الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولقد دفن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عمه سيد الشهداء حمزة مع ابن أخته عبد الله ابن جحش، وقد مثل به، كما مثل بخاله حمزة.
وهكذا كان النبى عليه الصلاة والسلام القائد الرحيم يعيش بعد الجراح مع الأسر المجروحة يواسيها ولكن مواساة النبوة. والحقيقة: أن قتلاهم شهداء، وأنهم أحياء يرزقون، كما قال سبحانه وتعالى:
وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً، بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (آل عمران- 169) . وأنهم قد نالوا خير الحسنيين، وأنهم يتمنون لو يعودون ليقتلوا في سبيل الله شهداء كما قتلوا، ولكن كتب الله أن الذين يموتون لا يرجعون، ولكن يبعثون في يوم الميقات المعلوم.
العدد والحساب
432-
وقف أبو سفيان بن حرب الذى كان قائد الشرك مفاخرا قائلا «يوم بيوم بدر، والحرب سجال» زاعما أنهما يومان متقابلان تساويا في الخسارة، فخسارة المسلمين يوم أحد كخسارة المشركين يوم بدر، فهل هما متساويان؟
العدد والحساب فيهما الحكم والإجابة، لقد كان القتلى من المشركين في بدر سبعين، والأسرى مثلهم وفروا يومها منهزمين مدحورين، والسيوف الإسلامية تعمل في أقفيتهم، فهل كانت هذه حال المسلمين: كان القتلى من المسلمين في أحد سبعين، أربعة من المهاجرين، وأكثر من خمسة وستين من الأنصار، ولم يكن من المسلمين أسر قط، وكان القتلى من المشركين في غزوة أحد اثنين وعشرين، وأسير هو أبو عزة الجمحى الذى أسر يوم بدر، وخان العهد الذى أعطاه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم على ألا يظاهر عليه، فظاهر على المسلمين وجاء مقاتلا، فأسر، وطلب أن يمن عليه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لفقره، ولبناته، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم الذى يجازى الإحسان بالإحسان، والإساءة بعقابها. قال له: لا أدعك تمسح عارضيك، وتقول خدعت محمدا مرتين، لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. وأمر به فقتل.
ولم يكن من المؤمنين أسير، ولم يفروا ولم ينهزموا مدحورين، ولم تعمل السيوف في أقفيتهم إذ لم يولوا مدبرين، وإذا كان قد أحيط بهم في الدورة الثانية من أدوار القتال، فقد شقوا طريقهم وارتفعوا عليهم، واختاروا لأنفسهم المكان الملائم، وأخذوا يسلبون نتائج المعركة من أيديهم حتى حسبوها ستفلت من أيديهم بهذا القتال، وتتبعهم المسلمون في اليوم التالى، وإن كانوا مجروحين لم ينهزموا لأنهم يقاتلون فى سبيل الله، فهم ليسوا مع المؤمنين على سواء، ونتيجة الحساب بالمعادلة تنتج أن عند المسلمين زيادة في الغلب.