المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌72 - عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه - الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية - جـ ٤

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌قصة استخلافه:

- ‌ذكر زوجاته وبنيه وبناته رضي الله عنهم:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ست وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة سبع وعشرين:

- ‌غزوة الأندلس:

- ‌وقعة جرير والبربر مع المسلمين:

- ‌فتح قبرص:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاثين من الهجرة النبوية:

- ‌ثم خلت سنة إحدى وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة أربع وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ذكر مجيء الأحزاب إلى عثمان للمرة الثانية في مصر:

- ‌ذكر حصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان:

- ‌تعليقات

- ‌شرح مختصر لأسباب الفتنة في اجتهادي:

- ‌1 - ظهور الورع الجاهل:

- ‌2 - تآمر الحاقدين:

- ‌3 - طموح الطامحين:

- ‌4 - العفوية:

- ‌5 - عدم مراعاة الرأي العام السائد:

- ‌على بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ثم دخلت سنة ست وثلاثين من الهجرة:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وثلاثين:

- ‌ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:

- ‌صفة مقتله رضي الله عنه:

- ‌تعليقات

- ‌عبد الله بن الزبير رضي الله عنه

- ‌تعليقات

- ‌الوصل الثالثفينماذج من أصحابه

- ‌تمهيد

- ‌1 - أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌2 - طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌3 - الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌4 - عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه

- ‌5 - سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌6 - سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌7 - زيد بن حارثة حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه رضي الله عنه

- ‌8 - أسامة بن زيد الحِبُّ بن الحِبُّ رضي الله عنه

- ‌9 - عمار بن ياسر رضي الله عنه

- ‌10 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

- ‌11 - أبو ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌12 - حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما

- ‌13 - سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌14 - عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

- ‌15 - بلال بن رباح رضي الله عنه

- ‌16 - أبي بن كعب رضي الله عنه

- ‌17 - أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه

- ‌18 - المقداد بن عمرو (المشهور بابن الأسود) رضي الله عنه

- ‌19 - أبو قتادة الأنصاري السلمي رضي الله عنه

- ‌20 - سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌21 - عبد الله بن قيس (المشهور بأبي موسى الأشعري) رضي الله عنه

- ‌22 - عبد الله بن سلام رضي الله عنه

- ‌23 - جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه

- ‌24 - 25 - جابر بن عبد الله وأبوه عبد الله بن عمرو بن حرام

- ‌26 - البراء بن مالك رضي الله عنه

- ‌27 - أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌28 - ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلموخطيب الأنصار

- ‌29 - أبو هريرة رضي الله عنه

- ‌30 - حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه

- ‌31 - جليبيب رضي الله عنه

- ‌32 - حارثة بن سراقة رضي الله عنه

- ‌33 - قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما

- ‌34 - خالد بن الوليد رضي الله عنه

- ‌35 - عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌36 - أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه

- ‌37 - معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما

- ‌38 - عباد بن بشر رضي الله عنه

- ‌39 - ضماد رضي الله عنه

- ‌40 - عدي بن حاتم رضي الله عنه

- ‌41 - ثمامة بن أثال رضي الله عنه

- ‌42 - عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه

- ‌43 - خباب بن الأرتِّ رضي الله عنه

- ‌44 - سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما

- ‌45 - عامر بن ربيعة رضي الله عنه

- ‌46 - عبد الله بن جحش رضي الله عنه

- ‌47 - صهيب بن سنان رضي الله عنه

- ‌48 - عثمان بن مظعون رضي الله عنه

- ‌49 - معاذ بن جبل رضي الله عنه

- ‌50 - عمرو بن الجموح رضي الله عنه

- ‌51 - حارثة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌52 - عبد الله بن رواحة رضي الله عنه

- ‌53 - عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه

- ‌54 - قتادة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌55 - عبادة بن الصامت رضي الله عنه

- ‌56 - خزيمة بن ثابت رضي الله عنه

- ‌57 - خالد بن زيد المشهور بأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه

- ‌58 - زيد بن ثابت رضي الله عنه

- ‌59 - سلمة بن الأكوع رضي الله عنه

- ‌60 - أبو الدرداء رضي الله عنه

- ‌61 - عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه

- ‌62 - عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه

- ‌63 - أبو زيد عمر بن أخطب رضي الله عنه

- ‌64 - أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه

- ‌65 - عبد الله بن بسر رضي الله عنه

- ‌66 - السائب بن يزيد رضي الله عنه

- ‌67 - ورقة بن نوفل رضي الله عنه

- ‌68 - حكيم بن حزام رضي الله عنه

- ‌69 - قيس بن عاصم المنقري رضي الله عنه

- ‌70 - عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه

- ‌71 - عبد الله بن حذافة السهمي

- ‌72 - عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌73 - محمد بن مسلمة رضي الله عنه

- ‌74 - حسان بن ثابت

- ‌75 - حجر بن عدي رضي الله عنه

- ‌76 - عمران بن حصين رضي الله عنه

- ‌77 - سهيل بن عمرو رضي الله عنه

- ‌78 - أبو سعيدٍ الخدري رضي الله عنه

- ‌79 - المغيرة بن شعبة رضي الله عنه

- ‌80 - النجاشي رضي الله عنه

- ‌81 - أسيد بن حضير رضي الله عنه

- ‌82 - عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه

- ‌83 - أسعد بن زرارة رضي الله عنه

- ‌84 - أبو دجانة سماك بن خرشة الخزرجي رضي الله عنه

- ‌85 - أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما

- ‌86 - أم حرامٍ رضي الله عنها

- ‌87 - أمُّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها

- ‌88 - هند بنت عتبة رضي الله عنها

- ‌89 - نسيبةُ بنتُ كعب رضي الله عنها

- ‌90 - أم أيمن بركة بنت ثعلبة رضي الله عنها

- ‌91 - أم عطية الأنصارية رضي الله عنها

- ‌92 - أم سَلِيط رضي الله عنها

- ‌93 - بريرة مولاة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

- ‌94 - الربيع بنت معوذ رضي الله عنها

- ‌95 - أسماء بنت عُميْس رضي الله عنها

- ‌تعليقات على هذا الباب

- ‌خاتمة القسم الأول

الفصل: ‌72 - عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

‌72 - عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

قال ابن حجر: عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي القرشي السهمي

قال الطبري: قيل كان طوالا أحمر عظيم الساقين أبيض الرأس واللحية، وعمي في آخر عمره. وقال ابن سعد: أسلم قبل أبيه ويقال لم يكن بين مولدهما إلا اثنتا عشرة سنة أخرجه البخاري عن الشعبي، وجزم ابن يونس بأن بينهما عشرين سنة

قال الواقدي، مات بالشام سنة خمس وستين وهو يومئذ ابن اثنتين وسبعين، وقال ابن البرقي: وقيل مات بمكة، وقيل بالطائف وقيل بمصر ودفن في داره قاله يحيي بن بكير. وحكى البخاري قولاً آخر: أنه مات سنة تسع وستين وبالأول جزم ابن يونس، وقال ابن أبي عاصم: مات بمكة وهو ابن اثنتين وسبعين وقيل مات سنة ثمان وستين وقيل تسع وستين ا. هـ.

قال الذهبي: الإمام الحبر العابد، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن صاحبه، أبو محمد، وقيل: أبو عبد الرحمن. وقيل: أبو نصير القرشي السهمي. وأمه هي رائطة بنت الحجاج ابن منبه السهيمة، وليس أبوه أكير منه إلا بإحدى عشرة سنة أو نحوها.

وقد أسلم قبل أبيه فيما بلغنا، ويقال: كان أسمه العاص، فلما أسلم، غيره النبي صلى الله عليه وسلم بعبد الله.

وله مناقب وفضائل ومقام راسخ في العلم والعمل، حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علماً جماً. وكتب الكثير بإذن النبي صلى الله عليه وسلم، وترخيصه له في الكتابة بعد كراهيته للصحابة أن يكتبوا عنه سوى القرآن وسوغ ذلك صلى الله عليه وسلم، ثم انعقد الإجماع بعد اختلاف الصحابة رضي الله عنهم على الجواز والاستحباب لتقييد العلم بالكتابة.

والظاهر أن النهي كان أولاً لتتوفر هممهم على القرآن وحده، وليمتاز القرآن بالكتابة عما سواه من السنن النبوية، فيؤمن اللبس، فلما زال المحذور واللبس، ووضح أن القرآن لا يشتبه بكلام الناس أذن له في كتابه العلم، والله أعلم. ا. هـ.

قال محقق السير: قال ابن القيم رحمه الله في (تهذيب اللسنن): قد صح النبي صلى الله عليه وسلم

ص: 2103

النهي عن الكتابة والإذن فيها متأخر، فيكون ناسخاً لحديث النهي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزاة الفتح "اكتبوا لأبي شاة" يعني خطبته التي سأل أبو شاه كتابتها، وأذن لعبد الله ابن عمرو في الكتابة، وحديثه متأخر عن النهي، لأنه لم يزل يكتب، مات وعنده كتابته، وهي الصحيفة التي كان يسميها (الصادقة) ولو كان النهي عن الكتابة متأخراً، لمحاها عبد الله، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمحو ما كتب عنه غير القرآن، فلما لم يمحها، وأثبتها، دل على أن الإذن في الكتابة متأخر عن النهي عنها، هذا واضح والحمد لله.

2208 -

* روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ القرآن في كل شهر" قال: قلت: إني أجد قوة، قال:"فاقرأه في عشرين ليلة" قال: إني أجد قوة، قال:"فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك".

وقد نازله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثلاث ليال ونهاه أن يقرأه في أقل من ثلاثٍ.

2209 -

* روى أبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث".

قال الذهبي: وهذا [التنازل] كان في الذي نزل من القرآن، ثم بعد هذا القول نزل ما بقي من القرآن. فأقل مراتب النهي أن تكره تلاوة القرآن كله في أقل من ثلاث، فما فقه ولا تدبر من تلاه في أقل من ذلك. ولو تلا ورتل في أسبوع، ولازم ذلك، لكان عملاً فاضلاً، فالدين يسر، فوالله إن ترتيل سبع القرآن في تهجد قيام الليل مع المحافظة على النوافل الراتبة، والضحى، وتحية المسجد، مع الأذكار المأثورة الثابتة، والقول عند النوم واليقظة، ودبر المكتوبة والسحر، مع النظر في العلم النافع والاشتغال به مخلصا لله، مع الأمر بالمعروف، وإرشاد الجاهل وتفهيمه، وزجر الفاسق، ونحو ذلك، مع أداء الفرائض

2208 - البخاري (9/ 95) 66 - كتاب فضائل القرآن - 34 - باب في كم يقرأ القرآن.

ومسلم (2/ 813) 13 - كتاب الصيام - 35 - باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به.

2209 -

أبو دواد (2/ 56) كتاب الصلاة، باب تحزيب القرآن.

والترمذي (5/ 198) 47 - كتاب القراءات باب: 13 حدثنا عبيد بن أسباط .... .

وابن ماجه (1/ 428) 5 - كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها - 178 - باب في كم يستحب يختم القرآن.

ص: 2104

في جماعة بخشوع وطمأنينة وانكسار وإيمان، مع أداء الواجب، واجتناب الكبائر، وكثرة الدعاء والاستغفار، والصدقة وصلة الرحم، والتواضع، والإخلاص في جميع ذلك، لشغل عظيم جسيم، ولمقام أصحاب اليمين وأولياء الله المتقين، فإن سائر ذلك مطلوب. فمتى تشاغل العابد بختمة في كل يوم، فقد خالف الحنيفية، ولم ينهض بأكثر ما ذكرناه، ولا تدبر ما يتلوه.

هذا السيد العابد الصاحب كان يقول لما شاخ: ليتني قبلت رخضة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكذلك قال له عليه السلام في الصوم، وما زال يناقصه، حتى قال له:"صم يوماً وأفطر يوماً، صوم أخي داود عليه السلام" وثبت أنه قال: "أفضل الصيام صيام داود"(1). ونهى عليه السلام عن صيام الدهر (2). وأمر عليه السلام بنوم قسط من الليل، وقال:"لكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، وأكل اللحم، فمن رغب عن سنتي فليس مني" ا. هـ الذهبي.

قال الحافظ في الفتح: والمراد بالسنة: الطريقة، لا التي تقابل الفرض، والرغبة عن الشيء: الإعراض عنه إلى غيره، والمراد: من ترك طريقتي، وأخذ بطريقة غيري، فليس مني ولمح بذلك إلى طريق الرهبانية، فإنهم الذين ابتدعوا التشديد كما وصفهم الله تعالى، وقد عابهم بأنهم ما وفوه بما التزموه، وطريقة النبي صلى الله عليه وسلم الحنيفية السمحة، فيفطر ليقوى على الصوم، وينام ليتقوى على القيام، ويتزوج لكسر الشهوة، وإعفاف النفس، وتكثير النسل.

ثم قال الذهبي: وكل من لم يلزم نفسه في تعبده وأورده بالسنة النبوية، يندم ويترهب ويسوء مزاجه، ويفوته خير كثير من متابعة سنة نبيه الرؤوف الرحيم بالمؤمنين، الحريص على نفعهم، وما زال صلى الله عليه وسلم معلماً للأمة أفضل الأعمال، وأمراً يهجر التبتل والرهبانية التي لم

(1) رواه البخاري (4/ 220) 20 - كتاب الصوم - 56 - باب صوم الدهر.

ومسلم (2/ 816) 13 - كتاب الصيام - 35 - باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به.

(2)

رواه البخاري (4/ 224) 20 - كتاب الصوم - 59 - باب صوم داود عليه السلام.

ومسلم في الموضع السابق.

ص: 2105

يبعث بها، فنهى عن سرد الصوم، ونهى عن الوصال، وعن قيام أكثر الليل إلا العشر الأخير، ونهى عن العزبة للمستطيع، ونهى عن ترك اللحم إلى غير ذلك من الأوامر والنواهي، فالعابد بلا معرفة لكثير من ذلك معذور مأجور، والعابد العالم بالآثار المحمدية. المتجاوز لها مفضول مغرور، وأحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل. ألهمنا الله وإياكم حسن المتابعة، وجنبنا الهوى والمخالفة. ا. هـ.

2310 -

* روى أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قلت: يا رسول الله! أكتب ما أسمع منك؟ قال: "نعم" قلت: في الرضي والغضب؟ قال: "نعم، فإني لا أقول إلا حقاً".

2211 -

* روى البخاري عن أبي هريرة قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى عليه وسلم أكثر حديثاً مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب.

2212 -

* روى أبو نعيم عن أبي عبد الرحمن الحبلي، سمعت عبد الله بن عمرو يقول: لأن أكون عاشر عشرة مساكين يوم القيامة، أحب إلي من أن أكون عاشر عشرة أغنياء، فإن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة، إلا من قال هكذا وهكذا، ويقول: يتصدق يميناً وشمالاً.

2213 -

* روى أحمد عن عبد الله بن عمرو، قال: زوجني أبي امرأة من قريش، فلما دخلت علي، جعلت لا أنحاش لها مما بي من القوة على العبادة، فجاء أبي إلى كنته، فقال: كيف وجدت بعلك؟ قالت: خير رجلٍ لم يفتش لها كنفاً، ولم يقربه لها فراشاً: فأقبل علي، وعضني بلسانه، ثم قال: أنكحتك امرأة ذات حسب، فعضلتها

2210 - أحمد في مسنده (2/ 161، 192).

وأبو داود (3/ 368) كتاب العلم، باب في كتاب العلم.

والدارمي (1/ 125) المقدمة، باب من رخص في كتابة العلم.

2211 -

البخاري (1/ 206) 3 - كتاب العلم - 9 - باب كتابة العلم.

2212 -

الحلية (1/ 288) ورجاله ثقات.

2213 -

أحمد في مسنده (2/ 158) ورجاله ثقات.

ص: 2106

وفعلت، ثم انطلق، فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فطلبني، فأتيته، فقال لي:"أتصوم النهار وتقوم الليل"؟ قلت: نعم. قال: "لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأمس النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني".

2214 -

* روى البخاري، عن عبد الله بن عمرو قال: أنكحني أبي امرأة ذات حسب، فكان يتعاهد كنته، فيسألها عن بعلها، فتقول: نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشاً، ولم يفتش لنا كنفاً منذ أتيناه، فلما طال ذلك عليه، ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"ألقني به" ....

والكنة: زوج الولد، وقولها لم يفتش لنا كنفاً: الكنف: الجانب، أرادت أنه لم يقربها، ولم يطلع منها على ما جرت به عادة الرجال مع نسائهم. واسم المرأة: أم محمد بنت محمية بن جزء الزبيدي حليف قريش، ذكرها الزبير.

2215 -

* روى أحمد عن عبد الله بن عمرو، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي هذا، فقال:"يا عبد الله! ألم أخبر أنك تكلفت قيام الليل وصيام النهار"؟ قلت: إني لأفعل. فقال: "إن من حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام، فالحسنة بعشر أمثالها، فكأنك قد صمت الدهر كله" قلت: يا رسول الله، إني أجد قوة، وإني أحب أن تزيدني. فقال:"فخمسة أيام" قلت: إني أجد قوة. قال: "سبعة أيام"، فجعل يستزيده، ويزيده حتى بلغ النصف، وأن يصوم نصف الدهر:"إن لأهلك عليك حقاً، وإن لعبدك عليك خقاً، وأن لضيفك عليك حقاً" فكان بعد ما كبر وأسن يقول: ألا كنت قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أهلي ومالي.

أقول: الأصل في حياة المسلم أن يلزم نفسه من النوافل بما يستطيع وإذا ألزم نفسه بشيء من النوافل دون نذر، وعجز أو حيل بينه وبين أن يؤدي ما ألزم نفسه به فالأمر واسع في

2214 - البخاري (9/ 94) 66 - كتاب فضائل القرآن - 32 - باب قول المقرئ للقرآن حسبك.

2215 -

أحمد في مسنده (2/ 200) وإسناده حسن.

وهذا الحديث له طرق مشهورة في الصحيحين وغيرهما.

ص: 2107

حقه، وقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسل لما كبر وثقل خفف بعض ما كان يلزم به نفسه من قبل ولو أن عبد الله فعل ذلك لما كان عليه من حرج، ولكن التزامه أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم جعله يستشعر أن عليه أن يبقى على الحالة التي فارقه عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من باب الورع ولم يكن واجباً في حقه، ومن كلامه نأخذ درساً ألا يضيق الإنسان على نفسه فيما وسعت به الشريعة، ونخص بالتذكير بعض الطبقات التي تتعامل مع المباح وكأنه فريضة أو ومع خلاف الأولى وكأنه محرم، فهؤلاء لهم أجرهم ولكنهم يضيقون واسعاً إذا كانوا أئمة يقتدي بهم أو يلتزم الناس بأوامرهم.

2216 -

* روى أحمد عن حنظلة بن خويلد العنبري، قال: بينما أنا عند معاوية، إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار رضي الله عنه، فقال كل واحد منهما: أنا قتلته. فقال عبد الله بن عمرو: ليطب به أحدكما نفساً لصاحبه، فإني سمعت رسوله صلى الله عليه وسلم يقول:"تقتله الفئة الباغية" فقال معاوية: يا عمرو ألا تغني عنا مجنونك، فما بالك معنا؟ قال: إن أبي شكاني إلى رسول صلى الله عليه وسلم، فقال:"أطع أباك مادام حياً" فأنا معكم، ولست أقاتل.

أقول: أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ههنا عام، ومن ورع عبد الله أنه حمل العموم على عمومه، ولكن مقتضى الفتوى أن ما يخصص العام تخصيصاً لا ليس فيه فإن على المسلم أن يأخذ به، وفي الواقعة التي نحن فيها كان مقتضي الفتوى ألا يكون عبد الله مع جند معاوية بل أن يكون مع جند علي، فكان الواجب عليه أن يأخذ بهذا الخصوص الواضح البين، ولكنه اجتهد فحمل العام على عمومه، فنرجو أن يكون مأجورا إن شاء الله.

2217 -

* روى ابن سعد عن ابن أبي مليكة، قال: قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: مالي ولصفين، مالي ولقتال المسلمين، لوددت أني مت قبلها بعشرين سنة - أو قال بعشر سنين - أما والله على ذلك ما ضربت بسيف، ولا رميت بسهم. وذكر أنه كانت الراية بيده.

2216 - أحمد في مسنده (2/ 164) وإسناده صحيح.

2217 -

الطبقات الكبرى (4/ 266) ورجاله ثقات.

ص: 2108

2218 -

* روى الحاكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال: كانت أم عبد الله بن عمرو وريطة بنت منبه بن الحجاج تلطف برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأتاها ذات يوم فقال "كيف أنت يا أم عبد الله"؟ قالت: بخير وعبد الله رجل قد ترك الدنيا. قال له أبوه يوم صفين: اخرج فقاتل. قال: يا أبتاه أتأمرني أن أخرج فأقاتل وقد كان من عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما قد سمعت؟ قال: أنشدك بالله أتعلم أن ما كان من عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليك أنه أخذ بيدك فوضعها في يدي فقال أطع أباك عمرو بن العاص قال: نعم، قال: فإني آمرك أن تقاتل. قال: فخرج يقاتل. فلما وضعت الحرب قال عبد الله:

لو شهدت جمل مقامي ومشهدي

بصفين يوما شاب منها الذوائب

عشية جاء أهل العراق كأنهم

سحاب ربيع زعزعته الجنائب

إذا قلت قد ولوا سراعا ثبتت لنا

كنائب منهم واجحنت كتائب

فقالوا لنا إنا نرى أن تبايعوا

عليا فقلنا نرى أن تضاربوا

2219 -

* روى الحاكم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة له ففزع الناس، فخرجت وعلي سلاحي فنظرت إلى سالم مولى أبي حذيفة عليه سلاحه يمشي وعليه السكينة، فقلت: لأفتدين بهذا الرجل الصالح حتى أتى فجلس عند باب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم وجلست معه، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا فقال:"يا أيها الناس ما هذه الخفة ما هذا الترف أعجزتم أن تصنعوا كما صنع هذان الرجلان المؤمنان".

قال الذهبي:

عن سلمان بن ربيعة الغنوي: أنه حج زمن معاوية في عصابة من القراء، فحدثنا أن

2218 - المستدرك (3/ 527)

تلطف: ألطف فلاناً بكذا: أتحفه وأبره، واللطف: الهدية واليسير من الطعام وغيره.

2219 -

المستدرك (3/ 527) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

ص: 2109

عبد الله في أسفل مكة. فعمدنا إليه، فإذا نحن بثقل عظيم يرتحلون ثلاث مئة راحلة، منها مئة راحلة ومئتا زاملة (1) وكنا نحدث أنه أشد الناس تواضعاً. فقلنا: ما هذا؟ قالوا: لإخوانه يحملهم عليها ولمن ينزل عليه، فعجبنا، فقالوا: إنه رجل غني، ودلونا عليه أنه في المسجد الحرام، فأتيناه، فإذا هو رجل قصير أرمص (2)، بين بردين وعمامة، قد علق نعليه في شماله.

عن سليمان بن الربيع قال: انطلقت في رهط من نساك أهل البصرة إلى مكة، فقلنا: لو نظرنا رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدللنا على عبد الله بن عمرو، فأتينا منزله، فإذا قريب من ثلاث مئة راحلة. فقلنا: على كل هؤلاء حج عبد الله بن عمرو؟ قالوا: نعم. هو ومواليه وأحباؤه. قال: فانطلقنا إلى البيت، فإذا نحن برجل أبيض الرأس واللحية، بين بردين قطريين، عليه عمامة وليس عليه قميص.

عن عبيد بن سعيد: أنه دخل مع عبد الله بن عمرو المسجد الحرام، والكعبة محترقة حين أدبر جيش حصين بن نمير، والكعبة تتناثر حجارتها. فوقف وبكى حتى إني لأنظر إلى دموعه تسيل على وجنتيه. فقال: أيها الناس! والله لو أن أبا هريرة أخبركم أنكم قاتلو ابن نبيكم، ومحرقو بيت ربكم، لقلتم: ما أحد أكذب من أبي هريرة. فقد فعلتم، فانتظروا نقمة الله فليلبسنكم شيعاً، ويذيق بعضكم بأس بعض.

وقد أسلم عبد الله وهاجر بعد ستة سبع، وشهد بعض المغازي.

قال أبو عبيد: كان على ميمنة جيس معاوية يوم صفين. وذكره خليفة بن خياط في تسمية عمال معاوية على الكوفة. قال: ثم عزله وولى المغيرة بن شعبة.

ورث عبد الله من أبيه قناطير مقنطرة من الذهب المصري، فكان من ملوك الصحابة. قال قتادة: كان رجلاً سميناً.

(1) الراحلة من الإبل: البعير النجيب القوي على الأسفار والأحمال. الذكر والأنثى فيه سواء. وهي التي يختارها الرجل لمركبه، والهاء فيه للمبالغة في الصفة كما يقال: رجل داهية وبافعة وعلامة، والزاملة: بعير يستظهر به الردل، يحمل عليه متاعه وطعامه.

(2)

الرمص: قذى في عينه.

ص: 2110

قال أحمد بن حنبل: مات عبد الله ليالي الحرة سنة ثلاثٍ وستين. وقال يحيي بن بكير: توفي عبد الله بن عمرو بمصر، ودفن بداره الصغيرة سنة خمسٍ وستين، وكذا قال في تاريخ وفاته: خليفةً، وأبو عبيد، والواقدي، والفلاس وغيرهم. [وهو الصحيح] وقال خليفة: مات بالطائف، ويقال: بمكة. وقال ابن البرقي أبو بكر: فأما ولده فيقولون: مات بالشام. ا. هـ الذهبي

* * *

ص: 2111