الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسْتَأْجَرَهُ لِيَلْبَسَهُ (فِي نَحْوِ لَيْلٍ) كَقَائِلَةٍ: أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ نَزْعُهُ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي جَرَى الْعُرْفُ بِنَزْعِهِ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ حُمِلَ عَلَى دَوَامِ اللُّبْسِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ وَجَبَ الْبَيَانُ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى ضَمَانِهِ وَعَدَمِ ضَمَانِهِ، فَقَالَ:
(وَهُوَ) : أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ لِشَيْءٍ - مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ - وَكَذَا الْأَجِيرُ كَالرَّاعِي. وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ الضَّمِيرَ عَائِدًا عَلَى مَنْ تَوَلَّى الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ؛ فَيَشْمَلُ الْمُؤَجَّرَ بِالْفَتْحِ كَالرَّاعِي وَالْمُسْتَأْجِرِ، كَمُكْتَرِي دَابَّةٍ وَنَحْوِهَا (أَمِينٍ؛ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ إنْ ادَّعَى الضَّيَاعَ أَوْ التَّلَفَ، كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا. وَيَحْلِفُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا: لَقَدْ ضَاعَ وَمَا فَرَّطْت. وَلَا يَحْلِفُ غَيْرُهُ وَقِيلَ: يَحْلِفُ مَا فَرَّطَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَمِمَّا يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي الْمَكَانِ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ هُنَا فِي الزَّمَانِ مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ: مَنْ اكْتَرَى عَلَى مَتَاعٍ دَوَابَّ إلَى مَوْضِعٍ، وَفِي الطَّرِيقِ نَهْرٌ لَا يُجَازُ إلَّا عَلَى الْمَرْكَبِ، وَقَدْ عَرَفَ ذَلِكَ كَالنِّيلِ وَشِبْهِهِ فَجَوَازُ الْمَتَاعِ عَلَى رَبِّهِ وَالدَّوَابُّ عَلَى رَبِّهَا، وَإِنْ كَانَ يُخَاضُ فِي الْمَخَاضِ فَاعْتَرَضَهُ حِمْلَانِ بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ سَيْلٌ كَثِيرٌ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ فَحَمْلُ الْمَتَاعِ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَتِلْكَ جَائِحَةٌ نَزَلَتْ بِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ النَّهْرُ شِتْوِيًّا يَحْمِلُ بِالْأَمْطَارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَقْتَ الْكِرَاءِ قَدْ عَلِمُوا جَرْيَهُ وَعَلَى ذَلِكَ دَخَلُوا فَيَكُونُ كَالنَّهْرِ الدَّائِمِ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [وَجَبَ الْبَيَانُ] : أَيْ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ كَانَتْ فَاسِدَةً.
[الضَّمَان فِي الْإِجَارَة]
قَوْلُهُ: [وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ الضَّمِيرَ] : أَيْ فِي كَلَامِ خَلِيلٍ.
قَوْلُهُ: [عَائِدٌ] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ وَالْمُنَاسِبُ عَائِدًا بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ ثَانٍ لَجَعَلَ.
قَوْلُهُ: [فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ] : مَحَلُّ كَوْنِهِ أَمِينًا فِي غَيْرِ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ يَحْلِفُ مَا فَرَّطَ] : الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ أَيْ فَيَقْتَصِرُ فِي يَمِينِهِ عَلَى قَوْلِهِ مَا فَرَّطْت، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الضَّيَاعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَّهَمِ إذَا وَقَعَ مِنْهُ ضَيَاعٌ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ تَفْرِيطِهِ غَالِبًا فَيَكْفِي حَلِفُهُ مَا فَرَّطْت، وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ إنَّهُ كَالْمُتَّهَمِ يَحْلِفُ لَقَدْ ضَاعَ وَمَا فَرَّطْت.
وَبَالَغَ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ شَرَطَ) عَلَيْهِ (إثْبَاتَهُ) : أَيْ الضَّمَانِ، وَلَا عِبْرَةَ بِهَذَا الشَّرْطِ، لَكِنَّ هَذَا الْكَلَامَ يُوهِمُ صِحَّةَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ يُفْسِدُهَا لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَاقِضُ الْعَقْدَ. فَإِنْ وَقَعَ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ زَادَتْ عَلَى الْمُسَمَّى أَوْ نَقَصَتْ - قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَمَحَلُّ الْفَسَادِ إنْ لَمْ يَسْقُطْ الشَّرْطُ قَبْلَ الْفَوَاتِ، وَإِلَّا صَحَّتْ، وَالْفَوَاتُ هُنَا بِانْقِضَاءِ الْعَمَلِ فَانْقِضَاؤُهُ فِي أَثْنَائِهِ كَإِسْقَاطِهِ قَبْلَهُ فِي إفَادَةِ الصِّحَّةِ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ شَرْطٌ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ مَا لَمْ يَسْقُطْ، لَكِنْ لَوْ عَثَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَا يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ.
(أَوْ عَثَرَ) : بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ عَطْفٌ عَلَى الْمُقَدَّرِ، فَلَا ضَمَانَ، أَيْ إنْ ادَّعَى التَّلَفَ أَوْ عَثَرَ أَجِيرُ حَمْلٍ أَوْ عَثَرَتْ دَابَّتُهُ (بِدُهْنٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ) عَثَرَ (بِآنِيَةٍ فَانْكَسَرَتْ أَوْ انْقَطَعَ الْحَبْلُ) الَّذِي، رَبَطَ بِهِ الْأَمْتِعَةَ فَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
(مَا لَمْ يَتَعَدَّ) فِي فِعْلِهِ أَوْ سَوْقِهِ الدَّابَّةَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ. فَإِنْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَيُصَدَّقُ فِي غَيْرِهِ، وَالسَّفِينَةُ كَالدَّابَّةِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ كَانَ الْكِرَاءُ وَحْدَهُ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ إذَا قَالَ: سُرِقَ مِنِّي، حَمَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ دَابَّتِهِ أَوْ سَفِينَتِهِ. وَفِيهَا: وَمَنْ اسْتَأْجَرْته لِيَحْمِلَ لَك دُهْنًا أَوْ طَعَامًا فَحَمَلَهُ فَعَثَرَ بِهِ فَأَهْرَاقَهُ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ وَالْأَجِيرُ لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى، فَإِنْ كَذَّبْته فِي ذَلِكَ وَقُلْت لَهُ: لَمْ تَعْثُرْ وَلَمْ يَذْهَبْ لَك شَيْءٌ فَهُوَ ضَامِنٌ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لَكِنَّ هَذَا الْكَلَامَ يُوهِمُ صِحَّةَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ] : أَيْ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنَّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى كَأَنْ يَقُولَ وَفَسَدَتْ بِشَرْطِهِ وَالْعُذْرُ لَهُ فِي أَنَّهُ تَابِعٌ لِخَلِيلٍ.
قَوْلُهُ: [فَانْقِضَاؤُهُ فِي أَثْنَائِهِ] إلَخْ: صَوَابُهُ فَإِسْقَاطُهُ إلَخْ، كَمَا هُوَ عِبَارَةُ أُصُولِهِ.
قَوْلُهُ: [بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ] : أَيْ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ.
قَوْلُهُ: [عَطْفٌ عَلَى الْمُقَدَّرِ] : أَيْ الَّذِي قَدَّرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ عَثَرَ أَجِيرٌ حَمَلَ] : أَيْ حَمَلَ عَلَى نَفْسِهِ كَالْعَتَّالِينَ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَ الْكِرَاءُ] : أَيْ الشَّخْصُ الْمُكْتَرِي عَلَى الْحَمْلِ.
قَوْلُهُ: [فَهُوَ ضَامِنٌ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ] : أَيْ لِحَمْلِهِ عَلَى عَدَمِ الْأَمَانَةِ فِيهِمَا.
وَأَمَّا الْبَرْزُ وَالْعُرُوضُ إذَا حَمَلَهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ (اهـ) وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَضْمَنُ الْأَكْرِيَاءُ سَائِرَ الْعُرُوضِ وَلَا شَيْئًا غَيْرَ الطَّعَامِ. وَعَلَى هَذَا فَكَانَ الْأَنْسَبُ بَعْدَ قَوْلِهِ: " وَهُوَ أَمِينٌ فَلَا ضَمَانَ "، أَنْ يَقُولَ: إلَّا فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لُزُومُ ضَمَانِ الْأَكْرِيَاءِ كَالطَّعَامِ وَالْإِدَامِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ أَوْ يَكُونَ مَعَهُ رَبُّهُ. وَالسَّفِينَةُ كَالدَّابَّةِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَفِي حَمْلِ الطَّعَامِ يَضْمَنُ مُطْلَقًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ يَصْحَبُهُ رَبُّهُ.
(أَوْ) لَمْ (يَغُرَّ بِفِعْلٍ) بِأَنْ لَمْ يَغُرَّ أَصْلًا أَوْ غَرَّ بِقَوْلِهِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذْ لَا أَثَرَ لِلْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ، كَأَنْ يَأْتِيَ بِشَقَّةٍ لِخَيَّاطٍ وَيَقُولَ لَهُ: إنْ كَانَتْ تَكْفِي ثَوْبًا فَفَصِّلْهَا، فَقَالَ: تَكْفِي. فَفَصَّلَهَا فَلَمْ تَكْفِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْخَيَّاطِ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ كِفَايَتِهَا، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ: إنْ عَلِمْت أَنَّهَا تَكْفِي ثَوْبًا فَفَصِّلْهَا وَإِلَّا فَلَا. فَقَالَ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ [وَأَمَّا الْبَرْزُ] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ بِرَاءٍ وَزَايٍ بَعْدَ الْبَاءِ وَفِي (بْن) بِزَايٍ بَعْدَ الْبَاءِ فَقَطْ فَيَكُونُ عَطْفُ الْعُرُوضِ عَلَيْهَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ] : أَيْ كَمَا إذَا قَالَ ضَاعَ مِنِّي فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ، وَقَالَتْ الْبَيِّنَةُ رَأَيْنَاهُ مَعَهُ بَعْدَ.
قَوْلُهُ: [غَيْرُ الطَّعَامِ] : أَيْ وَمِنْهُ الْإِدَامُ.
قَوْلُهُ: [فَكَانَ الْأَنْسَبَ] إلَخْ: أَيْ وَكَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ تُغْنِيه عَنْ قَوْلِهِ أَوْ عَثَرَ بِدُهْنٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ ذِكْرَهُ لِلدُّهْنِ يُوهِمُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ فِيهِ عَلَى الْأَمَانَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: [الْأَكْرِيَاءُ] : مَفْعُولٌ أَوَّلُ لِلُزُومِ وَكَالطَّعَامِ وَالْإِدَامِ مَفْعُولٌ ثَانٍ لَهُ وَالْكَافُ زَائِدَةٌ وَإِضَافَةُ لُزُومٍ لِلضَّمَانِ بَيَانِيَّةٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّرْعَ ضَمَّنَ الْأَكْرِيَاءَ الطَّعَامَ وَالْإِدَامَ. فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَغَيْرِهِمَا حَيْثُ حُمِلَ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ عَلَى غَيْرِ الْأَمَانَةِ وَحُمِلَ عَلَيْهَا فِي غَيْرِهِمَا. قُلْت الْفَرْقُ تَعَبُّدِيٌّ.
قَوْلُهُ: [وَالسَّفِينَةُ كَالدَّابَّةِ] : أَيْ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ حَمْلِ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُهُمَا حَمْلُهُ بِنَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: [إذْ لَا أَثَرَ لِلْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ] : أَيْ مَا لَمْ يَنْضَمَّ بِهِ عَقْدٌ أَوْ شَرْطٌ فَمِثَالُ الْعَقْدِ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ اشْتَرِ مِنِّي السِّلْعَةَ الْفُلَانِيَّةَ فَإِنَّهَا سَالِمَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ فَظَهَرَ الْأَمْرُ بِخِلَافِهِ وَالشَّرْطُ سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ.
تَكْفِي، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا لَا تَكْفِي فَيَضْمَنُ. وَمِنْ الْغَرَرِ الْقَوْلِيِّ قَوْلُ الصَّيْرَفِيِّ فِي دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ إنَّهَا جَيِّدَةٌ - مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا رَدِيئَةٌ - فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ. وَقِيلَ: يَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ وَاسْتَظْهَرَ. فَإِنْ غَرَّ بِفِعْلٍ كَرَبْطِهِ بِحَبْلٍ رَثٍّ أَوْ مَشْيِهِ بِمَكَانٍ زَلِقٍ ضَمِنَ.
(كَحَارِسٍ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ: أَيْ أَنَّ حَارِسَ الدَّارِ أَوْ الْبُسْتَانِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ حَارِسَ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ.
(وَلَوْ حَمَّامِيًّا) إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُفَرِّطَ. وَمِنْ التَّفْرِيطِ مَا لَوْ قَالَ: رَأَيْت رَجُلًا يَلْبَسُ الثِّيَابَ فَظَنَنْت أَنَّهُ صَاحِبُهَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْخُفَرَاءِ فِي الْحَارَاتِ وَالْأَسْوَاقِ. وَلَا عِبْرَةَ بِمَا كُتِبَ أَوْ شُرِطَ عَلَيْهِمْ مِنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يُفَرِّطُوا. وَكَذَا الْبَوَّابُونَ فِي الْخَانَاتِ وَغَيْرِهَا.
(وَأَجِيرٍ لِصَانِعٍ) لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ لِلصَّانِعِ، كَانَ يَعْمَلُ بِحَضْرَةِ صَانِعِهِ أَمْ لَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا لَا تَكْفِي] : أَيْ وَلَا يُعْلَمُ هَذَا الْأَمْرُ إلَّا مِنْهُ.
قَوْلُهُ: [وَاسْتَظْهَرَ] : قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ أَقُولُ وَمِنْ
الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ
الْقَوْلُ بِالضَّمَانِ حَيْثُ أَخَذَ أَجْرًا كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْأُجْهُورِيِّ فِي الْخُفَرَاءِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت عَنْ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ مَا نَصُّهُ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الصَّوَابُ الضَّمَانُ إذَا انْضَمَّ لِغُرُورِهِ عَقْدٌ كَمَا إذَا عَقَدَ مَعَهُ بِجَدِيدٍ مَثَلًا وَقَلَّبَهُ وَوَزَنَهُ وَقَالَ لَهُ طَيِّبْ وَأَزِنْ وَهُوَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْغُرُورَ الْقَوْلِيَّ إذَا انْضَمَّ لَهُ عَقْدٌ صَارَ مِنْ الْفِعْلِيِّ فَالضَّمَانُ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [وَلَوْ حَمَّامِيًّا] : أَيْ مَا لَمْ يَجْعَلْ رَبُّ الثِّيَابِ ثِيَابَهُ رَهْنًا عِنْدَهُ فِي الْأُجْرَةِ وَإِلَّا ضَمِنَ وَمَا لَمْ يَجْعَلْ حَارِسًا لِاتِّقَاءِ شَرِّهِ كَمَا إذَا كَانَ مَشْهُورًا بِالْحَرَامِ وَجَعَلَ حَارِسًا لِتَتَّقِي سَرِقَتَهُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ كَمَا إذَا ظَهَرَ كَذِبُهُ.
قَوْلُهُ: [وَمِنْ التَّفْرِيطِ] إلَخْ: وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ نَامَ فِي وَقْتٍ لَا يَنَامُ فِيهِ الْحَارِسُ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا هُوَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ مِنْ عَدَمِ تَضْمِينِ الْخُفَرَاءِ وَالْحُرَّاسِ وَالرُّعَاةِ، وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْأُجْهُورِيِّ تَضْمِينَهُمْ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ تَفْرِيطٌ مِنْهُمْ نَظَرًا لِكَوْنِهِ مِنْ
الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ
وَارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ.
قَوْلُهُ: [وَأَجِيرٍ لِصَانِعٍ] : أَيْ وَأَمَّا الصَّانِعُ نَفْسُهُ فَسَيَأْتِي ضَمَانُهُ بِالشُّرُوطِ.
قَوْلُهُ: [كَانَ يَعْمَلُ بِحَضْرَةِ صَانِعِهِ أَمْ لَا] : أَيْ عَلَى مَا قَالَ التَّتَّائِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ
(وَسِمْسَارٍ) يَطُوفُ بِالسِّلَعِ فِي الْأَسْوَاقِ لِيَبِيعَهَا (خَيِّرٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الْيَاءِ مُشَدَّدَةً: أَيْ ذِي خَيْرٍ وَأَمَانَةٍ، لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى ضَيَاعَ شَيْءٍ مِمَّا بِيَدِهِ بِغَيْرِ تَعَدِّيهِ وَبِلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ. وَغَيْرُ مَنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ يَضْمَنُ. كَذَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَقِيلَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا. قَالَ: عِيَاضٌ: وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، قَالَ: لِأَنَّهُمْ وُكَلَاءُ وَلَيْسُوا بِصُنَّاعٍ.
(وَنُوتِيٍّ غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ بِفِعْلِ سَائِغٍ) لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي نَفْسٍ وَلَا مَالٍ (وَإِلَّا) إنْ غَرِقَتْ بِفِعْلٍ لَا يَسُوغُ فِي سَيْرِهَا أَوْ حَمْلِهَا (ضَمِنَ) وَإِنْ تَعَمَّدَ الْفِعْلَ فَالْقِصَاصُ.
(كَرَاعٍ خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ) عَلَيْهِ فَهَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ الْمَاشِيَةُ، فَيَضْمَنُ
(أَوْ أَنْزَى) الرَّاعِي: أَيْ أَطْلَقَ الْفَحْلَ عَلَى الْإِنَاثِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ رَبِّهَا فَعَطِبَتْ أَوْ مَاتَتْ تَحْتَ الْفَحْلِ أَوْ عِنْدَ الْوِلَادَةِ فَيَضْمَنُ، إلَّا لِعُرْفٍ بِأَنَّ الرُّعَاةَ تُنْزِي وَلَا تَسْتَأْذِنُ فَلَا ضَمَانَ.
(أَوْ غَرَّ بِفِعْلٍ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَالْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ إنْ انْضَمَّ لَهُ شَرْطٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَإِذَا ضَمِنَ: (فَالْقِيمَةُ) يَضْمَنُهَا (يَوْمَ التَّلَفِ) لَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا يَوْمَ
ــ
[حاشية الصاوي]
فِي الْغَسَّالِ تَكْثُرُ عِنْدَهُ الثِّيَابُ فَيُؤَاجِرُ آخَرَ يَبْعَثُهُ لِلْبَحْرِ بِشَيْءٍ مِنْهَا يَغْسِلُهُ فَيَدَّعِي تَلَفَهُ إنَّهُ ضَامِنٌ (اهـ) ، وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ أَشْهَبَ تَقْيِيدٌ لِلْمَشْهُورِ وَلَا مُقَابِلَ لَهُ خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ.
قَوْلُهُ: [لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ] : أَيْ لَا فِي الثَّوْبِ مَثَلًا وَلَا فِي ثَمَنِهِ إذَا ضَاعَ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَلَا فِيمَا يَحْصُلُ فِيهَا مِنْ تَمْزِيقٍ أَوْ خَرْقٍ بِسَبَبِ نَشْرٍ أَوْ طَيٍّ إذَا لَمْ يَخْرُجْ عَمَّا أَذِنَ لَهُ فِيهِ كَمَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ سِلْعَةً لِرَجُلٍ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الشِّرَاءَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ ضَمَانِ مَنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ لِلسَّمْسَرَةِ وَإِلَّا ضَمِنَ كَالصَّانِعِ، وَقَدْ اعْتَبَرَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الْقَيْدَ كَمَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [بِفِعْلٍ سَائِغٍ] : أَيْ كَتَحْوِيلِ الرَّاجِعِ وَنَشْرِ الْقَلْعِ وَمَشْيٍ فِي رِيحٍ أَوْ مَوْجٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ مُعْتَادًا، وَكَذَا وَسْقُهَا الْوَسْقِ الْمُعْتَادُ لِأَمْثَالِهَا بِحَيْثُ لَا يَقْرَبُ الْمَاءُ مِنْ حَافَّتِهَا، وَإِذَا كَانَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْفِعْلِ السَّائِغِ فَأَوْلَى إذَا غَرِقَتْ بِغَيْرِ فِعْلٍ كَهَيَجَانِ الْبَحْرِ وَاخْتِلَافِ الرِّيحِ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ صَرْفِهَا.
الْحُكْمِ. وَهَذَا رَاجِعٌ لِرَاعٍ وَمَا بَعْدَهُ.
(أَوْ صَانِعٍ) يَضْمَنُ (فِي مَصْنُوعِهِ) فَقَطْ، كَثَوْبٍ يَخِيطُهُ أَوْ حُلِيٍّ يَصُوغُهُ أَوْ خَشَبَةٍ يَنْشُرُهَا أَوْ حَبٍّ يَطْحَنُهُ.
(لَا) فِي (غَيْرِهِ) فَلَا ضَمَانَ فِيهِ. كَمَا لَوْ جَعَلَ الشَّيْءَ الْمَصْنُوعَ فِي ظَرْفٍ فَادَّعَى الصَّانِعُ ضَيَاعَهَا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا لَهُ فِيهِ الصَّنْعَةُ لَا الظَّرْفُ (وَ) لَوْ كَانَ الْغَيْرُ (مُحْتَاجًا لَهُ) فِي الْعَمَلِ، فَلَا يَضْمَنُهُ كَقُفَّةِ الطَّحِينِ وَالْكِتَابِ الَّذِي يَنْسَخُ مِنْهُ، هَذَا قَوْلُ سَحْنُونَ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَضْمَنُ الصَّانِعُ مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ سَوَاءٌ احْتَاجَ لَهُ الصَّانِعُ أَوْ الْمَصْنُوعُ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يَضْمَنُ الصَّانِعُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي عِلْمِهِ كَالْكِتَابِ الَّذِي يَنْسَخُ مِنْهُ دُونَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَصْنُوعُ كَظَرْفِ الْقَمْحِ وَالْعَجِينِ وَيَضْمَنُ الصَّانِعُ مَصْنُوعَهُ.
(وَإِنْ) كَانَ يَصْنَعُهُ (بِبَيْتِهِ) : أَيْ فِي بَيْتِهِ (أَوْ) كَانَ يَصْنَعُهُ (بِلَا أَجْرٍ) فَأَوْلَى بِأَجْرٍ فِي حَانُوتِهِ وَسَوَاءٌ تَلِفَ بِصَنْعَتِهِ أَوْ بِغَيْرِهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَنْعَتِهِ تَغْرِيرٌ كَثَقْبِ اللُّؤْلُؤِ، وَنَقْشِ الْفُصُوصِ، وَتَقْوِيمِ السُّيُوفِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَهَذَا رَاجِعٌ لِرَاعٍ وَمَا بَعْدَهُ] : أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْخَرَشِيِّ مِنْ أَنَّ الرَّاعِيَ يَضْمَنُ يَوْمَ التَّعَدِّي تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْأُجْهُورِيُّ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الضَّمَانَ يَوْمَ التَّلَفِ فِي الْجَمِيعِ وَيُوَافِقُهُ بَهْرَامُ، ثُمَّ إنَّ الَّذِي غَرَّ بِالْفِعْلِ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِهِ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ وَهَلْ لِرَبِّهِ أَنْ يُلْزِمَهُ حَمْلُ مِثْلِهِ بَقِيَّةَ الْمَسَافَةِ وَيُعْطِيهِ بَقِيَّةَ الْأُجْرَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَفْسَخُ الْعَقْدَ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [أَوْ صَانِعٍ] إلَخْ: مَعْطُوفٌ عَلَى كَرَاعٍ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَ يَصْنَعُهُ بِبَيْتِهِ] : بَالَغَ عَلَيْهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَمِلَ فِي بَيْتِهِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ لِلْعَمَلِ لِلنَّاسِ.
قَوْلُهُ: [تَغْرِيرٌ] : أَيْ تَعْرِيضٌ لِلْإِتْلَافِ وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَ صَانِعٌ فِي مَصْنُوعِهِ، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُؤَخِّرَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَتَسْقُطَ الْأُجْرَةُ أَوْ يَحْضُرُهُ عَلَى الصِّفَةِ لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ الْحَالَاتُ الَّتِي لَا يَضْمَنُ فِيهَا مُجْتَمَعَةً بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ.
قَوْلُهُ: [كَثَقْبِ اللُّؤْلُؤِ] : أَيْ وَكَذَا خَبْزُ الْعَيْشِ فِي الْفُرْنِ.
وَكَذَا الْخِتَانُ وَقَلْعُ الضِّرْسِ وَالطِّبُّ فَلَا ضَمَانَ إلَّا بِالتَّفْرِيطِ.
وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الصَّانِعُ مَصْنُوعَهُ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ: (إنْ نَصَّبَ نَفْسَهُ) لِلصَّنْعَةِ لِلنَّاسِ، احْتِرَازًا عَنْ الْأَجِيرِ لِشَخْصٍ خَاصٍّ أَوْ جَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
(وَغَابَ) الصَّانِعُ (عَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ، احْتِرَازًا مِمَّا إذَا صَنَعَهُ بِحُضُورِ رَبِّهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ أَوْ بَيْتِ رَبِّهِ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا - فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَبَقِيَ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ أَيْضًا:
وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَصْنُوعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، احْتِرَازًا مِنْ عَبْدٍ يَدْفَعُهُ سَيِّدُهُ لِمُعَلِّمٍ نَصَّبَ نَفْسَهُ فَادَّعَى هُرُوبَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي صَنْعَتِهِ تَغْرِيرٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَنْ لَا تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ.
وَإِذَا ضَمِنَ: (فَالْقِيمَةُ) يَضْمَنُهَا (يَوْمَ دَفْعِهِ) لِلصَّانِعِ لَا يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا يَوْمَ الْحُكْمِ (إلَّا أَنْ يُرَى) الْمَصْنُوعَ عِنْدَ الصَّانِعِ (بَعْدَهُ) : أَيْ بَعْدَ يَوْمِ الدَّفْعِ، فَإِنْ رُئِيَ بَعْدَهُ (فَبِآخِرِ رُؤْيَةٍ) . وَإِذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الدَّفْعِ فَلَا أُجْرَةَ لِلصَّانِعِ. وَكَذَا إذَا اُعْتُبِرَتْ بِآخِرِ رُؤْيَةٍ وَلَمْ يَكُنْ مَصْنُوعًا. فَإِنْ كَانَ مَصْنُوعًا ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَصْنُوعًا وَعَلَى رَبِّهِ الْأُجْرَةُ.
(وَلَوْ شَرَطَ) الصَّانِعُ (نَفْيَهُ) : أَيْ نَفْيَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَا يُفِيدُهُ شَرْطُهُ.
(وَهُوَ) شَرْطٌ (مُفْسِدٌ) لِلْعَقْدِ، وَلِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، (فَفِيهِ) - إنْ وَقَعَ وَعَثَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَمَلِ - (أَجْرُ الْمِثْلِ) قَلَّ أَوْ كَثُرَ دُونَ مَا سَمَّى.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إلَّا بِالتَّفْرِيطِ] : هَذَا إذَا كَانَ الْخَاتِنُ وَالطَّبِيبُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَلَمْ يُخْطِئْ: فِي فِعْلِهِ، فَإِنْ أَخْطَأَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ عُوقِبَ وَفِي كَوْنِ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ فِي مَالِهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَالثَّانِي لِمَالِكٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ فِعْلَهُ عَمْدٌ وَالْعَاقِلَةُ لَا تُحْمَلُ عَمْدًا.
قَوْلُهُ: [فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ] : مَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ بِالْفِعْلِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَأَتَى بِهَا تَالِفَةً، أَمَّا لَوْ ادَّعَى ضَيَاعَهَا أَوْ تَلَفَهَا وَلَمْ يَأْتِ بِهَا فَالضَّمَانُ.