الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَسْتَحِقُّونَ بِالْقَسَامَةِ الْقِصَاصَ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةَ (وَلَوْ) كَانَ الْقَائِلُ: قَتَلَنِي إلَخْ (مَسْخُوطًا) : أَيْ فَاسِقًا (لِعَدْلٍ) : أَيْ ادَّعَى عَلَى عَدْلٍ وَلَوْ أَعْدَلَ وَأَوْرَعَ أَهْلِ زَمَانِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ إلَخْ.
(أَوْ) كَانَ الْقَائِلُ (ابْنًا) : أَيْ وَلَدًا لِأَبِيهِ: أَيْ ادَّعَى عَلَى أَبِيهِ أَنَّهُ ذَبَحَهُ أَوْ شَقَّ جَوْفَهُ أَوْ رَمَاهُ بِحَدِيدَةٍ قَاصِدًا قَتْلَهُ، فَيُقْسِمُونَ وَيُقْتَلُ فِيهِ. وَإِلَّا فَيُقْسِمُونَ وَيَأْخُذُونَ الدِّيَةَ مُغَلَّظَةً.
(وَإِنْ أَطْلَقَ) الْقَائِلُ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِعَمْدٍ وَلَا خَطَأٍ (بَيَّنُوا) : أَيْ أَوْلِيَاؤُهُ أَنَّهُ عَمْدٌ أَوْ خَطَأٌ وَأَقْسَمُوا عَلَى مَا بَيَّنُوا.
(وَبَطَلَتْ) الْقَسَامَةُ (إنْ قَالُوا: لَا نَعْلَمُ) هَلْ الْقَتْلُ عَمْدٌ أَوْ خَطَأٌ أَوْ لَا نَعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ (أَوْ اخْتَلَفُوا) بِأَنْ قَالَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ: قَتَلَهُ عَمْدًا.
وَقَالَ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ] : أَيْ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِ، قَالَ فِي الْمُقَدَّمَاتِ: إنْ قَالَ قَتَلَنِي خَطَأً فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ: إحْدَاهُمَا أَنَّ قَوْلَهُ يُقْبَلُ وَيَكُونُ مَعَهُ الْقَسَامَةُ وَلَا يُتَّهَمُ وَهَذَا أَشْهَرُ، وَالثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إغْنَاءَ وَرَثَتِهِ فَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ لِي عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَظْهَرُ فِي الْقِيَاسِ وَإِنْ كَانَ خَلِيلٌ رَدَّ عَلَيْهَا بِلَوْ أَفَادَهُ بْن.
قَوْلُهُ: [قَاصِدًا قَتْلَهُ] : قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ رَمَاهُ بِحَدِيدَةٍ.
قَوْلُهُ: [وَيُقْتَلُ فِيهِ] : أَيْ فِي الْأَمْثِلَةِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
وَقَوْلُهُ: [وَإِلَّا] : أَيْ بِأَنْ قَالَ: دَمِي عِنْدَ أَبِي مَثَلًا أَوْ رَمَانِي بِحَدِيدَةٍ وَلَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ الْقَصْدَ.
قَوْلُهُ: [وَلَمْ يُقَيِّدْ بِعَمْدٍ وَلَا خَطَأً] : عَطْفُ تَفْسِيرٍ.
[كَيْفِيَّة الْقَسَامَة]
قَوْلُهُ: [أَوْ لَا نَعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ] : أَيْ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنْ قُلْت: مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَاتِلَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الْمَقْتُولِ فَكَيْفَ يَقُولُونَ لَا نَعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَالَ قَتَلَنِي زَيْدٌ مَثَلًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُشَارِكٌ فِي الِاسْمِ فَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ قَوْلُهُمْ لَا نَعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ
بَعْضُهُمْ: لَا نَعْلَمُ هَلْ قَتَلَهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا؛ فَيَبْطُلُ الدَّمُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى أَنَّ وَلِيَّهُمْ قُتِلَ عَمْدًا حَتَّى يَسْتَحِقُّوا الْقَوَدَ، وَلَا عَلَى مَنْ قَتَلَهُ فَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ، أَمَّا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ: قَتَلَهُ خَطَأً، وَقَالَ الْبَعْضُ: لَا نَعْلَمُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا، فَلِمُدَّعِي الْخَطَأِ الْحَلِفُ لِجَمِيعِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ لِأَنَّ الثَّابِتَ فِي الْخَطَأِ مَالٌ أَمْكَنَ تَوْزِيعُهُ، وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهِ. وَمِثْلُهُ لَوْ قَالُوا جَمِيعًا: خَطَأً، وَنَكَلَ الْبَعْضُ. فَلَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ: خَطَأً وَبَعْضُهُمْ: عَمْدًا، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ - كَالْبَنِينَ أَوْ الْإِخْوَةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَيَبْطُلُ الدَّمُ] : هَذَا هُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ صَرَّحَ بِهِ لِلْإِيضَاحِ وَإِلَّا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبَطَلَتْ يَدُلُّ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَّفِقُوا] : إلَخْ: لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، فَإِنَّ قَوْلَهُ لَمْ يُتَّفَقُوا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا نَعْلَمُ هَلْ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً.
قَوْلُهُ: [حَتَّى يَسْتَحِقُّوا الْقَوَدَ] : أَيْ وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى أَنَّهُ خَطَأٌ حَتَّى يَسْتَحِقُّوا الدِّيَةَ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: [وَلَا عَلَى مَنْ قَتَلَهُ] : رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا نَعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا التَّفْرِيعَ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ اخْتَلَفُوا وَلَمْ يُفَرِّعْ عَلَى حَلِّ قَوْلِهِ أَوْ اخْتَلَفُوا وَلَوْ فَرَّعَ عَلَيْهِ لَقَالَ فَيَبْطُلُ الدَّمُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى الْعَمْدِ حَتَّى يُقْتَصَّ لَهُمْ وَالدَّمُ لَا يَتَبَعَّضُ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَحْسُنُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ: قَتَلَهُ خَطَأً وَفِي الْعِبَارَةِ تَعْقِيدٌ وَخَلَلٌ لَا يَخْفَى.
قَوْلُهُ: [فَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ] : الْمُنَاسِبُ حَذْفُ النُّونِ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ] إلَخْ: هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِأَنْ قَالَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ: قَتَلَهُ عَمْدًا.
قَوْلُهُ: [وَمِثْلُهُ] : أَيْ فِي كَوْنِ مَنْ لَمْ يَنْكُلْ يَحْلِفُ جَمِيعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَنَكَلَ الْبَعْضُ] : أَيْ وَحَلَفَ الْبَعْضُ جَمِيعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ.
قَوْلُهُ: [فَلَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ] : إلَخْ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَفْهُومِ قَوْلِ الشَّارِحِ بِأَنْ قَالَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ] : أَيْ وَهِيَ فِي كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ لَهُ التَّكَلُّمُ
فَيَحْلِفُ الْجَمِيعُ عَلَى كُلٍّ طِبْقَ دَعْوَاهُ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِ، وَيُقْضَى لِلْجَمِيعِ بِدِيَةِ الْخَطَأِ. فَلَوْ نَكَلَ مُدَّعِي الْخَطَأَ عَنْ الْحَلِفِ فَلَا شَيْءَ لِلْجَمِيعِ وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُ مُدَّعِي الْخَطَأَ فَلِمُدَّعِي الْعَمْدَ الدُّخُولُ فِي حِصَّةِ مَنْ حَلَفَ.
(أَوْ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ) هَذَا ثَانِي أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ، فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ:" أَوْ عَلَى قَوْلِ حُرٍّ ": أَيْ شَهِدَ عَدْلَانِ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ.
(أَوْ) مُعَايَنَةِ (الْجُرْحِ) خَطَأً أَوْ عَمْدًا أَيْ جُرْحُ أَوْ ضَرْبُ حُرٍّ مُسْلِمٍ.
(وَتَأَخُّرُ الْمَوْتِ) شَرْطٌ فِي الْقَسَامَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَأَخَّرْ فَيَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ أَوْ الدِّيَةَ بِدُونِ قَسَامَةٍ.
وَبَيَّنَ كَيْفِيَّةَ الْقَسَامَةِ فِي هَذَا الْمِثَالِ بِقَوْلِهِ: (يُقْسِمُ) أَوْلِيَاؤُهُ (لِمَنْ ضَرَبَهُ) أَوْ جَرَحَهُ (مَاتَ) بِتَقْدِيمِ الْجَارِّ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ (أَوْ إنَّمَا مَاتَ مِنْهُ) وَأَمَّا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ فَيَحْلِفُونَ: لَقَدْ قَتَلَهُ، وَذَكَرَ الْمِثَالَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ:(أَوْ) شَهَادَةُ (عَدْلٍ بِذَلِكَ) : أَيْ بِمُعَايَنَةِ الضَّرْبِ وَالْجُرْحِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
كَمَا مَثَّلَ الشَّارِحُ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ أَنَّهُمْ لَوْ اخْتَلَفُوا فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَاخْتَلَفَتْ مَرْتَبَتُهُمْ قُرْبًا وَبُعْدًا وَكَانَ الْجَمِيعُ لَهُ التَّكَلُّمُ كَبَنَاتٍ وَأَعْمَامٍ فَإِنْ قَالَتْ الْعَصَبَةُ: عَمْدًا وَالْبَنَاتُ خَطَأً كَانَ الدَّمُ هَدَرًا لَا قَسَامَةَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ وَلَا قَوَدَ، وَإِنْ قَالَتْ الْعَصَبَةُ: خَطَأً وَالْبَنَاتُ عَمْدًا حَلَفَتْ الْعَصَبَةُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَكَانَ لَهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْبَنَاتِ لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً كَمَا يَأْتِي، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَاسْتَوَتْ دَرَجَتُهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لِلْجَمِيعِ التَّكَلُّمُ كَبَنَاتٍ مَعَ بَنِينَ فَالْعِبْرَةُ بِكَلَامِ الْبَنِينَ كَمَا أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِكَلَامِ الْأَعْمَامِ مَعَ الْبَنِينَ.
قَوْلُهُ: [الدُّخُولُ فِي حِصَّةِ مَنْ حَلَفَ] : أَيْ عَلَى مَا لِلشَّيْخِ يُوسُفَ الْفِيشِيِّ فَإِذَا كَانَ مُدَّعِي الْخَطَأَ اثْنَيْنِ وَمُدَّعِي الْعَمْدَ اثْنَيْنِ وَحَلَفَ وَاحِدٌ مِنْ مُدَّعِي الْخَطَأَ كَانَ لِمُدَّعِي الْعَمْدَ الْحَلِفُ مَعَهُ، وَتَأْخُذُ الثَّلَاثَةُ نِصْفَ الدِّيَةِ يُقَسَّمُ عَلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ: [أَوْ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ] إلَخْ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَثَرٌ.
قَوْلُهُ: [بِدُونِ قَسَامَةٍ] : أَيْ لِكَوْنِهَا شَهَادَةً عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ.
قَوْلُهُ: [أَوْلِيَاؤُهُ] : الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَيْ الْمُسْتَحِقُّ لِأَنَّ الْفَاعِلَ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ مُفْرَدٌ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْفَاعِلَ اسْمٌ ظَاهِرٌ مَحْذُوفٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ
(مُطْلَقًا) : عَمْدًا أَوْ خَطَأً تَأَخَّرَ الْمَوْتُ أَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ.
(يُقْسِمُ) الْأَوْلِيَاءُ خَمْسِينَ يَمِينًا صِيغَتُهَا الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْيَمِينِ الْمُكَمِّلَةُ لِلنِّصَابِ مِنْ الْعَدْلِ: (لَقَدْ جَرَحَهُ) أَوْ ضَرَبَهُ (وَمَاتَ مِنْهُ) : مِنْ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ.
وَقِيلَ: يَحْلِفُ وَاحِدٌ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ يَمِينًا مُكَمِّلَةً الشَّهَادَةَ أَنَّهُ ضَرَبَهُ أَوْ جَرَحَهُ ثُمَّ يَحْلِفُونَ الْخَمْسِينَ إلَخْ: لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي صِفَةِ الْقَسَامَةِ.
(أَوْ) شَهِدَ عَدْلٌ (بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِعَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ) أَيْ قَالَ بَالِغٌ: إنَّ فُلَانًا جَرَحَنِي أَوْ ضَرَبَنِي عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَشَهِدَ عَدْلٌ عَلَى قَوْلِهِ، فَشَهَادَتُهُ لَوْثٌ يَحْلِفُ الْأَوْلِيَاءُ خَمْسِينَ يَمِينًا بِالصِّيغَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْيَمِينِ الْمُكَمِّلَةِ لِلنِّصَابِ، فَلَا يَحْتَاجُونَ لِيَمِينٍ مُنْفَرِدَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
لِأَنَّ الْفَاعِلَ لَا يُحْذَفُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا.
قَوْلُهُ: [أَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ] : عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ تَأَخَّرَ أَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ.
قَوْلُهُ: [يُقْسِم الْأَوْلِيَاءُ] : يُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: [مِنْ الْجُرْحِ] الْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِأَيْ التَّفْسِيرِيَّةِ بَدَلَ مِنْ.
قَوْلُهُ: [لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي صِيغَةِ الْقَسَامَةِ] : أَيْ مَعَ كُلِّ يَمِينٍ فَلَا حَاجَةَ لِيَمِينٍ أُخْرَى مِنْ أَحَدِ الْأَوْلِيَاءِ حَيْثُ يُعَبِّرُ فِي كُلِّ يَمِينٍ لَقَدْ جَرَحَهُ وَمَاتَ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ شَهِدَ عَدْلٌ] إلَخْ: هَذَا هُوَ الْمِثَالُ الرَّابِعُ.
وَقَوْلُهُ: [أَوْ شَهِدَ عَدْلٌ بِرُؤْيَتِهِ] : هُوَ الْمِثَالُ الْخَامِسُ.
قَوْلُهُ: [بِعَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ] : هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِقَوْلِ خَلِيلٍ أَنَّهُ لَوْثٌ فِي الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَأِ، فَقَدْ اعْتَرَضَهُ بْن بِقَوْلِهِ إنَّ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ لَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ وَإِنَّمَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ: التَّوَقُّفُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مُطْلَقًا، وَالِاكْتِفَاءُ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: [أَيْ قَالَ بَالِغٌ] : أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ بِالْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ بَالِغًا إذْ إقْرَارُ غَيْرِهِ لَا يُعْتَبَرُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا أَيْضًا، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ فَتُعْتَبَرُ فِي الْبَالِغِ وَغَيْرِهِ كَذَا فِي شب.
(يُقْسِمُونَ: لَقَدْ قَتَلَهُ أَوْ) : شَهِدَ عَدْلٌ (بِرُؤْيَتِهِ) : أَيْ الْمَقْتُولُ حَالَ كَوْنِ الْمَقْتُولِ (يَتَشَحَّطُ) بِحَاءٍ وَطَاءٍ مُهْمَلَتَيْنِ: يَتَحَرَّك (فِي دَمِهِ. وَ) الشَّخْصُ (الْمُتَّهَمُ) بِالْقَتْلِ (قَرَّبَهُ عَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى الْمُتَّهَمِ (أَثَرُهُ) : أَيْ أَثَرُ الْقَتْلِ؛ كَكَوْنِ الْآلَةِ بِيَدِهِ مُلَطَّخَةً بِدَمٍ أَوْ خَارِجًا مِنْ مَكَانِ الْمَقْتُولِ وَلَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ، فَتَكُونُ شَهَادَةُ الْعَدْلِ عَلَى مَا ذُكِرَ لَوْثًا يُحَلِّفُونَ الْأَوْلِيَاءَ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ، وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْقَسَامَةُ وَلَوْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ؛ كَشَهَادَةِ عَدْلٍ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ مَعَ عَدْلَيْنِ عَلَى قَوْلِ الْمَقْتُولِ: قَتَلَنِي فُلَانٌ، فَلَا يَقْتَصُّونَ وَلَا يَأْخُذُونَ الدِّيَةَ إلَّا بَعْدَ الْقَسَامَةِ. .
(وَلَيْسَ مِنْهُ) : أَيْ مِنْ اللَّوْثِ (وُجُودُهُ) : أَيْ الْمَقْتُولِ (بِقَرْيَةِ قَوْمٍ) : وَلَوْ مُسْلِمًا بِقَرْيَةِ كُفَّارٍ، وَهَذَا إذَا كَانَ يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ فِي الْقَرْيَةِ، وَإِلَّا كَانَ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ. «كَمَا جَعَلَ صلى الله عليه وسلم الْقَسَامَةَ لِابْنَيْ عَمِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [يُقْسِمُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ] : أَيْ فَصِيغَةُ يَمِينِهِمْ فِي الْخَمْسِينَ يَمِينًا يَقُولُونَ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَأَخُّرِ الْمَوْتِ وَعَدَمِهِ فِي هَذَا الْمِثَالِ وَالْمَدَارُ عَلَى ثُبُوتِهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ شَهِدَ عَدْلٌ بِرُؤْيَتِهِ] : لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْعَدْلِ بِذَلِكَ بَلْ كَذَلِكَ عَدْلَانِ أَوْ أَكْثَرَ إذْ لَيْسَ الْمُوجِبُ لِلْقَسَامَةِ انْفِرَادَ الْعَدْلِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ، بَلْ قُوَّةَ التُّهْمَةِ وَعَدَمَ التَّحَقُّقِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَذَا فِي بْن.
قَوْلُهُ: [يُحَلِّفُونَ الْأَوْلِيَاءَ] : أَيْ وَصِيغَةُ أَيْمَانِهِمْ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا.
قَوْلُهُ: [وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ] : لَكِنَّ مِثَالَ رُؤْيَةِ الْعَدْلِ الْمَقْتُولِ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ وَالْمُتَّهَمُ بِقُرْبِهِ عَلَيْهِ أَثَرُهُ بِبُعْدِ كَوْنِ الْقَتْلِ خَطَأً بَلْ الشَّأْنُ أَنَّهُ عَمْدٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ بَعِيدٌ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَقْتَصُّونَ] : أَيْ فِي الْعَمْدِ.
وَقَوْلُهُ: [وَلَا يَأْخُذُونَ الدِّيَةَ] : أَيْ فِي الْخَطَأِ.
قَوْلُهُ: [بِقَرْيَةِ قَوْمٍ] : أَيْ وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْضًا مَوْتُهُ بِالزِّحَامِ بَلْ هُوَ هَدَرٌ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَوْثٌ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَفَادَهُ بْن.
قَوْلُهُ: [لِابْنَيْ عَمِّ عَبْدِ اللَّهِ] : وَهُمَا حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مُصَغَّرًا فِيهِمَا. فَعَنْ سَهْلِ بْنِ حَثْمَةَ قَالَ: «انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ بْنُ مَسْعُودٍ إلَى
» حَيْثُ وُجِدَ مَقْتُولًا بِخَيْبَرَ، لِأَنَّ خَيْبَرَ مَكَانٌ لَا يُخَالِطُ الْيَهُودَ فِيهَا غَيْرُهُمْ.
(أَوْ) وُجِدَ مَقْتُولًا (بِدَارِهِمْ) : لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ غَيْرُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَالدَّارِ وَرَمَاهُ عِنْدَهُمْ حَيْثُ كَانَ يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ فِي الدَّارِ أَيْضًا. .
(وَإِنْ انْفَصَلَتْ بُغَاةٌ) : أَيْ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا تَحْتَ طَاعَةِ الْإِمَامِ (عَنْ قَتْلَى) مُتَعَلِّقٌ بِانْفَصَلَتْ، (وَلَمْ يُعْلَمُ الْقَاتِلُ) فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوْدَ وَدَمُهُمْ هَدَرٌ قَالَ الْمَقْتُولُ: قَتَلَنِي فُلَانٌ أَمْ لَا، قَامَ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ الْبُغَاةِ أَمْ لَا. إذْ لَوْ قَامَ شَاهِدٌ مِنْ غَيْرِهِمْ لَكَانَ لَوْثًا قَطْعًا. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ الْإِمَامِ فِي الْعُتْبِيَّةِ:" لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ ": إنْ تَجَرَّدَ الْقَتْلُ عَنْ تَدْمِيَةٍ وَعَنْ شَاهِدٍ. أَمَّا لَوْ قَالَ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ، أَوْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ شَاهِدٌ مِنْ الْبُغَاةِ فَالْقَسَامَةُ وَالْقَوْدُ، -.
ــ
[حاشية الصاوي]
خَيْبَرَ وَهِيَ يَوْمئِذٍ صُلْحٌ فَتَفَرَّقَا فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلًا فَدَفَنَهُ، ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ وَمُحَيِّصَةَ وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ: كَبِّرْ كَبِّرْ وَهُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَا فَقَالَ: أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ قَاتِلِكُمْ أَوْ صَاحِبِكُمْ؟ قَالُوا: كَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ؟ قَالَ: فَسَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ خَمْسِينَ يَمِينًا مِنْهُمْ قَالُوا: وَكَيْفَ نَأْخُذُ بِأَيْمَانِ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: بِمِائَةِ بَعِيرٍ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ» .
قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانُوا تَحْتَ طَاعَةِ الْإِمَامِ] : أَيْ هَذَا إذَا كَانُوا خَارِجِينَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَهُمْ الْبُغَاةُ بِالْمَعْنَى الْآتِي، بَلْ وَإِنْ كَانُوا تَحْتَ طَاعَتِهِ وَلَا يُسَمُّونَ بُغَاةً بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ.
قَوْلُهُ: [عَنْ قَتْلَى] : جَمْعُ قَتِيلٍ. .
قَوْلُهُ: [وَدَمُهُمْ هَدَرٌ] : نَحْوُهُ فِي عب وَالْخَرَشِيِّ، وَنَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَنَقَلَهُ ر عَنْ الْفَاكِهَانِيِّ، وَاعْتَرَضَهُ ر قَائِلًا: لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ عِيَاضٌ وَالْأَبِيُّ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ فِي قَتِيلِ الصَّفَّيْنِ أَنَّ فِيهِ الدِّيَةَ عَلَى الْفِئَةِ مَتَى نَازَعَتْهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْفِئَتَيْنِ فَدِيَتُهُ عَلَيْهِمَا لَا أَنَّهُ هَدَرٌ كَذَا فِي بْن.