الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن الجروح التى أصابت جيش الإسلام لا تعد هزيمة. وكما قال صديقنا القائد العظيم اللواء ركن محمود شيت خطاب، إن فقد عشرة في المائة من الجيش مع بقائهم ثابتين، ومع أنهم شقوا الطريق إلى النصر، لا يعد هزيمة بحال من الأحوال.
إنما هو جرح، كما قال الله سبحانه وتعالى: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ، وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ آل عمران. فما كانت المداولة بين الناس في الانتصار والانهزام، بل كان في القرح الذى مسهم مثله فكانت الهزيمة لهم ابتداء، ولم يستطيعوا أن ينزلوا بالمسلمين هزيمة مثلها، بل فروا في النتيجة فرارا..
العبرة فيما أصاب المسلمين:
433-
ولكن مع ذلك دروس، ففى أحد عبر وأغلاط، هى التى جعلت المسلمين يمسسهم قرح، كما مس المشركين قرح أولا- وقرحهم أشد، لأنه صحبته هزيمة.
وأن الجرح الذى أصاب المسلمين له أسباب:
أولها: أن جيش المسلمين كان فيه من يطلب الغنيمة، لأنه حسب أن النصر مفروغ منه بالقياس على ما كان في بدر، وقد ظهرت نيات هؤلاء قبل المعركة، إذ همت طائفتان أن تفشلا والله وليهما، وظهرت في أثناء المعركة، فقال سبحانه وتعالى: مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا، وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ والذين يريدون الدنيا سارعوا إلى الغنائم، وعصوا أمر الرسول.
وظهر الذين يريدون الدنيا بعد المعركة، فقد أهمتهم أنفسهم، وندموا على الخروج لأنهم لم يصيبوا مالا وأصابتهم جراح، ولم يعرفوا أن شأن القتال اتباع مناهجه، فإن خرجوا عنها وخالفوا أمر القائد، ينلهم الثبور، وأنهم إن أطاعوا، وسلكوا المنهج المستقيم نصرهم الله تعالى بتوفيقه.
ولقد كان هؤلاء يثيرون التردد في الجهاد في قلوب أهل الإيمان، وقال الله سبحانه وتعالى فيهم:
أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا، قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ، فَبِإِذْنِ اللَّهِ، وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ. وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا، وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا، قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ، هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ، يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ (آل عمران- 165: 167) .