الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والذى ننتهى إليه بالنسبة لما يكون في الحرب من هدم وتحريق وتخريب أنه يستفاد من مصادر الشريعة وأعمال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فى حروبه: -
أولا: أن الأصل هو عدم قطع الشجر وعدم تخريب البناء، لأن الهدف من الحرب ليس إيذاء الرعية، ولكن دفع أذى الراعى الظالم. وبذلك وردت الآثار.
ثانيا: أنه إذا تبين أن قطع الشجر وهدم البناء توجبه ضرورة حربية لا مناص منها، كأن يستتر العدو به ويتخذه وسيلة لإيذاء جيش المؤمنين، فإنه لا مناص من قطع الأشجار، وهدم البناء، على أنه ضرورة من ضرورات القتال، كما فعل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم في حصن ثقيف.
ثالثا: أن كلام الفقهاء الذين أجازوا الهدم والقطع يجب أن يخرج، على أساس هذه الضرورات، لا على أساس إيذاء العدو والإفساد المجرد، فالعدو ليس هو الشعب إنما العدو هم الذين يحملون السلاح ليقاتلوا.
غنائم بنى النضير والحكم العام في الغنائم كلها
447-
كانت غنائم بنى النضير هى أوّل غنائم من أهل القرى من أرض، ونخيل، وحصون، فهى التى سنت ما يتخذ من حكم الاستيلاء على الأراضى: أوزع على المحاربين أم تكون محبوسة على مصالح المسلمين، فيكون لهم غلاتها، وتبقى تحت أيدى أصحابها، على ألا تكون أيديهم أيدى ملاك رقبة، بل ملاك منفعة على خراج يؤدونه.
ويقول الفقهاء: إن ذلك الخراج هو بمثابة أجرة للأرض قد استأجروها به، وإليك النص الذى جاء في هذه الأراضى:
قال الله تعالى عقب إجلاء بنى النضير، وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ، فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ، وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ، وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ، وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ، وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ، وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، وَاتَّقُوا اللَّهَ، إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ. لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً، وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ. وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ، وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ، وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ، فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ، وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (الحشر- 6: 10) .
ونجد هذا النص الكريم قسم ما أفاء الله تعالى به على رسوله والمؤمنين معه قسمين: أحدهما مالا يعد شيئا ثابتا أو أرضا، بل هو مال غير ثابت فالأمر فيه إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوزعه كما شرع الله تعالى له، وقد أشار إلى ذلك بقوله سبحانه وتعالى: وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ ويوزعه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بمقتضى أمره في قوله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ، فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ (الأنفال- 41) إلى آخر الآية الكريمة.
والقسم الثانى هو ما أفاء الله تعالى به من أهل القرى، وهو الأموال الثابتة من نخيل قائم وأرض زراعية.
وهذه قد جعلها الله تعالى لله وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.
وهنا يجيء البحث فيه: أتقسم الأراضى بين الغانمين وتخمس كما تخمس الغنائم، فيكون لله وللرسول وذى القربى واليتامى والمساكين الخمس، وأربعة الأخماس للمجاهدين.
رأى بعض الصحابة- وكان بلال أشدهم أن تقسم الأرض قسمة الغنائم، ورأى عمر وعلى وجمع من الصحابة أن تكون محبوسة غلاتها على مصالح المسلمين، وقد بدا ذلك الخلاف عند الاستيلاء على أرض سواد العراق، وقد جمع عمر الصحابة خارج المدينة المنورة، وأخذ يجادلهم ويجادلونه ثلاث ليال سويا، هو يحتج بألا يكون المال دولة بين الأغنياء، وقال إن الله سيفتح فارس ومصر والشام، فلو قسمت فماذا يبقى لسد الثغور وماذا يبقى للذرية.
وهم يعارضون بأنها غنائمهم، وأشد من يعارضه بلال وصحب له، فكان عمر الفاروق يقول:
اللهم اكفنى بلالا وصحبه.
وبعد ثلاث ليال أراد أن يحكم بينه وبين مخالفيه طائفة من الأنصار خمسة من الأوس وخمسة من الخزرج، فلما التقوا به ذكر لهم أنه ما أزعجهم إلا ليحكموا بينه وبين مخالفيه، وبعد أن عرض وجهة نظره من الوجهة المصلحية الاجتماعية، ذكر لهم أنه وجد قوله تعالى: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى إلى آخر الآيات، وفصل القول ووزع الأقسام التى تشتمل عليها الآية، وذكر أن الغلات أولا للمهاجرين، ثم للذين آووا ونصروا ثم للذين اتبعوهم ثم للذين جاؤا من بعدهم، يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا، وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ.