الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولقد قال الواقدى إن جيش المؤمنين في مدة إقامته الليالى الثماني، اتجروا، إذ لم يجدوا قتالا، وكانت سوق تعقد في ثمانية أيام، فرجعوا في وفر مالي، وقد ربحوا من الدرهم درهمين، أى أنهم باعوا واشتروا وكسبوا فزاد رأس مالهم ضعفين. وهذا كما قال الله تعالى: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ، وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (آل عمران- 174) .
غزوة دومة الجندل
455-
وهى مكان يبعد عن المدينة بمسيرة نحو خمس عشرة ليلة من ناحية الشام. وقد كانت سرايا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وغزواته، أكثرها في ناحية مكة المكرمة وما حولها، ونجد وما يقاربها. وفي هذه الغزوة اتجه ناحية الشام، ليكون ذلك إعلاما لقيصر الروم الذى كان يحكم الشام.
بأمر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وهذا الدين الجديد فيتعرف الحال والمال، فيكون ذلك تنبيها له ما بعده، كما سيجيء الأمر في الغزوات التى اتجهت إلى لقاء الرومان في حياة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.
لذلك اتجه صلى الله تعالى عليه وسلم إلى دومة الجندل ليدنو إلى أدنى الشام من الصحراء العربية، ولأن دومة الجندل كان بها جمع كبير، وأنهم كانوا يشبهون قطاع الطريق. فيسرقون من يمر بهم وينتهبونه. ومع ذلك كان فيه سوق عظيمة. فكان لابد أن يغزوها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من المدينة المنورة في شهر ربيع الأوّل من السنة الخامسة، واستعمل على المدينة سباع بن عرفطة الغفارى.
ونرى من هذا أنه ما كان يخص نوعا، معينا من الرجال باستعماله في المدينة وهو غائب عنها، وفي ذلك إشعار للمؤمنين بأن الولاية حق لكل مؤمن من غير نظر إلى قبيل أو نوع من الرجال.
ندب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الناس، وخرج في ألف من المسلمين، وكان يسير بالليل. ويكمن بالنهار. ولعل الوقت كان صيفا، فكان السير ليلا أخف وأيسر، وعلى أى حال، فهو كتمان للمسير. والحرب خدعة، وكان يسير ومعه دليل من بنى عذرة، وهو هاد خريت.
لما دنا من دومة الجندل، وقد وصل الخبر إليهم، فتفرقوا فنزل بساحتهم، فلم يجد أحدا فأقام بها أياما، وبث سراياه، داعية إلى الإسلام بين الأقوام متعرفة فاحصة وقد أسلم على يديه من أسلم، ثم عاد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بعد شهر من خروجه.