الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأنفال
391-
كان المشركون يحاربون في غير ديارهم وأرضهم، وكان المؤمنون كذلك، ولكن كانوا على مقربة من ديارهم، وكانت الهزيمة قد نزلت بالمشركين، فكانوا شبه فارين بعد المعركة لا يلوون على شيء إلا ما يمكنهم من أن يعودوا إلى ديارهم راضين بإياب بعضهم سالمين.
فكان لا بد أن يغنم المسلمون منهم غنائم، وكانت هذه الغنائم أوّل ما غنمه المسلمون في الحروب، لأنها كانت أوّل حرب كان الاتجاه فيها إلى المنازلة، وأخذ الغنم نتيجة لهذه المنازلة، ولم تكن عيرا مصادرة بل كانت حربا شعواء.
ولذلك اختلف المقاتلون في الأنفال، وهى الغنائم التى تكون قبل القسمة، ولم يكونوا على علم بقسمتها، والمقسطون منهم سألوا عما يفعلون بشأنها، وبعض القاسطين ظنوها لمن أخذها.
وذلك أن المجاهدين كانوا ثلاثة أقسام: قسم واجه العدو كعلى، وحمزة، وغيرهم، وقسم كان من ورائهم، وأولئك جمعوا الغنائم، وقسم حاط العريش الذى كان به الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم.
ويقول في ذلك عبادة بن الصامت وهو من البدريين، «خرجنا مع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فشهدت معه بدرا، فالتقى الناس، فهزم الله تعالى العدو، فانطلقت طائفة وراءهم يهزمون ويقتلون، وأكبت طائفة على المغنم يحوزونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حتى لا يصيب أحد منه غرة، حتى إذا كان الليل، وفاء الناس بعضهم إلى بعض، قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناه وليس لأحد فيها نصيب.
وقال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم بأحق بها منا، فنحن نفينا منها العدو، وهزمناهم.
وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: خفنا أن يصيب العدو منه غرة، فاشتغلنا به. كان هذا الخلاف، وكان معه تساؤل: لمن تكون الغنائم؟ فنزل قول الله سبحانه وتعالى:
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ، وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (الأنفال- 1) .
كانت هذه المناقشة في الغنائم قبل أن ترفع إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فذكر الله سبحانه وتعالى ما يحسم الخلاف، ويقطع مادة النزاع، وهو أن يكون أمرها إلى الله تعالى، وما يحكم به سبحانه وتعالى وإلى الرسول عليه الصلاة والسلام الذى ينفذ حكم الله سبحانه وتعالى، فليس لهم أن يقتسموا