الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
93 - بريرة مولاة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
2264 -
* روى مسلم عن عروة؛ أن عائشة أخبرته؛ أن بريرة جاءت عائشة تستعينها في كتابتها. ولم تكن قضت من كتابتها شيئاً. فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك. فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك، ويكون ولاؤك لي، فعلت. فذكرت ذلك بريرة لأهلها. فأبوا. وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل. ويكون لنا ولاؤك فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ابتاعي فأعتقي. فإنما الولاء لمن أعتق" ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما بال أناسٍ يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله، فليس له، وإن شرط مائة مرةٍ. شرط الله أحق وأوثق".
وفي رواية (1) عن عائشة. قالت: دخلت عليَّ بريرةُ فقالت: إن أهلي كاتبوني على تسع أواقٍ في تسع سنين. في كل سنةٍ أوقيةً فأعينيني. فقلت لها: إن شاء أهلُكِ أن أعدها لهم عدةً واحدةً، وأعتقك، ويكون الولاء لي؛ فعلت. فذكرت ذلك لأهلها فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم فأتتني فذكرت ذلك. قالت: فانتهرتها. فقالت: لاها الله إذا.
2264 - مسلم (2/ 1141) 20 - كتاب العتق -2 - باب إنما الولاء لمن أعتق.
أقضي عنك كتابتك: أي أؤدي عنك جميع ما عليك من بدل الكتابة.
إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل: أي إن أرادت الثواب عند الله وأن لا يكون لها ولاء، فلتفعل.
ما بال أناس: أي ما شأنهم.
يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله: أي ليست في حكمه ولا على موجب قضاء كتابه. لأن كتاب الله أمر بطاعة الرسول، وأعلم أن سنته بيان له. وقد جعل الرسول الولاء لمن أعتق، لا أن الولاء مذكور في القرآن نصاً.
(1)
مسلم في نفس الموضع السابق.
كاتبوني: الكتابة أن يكاتب عبده على مال يؤديه إليه منجماً. فإذا أداه صار حراً. وسميت كتابة لمصدر كتب، كأنه يكتب على نفسه لمولاه ثمنه. ويكتب مولاه له عليه العتق. وقد كاتبه مكاتبة. والعبد مكاتب وإنما خص العبد بالمفعول لأن أصل المكاتبة من المولى، وهو الذي يكاتب عبده.
أن أعدها لهم عدة واحدة: أي أعطيها لهم جملة حاضرة.
لاها الله إذا: وفي بعض النسخ: لاهاء الله إذا. قال المازري وغيره من أهل العربية: هذان لحنان. وصوابه لاها الله ذا. بالقصر في ها وحذف الألف من إذا. قالوا ومعناه: ذا يميني. ومعناه: لا والله هذا ما أقسم به. فأدخل اسم الله تعالى بين ها وذا.
قالت: فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم: فسألني فأخبرته فقال "اشتريها وأعتقيها. واشترطي لهم الولاء. فإن الولاء لمن أعتق" ففعلت. قالت: ثم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيةً. فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله. ثم قال: "أما بعد. فما بال أقوامٍ يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل وإن كان مائة شرطٍ. كتابُ الله أحق. وشرط الله أوثق. ما بال رجالٍ منكم يقول أحدهم: أعتقُ فلاناً والولاء لي. إنما الولاء لمن أعتق".
وعن جرير زاد (1): قال: وكان زوجها عبداً. فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختارت نفسها. ولو كان حراً لم يخيرها. وليس في حديثهم: (أما بعد).
2265 -
* روى مسلم عن عائشة. قالت: كان في بريرة ثلاث قضياتٍ: أراد أهلها أن يبيعوها ويشترطوا ولاءها. فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال: "اشتريها وأعتقيها، فإن الولاء لمن أعتق" قالت: وعتقت. فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاختارت نفسها. قالت: وكان الناس يتصدقون عليها وتهدي لنا. فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "هو عليها صدقة. وهو لكم هديةً فكلوه".
2266 -
* روى ابن سعد عن ابن سيرين: أن رسول الله خيْر بريرة. فكلمها فيه. فقالت: يا رسول الله، أشي واجب؟ قال:"لا إنما أشفعُ له".
2267 -
* روى البخاري عن ابن عباس أن زوج بريرة كان عبداً يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي، ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس:"يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثاً" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو راجعته" قالت: يا رسول الله تأمرني؟ قال: "إنما أنا أشفع" قالت: فلا حاجة لي فيه.
(1) مسلم في نفس الموضع السابق.
2265 -
مسلم (2/ 1143) 2 - كتاب العتق -2 - باب إنما الولاء لمن أعتق.
2266 -
الطبقات الكبرى (8/ 259) ورجاله ثقات لكنه مرسل.
2267 -
البخاري (9/ 408) 68 - كتاب الطلاق 16 - باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة.
أقول: في قصة بريرة عِبرٌ كثيرة منها:
إن الإسلام رفع من مكانة المرأة حتى جعل امرأة كبريرة ترفض شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دامت غير ملزمة.
كما أن في قصة زوجها معها والسكوت على تصرفاته دليلاً على أن الإسلام قد راعى العواطف الشريفة الجائزة ما لم يكن إثم، ومن ذلك عاطفة الحب والتعبير العفيف عنها.
* * *