الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
69 - قيس بن عاصم المنقري رضي الله عنه
قال ابن حجر: قيس بن عاصم بن سنان بن منقر بن خالد بن عبيد بن مقاعس، واسمه الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم التميمي المنقري، يكنى أبا علي. وحكى ابن عبد البر أنه قيل في كنيته أيضًا أبو طليحة وأبو قبيصة والأول أشهر وبه جزم البخاري، وقال: له صحبة وجزم ابن أبي حاتم بأنه أبو طلحة.
قال ابن سعد: كان قد حرم الخمر في الجاهلية ثم وفد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وفد بني تميم فأسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "هذا سيد أهل الوبر" وكان سيدًا جوادًا، ثم ساق بسند حسن إلى الحسن عن قيس بن عاصم قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما دنوت منه قال "هذا سيد أهل الوبر" فذكر الحديث
…
وفيه فقال قيس: كيف تصنع بالمنيحة [المنحة] فقال قيس: إني لأمنح في كل عام مائة. قال: فكيف تصنع بالعارية؟ فذكر الحديث، وفي آخره قال قيس: لئن عشت لأدعن عدتها قليلًا. قال الحسن: ففعل والله ثم ذكر وصيته.
وقال ابن السكن: كان عاقلًا حليمًا يقتدى به، وقال أبو عمر: قيل للأحنف: ممن تعلمت الحلم؟ قال: من قيس بن عاصم رأيته يومًا محتبيًا فأتي برجل مكتوف وآخر مقتول، فقيل: هذا ابن أخيك قتل ابنك، فالتفت إلى ابن أخيه فقال: يا ابن أخي بئسما فعلت أثمت بربك وقطعت رحمك ورميت نفسك بسهمك، ثم قال لابن له آخر: قم يابني فوار أخاك وحل أكتاف ابن عمك وسق إلى أمه مائة ناقة دية ابنها فإنها غريبة.
وذكر الزبير في الموفقيات عن عمه عن عبد الله بن مصعب قال قال أبو بكر لقيس بن عاصم: ما حملك على أن وأدت؟ وكان أول من وأد- فقال: خشيت أن يخلف عليهن غير كفء. قال: فصف لنا نفسك؟ فقال: أما في الجاهلية فما هممت بملامة ولا حمت على تهمة ولم أر إلا في خيل مغيرة أو نادي عشيرة أو حامي جزيرة، وأما في الإسلام فقد قال الله تعالى (فلا تزكوا أنفسكم) فأعجب أبو بكر بذلك.
روى قيس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث، روى عنه ابناه حكيم وحصين
وابن ابنه خليفة بن حصين والأحنف بن قيس ومنفعة بن التوأم وآخرون.
النعمان بن بشير يقول: سمعت عمر بن الخطاب يقول وسئل عن هذه الآية {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} فقال: جاء قيس بن عاصم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني وأدت ثماني بنات لي في الجاهلية، فقال "أعتق عن كل واحدة منهن رقبة" قال: إني صاحب إبل، قال "اهد إن شئت عن كل واحدة منهن بدنة".
خليفة بن حصين عن جده قيس بن عاصم أنه أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر
…
وأخرج أحمد والنسائي من طريق حكيم بن قيس عن أبيه أنه قال: لا تنوحوا علي فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم ينح عليه، الحديث اختصره النسائي وأورده أحمد مطولًا، وفيه: أنه قال لبنيه اتقوا الله وسودوا أكبركم فإن القوم إذا سودوا أكبرهم أحيوا ذكر أبيهم وإياكم والمسئلة فإنها آخر كسب الرجل فذكر بقية الوصية وهي نافعة أ. هـ.
ونورد الوصية بتمامها كما أخرجها الحاكم (1) للفائدة:
عن عبد الملك بن أبي سوية المنقري قال شهدت قيس بن عاصم عند وفاته وهو يوصي فجمع بنيه اثنان وثلاثون ذكرًا فقال: يا بني إذا أنا مت فسودوا أكبركم تخلفوا آباءكم، ولا تسودوا أصغركم فيزري بكم ذاك عند أكفائكم، ولا تقيموا علي نائحة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن النياحة، وعليكم بإصلاح المال فإنه منبهة للكريم ويستغنى به عن اللئيم، ولا تعطوا رقاب الإبل في غير حقها ولا تمنعوها من حقها، وإياكم وكل عرق سوء فمهما يسركم يوما فما يسوءكم أكبر، واحذروا أبناء أعدائكم فإنهم لكم أعداء على منهاج آبائهم، وإذا أنا مت فادفنوني في موضع لا يطلع علي هذا الحي من بكر بن وائل فإنها كانت بيني وبينهم خماشات (2) في الجاهلية فأخاف أن ينبشوني من قبري فتفسدوا عليهم دنياهم ويفسدوا عليكم آخرتكم، ثم دعا بكنانته فأمر ابنه الأكبر وكان يسمى عليًا فقال: أخرج
(1) المستدرك (3/ 611).
(2)
خماشات: من الجروح والجنايات مما ليس له دية.
سهمًا من كنانتي فأخرجه فقال: اكسره، فكسره، ثم قال: أخرج سهمين، فأخرجهما، فقال: اكسرهما، فكسرهما فلم يستطع كسرهما، فقال: يا بني هكذا أنتم في الاجتماع وكذلكم أنتم في الفرقة ثم أنشأ يقول:
إنما المجد ما بنى والد الصد
…
ق وأحيا فعاله المولود
وكفى المجد والشجاعة والحلم
…
إذا زانه عفاف وجود
وثلاثون يابني إذا ما
…
عقدتم للنائبات العهود
كثلاثين من قداح إذا ما
…
شدها للزمان عقد شديد
لم تكسر وإن تقطعت الأسهم
…
أودى بجمعها التبديد
وذوو السن والمروءة أولى
…
إن يكن منكم لهم تسويد
وعليكم حفظ الأصاغر حتى يبلغ الحنث الأصغر المجهود
قال ابن حجر: ونزل قيس البصرة ومات بها، ولما مات رثاه عبدة بن الطيب بقوله:
عليك سلام الله قيس بن عاصم
…
ورحمته ما شاء أن يترحما
وما كان قيس هلكه. هلك واحد
…
ولكنه بنيان قوم تهدما
قال ابن حبان: كان له ثلاثة وثلاثون ولدًا ونقل البغوي عن ابن أبي خيثمة عن يحيى ابن معين أن قيس بن عاصم كان يكنى أبا هراسة. وذكر ابن شاهين من طريق المدائني عن أبي معشر ورجاله قالوا: قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قيس بن عاصم ونعيم ابن بدر وعمرو بن الأهتم قبل وفد بني تميم وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم استبطأ قيس ابن عاصم، فقال له عتبة ائذن لي أن أغزوه فاقتل رجاله وأسي نساءه، فأعرض عنه وقدم قيس، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم "هذا سيد أهل الوبر" ثم تقدم فأسلم فسأله النعمان بن مقرن فقال: يا رسول الله ائذن لي أن يكون منزله علي؟ قال: نعم، فبينما هو يتعشى إذ قال أخو النعمان بئسما قال عتبة، فقال له قيس وما قال؟ فأخبره فغدا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أمالي سبيل إلى الرجوع؟ قال: لا، قال: لو كان لي إلي الرجوع سبيل لأدخلت على عتبة ونسائه الذل أ. هـ من الإصابة.
* * *