الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ يَدٌ يَأْمُرُ وَيَنْهَى فَإِنْ امْتَثَلَ وَإِلَّا هُدِّدَ بِالضَّرْبِ وَإِلَّا ضُرِبَ بِالْفِعْلِ، وَمَعْنَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ بِالْقَلْبِ: مَحَبَّتُهُ وَمَحَبَّةُ فَاعِلِهِ، وَمَعْنَى النَّهْيِ بِالْقَلْبِ: كَرَاهَةُ الْمُنْكَرِ وَكَرَاهَةُ فَاعِلِهِ (إنْ أَفَادَ) هَذَا شُرِطَ فِي الْوُجُوبِ بِأَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ الْإِفَادَةُ، وَإِلَّا سَقَطَ الْوُجُوبُ وَبَقِيَ الْجَوَازُ أَوْ النَّدْبُ. وَشَرْطُ جَوَازِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ: أَنْ يَعْلَمَ الْآمِرُ وَالنَّاهِي بِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ أَوْ مُنْكَرٌ، مَخَافَةَ أَنْ يَنْعَكِسَ الْأَمْرُ فَيَأْمُرَ بِمُنْكَرٍ وَيَنْهَى عَنْ مَعْرُوفٍ وَفِي الْمُنْكَرِ أَنْ لَا يَخَافَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى مُنْكَرٍ أَعْظَمَ مِنْهُ.
(وَ) يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ
(كَفُّ الْجَوَارِحِ) : عَنْ الْحَرَامِ
وَاحْتَرَزْنَا عَنْ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِالْوَاجِبِ، نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِوَلِيِّهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا ضُرِبَ بِالْفِعْلِ] : أَيْ فَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ أُشْهِرَ لَهُ السِّلَاحُ إنْ وَجَبَ قَتْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي حَاشِيَةِ الرِّسَالَةِ.
قَوْلُهُ: [مَحَبَّتُهُ وَمَحَبَّةُ فَاعِلِهِ] : أَيْ وَذَلِكَ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه:
أُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلَسْت مِنْهُمْ
…
لَعَلِّي أَنْ أَنَالَ بِهِمْ شَفَاعَهْ
وَأَكْرَهُ مَنْ تِجَارَتُهُ الْمَعَاصِي
…
وَإِنْ كُنَّا سَوَاءً فِي الْبِضَاعَهْ
قَالَ لَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ حَنْبَلٍ:
تُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ
…
لَعَلَّهُمْ يَنَالُوا بِك الشَّفَاعَهْ
وَتَكْرَهُ مَنْ تِجَارَتُهُ الْمَعَاصِي
…
حَمَاك اللَّهُ مِنْ تِلْكَ الْبِضَاعَهْ
قَوْلُهُ: [وَبَقِيَ الْجَوَازُ أَوْ النَّدْبُ] : لَعَلَّ أَوْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِلشَّكِّ فِي تَعْيِينِ الْحُكْمِ وَالظَّاهِرُ النَّدْبُ وَلَا سِيَّمَا الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِالْوُجُوبِ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ الْإِفَادَةَ.
قَوْلُهُ: [أَنْ يَعْلَمَ الْآمِرُ وَالنَّاهِي بِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ] : أَيْ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْمَذَاهِبِ أَوْ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَالْفَاعِلُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَاهُ مَعْرُوفًا فِي الْمَعْرُوفِ أَوْ مُنْكَرًا فِي الْمُنْكَرِ.
قَوْلُهُ: [أَنْ لَا يَخَافَ أَنْ يُؤَدِّيَ] إلَخْ: أَيْ كَنَهْيِهِ عَنْ أَخْذِ مَالِ شَخْصٍ فَيُؤَدِّي لِقَتْلِهِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ شَرْطٌ فِي الْأَمْرِ أَيْضًا.
[كَفُّ الْجَوَارِحِ عَنْ الْحَرَامِ]
قَوْلُهُ: [كَفُّ الْجَوَارِحِ عَنْ الْحَرَامِ] : أَيْ مَنْعُ الْجَوَارِحِ الظَّاهِرِيَّةِ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ كَالْبَاطِنِيَّةِ الَّتِي أَفَادَهَا بِقَوْلِهِ وَالْقَلْبُ عَنْ الْفَوَاحِشِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} [الأنعام: 120] الْآيَةَ.
أَنْ يُجَنِّبَهُ مُخَالَطَةَ مَا لَا يَحِلُّ لِلْمُكَلَّفِ مُخَالَطَتُهُ، وَقِيلَ: يَجِبُ لِإِصْلَاحِ حَالِهِ. وَالْجَوَارِحُ - وَيُقَالُ لَهَا الْكَوَاسِبُ - سَبْعَةٌ، نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَقِيَهَا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ السَّبْعَةَ، وَهِيَ: السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَاللِّسَانُ وَالْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالْبَطْنُ وَالْفَرْجُ. وَسَيُذْكَرُ بَعْضُهَا فِي قَوْلِهِ وَالتَّلَذُّذُ بِسَمَاعٍ إلَخْ
(وَيَجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ) عَمَّنْ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) فَلَا يَحْرُمُ بَلْ قَدْ يَجِبُ، وَإِذَا كُشِفَ لِلضَّرُورَةِ (فَبِقَدْرِهَا) : كَالطَّبِيبِ يُبْقَرُ لَهُ الثَّوْبُ عَلَى قَدْرِ مَوْضِعِ الْعِلَّةِ فِي نَحْوِ الْفَرْجِ إنْ تَعَيَّنَ النَّظَرُ وَإِلَّا فَيَكْتَفِي بِوَصْفِ النِّسَاءِ إذْ نَظَرُهُمْ لِلْفَرْجِ أَخَفُّ مِنْ الرَّجُلِ
(وَ) يَجِبُ كَفُّ (الْقَلْبِ عَنْ الْفَوَاحِشِ) جَمْعُ فَاحِشَةٍ: كُلُّ مُسْتَقْبَحٍ عَظُمَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَيَحْرُمُ الْعَزْمُ عَلَى قَبِيحٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ بَيَّنَ بَعْضَ الْقَبِيحِ الَّذِي يَجِبُ كَفُّ الْقَلْبِ عَنْهُ اعْتِنَاءً بِهِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَفَاسِدِ الْكَثِيرَةِ دُنْيَا وَأُخْرَى بِقَوْلِهِ:(كَالْحِقْدِ) التَّصْمِيمُ عَلَى الْبَغْضَاءِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَنْ يُجَنِّبَهُ مُخَالَطَةَ مَا لَا يَحِلُّ لِلْمُكَلَّفِ مُخَالَطَتُهُ] : أَيْ وَمِنْ ذَلِكَ التَّفْرِقَةُ فِي الْمَضَاجِعِ وَزَجْرُهُ عَنْ تَرْكِ الصَّلَاةِ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ يَجِبُ لِإِصْلَاحِ حَالِهِ] : أَيْ وَيَظْهَرُ الْوُجُوبُ فِي مِثْلِ إبْعَادِهِ عَنْ نَحْوِ اللِّوَاطِ.
قَوْلُهُ: [وَالْجَوَارِحُ] : مُبْتَدَأٌ وَسَبْعَةٌ خَبَرُهُ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ.
قَوْلُهُ: [أَنْ يَقِيَهَا أَبْوَابَ جَهَنَّمِ] : أَيْ طَبَقَاتِهَا.
قَوْلُهُ: [عَمَّنْ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهَا] إلَخْ: عِبَارَةٌ رَكِيكَةٌ وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ وَيَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ عَنْ كُلِّ مَنْ يُمَيِّزُ الْعَوْرَةَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ الَّتِي يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا.
قَوْلُهُ: [إلَخْ تَفْصِيلُهَا] أَيْ الْعَوْرَةُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا فَيُكْتَفَى بِوَصْفِ النِّسَاءِ] : أَيْ فِي مِثْلِ عُيُوبِ الْفَرْجِ.
قَوْلُهُ: [إذْ نَظَرُهُمْ] : الْمُنَاسِبُ نَظَرُهُنَّ.
قَوْلُهُ: [مِنْهُمَا] : أَيْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَإِنَّمَا حَرُمَ الْعَزْمُ؛ لِأَنَّهُ يُكْتَبُ عَلَى الْعَبْدِ خَيْرًا أَوْ شَرًّا.
(وَالْحَسَدِ) تَمَنِّي زَوَالِ نِعْمَةِ الْمَحْسُودِ قَالَ صلى الله عليه وسلم «إيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ وَالْعُشْبَ» . (وَالْكِبْرِ) : رَدُّ الْحَقِّ عَلَى قَائِلِهِ وَاحْتِقَارُ النَّاسِ، وَالتَّكَبُّرُ: إظْهَارُ الْعَظَمَةِ وَرُؤْيَةُ الْغَيْرِ حَقِيرًا بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَيَصِيرُ صِفَتُهُ الْعُجْبَ قَالَ الشَّعْرَانِيُّ: إنَّ إبْلِيسَ إذَا ظَفِرَ مِنْ ابْنِ آدَمَ بِإِحْدَى أَرْبَعٍ قَالَ لَا أَطْلُبُ مِنْهُ غَيْرَهَا: إعْجَابُهُ بِنَفْسِهِ، وَاسْتِكْثَارُ عَمَلِهِ، وَنِسْيَانُهُ ذُنُوبَهُ، وَزِيَادَةُ الشِّبَعِ وَهُوَ أَعْظَمُهَا، لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ تَنْشَأُ عَنْهُ.
(وَظَنِّ السُّوءِ) : فَإِنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ بَابُ تَمَكُّنِ الشَّيْطَانِ مِنْ الْقَلْبِ حَتَّى يُفْسِدَهُ وَيُتْعِبَ صَاحِبَهُ وَيَنْشَأَ عَنْهُ بُغْضُ الْمَظْنُونِ بِهِ سُوءٌ، وَيَحْصُلُ بَيْنَهُمَا خَلَلٌ كَثِيرٌ، وَرُبَّمَا كَانَ بَرِيئًا فَيَزْدَادُ إثْمُ الظَّانِّ وَخُصُوصًا فِي مِثْلِ أَهْلِهِ وَلَيْسَ شَيْءٌ أَحْسَنَ مِنْ اتِّبَاعِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم وَرَزَقَنَا اتِّبَاعَهُ بِجَاهِهِ عِنْدَ رَبِّهِ.
(وَ) تَجِبُ (التَّوْبَةُ مِنْ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ، وَالتَّوْبَةُ هِيَ لُغَةً: مُطْلَقُ الرُّجُوعِ، وَشَرْعًا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَيَصِيرُ صِفَتُهُ الْعُجْبَ] : أَيْ فَبَيْنَ الْعُجْبِ وَالْكِبَرِ تَلَازُمٌ.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ] : قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} [الحجرات: 12] الْآيَةَ.
قَوْلُهُ: [خُصُوصًا فِي مِثْلِ أَهْلِهِ] : أَيْ أَهْلِ الظَّانِّ كَالزَّوْجَةِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ اتِّبَاعِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ] : بِأَنْ يَزِنَ صَاحِبَهُ بِمِيزَانِ الشَّرْعِ وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ.
قَوْلُهُ: [مِنْ ذَلِكَ الْمَذْكُورِ] : أَيْ الَّذِي هُوَ الْفَوَاحِشُ الظَّاهِرَةُ وَالْبَاطِنَةُ.