الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غزوة ودان: [الأبواء]
وأما ودان فقد كانت في صفر في السنة الثانية، وودان قرية كبيرة من أمهات القرى، وقريب منها الأبواء. وكانت الغزوة بينهما، ولذا صح أن تسمى بكل واحدة منهما. وهما على مقربة من الجحفة، وبين المدينة المنورة، وتبعد عن المدينة المنورة بنحو ثلاثة وعشرين فرسخا.
وقد كان خروج النبى صلى الله تعالى عليه وسلم في جمع من المهاجرين ليس فيهم أنصارى وسبب الخروج أنه علم أن عيرا لقريش قد خرجت، فترصد لها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، لكن وصل بعد فصل العير عنها، ولقى بنى ضمرة، فتوادع معهم على أن ينصروا المسلمين إذا دعوهم إلى النصرة وأنهم آمنون على أموالهم وأنفسهم، وأن على المسلمين نصرهم على من يعتدى عليهم.
وكان الذى تولى العقد عن بنى ضمرة مخشى بن عمر «1» الضمرى وكان سيدا في قومه فى زمانه، وقد خلف النبى صلى الله تعالى عليه وسلم سعد بن عبادة على المدينة المنورة.
وقد أقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بقية صفر، وكانت غيبته عن المدينة المنورة خمس عشرة ليلة «2» .
غزوة بواط:
365-
فى ربيع الأوّل بلغ النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن عيرا لقريش مقبلة من الشام، أميرها أمية بن خلف فيها مائة رجل، ومعها ألفا بعير وخمسمائة، فخرج إليهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في جمع مائة من المهاجرين وخلف عنه في المدينة المنورة سعد بن معاذ، وحمل لواءه سعد ابن أبى وقاص، وبواط- بفتح الواو- جبل من جبال جهينة من ناحية رضوى.
ولكن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم عند ما وصل إلى هذا المكان لم يلق كيدا.
غزوة العشيرة
«3» :
366-
فى جمادى الأولى من هذه (السنة) علم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن عيرا لقريش ذاهبة إلى الشام، فخرج عليه الصلاة والسلام لملاقاتها، فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر يقال
(1) عند ابن هشام وغيره عمرو- المراجع.
(2)
نهاية الأرب للنويرى ج 17 ص 4.
(3)
يقال عنها العسيرة والعشيرة بالمهملة، وبحذف التاء فيهما.
لها ذات السباق، فصلى عندها فكانت مسجده، وصنع للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم طعام فأكل وأكل أصحابه، ثم استقى له من ماء يقال له المشيرب، وأخذ يتابع البحث عن تلك الشعاب المتعرجة، ثم اعتدل في الطريق حتى نزل العشيرة من بطن ينبع فأقام بها، جمادى الأولى، وليالى من جمادى الآخرة.
ولكن العير قد سبقت ولم يدركها، فلم يلق حربا، ولكنه عاد بتأليف القلوب، فوادع بنى مدلج ومن معهم من حلفاء لهم، فإذا كان لم يدرك العير، ولم يكسب منها مالا، فقد كسب قلوبا، وألفها، وذلك هو أوّل أعمال الرسالة المحمدية.
وقد خلف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على المدينة المنورة أبا سلمة الأسدي، وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب، ويذكر ابن إسحاق أنه في هذه الخرجة، كنى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم على بن أبى طالب كرم الله وجهه بكنية (أبو تراب) فيقول: ويومئذ قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، (لعلى- أبو تراب) قال: فحدثنى يزيد بن خيثم
…
عن عمار بن ياسر، قال كنت أنا وعلى بن أبى طالب رفيقين في غزوة العشيرة من بطن ينبع، فلما نزل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أقام بها شهرا، فصالح بنى مدلج وحلفاءهم من بنى ضمرة، فوادعهم فقال لى على بن أبى طالب رضى الله عنه: هل لك يا أبا اليقظان أن هؤلاء النفر من بنى مدلج يعملون في عين لهم ننظر كيف يعملون، فأتيناهم، فنظر إليهم ساعة، فغشينا النوم، فعمدنا إلى صور من النخل في دقعاء من الأرض، فنمنا فيه، فو الله ما أهبّنا إلا ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يحركنا بقدمه، فجلسنا. وقد تتربنا من تلك الدقعاء، فيومئذ قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لعلى: يا أبا تراب، لما عليه من التراب، فأخبرنا بما كان من أمرنا، فقال: ألا أخبركم بأشقى رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول فقال عليه الصلاة والسلام: أحيمر ثمود الذى عقر الناقة، والذى يضربك يا على، على هذه، ووضع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم- يده على لحيته» .
وقد علق على ذلك الخبر ابن كثير، فقال:«وهذا حديث غريب من هذا الوجه، له شاهد من وجه آخر في تسمية على أبا تراب، كما في صحيح البخارى: أن عليا خرج مغاضبا فاطمة، فجاء المسجد، فنام فيه، فدخل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فسأل عنه، فقالت: خرج مغاضبا، فجاء عليه الصلاة والسلام إلى المسجد فأيقظه، وجعل يمسح التراب عنه، ويقول: «قم يا أبا تراب» .
ونستطرد في ذكر هذه الكنية النبوية الشريفة، فنقول أنها كانت أحب كنية إلى على كرم الله وجهه في الجنة، لأنها تسمية من حبيبه وكافله محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، ولأنها اقترنت