الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ الضَّارِبِ أَوْ الرَّامِي لِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مَعْصُومًا وَقْتَ التَّلَفِ وَكَذَا تُعْتَبَرُ حَالَةُ الرَّمْيِ، فَمَنْ رَمَى غَيْرَ مَعْصُومٍ أَوْ أَنْقَصَ مِنْهُ بِرِقٍّ أَوْ كُفْرٍ، فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ أَوْ عَتَقَ الرَّقِيقُ لَمْ يُقْتَصَّ. وَأَمَّا مَنْ قَطَعَ يَدَ مَعْصُومٍ مَثَلًا فَارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْقَطْعِ مُرْتَدًّا ثَبَتَ الْقِصَاصُ فِي الْقَطْعِ فَقَطْ، لِأَنَّهُ كَانَ مَعْصُومًا حَالَ الْقَطْعِ فَقَوْلُهُ:" لِلتَّلَفِ " أَيْ: لَا حِينَ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ أَوْ الرَّمْيِ فَقَطْ وَقَوْلُ الشَّيْخِ: " وَالْإِصَابَةِ " الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي النَّفْسِ لَا الْجُرْحِ. وَسَيَأْتِي لَهُ الْكَلَامُ عَلَى الْجُرْحِ.
وَكَذَا قَوْلُهُ: " قَبْلَهُ حِينَ الْقَتْلِ " لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ الْمُسَاوَاةُ إلَّا حِينَ الْقَتْلِ خَاصَّةً، مَعَ أَنَّهَا تُعْتَبَرُ حِينَ الْقَتْلِ وَحِينَ الْجُرْحِ أَوْ الرَّمْيِ مَعًا كَمَا تَقَدَّمَ
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْعِصْمَةَ تَكُونُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ بِقَوْلِهِ: (بِإِيمَانٍ) أَيْ إسْلَامٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [غَيْرَ مَعْصُومٍ] : أَيْ لِكَوْنِهِ حَرْبِيًّا مَثَلًا.
قَوْلُهُ: [أَوْ كُفْرٍ] : أَيْ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ.
قَوْلُهُ: [فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ] : رَاجِعٌ لِغَيْرِ الْمَعْصُومِ وَلِلْكَافِرِ الذِّمِّيِّ.
قَوْلُهُ: [أَوْ عَتَقَ الرَّقِيقُ] : رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِرِقٍّ فَاتَّكَلَ فِي التَّفْرِيغِ عَلَى صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ.
قَوْلُهُ: [وَقَوْلُ الشَّيْخِ وَالْإِصَابَةِ] : أَيْ حَيْثُ قَالَ خَلِيلٌ لِلتَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا أَيْ حِينَ تَلَفِ النَّفْسِ أَيْ مَوْتِهَا، وَإِلَى الْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمَا قَالَ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [وَسَيَأْتِي لَهُ الْكَلَامُ عَلَى الْجُرْحِ] : أَيْ وَمُصَنِّفُنَا مِثْلُهُ فَلَوْ ذَكَرَ الْإِصَابَةَ لَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ
[مَا تَكُونُ بِهِ الْعِصْمَةَ]
قَوْلُهُ: [بِإِيمَانٍ] : أَيْ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا» .
(أَوْ أَمَانٍ) لِحَرْبِيٍّ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ. شَمَلَ الْأَمَانُ عَقْدَ الْجِزْيَةِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: أَوْ جِزْيَةٍ.
(فَالْقَوَدُ) : جَوَابُ الشَّرْطِ أَيْ: إنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ مَعْصُومًا فَالْقَوَدُ: أَيْ الْقِصَاصُ وَاجِبٌ لِوَلِيِّ الدَّمِ عَلَيْهِ لَا لِغَيْرِ وَلِيِّ الدَّمِ، بَلْ هُوَ مَعْصُومٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ. فَإِذَا قَتَلَ غَيْرُ وَلِيِّ الدَّمِ قَاتِلًا لِمَعْصُومٍ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ:" كَالْقَاتِلِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ ".
وَبَالَغَ عَلَى ثُبُوتِ الْقَوَدِ لِلْوَلِيِّ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ قَالَ) الْمَعْصُومُ لِإِنْسَانٍ: (إنْ قَتَلْتَنِي أَبْرَأْتُك) فَقَتَلَهُ: فَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْ قَاتِلِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ بَعْدَ أَنْ جَرَحَهُ وَلَمْ يُنْفِذْ مَقْتَلَهُ: أَبْرَأْتُك مِنْ دَمِي، لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ إنْفَاذِ مَقْتَلِهِ أَوْ قَالَ لَهُ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ أَمَانٍ] : أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29] إلَى قَوْلِهِ: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] قَوْلُهُ: [فَالْقَوَدُ] : إنَّمَا سُمِّيَ الْقَتْلُ قِصَاصًا بِذَلِكَ لِأَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا يَقُودُونَ الْجَانِي لِمُسْتَحِقِّهَا بِحَبْلٍ وَنَحْوِهِ. هَذَا، وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلْ الْقِصَاصُ مِنْ الْجَانِي يُكَفِّرُ عَنْهُ إثْمَ الْقَتْلِ أَمْ لَا؟ فَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يُكَفِّرُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«الْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا» فَعَمَّمَ وَلَمْ يُخَصِّصْ قَتْلًا مِنْ غَيْرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُهَا لِأَنَّ الْمَقْتُولَ الْمَظْلُومَ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ مِنْ الْقِصَاصِ، وَإِنَّمَا الْقِصَاصُ مَنْفَعَتُهُ لِلْأَحْيَاءِ لِيَنْتَهِيَ النَّاسُ عَنْ الْقَتْلِ، قَالَ تَعَالَى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] وَيُخَصُّ الْحَدِيثُ بِالْحُدُودِ الَّتِي الْحَقُّ فِيهَا لِلَّهِ فَقَطْ وَالْحَقُّ الْأَوَّلُ.