الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا معطى لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مبعد لما قربت، اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك، اللهم إنى أسألك النعيم المقيم الذى لا يحول ولا يزول، اللهم إنى أسألك النعيم يوم العيلة، والأمن يوم الخوف، اللهم إنى عائذ بك من شر ما أعطيتنا، وشر ما منعتنا، اللهم حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا، ولا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك، اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب، إنه الحق» .
هذا الدعاء الذى رواه الإمام أحمد، قد رواه النسائى أيضا في سننه.
وهكذا دخل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هو وأصحابه الذين يريدون الحق متجهين إلى الله تعالى لا يرضون إلا رضاه في جهادهم، واستشهادهم ورغبتهم فيما عنده، وخرج بهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، واتجاههم إلى الله تعالى، واستووا وراءه صفوفا حامدين شاكرين، غير ناكصين، زادتهم المحنة إيمانا وتسليما، وإذعانا وتفويضا، فما ارتابوا، بل ازدادوا إيمانا ويقينا، رغبة في حمية دينية، وقوة ربانية، وما ضعفوا ولا استكانوا.
وبذلك كان التمحيص بهذه الشدة، فنفت الأخباث، وبقى الجوهر، وصقل.
وبينما المؤمنون يدعون مع النبى صلى الله عليه وسلم ذلك الدعاء كان الذين أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية، «يقولون هل لنا من الأمر من شيء
…
يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا» .
ويقول لهم المنافقون الذين رأوا ضعفهم، وضعضعة نفوسهم، لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا، قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.
أعقاب أحد
435-
بينا أن الجيش الإسلامى لم يهزم في أحد، ولم ندع أنه انتصر، لأنهم خرجوا من القتال، ولم يمكنوا المسلمين من أن يضربوهم الضربة القاصمة، بل إنهم خرجوا راضين بالجراح في شبه اختلاس لا لقاء ولما ركبوا إبلهم تأكد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أنهم عائدون، فعاد إلى المدينة المنورة، حتى يداوى الجيش جروحه، ثم خرج إليهم في حمراء الأسد، عساه يدركهم لينال جيش الإيمان منهم.
ولكن عبد الله بن عباس رضى الله عنه يرى أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم نصره الله تعالى فى أحد، فقد أثر عنه أنه قال: ما نصر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في موطن نصره في يوم أحد، فأنكر عليه ذلك، فقال بينى وبينكم كتاب الله تعالى، إن الله سبحانه وتعالى يقول:«ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه» والحس القتل، ولقد كان لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولأصحابه أول النهار حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة أو تسعة.
وإذا قتل أصحاب اللواء كان دليلا على عظم كفة المسلمين. فإن الكفة راجحة، وكفتهم غير راجحة، فقد قتل كل حملة لوائهم، حتى رفعته امرأة.
أما المؤمنون، فكان لواؤهم مع مصعب بن عمير، وأخذ يقاتل منافحا عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فقتل، واستطاع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يشق إلى الهضبة ويحمل اللواء على بن أبى طالب، فانحسروا دون لواء المسلمين، ولم ينالوا خيرا. ومع أن المسلمين لم يهزموا، وجيش الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم لم يسقط لواؤه، قد تشايع بين اليهود والمنافقين أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم هزم وجيشه، وسموا الجراح التى أصابت المسلمين هزيمة وانتهزوها فرصة لإظهار الشماتة والتهكم، حتى قال قائلهم لو كان نبيا ما هزم، وأخذوا يعيرون إخوانهم أو من ليسوا لهم إخوانا، بأنهم لو كانوا معهم ما قتلوا وما أصيبوا.
ولقد بلغ بهم التهكم أن كبير المنافقين عبد الله بن أبى صارح بالتهكم، ووقف كعادته يظهر أنه يؤيد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو في قوله يسخر، كما كان يسخر من قبل.
قال ابن إسحاق في سيرته «كان عبد الله بن أبى له مقام يقومه كل جمعة، لا ينكر له شرف فى نفسه وفي قومه، وكان فيهم شريفا، إذا جلس رسول الله يوم الجمعة وهو يخطب قام فقال: أيها الناس هذا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بين أظهركم، أكرمكم الله تعالى به، وأعزكم به، فانصروه وعزروه واسمعوا له، وأطيعوا» ثم يجلس.
وما كان ذلك منه إلا نفاقا، إذ كان يستر كفره بهذه الكلمات، ويبث الكفر والنفاق والتردد في نفوس المؤمنين.
وقد رآه المؤمنون يبث روح التردد والهزيمة في جيش الإيمان، ثم ينسحب ليفت في العضد، ويبث روح التردد، حتى همت طائفتان أن تفشلا.