المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المراسلة بين الفريقين: - خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم - جـ ٢

[محمد أبو زهرة]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة]

- ‌ الجزء الثانى

- ‌إنشاء دولة الإسلام

- ‌ الأهداف الاجتماعية والدولية للدولة الإسلامية

- ‌[تهذيب النفس]

- ‌[تكوين الأسرة]

- ‌رأى عام

- ‌الكرامة

- ‌العدالة

- ‌التعاون

- ‌مع اليهود

- ‌الرحمة والمودة

- ‌[رعاية المصلحة الاجتماعية بضوابط قرآنية]

- ‌أولهما: [المنفعة العامة والمنفعة الخاصة]

- ‌الأمر الثانى: [المصلحة امعنوية]

- ‌أول أعمال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم

- ‌الإخاء

- ‌أولا: عقد الألفة بين الضعيف والقوي

- ‌وثانيا: [تطهير النفس من العصبية الجاهلية]

- ‌ثالثا: [نسيان الضغائن والأحقاد السابقة]

- ‌رابعا: [تشريع نظام يبني وحدة المسلمين]

- ‌الألفة بين سكان المدينة المنورة

- ‌التكليف الاجتماعى والاقتصادى والسياسى والحربى

- ‌عهد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم على اليهود

- ‌نظرة في هذه الوثيقة:

- ‌الأذان

- ‌الإذن بالقتال

- ‌أول القتال

- ‌أول السرايا

- ‌سرية حمزة رضى الله عنه:

- ‌سرية عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب:

- ‌سرية سعد بن أبى وقاص:

- ‌خروج النبى صلى الله تعالى عليه وسلم للجهاد

- ‌الحرب الفاضلة أو حرب النبوة

- ‌الفضيلة في الحرب

- ‌قبل المعركة:

- ‌فى المعركة:

- ‌الفضيلة:

- ‌احترام الكرامة الإنسانية:

- ‌انتهاء الحرب

- ‌معاملة المهزومين

- ‌الأسرى

- ‌حرب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عبادة

- ‌الخلاصة

- ‌أدوار الحرب المحمدية

- ‌والدور الثانى:

- ‌الدور الثالث:

- ‌الدور الأوّل

- ‌غزوة ودان: [الأبواء]

- ‌غزوة بواط:

- ‌غزوة العشيرة

- ‌بدر الأولى:

- ‌سرية عبد الله بن جحش:

- ‌القتال في الشهر الحرام:

- ‌لماذا كانت هذه الغزوات:

- ‌تحويل القبلة وفرض الصوم

- ‌تحويل القبلة إلى الكعبة الشريفة

- ‌صوم رمضان

- ‌الدور الأوّل:

- ‌الدور الثانى:

- ‌ الدور الثالث

- ‌فريضة زكاة الفطر

- ‌يوم الفرقان بدر العظمى

- ‌العير:

- ‌الجيشان

- ‌التقاء الجمعين يوم الفرقان

- ‌القيادة والتنظيم

- ‌التنظيم:

- ‌المعركة

- ‌القتل والأسر:

- ‌نتائج المعركة وأعقابها

- ‌الكرامة الإنسانية في أعقاب المعركة:

- ‌الأسرى

- ‌بيان الله تعالى لخطأ الأسر

- ‌الأنفال

- ‌أثر المعركة في المدينة المنورة

- ‌ اليهود

- ‌إخراجهم من المسجد:

- ‌إفساد اليهود بين المسلمين

- ‌ليسوا سواء

- ‌الغيرة:

- ‌ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن

- ‌فى الفترة بين بدر وأحد

- ‌المعاقل والديات

- ‌بناء على بن أبى طالب بفاطمة رضى الله عنهما:

- ‌حروب في الفترة بين الغزوتين الكبيرتين

- ‌غزوة السويق

- ‌غزوة ذى أمر

- ‌غزوة الفروع من بحران

- ‌تكشف الوجه اليهودى في قينقاع

- ‌موقعة بنى قينقاع:

- ‌سرية زيد بن حارثة

- ‌كعب بن الأشرف اليهودى

- ‌غزوة أحد

- ‌القوة بدل العير

- ‌لقاء النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لهم

- ‌النبى عليه الصلاة والسلام يعد المؤمنين للقتال:

- ‌المنافقون:

- ‌مقاعد القتال:

- ‌الجيشان

- ‌المعركة

- ‌ابتداء القتال:

- ‌الخسارة الفادحة- مقتل حمزة مع المضاء في القتال:

- ‌الغنائم القاتلة:

- ‌من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه

- ‌فرحة أبى سفيان بالنصر القريب

- ‌وصف المعركة في القرآن الكريم

- ‌تمام المعركة

- ‌خروج النبى صلى الله تعالى عليه وسلم:

- ‌رحمة النبى القائد صلى الله تعالى عليه وسلم

- ‌العدد والحساب

- ‌العبرة فيما أصاب المسلمين:

- ‌دعاء الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم في أحد:

- ‌أعقاب أحد

- ‌اليهود:

- ‌الأحكام المستفادة مما أتبعه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم في أحد

- ‌صدى أحد وسرايا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم

- ‌سرية لبنى أسد

- ‌يوم الرجيع

- ‌سرية عمرو بن أمية ويوم بئر معونة

- ‌بئر معونة:

- ‌غزوة بنى النضير

- ‌إجلاؤهم:

- ‌أحكام شرعية اقترنت بغزوة بنى النضير

- ‌غنائم بنى النضير والحكم العام في الغنائم كلها

- ‌تحريم الخمر

- ‌أثر غزو بنى النضير في يهود

- ‌غزوة ذات الرقاع

- ‌صلاة الخوف

- ‌فى ذات الرقاع:

- ‌النبى بين أصحابه

- ‌غزوة بدر الآخرة

- ‌غزوة دومة الجندل

- ‌النبى في المدينة

- ‌غزوة الخندق

- ‌كيف كانت غزوة الخندق وأسبابها:

- ‌حفر الخندق:

- ‌الجوع والطعام:

- ‌اللقاء

- ‌عين من اليهود حول أطم آل النبى:

- ‌الجيشان:

- ‌اجتياز الخندق

- ‌الهجوم على بيوت المؤمنين

- ‌دعاء النبى صلى الله تعالى عليه وسلم واستجابته

- ‌نتائج غزوة الخندق

- ‌غزوة بنى قريظة

- ‌أمر الله:

- ‌نزولهم على حكم سعد بن معاذ:

- ‌نظرة في الحكم:

- ‌أحكام شرعية

- ‌توزيع الغنائم:

- ‌تنبيهات:

- ‌478- أولها:

- ‌الثانى:

- ‌الثالث:

- ‌الإيماء بالصلاة للضرورة

- ‌مدة غزوة الخندق

- ‌زواج النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بأم المؤمنين زينب

- ‌منع دخول بيوت النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من غير استئذان:

- ‌وجوب الاستئذان عامة:

- ‌غزوة بنى لحيان

- ‌غزوة ذي قرد

- ‌غزوة بنى المصطلق

- ‌إثارة فتنة وإطفاؤها:

- ‌الأسرى والسبايا من بنى المصطلق:

- ‌خطأ في الإدراك:

- ‌حديث الإفك

- ‌الأثر النفسى من على كرم الله وجهه:

- ‌حد القذف

- ‌حد اللعان

- ‌حد الزنا

- ‌الحديبية

- ‌غزوة الحديبية:

- ‌المراسلة بين الفريقين:

- ‌غدر وعفو:

- ‌رسول النبى صلى الله تعالى عليه وسلم:

- ‌بيعة الرضوان

- ‌عقد صلح على هدنة

- ‌كتابة الصلح:

- ‌أبو جندل:

- ‌التحلل من الإحرام:

- ‌أحكام ثبتت في الحديبية

- ‌تنبيهات:

- ‌514- الأوّل:

- ‌الثانى:

- ‌التنبيه الثالث:

- ‌أحكام فقهية أخرى:

- ‌كانت الحديبية فتحا

- ‌تنفيذ الصلح

- ‌هجرة المستضعفين:

- ‌سرايا وبعوث

- ‌سرية عكل وعرينة

- ‌حد الحرابة

الفصل: ‌المراسلة بين الفريقين:

بعد هذا لم يرد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يلقى مقاتليهم، حتى لا يسبق السيف الرأى، وهو يريد أن يحج، ولا يريد أن يرغمهم، بل يريدهم مختارين، لأن الاختيار يؤلف، والقتال ينفر، والإجبار بالسيف يرمض النفس، ويكلمها، ولا يريد عليه السلام كلما، بل يريد شفاء للقلوب من غيظها.

ندب رجلا يخرج بالمسلمين إلى طريق غير طريقهم فسار في طريق وعث، حتى وصل ثنية المراد مهبط الحديبية من أسفل مكة.

ولما رأت خيل قريش كروا راجعين ليكونوا بمكة المكرمة والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم بالجيش إلى ثنية المراد. بركت ناقته، وكأن الله تعالى قد اختار له هذا المكان، فلما بركت الناقة قال الناس خلأت، فقال عليه السلام:(ما خلأت) وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، لا تدعونى قريش اليوم إلى خطة يسألونى فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها، قال ذلك لأنه جاء وهو الهادى الداعى إلى الحق ليقرب نفوسهم بعد الحرب التى شنوها، ومكنه الله تعالى منهم.

قال لجيشه: انزلوا، فقالوا: ما بالوادى ماء، ولم يكن به ماء، ولكن قلب مطمورة، فأعطى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم سهمه رجلا من رجاله، فنزل به في قليب من تلك القلب وغرز فيه السهم، فجلس النبى للرواء حتى شرب الناس.

‌المراسلة بين الفريقين:

505-

كان مع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم جيش قوى، ولم تكن مكة على استعداد للحرب، ولو أراد أن يدكها بجيشه دكا لفعل، ولكنه أتى للحج، وليطفئ حربا، ويبر رحما، ويزيل نفرة، وليذهب بوحشة الحروب التى خلفتها.

ولذلك أعلن المسالة وإرادة الحج من غير أن يقهرهم أو يذلهم.

جاء إليه بديل بن ورقاء مع رجال من خزاعة فكلموه صلى الله تعالى عليه وسلم، وسألوه ما الذى جاء به، فأخبرهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه ما جاء يريد حربا، وإنما جاء زائرا للبيت ومعظما لحرمته، وقال ما قاله من قبل لغيره.

رجعوا إلى قريش، فقالوا لهم: يا معشر قريش، إنكم تعجلون على محمد وإن محمدا لم يأت لقتال، إنما جاء زائرا لهذا البيت، فاتهموهم وجابهوهم، وقالوا: وإن جاء لا يريد قتالا، فو الله لا يدخلها علينا عنوة ولا تحدث بذلك العرب، ولكنهم مع هذه العنجهية لم يزيلوا ما بينهم وبين النبى صلى الله

ص: 744

تعالى عليه وسلم، فأرسلوا له مكرز بن حفص بن الأخيف أخا بنى عامر بن لؤى، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لما رآه مقبلا: هذا رجل غادر، وقد كلمه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بأنه ما جاء للقتال، ولكن لزيارة البيت.

ومع أن قريشا لا تريد حتى زيارة البيت أرسلت حليس بن علقمة، وكان يومئذ سيد الأحباش الذين كانوا يعينونهم في القتال فلما رآه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قال عليه السلام: إنه من قوم يتألهون- أى يذعنون- لظاهر العبادة، فابعثوا الهدى في وجهه حتى يراه، فلما رأى ما يسيل عليه من عرض الوادى من قلائد أشعرت بأنه هدى للحج، قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله.

اكتفى حليس بالنظر إلى الهدى عن المحادثة، فرجع إلى قريش ولم يصل إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، إعظاما لما رأى. حدثهم بما رأى فقالوا له: اجلس فإنما أنت أعرابى لا علم لك.

غضب الحليس عند ذلك، وقال:

يا معشر قريش، والله ما على هذا حالفناكم، ولا على هذا عاقدناكم، أفصد عن بيت الله تعالى من بعد ما جاء معظما له، والذى نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وبين ما جاء له، أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد.

فقالوا لحليس: مه، كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به.

ما زالوا طامعين في أن يكون لهم من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ما يرضيهم من غير أن يقاتلوه، فأرسلوا إليه عروة بن مسعود الثقفى، وقد ذكر لقريش أنه بمنزلة الولد، لأن أمه كانت من بنات عبد شمس، وقد ذكر من جاء إليهم بعد لقائه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وأنهم لقوه بالتعنيف وسوء الحظ كما قالوا لبديل الخزاعى، وكما قالوا للحليس سيد الأحباش، تبين أن صلتهم به وثيقة، وأنه سيكون أمينا في رسالته مع رغبته في نصرتهم، وقال في ذلك: قد سمعت بالذى نابكم، فجمعت من أطاعنى من قومى ثم جئتكم حتى آسيتكم بنفسى، قالوا: صدقت ما أنت عندنا بمتهم.

خرج عروة بن مسعود هذا، وقد اطمأن إلى ثقتهم به، حتى أتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثم قال: جمعت أوشاب الناس، ثم جئت بهم إلى بيضتك لنقضها (أى يكسرها لهم) .

إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل «1» قد لبسوا جلود النمور، يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة أبدا، والله الكافى بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا.

(1) العوذ المطافيل، النوق التى معها أولادها، والعوذ جمع عائذ، وهى هنا الناقة أى الناقة ذات الأطفال.

ص: 745