الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مع الفرسان، وأقام على المدينة ابن أم مكتوم، وسار رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه من أصحابه، واستنقذوا بعض اللقاح، ولم ينقذوها كلها، ولكنهم قتلوا من أدركوه من القوم، واستمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في سيره حتى نزل بالجبل من ذى قرد، وتلاحق عليه الناس، وأقام عليه يوما وليلة.
عاد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وقد قسم على كل مائة رجل جزورا. وقد نجت امرأة الغفارى على ناقة من إبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عند ما شغل القوم بالفرار من فرسان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.
وكانت قد نذرت لله تعالى إن نجاها عليها أن تنحرها، فتبسم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عند ما علم عزمتها، وقال بئسما جزيتها أن حملك الله عليها ونجاك بها، ثم تنحرينها، إنه لا نذر فى معصية الله تعالى، ولا فيما لا تملكين، إنما هى ناقة من إبلى، فارجعى إلى أهلك على بركة الله تعالى.
وقد روى حديث امرأة الغفارى عن الحسن البصرى موقوفا.
وبذلك انتهت هذه الغزوة التى دفعت غارة من غارات الأعراب.
غزوة بنى المصطلق
419-
ذكر ابن إسحاق بسنده أنها كانت في شعبان من سنة ست من الهجرة، وروى أنها كانت في شعبان سنة خمس، وقال الواقدى في تاريخه إنها كانت بعد ليلتين من شعبان سنة خمس.
ولقد ذكر بعض الكاتبين في عصرنا أنه يستحيل أن تكون في سنة ست، لأنه جاء في عقبها حديث الإفك، وذكر فيه مجاوبة بين سعد بن عبادة وسعد بن معاذ وملاحاة بينهما وسعد بن معاذ كان قد مات أثر جرح بعد قريظة سنة خمس.
وإن هذه الملاحاة لم تكن بين ابن عبادة وسعد بن معاذ، وإنما كانت بين أسيد بن حضير، وسعد بن عبادة، وعلى ذلك لا دليل من حديث الإفك على أنها كانت في الخامسة.
وفي الحقيقة أنا لا نجد في الروايات ترجيحا بينها، ونميل إلى أنها كانت في الخامسة، وقبل الخندق غير ترجيح، ولكن نأخذ بترتيب ابن إسحاق، ونضعها بعد الخندق، لأننا نقبل أن نكون عيالا
على ابن إسحاق، كما قال الشافعى رضى الله تبارك وتعالى عنه:«الناس عيال في السيرة على محمد بن إسحق» .
علم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن بنى المصطلق يجمعون الجموع له، وهم من خزاعة، وعلى منهاج النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أنه إذا تأكد أن قوما يريدون الإغارة عليهم بادرهم قبل أن يبادروه، فإنه ما غزى قوم في عقر دارهم إلا ذلوا.
أقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على المدينة المنورة أباذر الغفارى وخرج إليهم كما يقول الواقدى في سبعمائة من أصحابه، حتى التقى في ماء عندهم يسمى المريسيع.
وكان لواء المهاجرين مع أبى بكر الصديق، ولواء الأنصار مع سعد بن عبادة، وقيل كان لواء المهاجرين مع عمار بن ياسر.
وأمر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن ينادى فيهم فنادى أن قولوا لا إله إلا الله تمنعوا وأموالكم فأبوا إلا القتال.
فقاتلهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بجيش المؤمنين فما أفلت منهم، فقتل منهم عشرة، وأسر سائرهم وسبى نساءهم.
وقد حدث في هذه الغزوة أن رجلا من المؤمنين اسمه هشام بن صبابة أصابه رجل من الأنصار وهو يظن أنه مباح الدم من الأعداء.
كان ذلك القتل خطأ فكان له دية مسلمة إلى أهله، وقد وداه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.
فجاء أخوه مقيس بن صبابة من مكة المكرمة مظهرا الإسلام، فطالب بالدية فأعطاه الرسول الدية، وأقام مع المؤمنين حتى تمكن من قتل قاتل أخيه، مع أن القتل كان خطأ، ثم عاد مرتدا إلى مكة المكرمة، وبذلك ارتكب جريمتين: أما الجريمة الأولى: فهى أنه قتل بعد أن أخذ الدية، والقتل كان خطأ فلا قصاص وأخذ الثأر معتديا آثما.
والجريمة الثانية أنه ارتد بعد إسلام أظهره.
ولهاتين الجريمتين كان يستحق إباحة دمه وإحداهما تسوغ قتله.
ولذلك أباح النبى صلى الله تعالى عليه وسلم دمه، ولذلك كان من الذين أهدر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم فتح مكة المكرمة دماءهم، وإن تعلقوا بأستار الكعبة.