الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حد الزنا
502-
الآيات تتلى وإليك آية حد الزنا، وآية حد القذف، وآيات الإفك، وهذا التوالى الكافى ينبيء عن أن يكون النزول في وقت واحد أو متقارب، ومناسبة واحدة.
ونشير في هذا المقام إلى أن الزنا وردت فيه آيات يبين بعضها بعضا.
أولها: قوله تعالى: وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ، أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا. وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما، إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً (النساء- 16) .
فهاتان الآيتان تفيدان أن ثمة عقوبة تخص المرأة، وأخرى تعم الرجل والمرأة، فأما التى تخص المرأة، فإمساكها في البيوت حتى تموت أو يجعل الله تعالى لها سبيلا بالزواج، كما هو الظاهر الواضح.
وأما التى تعم الرجل والمرأة، فهو الإيذاء، وقد جاءت السنة بعقوبة للرجل تقابل عقوبة المرأة التى تخصها، وهو التغريب سنة، وهذا يقابل الإمساك في البيوت.
والإيذاء لهما بينته آية النور، ولم تكن ناسخة، كما جاء على أقلام كثيرين من الكتاب، لأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر التوفيق بين النصين، والجمع هنا ممكن، وهو واجب، لأن كل آية تتمم الآخرى أو تبينها، كما في الآيات الواردة في عقوبة الزنا.
والإيذاء المبين في سورة النور هو قوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً، وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ، وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (النور- 2، 3) .
وجاءت بعد ذلك آيات حد القذف، ثم آيات اللعان ثم حديث الإفك والبهتان الذى يصور جريمة الرمى بالزنا، وأنها تشيع الفاحشة في الدين، وتفسد الجماعة، وتجعلها تعيش في مجتمع معتم بالرذيلة، والاستهانة بها.
ويجب التنبيه هنا إلى أمرين- أحدهما- أننا لا نقول جازمين أن هذه الآيات المتعلقة بهذه الحدود، قد نزلت كلها عقب غزوة بنى المصطلق أو في أثنائها، أو عند حديث الإفك، والذى يغلب علينا أن حد القذف والزنى قد نزل قبلها بقليل أو بكثير كما أشرنا، ولذلك طبق حد القذف على الذين