الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غزوة بنى قريظة
472-
إن هذه الغزوة إحدى نتائج الفشل الذريع الذى منيت به غزوة قريش ومن معهم للمدينة. وحيلولة الخندق بينهم وبين أن يدخلوها.
فإن بنى قريظة قد ارتضوا نكث العهد، أو نقض الميثاق الذى كان بينهم وبين النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وقد حاولوا أن ينقضوا على عورات النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.
لقد حسبوها فرصة للقضاء على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وأن تكون المدينة لهم بدل أن يكونوا في عهد معه وسلم وأمان، ويكون لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين.
وقد مالئوا وعاونوا، وأقدموا على مهاجمة بيت النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ومن معه من المؤمنين، ولما رد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال، أدركوا أن الفرصة قد أفلتت من أيديهم وكانت عاقبة أمرهم خسرا.
أولئك المشركون رجعوا إلى ديارهم، ورضوا أن يثوبوا، وعادوا إلى ديارهم لا يغير عليهم مغير، ولا يأخذ منهم أحد جزاء ما اقترفوا، أما بنو قريظة، فإنهم سيؤدون الحساب على ما ظاهروا عليه المشركين، وعلى نقضهم العهد الموثق.
لذلك كله امتلأت قلوبهم رعبا، وكانت النتيجة كما قال الله تعالى: وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً. وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ، وَدِيارَهُمْ، وَأَمْوالَهُمْ، وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً.
كان بين يدى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أحد أمور ثلاثة: إما أن يعفو عنهم، ويتركهم آمنين في ديارهم، وهم بجوار المؤمنين الذين خانوهم، وإن ذلك غير ممكن؛ لأن العفو لا يكون إلا لمن يرجى منه خير، وكيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلّا ولا ذمة.
وإما أن يخرجهم من ديارهم كما أخرج بنى النضير من ديارهم، ولكن لا تكون ثمة عدالة، ولا مساواة بينهم وبين بنى النضير، لأن بنى النضير نقضوا الميثاق بما دون ذلك، ولأنهم لم يهاجموا بيوت النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وقد أوتيت من فوقها ومن أسفل منها، وأحيطت بكتائبهم، وكتائب الشرك، فكانوا إحدى الكوارث، أو أشدها فاعلية بعد أن حال الخندق بين النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وبين أعدائه.