الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
36 - أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه
قال ابن حجر في الإصابة: صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو سفيان القرشي الأموي مشهور باسمه وكنيته وكان يكنى أيضًا أبا حنظلة، وأمه صفية بنت حرب الهلالية عمة ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان أسن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعشر سنين وقيل غير ذلك بحسب الاختلاف في سنة موته وهو والد معاوية، أسلم عام الفتح وشهد حنينًا والطائف كان من المؤلفة وكان قبل ذلك رأس المشركين يوم أحد ويوم الأحزاب ويقال إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استعمله على نجران ولا يثبت، قال الواقدي: أصحابنا ينكرون ذلك ويقولون كان أبو سفيان بمكة وقت وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان عاملها حينئذ عمرو بن حزم وذكر ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجهه إلى مناة فهدمها وتزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابنته أم حبيبة قبل أن يسلم وكانت أسلمت قديمًا وهاجرت مع زوجها إلى الحبشة فمات هناك. وقد روى أبو سفيان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وروى عنه ابن عباس وقيس بن حازم وابنه معاوية وعن ثابت البناني إنما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أوى بمكة دخل دار أبي سفيان، رواه ابن سعد وروى ابن سعد أيضًا بإسناد صحيح عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أهدى إلى أبي سفيان بن حرب تمر عجوة وكتب إليه يستهديه أدمًا (1) مع عمرو بن أمية فنزل عمرو على إحدى امرأتي أبي سفيان فقامت دونه وقبل أبو سفيان الهدية وأهدى إليه أدمًا. وروى ابن سعد من طريق أبي السفر قال: لما رأى أبو سفيان الناس يطؤون عقب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسده فقال في نفسه: لو عاودت الجمع لهذا الرجل فضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صدره ثم قال: إذا يخزيك الله، فقال: أستغفر الله وأتوب إليه والله ما تفوهت به إلا شيء حدثت به نفسي. ومن طريق أبي إسحاق السبيعي نحوه وقال: ما أيقنت أنك رسول الله حتى الساعة. ومن طريق
(1) أدمًا: جلودًا.
عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال: قال أبو سفيان في نفسه: ما أدري بم يغلبنا محمد؟ فضرب في ظهره وقال: بالله نغلبك فقال: أشهد أنك رسول الله. وروى الزبير بن بكار من طريق إسحاق بن يحيى عن أبي الهيثم عمن أخبره أنه سمع أبا سفيان بن حرب يمازح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيت بنته أم حبيبة ويقول: والله إن هو إلا أن تركتك فتركتك العرب إن انتطحت فيك جماء (1) ولا ذات قرن، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضحك ويقول: أنت تقول ذلك يا أبا حنظلة. وروى الزبير من طريق سعيد بن عبيد الثقفي قال: رميت أبا سفيان يوم الطائف فأصبت عينه فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: هذه عيني أصيبت في سبيل الله، قال: إن شئت دعوت فردت عليك وإن شئت فالجنة، قال: الجنة. وروى يعقوب بن سفيان وابن سعد بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: فقدت الأصوات يوم اليرموك إلا صوت رجل يقول: يا نصر الله اقترب، قال فنظرت فإذا هو أبو سفيان تحت راية ابنه يريد ويقال: فقئت عينه يومئذ. وروى البغوي بإسناد صحيح عن أنس أن أبا سفيان دخل على عثمان بعد ما عمي وغلامه يقوده.
قال علي بن المديني: مات لست خلون من خلافة عثمان، وقال الهيثم: لتسع خلون، وقال الزبير: في آخر خلافة عثمان، وقال المدائني: مات سنة أربع وثلاثين، وقيل مات أبو سفيان سنة إحدى، وقيل اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان، وقيل مات سنة أربع وثلاثين. قيل عاش ثلاثًا وتسعين سنة، وقال الواقدي وهو ابن ثمان وثمانين وقيل غير ذلك. اهـ ابن حجر.
وقال الذهبي عنه: رأس قريش وقائدهم يوم أحد ويوم الخندق. وله هنات وأمور صعبة، لكن تدراكه الله بالإسلام يوم الفتح فأسلم شبه مكره خائف. ثم بعد أيام صلح إسلامه.
وكان من دهاة العرب ومن أهل الرأي والشرف فيهم، فشهد حنينًا وأعطاه صهره رسول
(1) جماء: الشاة لا قرون لها.
الله صلى الله عليه وسلم من الغنائم مئة من الإبل، وأربعين أوقية من الدراهم يتألفه بذلك. ففرغ من عبادة "هبل" ومال إلى الإسلام.
وشهد قتال الطائف، فقلعت عينه حينئذ، ثم قلعت الأخرى يوم اليرموك، وكان يومئذ قد حسن إن شاء الله إيمانه، فإنه كان يومئذ يحرض على الجهاد. وكان تحت راية ولده يزيد، فكان يصيح: يا نصر الله اقترب. وكان يقف على الكراديس (1) يذكر، ويقول: الله الله، إنكم أنصار الإسلام ودارة العرب (2)، وهؤلاء أنصار الشرك ودارة الروم؛ اللهم هذا يوم من أيامك، اللهم أنزل نصرك.
فإن صح هذا عنه، فإنه يغبط بذلك. ولا ريب أن حديثه عن هرقل وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم يدل على إيمانه، ولله الحمد.
وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر سنين. وعاش بعده عشرين سنة: وكان عمر يحترمه؛ وذلك لأنه كان كبير بني أمية.
وكان حمو النبي صلى الله عليه وسلم. وما مات حتى رأى ولديه: يزيد، ثم معاوية أميرين على دمشق.
وكان يحب الرياسة والذكر، وكان له سورة (3) كبيرة في خلافة ابن عمه عثمان.
توفي بالمدينة سنة إحدى وثلاثين: وقيل: سنة اثنتين، وقيل: سنة ثلاث أو أربع وثلاثين، وله نحو التسعين. اهـ ذهبي.
* * *
(1) الكراديس: كتائب الخيل.
(2)
دارة العرب: أي: أرضها الطيبة النبات.
(3)
سورة: منزلة.