلَافُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ عُمَرَ، وَقَالَ إنَّ الَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالَجَ عَدَدًا لَمْ يَجْعَلْ فِي الْمَالِ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا
كَمَا فِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ، وَعَلَى هَذَا فَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي وَقَعَتْ حَالَ مُخَالَفَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِغَيْرِ أُمٍّ وَأُمًّا. أَفَادَهُ عب.
وَإِذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ قَدْرِ مَا عَالَتْ بِهِ وَقَدْرِ مَا نَقَصَ كُلُّ وَارِثٍ، فَانْسِبْ مَا زِدْته وَهُوَ مَا عَالَتْ بِهِ الْفَرِيضَةُ لِأَصِلْهَا بِدُونِ عَوْلٍ، فَتَعْرِفُ قَدْرَهُ. وَإِذَا نَسَبْته لَهَا عَائِلَةً عَلِمْت قَدْرَ مَا نَقَصَ كُلَّ وَارِثٍ. مَثَلًا السِّتَّةُ إذَا عَالَتْ لِسَبْعَةٍ فَتَنْسِبُ وَاحِدًا لِسِتَّةٍ فَتَعْلَمُ أَنَّهَا عَالَتْ بِمِثْلِ سُدُسِهَا وَتَنْسِبُ الْوَاحِدَ لِلسَّبْعَةِ فَهُوَ سُبْعٌ فَتَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ وَارِثٍ نَقَصَ سُبْعَ مَا بِيَدِهِ وَهَكَذَا، قَالَ الْأُجْهُورِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -:
وَعِلْمُك قَدْرَ النَّقْصِ مِنْ كُلِّ وَارِثٍ
…
بِنِسْبَةِ عَوْلٍ لِلْفَرِيضَةِ عَائِلَهُ
وَمِقْدَارُ مَا عَالَتْ بِنِسْبَتِهِ لَهَا
…
بِلَا عَوْلِهَا فَارْحَمْ بِفَضْلِك قَائِلَهُ
رَحِمُهُ اللَّهُ تَعَالَى رَحْمَةً وَاسِعَةً وَرَحِمَنَا بِهِ. (وَ) تَعُولُ السِّتَّةُ (لِثَمَانِيَةٍ) فَتَكُونُ عَالَتْ بِمِثْلِ ثُلُثِهَا؛ لِأَنَّهَا عَالَتْ بِاثْنَيْنِ تَنْسِبُهُمَا لِلسِّتَّةِ تَجِدُهُمَا ثُلُثًا فَتَعْرِفُ قَدْرَ مَا عَالَتْ بِهِ وَتَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ وَارِثٍ نَقَصَ مَا بِيَدِهِ رُبُعًا؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ الِاثْنَيْنِ لَهَا عَائِلَةً رُبُعٌ كَمَا عَلِمْت.
(كَمَنْ ذَكَرَ) وَهُوَ الزَّوْجُ وَالْأُخْتَانِ (مَعَ أُمٍّ) لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ.
(وَ) تَعُولُ السِّتَّةُ (لِتِسْعَةٍ) بِمِثْلِ نِصْفِهَا، فَيَكُونُ نَقْصُ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَ مَا بِيَدِهِ لِمَا عَلِمْت (كَمَنْ ذَكَرَ) زَوْجٌ إلَخْ (مَعَ أَخٍ لِأُمٍّ) .
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَعِلْمُك] : مُبْتَدَأٌ وَهُوَ مَصْدَرٌ يَعْمَلُ عَمَلَ الْفِعْلِ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَهُوَ الْكَافُ، وَقَدْرَ مَفْعُولُهُ وَمِنْ كُلِّ وَارِثٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِلنَّقْصِ.
وَقَوْلُهُ: [بِنِسْبَةِ عَوْلٍ] : مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ خَبَرٌ وَعَائِلَهُ حَالٌ مِنْ الْفَرِيضَةِ وَوَقَفَ عَلَيْهِ بِالسُّكُونِ لِأَجْلِ الرَّوِيِّ، وَمِقْدَارٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَدْرَ.
قَوْلُهُ: [بِنِسْبَتِهِ لَهَا] : مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ يَكُونُ.
وَقَوْلُهُ: [بِلَا عَوْلِهَا] : حَالٌ مِنْ الْهَاءِ فِي لَهَا.
وَقَوْلُهُ: [فَارْحَمْ بِفَضْلِك قَائِلَهُ] : تَكْمِلَةٌ قَصَدَ بِهَا طَلَبَ الدُّعَاءِ.
قَوْلُهُ: [نَقَصَ مَا بِيَدِهِ رُبْعًا] : تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ عَلَى حَدِّ: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} .
قَوْلُهُ: [وَهُوَ الزَّوْجُ وَالْأُخْتَانِ] : الْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ.
قَوْلُهُ: [كَمَنْ ذُكِرَ] : أَيْ وَهُوَ زَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِغَيْرِ أُمٍّ وَأُمٍّ.
قَوْلُهُ: [زَوْجٌ] إلَخْ: أَيْ زَوْجٌ وَأُخْتَانِ وَأُمٌّ.
وَتَعُولُ السِّتَّةُ (لِعَشْرَةٍ) بِمِثْلِ ثُلُثَيْهَا فَيَنْقُصُ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّا لَهُ خُمُسَانِ مِنْ نِسْبَةِ أَرْبَعَةٍ لَهَا بِعَوْلِهَا (كَمَنْ ذَكَرَ مَعَ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَكَأُمِّ الْفُرُوخِ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا فَرَّخَتْ فِي الْعَوْلِ: (أُمٌّ وَزَوْجٌ وَوَلَدَا أُمٍّ وَأُخْتَانِ) لِغَيْرِ أُمٍّ.
(وَ) الثَّانِي مِنْ الثَّلَاثَةِ الَّتِي قَدْ تَعُولُ: (الِاثْنَا عَشَرَ) : تَعُولُ ثَلَاثُ عَوْلَاتٍ أَفْرَادًا إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ فَتَعُولُ (لَثَلَاثَةَ عَشَرَ) بِمِثْلِ نِصْفِ سُدُسِهَا لِمَا عَلِمْت أَنَّك تَنْسِبُ مَا عَالَتْ بِهِ إلَيْهَا قَبُولَ الْعَوْلِ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ نَقَصَ مَا بِيَدِهِ جُزْءٌ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ وَاحِدٍ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِغَيْرِ أُمٍّ وَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَبِنْتَانِ (وَ) تَعُولُ الِاثْنَا عَشَرَ لِ (خَمْسَةَ عَشَرَ) بِمِثْلِ رُبْعِهَا، وَيَكُونُ نَقْصُ كُلٍّ خُمُسَ مَا بِيَدِهِ كَزَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ.
(وَ) تَعُولُ لِ (سَبْعَةَ عَشَرَ) بِمِثْلِ رُبْعِهَا وَسُدُسِهَا، وَيَنْقُصُ كُلَّ وَارِثٍ مِمَّا بِيَدِهِ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ وَاحِدٍ؛ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَوَلَدَيْهَا وَأُخْتِ شَقِيقَةٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ. وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا: أُمُّ الْأَرَامِلِ وَتُسَمَّى بِأُمِّ الْفُرُوجِ بِالْجِيمِ وبالدينارية الصُّغْرَى، وَهِيَ: ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ وَجَدَّتَانِ وَأَرْبَعُ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَالتَّرِكَةُ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا، وَأَمَّا الدِّينَارِيَّةِ الْكُبْرَى فَمِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَكَأُمِّ الْفُرُوخِ] : الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَهِيَ أُمُّ الْفُرُوخِ؛ لِأَنَّ الْمِثَالَ الْآتِيَ بَعْدُ هُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: [بِمِثْلِ رُبْعِهَا وَسُدُسِهَا] : أَيْ فَرُبْعُهَا ثَلَاثَةٌ وَسُدُسُهَا اثْنَانِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ وَاحِدٍ] : مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَارِثٍ يَفْرِضُ وَاحِدًا هَوَائِيًّا كَامِلًا وَيُجْعَلُ أَجْزَاءً بِقَدْرِ الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا وَيُنْقَصُ مِنْهُ عَدَدُ مَا عَالَتْ بِهِ.
قَوْلُهُ: [أُمُّ الْأَرَامِلِ] إلَخْ: سُمِّيَتْ بِأُمِّ الْأَرَامِلِ وَأُمِّ الْفُرُوجِ بِالْجِيمِ لِعَدَمِ وُجُودِ الذَّكَرِ فِيهَا.
قَوْلُهُ: [وَالتَّرِكَةُ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا] : أَيْ وَهِيَ مَقْسُومَةٌ عَلَيْهِنَّ كُلِّ رَأْسٍ بِدِينَارٍ.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ زَوْجَةٌ وَابْنَتَانِ] إلَخْ: أَيْ فَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ يَفْضُلُ وَاحِدٌ عَلَى خَمْسَةٍ
وَلَيْسَ فِيهَا عَوْلٌ، وَهِيَ زَوْجَةٌ وَابْنَتَانِ وَأُمٌّ وَاثْنَا عَشَرَ أَخًا وَأُخْتٌ. وَقَدْ جَاءَتْ الْأُخْتُ لِسَيِّدِنَا عَلِيٍّ رضي الله عنه وَعَنَا بِهِ وَقَالَتْ لَهُ: مَاتَ أَخِي عَنْ سِتِّمِائَةِ دِينَارٍ فَلَمْ أُعْطِ مِنْهَا إلَّا دِينَارًا وَاحِدًا؟ فَقَالَ رضي الله عنه: لَعَلَّ أَخَاك مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَاثْنَيْ عَشَرَ أَخًا وَأَنْتِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ مَعَك حَقُّ الَّذِي خَصَّك.
(وَ) تَعُولُ (الْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ) عَوْلَةً وَاحِدَةً بِمِثْلِ ثُمُنِهَا (لِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ) فَيَكُونُ نَقْصُ كُلِّ وَاحِدٍ تُسْعَ مَا بِيَدِهِ لِمَا عَلِمْت: (زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ وَابْنَتَانِ؛ وَهِيَ الْمِنْبَرِيَّةُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: صَارَ ثُمُنُهَا تِسْعًا أَيْ صَارَ مَا كَانَ ثُمُنًا بِنِسْبَتِهِ لَهَا قَبْلَ الْعَوْلِ تِسْعًا بِالنِّسْبَةِ لَهَا بَعْدَ عَوْلِهَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَعِشْرِينَ رَأْسًا عَدَدِ رُءُوسِ الْإِخْوَةِ مَعَ الْأُخْتِ فَتَضْرِبُ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِسِتِّمِائَةٍ لِلْبِنْتَيْنِ أَرْبَعُمِائَةٍ مِنْ ضَرْبِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فِي سِتَّةَ عَشَرَ، وَلِلْأُمِّ مِائَةٌ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَلِلزَّوْجَةِ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَلِلِاثْنَيْ عَشَرَ أَخًا مَعَ الْأُخْتِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ ضَرْبِ وَاحِدٍ فِيهَا.
قَوْلُهُ: [وَأُخْتٌ] : بِالرَّفْعِ عُطِفَ عَلَى اثْنَا عَشَرَ.
قَوْلُهُ: [وَزَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ] إلَخْ: الْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ مِثَالُهَا زَوْجَةٌ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ الْمِنْبَرِيَّةُ] : أَيْ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَعُولَ إلَّا وَالْمَيِّتُ فِيهَا ذُكِرَ هُوَ زَوْجٌ.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ] : أَيْ مِنْبَرِ الْكُوفَةِ، قِيلَ إنَّ صَدْرَ الْخُطْبَةِ الَّتِي قِيلَ لَهُ فِي أَثْنَائِهَا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَحْكُمُ بِالْحَقِّ قَطْعًا وَيَجْزِي كُلَّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى وَإِلَيْهِ الْمَآلُ وَالرُّجْعَى. فَسُئِلَ حِينَئِذٍ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: صَارَ ثُمُنُهَا تُسْعًا وَتُسَمَّى أَيْضًا بِالْبَخِيلَةِ لِقِلَّةِ عَوْلِهَا، وَبِالْحَيْدَرِيِّ لِأَنَّ عَلِيًّا كَانَ يُلَقَّبُ بِحَيْدَرَةَ الَّذِي هُوَ اسْمٌ لِلْأَسَدِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ كَامِلٌ فِي الشَّجَاعَةِ. وَعَنْ الشَّعْبِيِّ مَا رَأَيْت أَحْسَبَ مِنْ عَلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ بَدِيهَةً لِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ مِنْ غَزَارَةِ الْعِلْمِ وَقُوَّةِ الْفَهْمِ فَكَانَ يَفْهَمُ عَلَى الْبَدِيهَةِ مَا لَا يَفْهَمْهُ الْمُتَبَحِّرُ فِي الْعُلُومِ الْمُشْتَغِلُ بِدَرْسِهَا وَتَفْهِيمِهَا طُولَ عُمُرِهِ، وَكَيْفَ لَا وَقَدْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَاضِيًا إلَى الْيَمَنِ وَهُوَ شَابٌّ؟ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَدْرِي مَا الْقَضَاءُ؟ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدْرَهُ وَقَالَ اللَّهُمَّ اهْدِ قَلْبَهُ وَسَدِّدْ لِسَانَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ فَوَاَللَّهِ مَا شَكَكْت بَعْدُ فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ.