الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ، فَإِنْ حَكَمَ لَا يَمْضِي حُكْمُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا، وَأَعَدْنَاهُ لِمَعْرِفَةِ حَاصِلِ الْمَسْأَلَةِ وَسُهُولَةِ ضَبْطِهَا. وَأَنَّ مَا خَالَفَ ذَلِكَ مِمَّا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
(وَ) جَازَ لِحَاكِمٍ أَوْ مُحَكَّمٍ (خَفِيفُ تَعْزِيرٍ بِمَسْجِدٍ) ، هُوَ مَحَطُّ الْجَوَازِ، أَيْ: وَلَوْ ضَرْبًا خَفِيفًا شَأْنُهُ عَدَمُ النَّجَاسَةِ. (لَا) يَجُوزُ (حَدٌّ) بِالْمَسْجِدِ، وَلَا تَعْزِيرٌ ثَقِيلٌ خَشْيَةَ خُرُوجِ نَجَاسَةٍ مِنْهُ. .
(وَ) جَازَ لِلْقَاضِي (اتِّخَاذُ حَاجِبٍ وَبَوَّابٍ) يَحْجُبُ الدَّاخِلَ بِلَا حَاجَةٍ، وَتَأْخِيرُ مَنْ جَاءَ بَعْدَ غَيْرِهِ حَتَّى يَفْرُغَ السَّابِقُ مِنْ حَاجَتِهِ. .
(وَ) جَازَ لَهُ (عَزْلٌ) لِمَنْ وَلَّاهُ بِمَحِلٍّ (لِمَصْلَحَةٍ) اقْتَضَتْ عَزْلَهُ، كَكَوْنِ غَيْرِهِ أَفْقَهَ أَوْ أَقْوَى مِنْهُ (وَ) إذَا عَزَلَهُ (بَرَّأَهُ) بِأَنْ يَقُولَ لِلنَّاسِ: مَا عَزَلْتُهُ لِظُلْمٍ وَلَا جُنْحَةٍ، وَلَكِنِّي رَأَيْت مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ عَلَى الْقَضَاءِ، كَمَا وَقَعَ لِشُرَحْبِيلَ لَمَّا عَزَلَهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا] : أَيْ وَتَقَدَّمَ أَنَّنَا قَيَّدْنَا عَدَمَ حُكْمِهِ بِمَا إذَا لَمْ يُشَاوِرْ الْعُلَمَاءَ وَيَحْكُمُ وَإِلَّا كَانَ حُكْمَ عَالَمٍ.
قَوْلُهُ: [وَأَعَدْنَاهُ] : أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ مَفْهُومِ غَيْرِ الْخَصْمِ وَغَيْرِ الْجَاهِلِ.
قَوْلُهُ: [وَأَنَّ مَا خَالَفَ ذَلِكَ مِمَّا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ] : مُرَادُهُ بِبَعْضِ الشُّرَّاحِ التَّتَّائِيُّ (وعب) : فَإِنَّهُمَا جَعَلَا الْخِلَافَ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا لَا فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ الَّذِي اخْتَارَهُ شَارِحُنَا وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا أَفَادَهُ (بْن) .
قَوْلُهُ: [خَفِيفُ تَعْزِيرٍ] : أَيْ بِيَدِهِ أَوْ أَعْوَانِهِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا تَعْزِيرٌ ثَقِيلٌ] : هَذَا مَفْهُومُ خَفِيفُ وَهَلْ هُوَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ. .
[مَا يَجُوز لِلْقَاضِي مِنْ اتِّخَاذ أَعْوَان]
قَوْلُهُ: [اتِّخَاذُ حَاجِبٍ وَبَوَّابٍ] : أَيْ عَدْلَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالْحَاجِبِ بَوَّابُ الْمَحِلِّ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَوَّابِ الْمُلَازِمُ لَبَابِ الْبَيْتِ.
قَوْلُهُ: [لِمَصْلَحَةٍ] : أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُرْحَةً فَإِنْ عُزِلَ لَا لِمَصْلَحَةٍ، فَالنَّقْلُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ لَكِنْ بَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ عَقِبَهُ، قُلْتُ فِي عَدَمِ نُفُوذِ عَزْلِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى لَغْوِ تَوْلِيَةِ غَيْرِهِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى تَعْطِيلِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ.
قَوْلُهُ: [لِشُرَحْبِيلَ] هُوَ بِضَمِّ الشِّينِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا تَحْتِيَّةٌ وَهُوَ ابْنُ حَسَنَةَ.
عُمَرُ رضي الله عنه، فَقَالَ: أَعَنْ سَخَطٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: لَا. وَلَكِنْ وَجَدْت مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْك. فَقَالَ: إنَّ عَزْلَك لِي عَيْبٌ فَأَخْبِرْ النَّاسَ بِعُذْرِي، فَفَعَلَ. (إلَّا) أَنْ يَكُونَ عَزَلَهُ (عَنْ ظُلْمٍ) : أَيْ لِأَجْلِهِ فَلَا يُبْرِيهِ بَلْ لَهُ إظْهَارُهُ إنْ خَفَّ، فَإِنْ كَثُرَ تَعَيَّنَ إظْهَارُهُ خَشْيَةَ تَوْلِيَتِهِ مَرَّةً أُخْرَى مِنْ غَيْرِ مَنْ عَزَلَهُ.
(وَ) جَازَ لِلْقَاضِي (تَوْلِيَةٌ) لِأَحَدٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَكَذَا الْعَزْلُ (وَلَوْ) كَانَ (بِغَيْرِ وِلَايَتِهِ) بِخِلَافِ الْحُكْمِ فَلَا يَحْكُمُ إلَّا إذَا كَانَ بِوِلَايَتِهِ لَا بِغَيْرِهَا، وَلَوْ كَانَ الْخَصْمُ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ كَمَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ. (وَرَتَّبَ) الْقَاضِي وُجُوبًا (كَاتِبًا) يَكْتُبُ وَقَائِعَ الْخُصُومِ (وَمُزَكِّيًا) : يُخْبِرُهُ بِحَالِ الشُّهُودِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى الْخَصْمِ مِنْ عَدَالَةٍ وَغَيْرِهَا سِرًّا، فَالْمُرَادُ بِالْمُزَكِّي: مُزَكِّي السِّرِّ (وَشُهُودًا) يَشْهَدُونَ عَلَى الْإِقْرَارِ مِنْ الْخَصْمِ إذَا أَقَرَّ عِنْدَهُ، وَقِيلَ يُنْدَبُ تَرْتِيبُ مَنْ ذُكِرَ وَقَوْلُهُ:(عُدُولًا شَرْطًا) رَاجِعٌ لِلْكَاتِبِ وَمَنْ بَعْدَهُ: أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهِمْ الْعَدَالَةُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ التَّرْتِيبَ شَرْطٌ، بَلْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ، وَقِيلَ: بِنَدْبِهِ.
وَ " شَرْطًا " حَالٌ أَيْ: حَالَ كَوْنِ الْعَدَالَةِ فِيهِمْ شَرْطًا. (وَالتُّرْجُمَانُ) : وَهُوَ الَّذِي يُخْبِرُ الْحَاكِمَ بِمَعْنَى لُغَةِ الْخَصْمِ، وَيُخْبِرُ الْخَصْمَ بِمَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي عِنْدَ اخْتِلَافِ اللُّغَةِ (كَالشَّاهِدِ) فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ (وَكَفَى إنْ رُتِّبَ الْوَاحِدُ) :" الْوَاحِدُ " فَاعِلُ " كَفَى ". وَ " رُتِّبَ " بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، يَعْنِي: يَكْفِي الْوَاحِدُ إنْ رَتَّبَهُ الْقَاضِي وَأَمَّا غَيْرُ الْمُرَتَّبِ - بِأَنْ أَتَى بِهِ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ أَوْ طَلَبَهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [يَكْتُبُ وَقَائِعَ الْخُصُومِ] : أَيْ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَحْكُمَ فِيهَا.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ يُنْدَبُ تَرْتِيبُ مَنْ ذُكِرَ] : مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وُجُوبًا وَالْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيُّ وَالنَّدْبُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [بَلْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ] : أَيْ كَمَا عَلِمْت.
قَوْلُهُ: [وَالتُّرْجُمَانُ] : مُثَلَّثُ التَّاءِ.
قَوْلُهُ: [عِنْدَ اخْتِلَافِ اللُّغَةِ] : أَيْ وَأَمَّا عِنْدَ اتِّحَادِهَا فَلَا حَاجَةَ لَهُ.
قَوْلُهُ: [فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ] : أَيْ وَالذُّكُورَةِ.
قَوْلُهُ: [الْوَاحِدُ] : فَاعِلُ كَفَى أَيْ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَذْكُورُ.