الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابتداء القتال:
421-
ابتدأ القتال من قبل المشركين أبو عامر بن صيفى وهو أوسى، كان يسمى الراهب، وسماه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم الفاسق عند ما خرج إلى قريش يحرضهم على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وكان قبل قدوم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم المدينة المنورة ذا مكانة في قومه.
فدفعوه ليتقدم جيش الشرك، وكان في نحو خمسين، وظنوا أن ذلك يوهن من قوة الأنصار، ويبعث على التردد، ولذا قال عند ما تقدم ونادى: يا معشر الأوس، فقالوا له:«لا أنعم الله بك عينا» فطاش سهمه ومن معه وخاب فألهم، وقال لما سمع ردهم:«لقد أصاب قومى بعدى شر» .
أذن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بالقتال، وكانت كلمة التعرف بين المؤمنين أمت أمت، اندفع الصناديد من جيش المسلمين يقتلون في جيش الشرك يضربون، فاندفع أبو دجانة يفلق الهام بسيف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، لأنه تعهد لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يأخذه بحقه حتى إنه ليضرب الرجل على رأسه بالسيف، فيفرقه فرقتين.
وكان النساء قد خرجن في القتال ملثمات، أو ظاهرات بمظهر رجال، فلقى أبو دجانة امرأة قيل إنها هند امرأة أبى سفيان بنت عتبة، فرفع السيف عنها، ولم يجد من كرامة سيف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يقتل به امرأة، ولو كانت تقاتل.
وحمزة بن عبد المطلب يدق جيش المشركين بسيفه دقا، وأوغل بسيفه البتار في جيش المشركين، وهم يفرون منه فرارا، كأنها النعاج تفر من الأسد الهصور.
وحامل لواء الشرك طلحة بن أبى طلحة يطلب المبارزة، فلا يقدم على مبارزته إلا على بن أبى طالب، وما هى إلا جولة من جولات على إلا كانت بعدها الضربة القاصمة التى وصفها المؤرخون بأن ضربات على كانت أبكارا أى لا يضرب إلا ضربة واحدة تكون بكرا منفردة.
الخسارة الفادحة- مقتل حمزة مع المضاء في القتال:
422-
كانت الجولة للمسلمين، حتى إن المشركين يفرون فرارا أمام سيوف الله تعالى التى سلها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على الشرك وأهله، وأمام الذين اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله، فيقتلون ويقتلون، فما تقدموا حريصين على الحياة الدنيا، إنما يحرصون على ما عند الله في الآخرة.
قتل حامل اللواء الإسلامى مصعب بن عمير، فحمل اللواء على رضى الله عنه، فما سقط اللواء، ولكن الخسارة الكبرى كانت في مقتل حمزة.
لقد قتل غيلة، ما قتل في مبارزة، ولا في مواجهة فما كان بنو هاشم ليقتلوا إلا غيلة خيانة وجبنا.
لقد تواصت هند، وغيرها من قريش مع وحشى العبد الحبشى الذى يجيد القذف بالرمح، ولا يجيد الضرب بالسيف وما كان يجديه لو أجاده أمام أسد الله تعالى حمزة.
كان حمزة يجندل الأبطال، وما تقدم نحوه أحد إلا جعله يعض التراب مستهزئا به، ساخرا منه، وهو يتبختر، ويدل بمواقفه في القتال.
وقد كان يتربص به العبد الذى جعل سيده جبير بن مطعم قتل حمزة عم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ثمن عتقه، كما قتل حمزة عمه.
كان وحشى يختبيء وراء الأشجار لتسنح له فرصة يرمى فيها رميته، وحمزة، كما قال العبد، يحمل سيفه كالجمل الأورق يهد به الجيش هدا، فرماه بحربته التى لم تخطيء، ونال حريته.
فقتل عم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وسيد الشهداء. كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قال كلمة حق أمام سلطان جائر فقتله» .
وإذا كان ذلك قد أرضى جبير بن مطعم، وأرضى هند بنت عتبة، فإنه لم يرض الشرف والمروءة، وأرضى النذلة والخيانة، وأنى يكون هذا من فعل أبى دجانة، وقد رأى امرأة محاربة فتركها تنزيها لسيف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يقتل به امرأة تقاتل.
ولكن ما وهن جيش الإسلام، ولا ضعف، وإن ذهبت منه قوة ليس من السهل أن تعوض إذ استشهد منه رجل كان كألف من الرجال الأشداء.
بل استمر جيش الحق في تتبعه لأعداء الله تعالى، فلم يهن، وإن حزن بل مضى في طريقه، وكان هو الغالب، والمشركون يتساقط من بين أيديهم لواؤهم حاملا بعد حامل.
قتل حامل اللواء طلحة بن أبى طلحة، فحمله أخوه عثمان بن أبى طلحة، ثم حمله من بعده أخوه أبو سعد وقد طلب المبارزة من على متحديا، فتصدى له على الذى لم يفر من مبارز، ولم يبارز أحدا إلا نال منه، فبارز حامل لواء المشركين، وهو الذى آل إليه لواء المؤمنين بعد مصعب بن عمير، فاختلفا ضربتين فنبت ضربة ابن أبى طلحة، وضربه على فصرعه، ثم انصرف عنه، ولم يجهز عليه، ولعله لم يجهز عليه، لأن فارس الإسلام لا يقتل مصروعا، بل يقتل من يقف أمامه، وقال على رضى الله تعالى