الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذان أمران ليس من المعقول تطبيق أحدهما أو هما، وليس من العدل تطبيق الثاني. لم يبق إذن إلا القتال، وعندئذ تقول الحقيقة ويل للخائن المغلوب، وإنه إذا كان قتال، فإن نتيجته معروفة من قبل وقوعه، إذ أنهم سيبادون عن آخرهم، ويكون ذلك شفاء لقلوب المؤمنين الذين زاغت منهم الحناجر بسبب انضمامهم للمشركين.
أرادوا أن يخرجوا كما خرج بنو النضير، فلم يرض النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، لعدم التساوى بين حالهم، وحال بين النضير، فاختار النبى صلى الله تعالى عليه وسلم القتال بأمر ربه ولكنهم استسلموا.
أمر الله:
473-
جاء أمر الله تعالى بأن يخرج النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لقتال بنى قريظة، فروى أن جبريل أمين الوحى جاء يقول للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم: وقد وضعت السلاح يا محمد؟
قال: نعم، فقال جبريل: فما وضعت الملائكة السلاح. إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بنى قريظة.
سار النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى بنى قريظة بأمر الله، وإن منطق الحرب يدعو إلى ذلك، والحذر الذى أمر الله به يوجب ذلك.
أمر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم مستجيبا لأمر ربه فأذن في الناس من كان سامعا مطيعا، فلا يصلين العصر إلا في بنى قريظة.
استعمل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم في المدينة ابن أم مكتوم.
أعطى الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم الراية لعلى بن أبى طالب.
سار على رضى الله تعالى عنه، حتى إذا دنا من حصونهم سمع منهم مقالة قبيحة في رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وكأنهم مستمرون على غيهم.
فرجع حتى لقى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وظن الرسول أنهم قالوا فيه وعلى لا يريد أن يسمع منهم أذى لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.
دنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من حصونهم، وقال لهم:«يا إخوان القردة. هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته؟ قالوا: يا أبا القاسم ما كنت جهولا» .
مضى إليهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بعد أن اجتمع جيشه، والراية مع على حتى نزل على بئر من آبارهم؟
وكان من بين أصحابه من لم يصل العصر إلا في وقت العشاء، لأنهم انتظروه إلى العشاء، وقد قال: لا يصلين أحد العصر إلا في بنى قريظة، فينتظرونه حتى يصلى بهم العصر، فصلوا العصر بها في وقت العشاء فما عابهم صلى الله تعالى عليه وسلم.
حاصرهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لقتالهم، وهو ما أمر الله به، وهو الأمر بالمعقول فى ذاته كما ذكرنا من قبل، ولكنهم لم يخرجوا لقتال.
حاصرهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار، وكان معهم في حصن كعب بن أسد حيى بن أخطب الذى حرضهم على نقض العهد ووعد كعبا أن يكون في حصنه يصيبه ما يصيبه إذا لم يصب المشركون من محمد شيئا، فوفى بما وعد.
لما أيقنوا أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم غير تاركهم حتى يناجزهم القتال، تقدم إليهم كعب ابن أسد، وقد رأوا أنه لابد من الحرب، خيرهم بين ثلاثة: أحدها- الإيمان بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم، وقال في ذلك: نبايع الرجل ونصدقه فو الله لقد تبين لكم أنه لنبى مرسل، وأنه الذى تجدونه في كتابكم فتأمنون على أموالكم وأبنائكم ونسائكم، قالوا: لا نفارق حكم التوارة أبدا، ولا نستبدل به غيره.
والثانية أن يقاتلوا منفردين عن الأولاد والنساء بعد فشلهم، فرفضوا.
والثالثة أن يصيبوا غرة من محمد يوم السبت إذ ربما لا يكون مستعدا لقتالهم، لأنه يعلم أنهم لا يقاتلون يوم السبت.
رضوا أخيرا بالاستسلام، ولكنهم لا يعرفون النتيجة، فأرسلوا إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يرسل إليهم أبا لبابة، فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يشكون في وجهه، فرق لذلك، ولما سألوه أترى أن ننزل عن حكم محمد، قال: نعم، وأشار بيده إلى حلقه بأنه الذبح، قال أبو لبابة، والله فما زالت قدماى عن مكانها، حتى عرفت أنى قد خنت الله ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم، ثم انطلق أبو لبابة على وجهه، ولم يأت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده، وقال: لا أبرح مكانى هذا، حتى يتوب الله على بما صنعت. وذلك هو الضمير المؤمن القوى، وقد استبطأه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ثم علم أمره.