الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ فَسَخَ قَبْلَ الْعَمَلِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ وَاجَرَهُ عَلَى دَبْغِ جُلُودٍ أَوْ عَمَلِهَا أَوْ نَسْجِ ثَوْبٍ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَهَا إذَا فَرَغَ لَمْ يَجُزْ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ تَخْرُجُ؛ وَلِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَأْجَرَ بِهِ. أَصْبَغُ؛ فَإِنْ نَزَلَ فَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ وَالثَّوْبُ وَالْجُلُودُ لِرَبِّهَا.
(أَوْ جُزْءٍ رَضِيعٍ) : آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ جُعِلَ أَجْرًا لِمَنْ يُرْضِعَهُ عَلَى أَنْ يَمْلِكَهُ بَعْدَ الرَّضَاعِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ يَمْلِكُهُ (مِنْ الْآنَ) : لِأَنَّ الرَّضِيعَ قَدْ يَتَغَيَّرُ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ رَضَاعُهُ لِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ خَلْفُهُ فَيَصِيرُ نَقْدُ الْأُجْرَةِ فِيهَا كَالنَّقْدِ فِي الْأُمُورِ الْمُحْتَمَلَةِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.
(وك: اُحْصُدْهُ وَادْرُسْهُ وَلَك نِصْفُهُ)، أَوْ ثُلُثُهُ: فَفَاسِدٌ وَكَذَا اُدْرُسْهُ فَقَطْ وَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ إنْ عَمِلَ. وَأَمَّا اُحْصُدْهُ فَقَطْ فَصَحِيحٌ وَسَيَأْتِي.
(وَ
كِرَاءُ الْأَرْضِ) :
أَيْ لِلزِّرَاعَةِ (بِطَعَامٍ) أَنْبَتَتْهُ كَقَمْحٍ أَوْ لَمْ تُنْبِتْهُ كَلَبَنٍ وَسَمْنٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الرَّضِيعَ قَدْ يَتَغَيَّرُ] إلَخْ: قَالَ (شب) فَإِنْ مَاتَ الرَّضِيعُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنْ مَلَكَهُ مِنْ الْآنَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبَضَهُ يَدْفَعُهَا لِرَبِّهِ وَلَهُ أُجْرَةُ رَضَاعِ نِصْفِهِ أَيْ لَهُ نِصْفُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي رَضَعَهَا، وَإِنْ مَلَّكَهُ لَهُ بَعْدَ الْفِطَامِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيمَا أَرْضَعَهُ وَمُصِيبَتُهُ مِنْ رَبِّهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَجِيرِ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْفِطَامِ، وَأَمَّا إنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْفِطَامِ وَلَهُ أُجْرَةُ رَضَاعِ مِثْلِهِ كَذَا يُفِيدُهُ كَلَامُ بْن (اهـ) .
قَوْلُهُ: [فَيَصِيرُ نَقْدُ الْأُجْرَةِ فِيهَا] : أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي هِيَ جُعِلَ لَهُ فِيهَا الْجُزْءُ مِنْ الْآنَ.
وَقَوْلُهُ: [كَالنَّقْدِ فِي الْأُمُورِ الْمُحْتَمَلَةِ] : أَيْ لِلسَّلَامَةِ وَعَدَمِهَا.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ مُمْتَنِعٌ] : أَيْ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَلِلْغَرَرِ فِي الْمُقَوَّمَاتِ.
[كِرَاءُ الْأَرْضِ]
قَوْلُهُ: [فَفَاسِدٌ] : أَيْ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخْرُجُ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَبِّ وَهُوَ مَغِيبٌ لَا يَدْرِي كَمْ يَخْرُجُ وَكَيْفَ يَخْرُجُ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا اُحْصُدْهُ فَقَطْ فَصَحِيحٌ] : أَيْ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ الزَّرْعِ وَهُوَ مَرْئِيٌّ.
قَوْلُهُ: [أَيْ لِلزِّرَاعَةِ] : سَيَأْتِي مَفْهُومُهُ وَمِنْ كِرَاءِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ بِالطَّعَامِ الْغِلَالِ الَّتِي يَأْخُذُهَا الْمُلْتَزِمُونَ خَرَاجًا عَنْ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ سَوَاءٌ كَانَ جَاعِلًا عَلَيْهَا غِلَالًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ أَمْ لَا، بَلْ وَلَوْ أُخِذَتْ بَدَلًا عَنْ الدَّرَاهِمِ الْمَجْعُولَةِ خَرَاجًا كَمَا يُفِيدُهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ لَمْ تُنْبِتْهُ كَلَبَنٍ] إلَخْ: أَيْ وَكَذَلِكَ الشَّاةُ الْمَذْبُوحَةُ وَالْحَيَوَانُ الَّذِي لَا يُرَادُ
وَعَسَلٍ (أَوْ بِمَا أَنْبَتَتْهُ) مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَعُصْفُرٍ وَزَعْفَرَانٍ وَتِبْنٍ وَبُوصٍ (إلَّا كَخَشَبٍ) مِمَّا يَطُولُ مُكْثُهُ حَتَّى يُعَدَّ كَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا؛ كَالْعُودِ الْهِنْدِيِّ وَالصَّنْدَلِ وَالْحَطَبِ وَالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ فَيَجُوزُ. كَمَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا لِغَيْرِ الزِّرَاعَةِ بِطَعَامٍ وَبِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَبَيْعُهَا بِهِ. وَعِلَّةُ الْمَنْعِ فِي كِرَائِهَا بِطَعَامٍ: أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ بِطَعَامٍ إلَى أَجَلٍ. وَعِلَّتُهُ فِي كِرَائِهَا بِمَا تُنْبِتُهُ: الْمُزَابَنَةُ؛ إذْ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَهِيَ عِلَّةٌ ضَعِيفَةٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
إلَّا لِلذَّبْحِ كَخَصِيِّ الْمَعْزِ وَالسَّمَكِ وَطَيْرِ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ الَّذِي يُرَادُ لِلَّبَنِ بِخِلَافِ كِرَائِهَا بِالْحَيَوَانِ الَّذِي يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ لِغَيْرِ اللَّبَنِ فَيَجُوزُ كَجَوَازِهَا بِالْمَاءِ وَلَوْ مَاءِ زَمْزَمَ.
قَوْلُهُ: [كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ] : الْمُرَادُ شَعْرُهُمَا وَأَمَّا ثِيَابُهُمَا فَجَائِزٌ كَمَا فِي (ح) وَمُقْتَضَى آخِرِ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالْغَزْلِ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعُودُ (اهـ عب) .
قَوْلُهُ: [وَبُوص] : الْمُرَادُ بِهِ حَطَبُ الذُّرَةِ، وَأَمَّا الْبُوصُ الْفَارِسِيُّ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ كَالْخَشَبِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا كَخَشَبٍ] : شَمَلَ كِرَاءَهَا بِشَجَرٍ لَيْسَ بِهِ ثَمَرٌ أَوْ بِهِ وَهُوَ مُؤَبَّرٌ لِأَنَّهُ يَبْقَى لِرَبِّهِ لَا بِهِ غَيْرَ مُؤَبَّرٍ.
قَوْلُهُ: [مِمَّا يَطُولُ مُكْثُهُ] : يَتَنَاوَلُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالرَّصَاصَ وَالنُّحَاسَ وَالْكِبْرِيتَ وَالْمَغْرَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ سَائِرِ الْمَعَادِنِ، لِأَنَّ شَأْنَهَا تُنْبِتُ بِنَفْسِهَا فِي الْأَرْضِ وَيَطُولُ مُكْثُهَا فِيهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمِلْحُ فَلَا يَجُوزُ كِرَاءُ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ بِهِ وَيَجُوزُ كِرَاءُ أَرْضِ الْمِلَاحَةِ بِهِ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [كَمَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا لِغَيْرِ الزِّرَاعَةِ] : أَيْ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهَا أَنْ تُزْرَعَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ شُيُوخِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيُّ مِنْ الْمَنْعِ كَذَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [وَبَيْعُهَا بِهِ] : أَيْ يَجُوزُ بَيْعُ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ وَبِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَعَامًا فَالنَّهْيُ قَاصِرٌ عَلَى الْكِرَاءِ لَا عَلَى الْبَيْعِ.
قَوْلُهُ: [الْمُزَابَنَةُ] : أَيْ حَيْثُ بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ مَعْلُومًا وَهُوَ الْأَجْرُ الَّذِي يَدْفَعُهُ بِمَجْهُولٍ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَوَجْهُ ضَعْفِهِ أَنَّ هَذَا لَا يَتَّجِهُ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ.
(وَحَمْلُ شَيْءٍ) : طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ (لِبَلَدٍ) بَعِيدٍ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَبْضِ الْمُعَيَّنِ إلَيْهِ (بِنِصْفِهِ) مَثَلًا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ؛ فَإِنْ وَقَعَ فَأَجْرُ مِثْلِهِ وَالطَّعَامُ كُلُّهُ لِرَبِّهِ، قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. (إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ) : أَيْ الْجُزْءَ الْمُسْتَأْجَرَ بِهِ (الْآنَ) : أَيْ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ أَيْ وَقَعَ بِشَرْطِ تَعْجِيلِهِ، أَوْ كَانَ الْعُرْفُ تَعْجِيلَهُ فَيَجُوزُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ التَّعْجِيلَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ التَّعْجِيلُ فَسَدَتْ وَلَوْ عُجِّلَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ:" أَوْ عُيِّنَ " وَأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَيَجْرِي فِيهَا التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ، فَيَكُونُ مَعْنَى: إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ أَيْ بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ.
(وك: إنْ خِطْته) مَثَلًا أَيْ خَرَزْته أَوْ نَجَرْته أَوْ كَتَبْته (الْيَوْمَ) مَثَلًا أَوْ فِي هَذِهِ الْجُمُعَةِ أَوْ هَذَا الشَّهْرِ (فَلَكَ كَذَا) : أَيْ مِنْ الْأَجْرِ كَعَشَرَةٍ وَإِلَّا تَخِطْهُ الْيَوْمَ، بَلْ أَزْيَدُ (فَكَذَا) مِنْ الْأَجْرِ أَيْ أَقَلَّ كَثَمَانِيَةٍ؛ فَفَاسِدَةٌ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ. فَإِنْ وَقَعَ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَقَوْلُهُ: [لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَبْضِ الْمُعَيَّنِ إلَيْهِ] : أَيْ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ يَمْنَعُ تَأْخِيرَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ لَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ.
قَوْلُهُ: [وَالطَّعَامُ كُلُّهُ لِرَبِّهِ] : هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَقِيلَ: نِصْفُهُ لِلْجَمَّالِ وَيَضْمَنُ مِثْلَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي حُمِلَ مِنْهُ وَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي دَبْغِ الْجُلُودِ إذَا اسْتَأْجَرَهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا عِنْدَ الْفَرَاغِ، وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ (اهـ بْن مُلَخَّصًا) .
قَوْلُهُ: [أَيْ بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ] : أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ بِالْفِعْلِ قَالَ (بْن) حِكَايَةً عَنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيُّ حَيْثُ وَقَعَ الشَّرْطُ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ النَّقْدَ فَالْجَوَازُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ (اهـ) ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ حُرْمَةَ بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إنْ دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ غَيْرَ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ فَجَائِزٌ خِلَافًا لِمَنْ يَفْهَمُ غَيْرَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا تَخِطْهُ] إلَخْ: وَيُقَالُ فِي الْخَرْزِ وَالنِّجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ مَا قِيلَ فِي الْخِيَاطَةِ.
قَوْلُهُ: [فَفَاسِدَةٌ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ] : اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ فَسَادِ هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْإِلْزَامِ وَلَوْ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا جَازَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغَرَرَ لَا يُعْتَبَرُ مَعَ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَمْرًا فَكَأَنَّهُ مَا عَقَدَ إلَّا عَلَيْهِ لِأَنَّ عَقْدَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ، وَأَمَّا دَفْعُ دَرَاهِمَ بَعْدَ الْعَقْدِ زِيَادَةً عَلَى الْأُجْرَةِ لِيُسْرِعَ لَهُ بِالْعَمَلِ فَذَلِكَ
فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى خَاطَهُ فِي الْيَوْمِ أَوْ أَكْثَرَ.
وَ (اعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي) وَلَمْ يُقَيِّدْ بِاحْتِطَابٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ) اعْمَلْ (فِي حَانُوتِي) أَوْ فِي حَمَّامِي أَوْ سَفِينَتِي، وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَمَا تَحَصَّلَ) مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ (فَلَكَ نِصْفُهُ) مَثَلًا فَفَاسِدَةٌ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ فَتُفْسَخُ. (فَإِنْ عَمِلَ فَلِلْعَامِلِ) : أَيْ فَجَمِيعُ مَا تَحَصَّلَ يَكُونُ لَهُ (وَعَلَيْهِ) لِرَبِّهَا (أُجْرَةُ مِثْلِهَا) : ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا عَامٌّ فِي الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ مَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الشُّرَّاحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ:" فَإِنْ عَمِلَ " إلَخْ خَاصٌّ بِالدَّابَّةِ وَالسَّفِينَةِ، وَأَمَّا الْحَمَّامُ وَالدَّارُ وَالْحَانُوتُ فَمَا حَصَلَ مِنْ الْأُجْرَةِ يَكُونُ لِلْأَجِيرِ، وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْحَانُوتِ أَوْ الدَّارِ أَوْ الْحَمَّامِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، مِثْلَ " لِتُكْرِيهَا " الْآتِي. قَالَ عِيَاضٌ: لِأَنَّ مَا لَا يَذْهَبُ فِيهِ وَلَا عَمَلَ فِيهِ لِمُتَوَلِّيهِ كَالرِّبَاعِ فَهُوَ فِيهِ أَجِيرٌ وَالْكَسْبُ لِرَبِّهِ وَيَسْتَوِي فِيهِ اعْمَلْ وَوَاجِرْ. وَنَقَلَهُ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَقَبِلَهُ، وَقَالَهُ اللَّخْمِيُّ. اُنْظُرْ الْمُحَشِّي.
(عَكْسَ) قَوْلِهِ: (أَكْرِهَا) : أَيْ الدَّابَّةَ لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهَا (وَلَك) مِنْ الْكِرَاءِ
ــ
[حاشية الصاوي]
جَائِزٌ كَمَا فِي (ح) ، وَيُقَالُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَسْرَعَ فَازَ بِالزِّيَادَةِ وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَلَى شَرْطٍ لَمْ يَتِمَّ.
قَوْلُهُ: [وَلَمْ يُقَيِّدْ بِاحْتِطَابٍ أَوْ غَيْرِهِ] : بَلْ وَلَوْ قَيَّدَ إنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ الْآتِي. بِخِلَافٍ نَحْوِ: احْتَطِبْ وَلَك نِصْفُهُ، أَنَّ مَا هُنَا أُرِيدَ بِهِ قِسْمَةُ الْأَثْمَانِ وَمَا يَأْتِي أُرِيدَ بِهِ قِسْمَةُ نَفْسِ الْحَطَبِ كَمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ.
قَوْلُهُ: [وَعَلَيْهِ لِرَبِّهَا أُجْرَةُ مِثْلِهَا] : أَيْ لِأَنَّ الْعَامِلَ كَأَنَّهُ اكْتَرَى ذَلِكَ كِرَاءً فَاسِدًا ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ عَمِلَ وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا كَانَ مُطَالَبًا بِالْكِرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ، وَخَالَفَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، فَقَالَ إنْ عَاقَهُ عَنْ الْعَمَلِ عَائِقٌ وَعَرَفَ ذَلِكَ الْعَائِقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ مَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الشُّرَّاحِ] : مِنْهُمْ الشَّيْخُ (عب) ، وَالْخَرَشِيُّ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [يَكُونُ لِلْأَجِيرِ] : صَوَابُهُ لِرَبِّهَا كَمَا يَأْتِي فِي آخِرِ السِّوَادَةِ. وَقَوْلُهُ: [وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْحَانُوتِ] إلَخْ: صَوَابُهُ لِلْأَجِيرِ كَمَا يَأْتِي أَيْضًا.
قَوْلُهُ: [اُنْظُرْ الْمُحَشِّيَ] : الْمُرَادُ بِهِ (بْن) .
قَوْلُهُ: [عَكْسُ قَوْلِهِ أَكْرِهَا] : الْمُرَادُ الْعَكْسُ فِي الْحُكْمِ بَعْدَ الْوُقُوعِ لِأَنَّ فِي الْأُولَى
(النِّصْفُ)
فَإِنَّهُ يُفْسَخُ، فَإِنْ أَكْرَاهَا وَعَمِلَ الْعَامِلُ عَلَيْهَا فَمَا حَصَلَ مِنْ الْأَجْرِ فَهُوَ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ لِمَنْ أَكْرَاهَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي تَوْلِيَةِ مَا ذُكِرَ وَإِنْ قَالَ رَبُّهَا: اعْمَلْ عَلَيْهَا وَلَك نِصْفُهُ فَأَكْرَاهَا، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِلْأَجِيرِ وَلِرَبِّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ (انْتَهَى)، فَيَكُونُ لِرَبِّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَمَا حَصَلَ فَلِلْأَجِيرِ سَوَاءٌ عَمِلَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَكْرَاهَا. وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: أَكْرِهَا، فَأَكْرَاهَا فَالْعَكْسُ وَهُوَ أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ الْأَجْرِ فَلِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ لِلْأَجِيرِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَبَقِيَ مَا إذَا قَالَ: أَكْرِهَا، فَعَمِلَ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ، فَهُوَ مِثْلُ: اعْمَلْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ وَقَدْ عَمِلَ عَلَيْهَا، فَمَا حَصَلَ فَهُوَ لَهُ، وَعَلَيْهِ لِرَبِّهَا أُجْرَةُ مِثْلِهَا كَمَا تَقَدَّمَ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي الدَّابَّةِ، وَمِثْلُهَا السَّفِينَةُ. وَأَمَّا الْحَانُوتُ وَالرِّبَاعُ وَالْحَمَّامُ، فَهَلْ هِيَ مِثْلُ الدَّابَّةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ؟ وَعَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَالْخَرَشِيِّ وَالزَّرْقَانِيِّ أَمْ لَا؛ بَلْ مَا حَصَلَ مِنْهَا لِرَبِّهَا مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ لِلْأَجِيرِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ؟ مِثْلَ: لِتُكْرِيهَا، فَأَكْرَاهَا؛ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي عَنْ الْحَطَّابِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ عِيَاضٍ وَاللَّخْمِيِّ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاعْتَرَضَ بِهِ عَلَى الشُّرَّاحِ فَانْظُرْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(بِخِلَافِ نَحْوِ) قَوْلِ رَبِّهَا: (احْتَطِبْ) عَلَيْهَا (وَلَك نِصْفُهُ) : أَيْ الْحَطَبِ،
ــ
[حاشية الصاوي]
مَا حَصَلَ يَكُونُ لِلْعَامِلِ وَهَذِهِ لِرَبِّهَا.
قَوْلُهُ: [مَا أَكْرَيْت بِهِ لِلْأَجِيرِ] : قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ دَفَعْت إلَيْهِ دَابَّةً أَوْ ابْنًا أَوْ دَارًا أَوْ سَفِينَةً أَوْ حَمَّامًا عَلَى أَنْ يُكْرِيَ ذَلِكَ وَلَهُ نِصْفُ الْكِرَاءِ لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ نَزَلَ كَانَ لَك جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ كَمَا لَوْ قُلْت لَهُ بِعْ سِلْعَتِي فَمَا بِعْت بِهِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك، أَوْ قُلْت لَهُ فَمَا زَادَ عَلَى مِائَةٍ فَبَيْنَنَا فَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَالثَّمَنُ لَك وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ.
قَوْلُهُ: [فَيَكُونُ لِرَبِّهَا] إلَخْ: هَذَا شُرُوعٌ فِي حَاصِلِ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ.
قَوْلُهُ: [وَبَقِيَ مَا إذَا قَالَ لَهُ أَكْرِهَا] إلَخْ: اعْلَمْ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ إمَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ: اعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي وَلَك نِصْفُ مَا عَمِلْت بِهِ أَوْ يَقُولُ لَهُ: خُذْ دَابَّتِي أَكْرِهَا وَلَك نِصْفُ كِرَائِهَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَعْمَلَ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ أَوْ يُكْرِيهَا لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهَا، وَكُلُّهَا فَاسِدَةٌ وَالْحُكْمُ فِيهَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَهُوَ أَنَّ ثَلَاثَ صُوَرٍ جَمِيعُ مَا جَاءَ فِيهَا لِلْعَامِلِ، وَعَلَيْهِ لِرَبِّهَا أُجْرَةُ مِثْلِهَا، وَصُورَةُ جَمِيعِ مَا جَاءَ فِيهَا لِرَبِّهَا، وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ.