الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التقى أبو سفيان ببنى النضير، تحت الليل، فأتى حيى بن أخطب فضرب عليه بابه، فلم يفتح له، ودفعه الحرص ألا يعاونه، فانصرف إلى سلام بن مشكم، وكان السيد على بنى النضير في زمانه.
وصاحب كنزهم الذى اكتنزوه، فقرى أبا سفيان، وأخبره ما كان خفيا عليه من أخبار المؤمنين.
خرج أبو سفيان من المدينة المنورة بعد أن عرف من أسرار المسلمين ما كان يعلمه بنو النضير، فأرسل رجالا ممن معه حتى أتوا ناحية من المدينة المنورة يقال لها العريض، فحرقوا النخيل، وخربوا، ثم وجدوا بها رجلا من الأنصار، وحليفا في حرث يزرعونه، فقتلوهما، وانصرفوا راجعين هاربين، غير مقاتلين، وتخففوا مما يحملون، حتى يسهل الهرب، وتركوا أزوادا مما تزودوا بها.
علم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وكان أشد حرصا وسبقا إلى الفزع والهيعة إذا تنادوا بها فخرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وأقام على المدينة المنورة أبا لبابة.
فسار حتى بلغ المكدر، ولكن كان أبو سفيان ومن معه قد أمعنوا في الهرب فلم يدركوه، ولكن وجدوا زاد جيشه الذى كان يبلغ نحو المائتين.
وكان أكثر مما تركوا سويقا من أزوادهم، فأخذ المسلمون سويقا كثيرا، وجدوا فيه غذاء طيبا.
ولذا سميت الغزوة ذات السويق.
وقد كانت نتيجة هذه الغزوة إرهابا شديدا للمشركين، وإشعار أولئك الأعداء باليقظة من جانب أهل الإيمان، والحذر من ألا يؤخذوا على غرة.
وكان من نتيجتها أيضا أن علم المشركون أن ليس الطريق لهم ولما لهم غير الهزيمة، وأحسوا بذلك أن الإسلام صار قوة للحق لا ينال منه بغرة، وإذا كانوا قد قتلوا اثنين في حرثهما، فما كان ذلك منالا لأبطال.
غزوة ذى أمر
405-
أقام النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بعد غزوة السويق بالمدينة المنورة بقية شهر ذى الحجة يدبر أمر المسلمين وينفذ أحكام القرآن الكريم.
ولم يلبث إلا قليلا حتى اتجه إلى تعرف أحوال البلاد العربية، واتجه إلى نجد التى كان قد أتى من طريقها جيش أبى سفيان الذى فاز بقتلى الحرث، ولم يظفر بمقاتل، فكان مخربا لا محاربا، ثم فر هاربا.
غزا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نجدا يريد غطفان، وخلف على المدينة عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنه.
ولقد ذكر الواقدى في تاريخه، فقال: «بلغ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن جمعا من غطفان من بنى ثعلبة تجمعوا بذى أمر يريدون حربه، فخرج إليهم من المدينة المنورة يوم الخميس لثنتى عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل من العام الثالث، واستعمل على المدينة المنورة عثمان بن عفان.
وكان معه أربعمائة وخمسون رجلا وهربت الأعراب في رؤوس الجبال حتى بلغ ماء يقال له ذو أمر فعسكر به، ولم يمكث في هذه الغزوة أكثر من أحد عشر يوما وعاد.
ويذكر الواقدى في هذه الغزوة أن المسلمين أصابهم مطر كثير، ابتلت منه أثواب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فنزل تحت شجرة نشر عليها ثيابه لتجفف على مرأى من المشركين الذين شغلهم خوفهم وهربهم.
ولكن رجلا مندفعا منهم يقال له غورث بن الحارث أغروه بأن يقتل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وهو في أمنه، فيأخذه على غرة.
فذهب ذلك الرجل إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ومعه سيف صقيل، حتى قام على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم شاهرا السيف عليه، وقال:«يا محمد من يمنعك منى؟ قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: الله، فوقع السيف من يده، فأخذه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وقال: من يمنعك منى؟ قال: لا أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والله لا أكثر عليك جمعا أبدا» .
ذكر هذه القصة الواقدى في تلك الغزوة وهى غزوة ذى أمر، ولكن البيهقى ذكر في غزوة ذات الرقاع قصة تشبه هذه، وحمل السيف منسوب إلى غورث.
وبعضهم يقول إنهما قصتان، ولكن يلاحظ ابن كثير أن غورث المنسوب إليه حمل السيف واحد في الروايتين، فلا يمكن أن تكون ثمة واقعتان إلا إذا فرضنا أن غورث هذا لم يسلم، ولم يعط عهدا للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم بأن لا يكثر عليه جمعا أبدا.
والله تعالى أعلم بالحق في الأمر.