الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم.
وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم، وأنه لا يأثم امرؤ بحليفه، وأن النصر للمظلوم، وأن اليهود يتفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين.
وأن يثرب حرام صد لأهل هذه الصحيفة.
وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وأنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها.
وأنه ما كان من أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله عز وجل، وإلى محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.
وأن الله تعالى على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره.
وأنه لا تجار قريش، ولا من نصرها.
وأن بينهم النصر على من دهم يثرب. وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبونه، وإنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين.
على كل أناس حصتهم من جانبهم الذى قبلهم.
وأن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة، وأن البر دون الإثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه، وأن الله تعالى على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره، وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم، وأنه من خرج آمن، ومن قعد آمن، إلا من ظلم أو أثم، وإن الله جار لمن بر واتقى، ومحمد رسول الله (صلى الله تعالى عليه وسلم) .
نظرة في هذه الوثيقة:
342-
هذه وثيقة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم التى نظم بها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم المجتمع الجديد لسكان المدينة المنورة لا فرق بين مهاجرين وأنصار، ولا فرق بين مؤمنين ويهود.
ويلاحظ فيها:
(أ) أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بحكم النظام الجديد الذى أنشأه في المدينة المنورة صار هو الرئيس الأوّل لتنفيذ ما اشتملت عليه الوثيقة، ولذلك لم يبح لطائفة من اليهود أن تخرج في حرب إلا بإذنه، حتى لا تتورط في أمر يضطرب به أمر هذا المجتمع الذى أريد له أن يقوم على أساس التعاون في جلب الخير، ودفع الشر، يتصادقون ويتوادون ولا يتعاونون على إثم أو عدوان.
(ب) أنه بمقتضى هذه الوثيقة يصير اليهود الذين يقيمون بيثرب رعية واحدة، فلا تكون لهم أحكام خاصة بهم لا تسرى على غيرهم، ولا يختصون بنظم لا تنطبق على غيرهم، وذلك مع الاحتفاظ بدينهم، تراعى فيه حرمة العقيدة، وألا يكون لأحد عليهم سبيل فيها، وأن عليهم حكم الله تعالى، وللنبى صلى الله تعالى عليه وسلم ألا يحكم بينهم إذا وجد مصلحة، ويبين هذا قوله تعالى في شأنهم: فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ، أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ، وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً، وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (المائدة- 42) .
وإن هذا يدل على أنهم كانوا خاضعين فيما يتعلق بالنظام العام كحرمة الدماء، والظلم، ولكن شئونهم الخاصة لا يحكم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فيها بينهم إلا إذا جاؤا إليه، فله أن يحكم، وله أن يعرض.
ولذا لا نستطيع أن نقول إنهم كالذميين تماما في الأحكام، ولكنهم من جهة كالذميين، ومن جهة ثانية جيران، يستمتعون بحقهم في المعاملات الخاصة من غير إثم.
(ج) أن العهد كان أساسه التعاون بين العشائر بحيث تحمى كل عشيرة ضعيفها، وتعطى الفضيلة بينها وتفك أسر أسيرها، وتدفع ديات قتلاها، وذلك يشير إلى حرمة كل شخص على أهله في دائرة البر لا في دائرة الاعتداء أو الانتقام.
(د) أنه مع التعاون بين العشيرة، هناك تعاون عام بحيث يتضافر المؤمنون جميعا بل الجماعة في عون المظلوم، ولذلك عند ما كان النص على القود أوجب على المؤمنين جميعا معاونة أولياء المقتول في القصاص، وتتعاون الجماعة كلها في دفع أذى كل من يحدث حدثا أو اشتجارا، أو ما يثير العداوة والبغضاء، وأنه بهذا التعاون الفاضل تستقر الأمور على خير الجماعة، وما يجلب لها النفع، ويدفع عنها الضر، وأنه لو نفذ هذا العهد بكل ما فيه لتكونت من المؤمنين وجيرانهم مدينة فاضلة.
وأن الحلف يوجب أن يكون عدو النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عدوا لليهود، فلا يجار قرشى، ولا من يناصر قريشا، فعلى اليهود ألا يوالوا المشركين؛ لأنهم أعداء الله تعالى، وأعداؤهم، وذلك لأن الميثاق يجعل أهل المدينة المنورة مسلمين ويهودا أهل ولاء واحد، عدوهم واحد، ومناصرتهم واحدة، وذلك ليكون أمن الجميع واحدا، فمن هاجم فريقا من أهل المدينة المنورة فقد هاجم المدينة كلها، وذلك بلا ريب يلزم اليهود، لأن الوثيقة أعطتهم حقوقا، وأوجبت عليهم واجبات، فإذا أخلوا بما يجب عليهم، فقد أسقطوا ما لهم من حقوق، لأن الحقوق والواجبات متقابلة. وما دام الولاء واحدا، فإنه لا يصح أن يتعاون