الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيصلى وراءه أهل المدينة وأولئك الآخرون، وذهب الصحابة إلى هؤلاء يؤنبونهم ويعذلونهم على رجوعهم، حتى قال على لأهل مصر: ما ردكم بعد ذهابكم ورجوعكم عن رأيه فقالوا: وجدنا مع بريد كتاباً بقتلنا، وكذلك قال البصريون لطلحة، والكوفيون للزبير، وقال أهل كل مصر: إنما جئنا لننصر أصحابنا، قال لهم الصحابة: كيف علمتهم بذلك من أصحابكم، وقد افترقتم وصار بينكم مراحل؟ إنما هذا أمر اتفقتم عليه، فقالوا: ضعوه على ما أردتم، لا حاجة لنا في هذا الرجل، ليعتزلنا ونحن نعتزله - يعنون أنه إن نزل عن الخلافة تركوه أمناً - وكان المصريون فيما ذكر، لما رجعوا إلى بلادهم وجدوا في الطريق بريداً يسير، فأخذوه ففتشوه، فإذا معه في إداوة كتاباً على لسان عثمان فيه الأمر بقتل طائفة منهم، وبصلب آخرين، وبقطع أيدي آخرين منهم وأرجلهم، وكان على الكتاب طابع بخاتم عثمان، والبريد أحد غلمان عثمان وعلى جملة، فلما رجعوا جاءوا بالكتاب وداروا به على الناس، فكلم الناس أمير المؤمنين في ذلك، فقال: بينة على بذلك وإلا فو لله لا كتبت ولا أمليت، ولا دريت بشيء من ذلك، والخاتم قد يزور على الخاتم، فصدقه الصادقون في ذلك، وكذبه الكاذبون، ويقال: إن أهل مصر كانوا قد سألوا من عثمان أن يعزل عنهم أبي سرح، ويولي محمد بن أبي بكر، فأجابهم إلى ذلك، فلما وجدوا ذلك البريد ومعه الكتاب بقتل محمد بن أبي بكر، وآخرين معه فرجعوا وقد حنقوا عليه حنقاً شديداً، وطافوا بالكتاب على الناس، دخل ذلك في أذهان كثير من الناس.
واستمر عثمان يصلى بالناس في تلك الأيام كلها، وهم أحقر في عينيه من التراب، فلما كان في بعض الجمعات وقام على المنبر، وفي يده العصا التي كان يعتمد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته، وكذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما من بعده، فقام إليه رجل من أولئك فسبه ونال منه، وأنزله عن المنبر، فطمع الناس فيه من يومئذ.
ذكر حصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان:
لما وقع ما وقع يوم الجمعة، وشج أمير المؤمنين عثمان، وهو في رأس المنبر، وسقط مغشياً عليه، واحتمل إلى داره وتفاقم الأمر، وطمع فيه أولئك الأجلاف الأخلاط من الناس، وألجأوه إلى داره وضيقوا عليه، وأحاطوا بها محاصرين له، ولزم كثير من الصحابة
بيوتهم، وسار إليه جماعة من أبناء الصحابة، عن أمر أبائهم، منهم الحسن والحسين، وعبد الله بن الزبير- وكان أمير الدار- وعبد الله بن عمرو، وصاروا يحاجون عنه، ويناضلون دونه أن يصل إليه أحد منهم، وأسلمه بعض الناس رجاء أن يجيب أولئك إلى واحدة مما سألوا، فإنهم كانوا قد طلبوا منه إما أن يعزل نفسه، أوي سلم إليهم مروان بن الحكم، ولم يقع في خلط أحد أن القتل كان في نفس الخارجين، وانقطع عثمان عن المسجد فكان لا يخرج إلا قليلاً في أوائل الأمر، ثم انقطع بالكلية في آخره، وكان يصلى بالناس في هذه الأيام الغافقي بن حرب، وقد استمر الحصر أكثر من شهر، وقيل أربعين يوماً، حتى كان آخر ذلك أن قتل شهيداً رضي الله عنه.
كان الحصار مستمراً من أواخر ذي القعدة إلى يوم الجمعة الثامن عشر من ذي الحجة، فلما كان قبل ذلك بيوم، قال عثمان للذين عنده في الدار من المهاجرين والأنصار- وكانوا قريباً من سبعمائة، فيهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسن والحسين ومروان وأبو هريرة، وخلق من مواليه، ولو تركهم لمنعوه فقال لهم: أقسم على من لي عليه حق أن يكف يده وأن ينطلق إلى منزله، وعنده من أعيان الصحابة وأبنائهم جم غفير، وقال لرقيقه: من أغمد سيفه فهو حر، فبرد القتال من داخل، وحمي من خارج، وأشتد الأمر، وكان سبب ذلك أن عثمان رأي في المنام رؤيا دلّت على اقتراب أجله فاستسلم لأمر الله رجاء موعوده، وشوقاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليكون خير ابني آدم حيث قال حين أراد أخوه قتله:{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} (1). وروي أن آخر من خرج من عند عثمان من الدار، بعد أن عزم عليهم في الخروج، الحسن ابن علي وقد خرج، وكان أمير الحرب على أهل الدار عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم.
ولما رأى عثمان ذلك عزم على الناس لينصرفوا إلى بيوتهم، فانصرفوا كما تقدم، فلم يبق عنده أحدى سوى أهله، فدخلوا عليه من الباب، ومن الجدران وفزع عثمان إلى الصلاة وافتتح سورة طه، وكان سريع القراءة - فقرأها والناس في غلبة عظيمة، قد احترق الباب والسقيفة التي عنده وخافوا أن يصل الحريق إلى بيت المال، ثم فرغ عثمان من صلاته
(1) المائدة: 29.
وجلس وبين يديه المصحف، وجعل يتلو هذه الآية:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (1)، كان أول من دخل عليه رجل يقال له الموت الأسود فخنقه خنقاً شديداً حتى غشي عليه، وجعلت نفسه تتردد في حلقه، فتركه وهو يظن أنه قد قتله، ودخل ابن أبي بكر فمسك بلحيته ثم ندم وخرج، ثم دخل عليه آخر ومعه سيف فضربه، فاتقاه بيده فقطعها، فقيل: إنه أبانها وقيل: بل قطعها ولم يبنها، إلا أن عثمان قال: والله إنها أول يد كتبت المفصل، فكان أول قطرة دم منها سقطت على هذه الآية {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ثم جاء آخر شاهراً سيفه فاستقبتله نائلة بنت الفرافصة لتمنعه منه، وأخذت السيف فانتزعه منها فقطع أصابعها، ثم إنه تقدم إليه فوضع السيف في بطنه فتحامل عليه، رضي الله عن عثمان. أهـ من البداية والنهاية.
1612 -
*روى أحمد عن الحسن وذكر عثمان وشده حيائه قال إن كان ليكون في البيت والباب عليه مغلق فما يضع عنه الثوب ليفيض عليه الماء يمنعه الحياء أن يقيم صلبه.
1613 -
* روى مسلم عن سعيد بن العاص رضي الله عنه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان حدثاه أن أبا بكر الصديق استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه، لابس مرط عائشة، فأذن لأبي بكر وهو كذلك، فقضي إليه حاجته ثم انصرف، ثم استأذن عمر، فأذن له وهو على تلك الحال، فضي إليه حاجته ثم انصرف، قال عثمان: ثم استأذنت عليه، فجلس وقال لعائشة:"اجمعي عليك ثيابك" قال: فقضيت إليه حاجتي، ثم انصرفت، فقالت عائشة: يا رسول الله، مالي لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما كما فزعت لعثمان؟ فقال: "إن عثمان رجل حبي، وإن خشيت
(1) آل عمران: 172.
1612 -
أحمد في مسنده (1/ 74) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 82) رواه أحمد ورجاله ثقات.
1613 -
مسلم (4/ 1866) 44 - كتاب فضائل الصحابة -3 - باب من فضائل عثمان.
المرط: الكساء من الخز والصوف يؤتزر به.
فزعت: لمجيء فلان: أي تأهُبتُ له متحولاً من حال إلى حال، يقال: فزع من نومه: إذا استيقظ، فانتقل من حال النوم إلى حال اليقظة.
إن أذنتُ له على تلك الحال: أن لا يبلغ إلى في حاجته".
1614 -
* روي أحمد والطبراني وأبو يعلى عن حفصة بنت عمر قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فوضع ثوبه بين فخذيه فجاء أبو بكر فاستأذن فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم على هيئته وجاء ناس من أصحابه، فأذن لهم وجاء علي فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم على هيأته، ثم جاء عثمان بن عفان، فاستأذن فتجلل ثوبه فأذن له فتحدثوا ساعة ثم خرجوا، فقتل: يا رسول الله دخل أبو بكر وعمر وعلي وناس من أصحابك وأنت على هيأتك لم تحرك، فلما دخل عثمان تخللت ثوبك، قال "ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة" 1615 - * روى الطبراني عن عب الرحمن بن عثمان القرشي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته وهي تغسل رأس عثمان فقال:"يا بنية أحسني إلى أبي عبد الله فإنه أشبه أصحابي بي خلقاً".
1616 -
* روى الطبراني عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: رأيت عثمان بن عفان يوم الجمعة على المنبر عليه إزار عدني غليظ، ثمنه أربعة دراهم، أو خمسة، وربطه كوفية ممشقة، ضرب اللحم طويل اللحية حسن الوجه.
1617 -
* روى الترمذي والنسائي عن عثمان: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم
1614 - أحمد في مسنده (1/ 74) والمعجم الكبير (23/ 205)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 84): رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط وأبو يعلي باختصار كثير وإسناده حسن.
1615 -
المعجم الكبير (1/ 76) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 81): رواه الطبراني ورجاله ثقات.
1616 -
المعجم الكبير (1/ 75)، وقال الهيثمي فيمجمع الزوائد (9/ 80) رواه الطبراني وإسناده حسن.
الرطبة: الملاءة، الثوب اللين الرقيق.
ممشقة: مصبوغة بالمغرة والمغرة مسحوق أحمر.
ضرب اللحم: خفيف اللحم ممشوق مستدق.
1617 -
الترمذي (5/ 627) 5 - كتاب المناقب- 18 - باب في مناقب عثمان بن عفان، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
والنسائي (6/ 235) كتاب الأحباس، باب وقف المساجد.
المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال: "من يشتري بئر رومة، فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي.
وفي الحديث جواز انتفاع الواقف بوقفه العام.
1618 -
* روى الطبراني عن الحسن بن علي قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام متعلقاً بالعرش ورأيت أبا بكر آخذاً بحقوي النبي صلى الله عليه وسلم ورايت عمر آخذاً بحقوي أبي بكر ورأيت عثمان آخذاً بحقوي عمر ورأيت الدم ينصب من السماء إلى الأرض، فحدث الحسن بهذا، وعنده قوم من الشيعة، فقالوا: وما رأيت علياً، فقال الحسن: ما كان أحد أحب إلى أن أراه آخذاً بحقوي رسول الله صلى الله عليه وسلم من علي، ولكنها رؤيا رأيتها، فقال أبو مسعود: إنكم لتحدثون عن الحسن بن علي في رؤيا رآها، وقد كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فأصاب الناس جهد حتى رأيت الكآبه في وجوه المسلمين والفرح في وجوه المنافقين، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"والله لا تغيب الشمس حتى يأتيكم الله برزق" فعلم عثمان أن الله ورسوله سيصدقان، فاشترى عثمان أربع عشرة راحلة بما عليها من الطعام، فوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم منها بتسعة، فلما رأى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما هذا" قالوا: أهدي إليك عثمان، قال: فعرف الفرح في وجه المسلمين والكآبه في وجوه المنافقين، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه يدعو لعثمان دعاء ما سمعته دعا لأحد قبله:"اللهم أعط عثمان اللهم افعل لعثمان".
1619 -
* روى البزار عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى لحماً، فقال:"من بعث بهذا؟ " قلت: عثمان، قالت: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعاً يديه يدعو لعثمان.
1618 - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 95) وقال: رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار، وإسناده حسن. الحقوا: معقد الإزار، ويسمي به الإزار للمجاورة، ويقال أيضاً أخذ بحقو فلان إذا استجار به.
1619 -
البزار: كشف الأستار (3/ 177)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 85): رواه البزار وإسناده حسن.
1620 -
* روى الطبراني عن ابن عمر قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فصافحه، فلم ينزع النبي صلى الله عليه وسلم يده من يد الرجل حتى انتزع الرجل يده ثم قال له: يا رسول الله جاء عثمان قال: "امرؤ من أهل الجنة".
1621 -
* روى عبد الله بن أحمد عن أم موسى قالت: كان عثمان من أجمل الناس.
1622 -
* روى الطبراني عن أم عياش قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما زوجت عثمان أم كلثوم إلا بوحي من السماء".
1632 -
* روى الطبراني عن أم موسي قالت: ولدت رقية لعثمان غلاماً فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله وكني عثمان بأبي عبد الله.
1624 -
* روى الترمذي عن عبد الرحمن بن سمرة: قال: جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في كمه حين جهز جيش العسرة فنثرها في حجره، فرأيته صلى الله عليه وسلم يقبلها في حجرة ويقول:"ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين" 1625 - * روى البخاري عن عبد الرحمن أن المسور بن محرمة أخبره: أن الرهط الذين ولا هم عمر اجتمعوا فتشاوروا، فقال لهم عبد الرحمن: لست بالذي أنفاسكم على هذا، ولكنكم إن شئتم اخترتم لكم منكم، فجعوا ذلك إلى عبد الرحمن، فلما ولوا عبد الرحمن أمرهم فمال الناس على عبد الرحمن، حتى ما أرى أحداً من الناس يتبع أولئك الرهط ولا يطأ عقبه، ومال الناس على عبد الرحمن يشاورونه تلك الليالي، حتى إذا كانت الليلة
1620 - قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 87): رواه الطبراني في الأوسط والكبير وإسناده حسن.
1621 -
رواه عبد الله في زياداته على المسند (1/ 72)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 80).
وقال: رواه عبد الله ورجاله رجال الصحيح غير أم موسي وهي ثقة.
1622 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 83) وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط وإسناده حسن، لما تقمه من الشواهد.
1623 -
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 83): رواه الطبراني بإسناد الذي قبله.
1624 -
الترمذي (5/ 626) 50 - كتاب المناقب - 19 - باب مناقب عثمان.
وقال: هذا حديث حسن غريب.
1625 -
البخاري (13/ 193) 93 - كتاب الأحكام -43 - باب كيف يبايع الإمام الناس.=
التي أصبحنا منهما فبايعنا عثمان - قال السور - طرقني عبد الرحمن بعد هجع من الليل، فضرب الباب حتى استيقظت فقال: أراك نائماً، فو الله ما اكتحلت هذه الثلاث بكثير نوم، انطلق فادع الزبير وسعداً، فدعوتهما له، فشاورهما، ثم دعاني فقال: ادع لي علياً، فدعوته، فنجاه حتى إبهار الليل، ثم قام علي من عنده وهو على طمع، وقد كان عبد الرحمن يخشي من علي شيئاً، ثم قال: ادع لي عثمان، فدعوته، فنجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح، فلما صلى للناس الصبح واجتمع أولئك الرهط عند المنبر، فأرسل إلى من كان حاضراً من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد - وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر - فلما اجتمعوا تشهد عبد الرحمن ثم قال: أما بعد يا علي إني قد نظرت في أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلن على نفسك سبيلاً، فقال: أبايعك على سنة الله وسنة رسوله والخليفتين من بعده: فبايعه عبد الرحمن وبايعه الناس: المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون.
1626 -
* روى الحاكم عن عبد الله بن حوالة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم: "تهجمون على رجل معتجر ببردة يباع الناس من أهل الجنة" فهجمت على عثمان رضي الله عنه وهو معتجر ببرد حبرة يباع الناس.
1627 -
* روى الطبراني عن الحسن قال: أدركت عثمان وأنا يومئذ قد أرهقت الحلم فسمعته وهو يخطب وشهدته وهو يقول: يا أيها الناس ما تنقمون علي؟ قال: وما من يوم إلا وهم يقسمون فيه خيراً كثيراً يقول: يا أيها الناس اغدوا على أعطياتكم، فيغدون فيأخذونها وافرة، ثم يقال يا أيها الناس اغدوا على كسوتكم فيجاء بالحلل فتنقسم بينهم، قال الحسن: والعدو متقى، والعطيات دارة، وذات البين حسن، والخير كثير، ما على الأرض مؤمن يخاف مؤمناً، من لقي من الأحياء فهو أخوة ومؤدته ونصرته والفتنة إن سل عليه سيفاً.
= هجع: مضي هجع من اللي، أي طائفة منه.
إبهار: الليل: إذا مضي نصفه، وبهره كل شيء: ويبسطه، وقيل: معظمه، والبهر: الضوء.
1626 -
المستدرك (3/ 98) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي.
معتجر: اعتجر فلان بالعمامة: لفها على رأسه ورد طرفها على وجهه.
1627 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 93) وقال: رواه الطبراني وإسناده حسن.
1628 -
* روى أحمد والطبراني عند عبد الله بن حوالة قال: أتيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل دومة وعنده كات بيملي عليه فقال: "ألا نكتبك يا ابن حوالة" قلت: لا أدري ما خار الله لي ورسوله، فأعرض عني وقال إسماعيل مرة فأكب يملي عليه ثم قال:"ألا نكتبك يا ابن حوالة" قلت: ما أدري ما خار الله لي ورسوله، فأعرض عني وأكب على كاتبه يملي عليه قال: فنظرت فإذا في الكتاب عمر، فعرفت أن عمر لا يكتب إلا في خير ثم قال:"أنكتبك يا ابن حوالة" قلت: نعم. قال "ابن حواة، كيف تفعل في فتن تخرج من أطراف الأرض كأنها صياصي بقر؟ " قلت: لا أدري ما خار الله لي ورسوله، قال:"اتبعوا هذا" ورجل مقف حينئذ، فانطلقت فسعيت فأخذت بمنكبه، فأقبلت بوجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت هذا؟ قال:"نعم" فإذا هو عثمان بن عفان.
1629 -
* روى الحاكم عن أبي حبيبة أنه دخل الدار وعثمان رضي الله عنه محصور فيها وإنه سمع أبا هريرة يستأذن عثمان في الكلام فأذن له، فقام فحمد الله تعالي وأثني عليه، ثم قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ستلقون بعدي فتنة واختلافاً، أم قال: اختلافاً وفتنة" فقال له قائل: يا رسول الله بم تأمرنا؟ قال: "عليكم بالأمير وأصحابه" وهو يشير بذلك إلى عثمان رضي الله عنه 1630 - * روى أحمد عن أبي عون الأنصاري أن عثمان بن عفان قال لابن مسعود هل أنت منته عما بلغني عنك؟ فاعتذر عليه بعض العذر فقال عثمان: ويحك إني قد حفظت
1628 - أحمد في مسنده (4/ 109)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 88): رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح.
الدومة: شجرة عظيمة، وقيل شجرة المقل.
صياصبي يقر: أي قرونها، واحدتها صيصة، شبه الفتنة بها لشدتها وصعوبة الأمر فيها، وكل شيء امتنع به وتحصن به فهو صيصة.
رجل مقف: أي مول ذاهب.
1629 -
المستدرك (4/ 432) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.
1630 -
أحمد في مسنده (1/ 66)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 227) وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات. =
وسمعت وليس كما سمعت، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنه سيقتل أمير وينتزي منتز" وإني أنا المقتول وليس عمر إنما قتل عمر واحد وإنه يجتمع علي.
1631 -
* روى الحاكم عن مرة بن كعب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يذكر فتنة فقربها، فمر به رجل مقنع في ثوب فقال:"هذا يومئذ على الهدى" فقمت إليه فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه فأقبلت إليه بوجهه فقلت هو هذا. قال: "نعم".
1632 -
* وروى الحاكم عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: أدعوا لي - أو- ليت عندي رجلاً من أصحابي" قالت: قلت أبو بكر؟ قال: "لا" قلت: عمر. قال: "لا" قلت أبن عمك علي. قال: "لا" قلت فعثمان. قال: "نعم" قالت: فجاء عثمان فقال: "قومي" قال فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسر إلى عثمان ولون عثمان يتغير. قال: فلما كان يوم الدار قلنا: ألا تقاتل؟ قال: لا. إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عهد إلى أمراً فأنا صابر نفسي عليه 1633 - *روى أحمد وأبو يعلي والبزار والطبراني عن شقيق قالك لقي عبد الرحمن بن عوف الوليد بن عقبة فقال له الوليد مالي أراك قد جفوت أمير المؤمنين عثمان قال: أبلغه عن أني لم أفر يوم عينين - قال عاصم يوم أحد - ولم أتخف عن بدر ولم أترك سنة عمر قال: فانطلق فخبر بذلك عثمان قال: فقال أما قوله إني لم أفر يوم عينين فكيف يعيرني بذنب قد عفا الله عنه فقال {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} وأما قوله: إني تخلفت يوم بدر فإني كنت أمرض رقبة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ماتت وقد ضرب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم ومن ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم فقد شهد وأما قوله: إني لم أترك سنة عمر فإني لا أطيقها أنا
= ينتز منتز: الانتزاء، والتنزي: تسرع الإنسان إلى الشر.
1631 -
المستدرك (3/ 102) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجا وأقره الذهبي.
1632 -
المستدرك (3/ 99) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.
1633 -
أحمد في مسنده (1 - 76) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 83): رواه أحمد وأبو يعلي والطبراني باختصار والبزار بطوله بنحوه، وفيه عاصم بن بهدلة وهو حسن الحديث رجاله ثقات.
ولا هو فائتة فحدثه بذلك.
1634 -
* روى البزار عن سعيد بن المسيب قال: رفع عثمان صوته على عبد الرحمن ابن عوف فقال له: لأي شيء ترفع صوتك على وقد شهدت بدراً ولم تشهد وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تبايع وفررت يوم احد ولم أفر فقال له عثمان: أما قولك أنك شهدت بدراً ولم أشهد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفني على ابنته وضرب لي بسهم وأعطاني أجري وأما قولك بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أبايع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني إلى أناس من المشركين وقد علمت ذلك فلما احتبست ضرب بيمينه على شماله فقال هذ لعثمان بن عفان فشمال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من يميني وأما قولك فررت يوم التقي الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم} فلم تعيروني بذنب قد عفا الله عنه.
أقولك هاتان الروايتان مهمتان في تعليل مجريات الأمور زمن عثمان رضي الله عنه، فعبد الرحمن بن عوف هو الذي قدم عثمان وبايعه على سنة أبي بكر وعمر، وتراه في هاتين الروايتين وهو عائب ناقد، مما يشير إلى أن كبار الصحابة لم يكونوا مرتاحين لسياسة عثمان وهذا الذي أعطي الفتنة وأهلها الفرصة أن يشوشوا، وفي ذلك درس للأمراء أن يلحظوا آراء كبار الناس يهم، وأن يعدلوا سياستهم على ضوء الصالح منها (1)
مع ملاحظة أن ما فعله عثمان لا يخرج عن كونه مباحاً، ولكن ألفوا سياسية عمر التي تأخذ في العزائم وتبتعد عن الرخص فلم يعودوا يرضون بسياسة أقل من ذلك، وهذا تصديق لما توقعه علي أن سياسة عمر ستتعب كل من سيأتي بعده.
1635 -
* روى النسائي عن الأحنف بن قيس قال خرجنا حجاجاً فقدمنا المدينة ونحن نريد الحجج، فبينا نحن في منازلنا نضع رحالنا إذ أتانا آت، فقال: إن الناس قد اجتمعوا في المسجد وفزعوا فانطلقنا، فإذا الناس مجتمعون على نفر في وسط المسجد وإذا
1634 - البزار: كشف الأستار (3/ 178)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 84): رواه البزار وإسناده حسن.
1635 -
النسائي (6/ 334) كتاب الأحباس، باب وقف المساجد.=
علي والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص، فإنا لكذلك إذا جاء عثمان بن عفان عليه ملاءمة صفراء قد قنع بها رأسه فقال: أههنا علي، أههنا طلحة، أههنا الزبير، أههنا سعد، قالوا: نعم. قال: فإني أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من يبتاع مربد بني فلان غفر الله له" فابعتثه بعشرين ألفاً أو بخمسة وعشرين ألفا فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: "أجعلها في مسجدنا وأجره لك" قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من يبتاع بئر رومة غفر الله له"فابتعته بكذا وكذا فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد ابتعتها بكذا وكذا قال: "أجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك" قالوا: اللهم نعم. قال: فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر في وجوه القوم فقال: "من جهز هؤلاء غفر الله له" يعني جيش العسرة، فجهزتهم حتى ما يفقدون عقالاً ولا خطاماً قالوا: اللهم نعم، قال: اللهم أشهد اللهم أشهد.
1636 -
* روى الترمذي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه: أن عثمان بن عفان اشرف يوم الدار، فقال: أنشدكم بالله، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يحل دم امرؤ مسلم إلا بإحدى ثلاث: زناً بعد إحصان، أو كفر بعد إسلام، أو قتل نفس بغير حق، فيقتل به؟ "فو الله ما زنيت في جاهلية ولا في إسلام، ولا ارتددت منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قتلت النفس التي حرم الله، فبم تقتلونني؟
وفي رواية النسائي (1) عن أبي أمامة بن سهل، وعبد لله بن عامر بن ربيعة قال: كنا مع عثمان وهو محصور، وكنا إذا دخلنا مدخلاً نسمع كلام من بالبلاط، فدخل عثمان يوماً،
= الملاءة: الإزار يرتدي به، ويتشح به.
المرتد: موقف الإبل.
أنشدكم: أي أسألكم وأقسم عليكم.
1636 -
الترمذي (4/ 460) 34 - كتاب الفتن -1 - باب ما جاء لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث. وقال: هذا حديث حسن حسن.
البلاط: ضرب من الحجارة تفرش به الأرض ثم سمي المكان بلاطاً اتساعاً.
(1)
النسائي (7/ 92) كتاب تحريم الدم، باب ذكر ما يحل به دم المسلم.
ثم خرج فقال: اللهم إنهم ليتواعدوني بالقتل، قلنا: يكفيكهم الله، قال: ولم يقتلونني؟ سمعت رسول اله صلى الله عليه وسلم يقول:
…
وذكر الحديث بنحوه.
1637 -
* روى البخاري عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أخبره: أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث قالا: ما يمنعك أن تكلم عثمان لأخيه الوليد فقد أكثر الناس فيه؟ فقصدت لعثمان حتى خرج إلى الصلاة، قلت: إن لي إليك حاجة، وهي نصيحة لك، قال: يا أيها المرء منك، قال معمر: أراه قال: أعوذ بالله منك- فأنصرفت فرجعت إليهما، إذا جاء رسول عثمان: فأتيته، فقال: ما نصيحتك؟ فقلت: إن الله سبحانه بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، وكنت ممن استجاب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فهاجرت الهجرتين، وصحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيت هدية، وقد أكثر الناس في شأن الوليد، قال: أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلتُ: لا، ولكن خلص إلى من علمه ما يخلص إلى العذارء في سترها. قال: أما بعد فإن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، فكنت ممن استجاب لله ولرسوله، وأمنت بما بعث به وهاجرت الهجرتين - كما قلت- وصحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعته، فو الله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله، ثم أبو بكر مثله، ثم عمر مثله، استخلفت، أفليس لي من الحق مثل الذي هم؟ قلت: بلي قال: فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم؟ أما ما ذكرت من شأن الوليد فسنأخذ فيه بالحق إن شاء الله، ثم دعا علياً فأمره أن يجلد، فجلده ثمانين (1)
قوله: فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم؟ كأنهم كانوا يتكلمون في سبب تأخيره في إقامة الحد عليه، قال الحافظ في "الفتح" وإنما أخر إقامة الحد عليه ليكشف عن حال من شهد عليه بذلك، فلما وضح الأمر أمر بإقامة الحد عليه.
1637 - روى البخاري (7/ 53) - كتاب فضائل الصحابة -7 - باب مناقب عثمان بن عفان.
الهجرة: فراق الرجل وطنه إلى بلد آخر فراراً بدينه من الكفر، والهجرتان: هما: الهجرة الأولى، وهي هجرة المسلمين في صدر الإسلام إلى الحبشة، فراراً من أذي قريش، وهجرة ثانية، هي هجرة النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين قبله ومعه وبعده إلى المدينة، فكان عثمان رضي الله عنه ممن هاجر الهجرتين.
الهدي: السمت والطريقة والسيرة.
العذراء: البكر المخدرة التي لم تتزوج بعد.
قوله: فجلده ثمانين: قال الحافظ في "الفتح" في رواية معمر" فجلد الوليد أربعين جلدة، وهذه الرواية أصح من رواية يونس، والوهم فيه من الراوي عن شيب بن سعيد، ويرجح رواية معمر ما أخرجه مسلم من طريق أبي ساسان قال: شهدت عثمان أتى بالوليد وقد صلى الصبح ركعتين، ثم قال: أزيدكم فشهد رجلان أحدهما حمران يعني مولى عثمان أنه. قد شرب الخمر، فقال عثمان: يا علي فاجلده، فقال علي: قم يا حسن فاجلده، فقال الحسن: ولِّ حارها من تولى قارها، فكأنه وجد عليه فقال: يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده، فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين، فقال: امسك، ثم قال: جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، فقال: امسك، ثم قال: جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وأبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إلي، والمعني وجلد أربعين أحب إلى من الثمانين 1638 - * روى الترمذي عن ثمامة بن حزن القشيري قال: شهدت الدار حين أشرف عليهم عثمان، فقال: ائتنوني بصاحبيكم اللذين ألباكم علي قال: فجيء بهما فكأنهما جملان أو كأنهما حماران، قال: فأشرف عليهم عثمان، فقال: أنشدكم بالله والإسلام: هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال: "من يشتري بئر رومة فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة" فاشتريتها من صلب مالي؟ فأنتم اليوم تمنعوني أن أشرب منها حتى أشرب من ماء البحر، قالوا: اللهم. نعم قال: أنشدكم بالله والإسلام: هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يشتري بقعة أل فلان فيزيدها في المسجد بخير منها في الجنة؟ " فاشتريتها من صلب مالي فأنتم اليوم تمنعوني أن أصلى فيها ركعتين قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم بالله والإسلام، هل تعلمون أني جهزت جيش العشرة من مالي؟ قال: اللهم نعم، ثم قال: أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1638 - الترمذي (5/ 627) 50 - كتاب المناقب -19 - باب في مناقب عثمان بن عفان، وقال: هذا حديث حسن. وإسناده ضعيف وله شواهد بمعناه.
ألبت: عليه الناس: أي: جمعتهم عليه، وحملتهم على قصده، وصار القوم على فلان ألبا واحداً، أي: اجتمعوا عليه يقصدونه.
استعذب الماء: أي: وجد عذباً وهو الماء المشروب الحلو الطيب.=
كان على ثبير مكة ومعه أبو بكر وعمر وأنا فتحرك الجبل حتى تساقطت حجارته بالحضيض، قال: فركضعه برجله وقال: "اسكن ثبير فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان؟ " قالوا: اللهم نعم قال: الله أكبر، شهدوا لي ورب الكعبة أني شهيد ثلاثاً.
1639 -
* روى البخاري عن عثمان بن عبد الله بن موهب رحمه الله قال: جاء رجل من أهل مصر وحج البيت، فرأى قوماً جلوساً فقال: من هؤلاء القوم؟ فقالوا: هؤلاء قريش، قال: فمن الشيخ فيهم؟ قالوا: عبد الله بن عمر: قال: يا ابن عمر إني سائلك عن شيء فحدثني عنه: هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد؟ قال: نعم. فقال: تعلم أن تغيب عن بدر ولم يشهد؟ قال: نعم. قال الرجل: هل تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟ قال: نعم. قال: الله أكبر قال ابن عمر: تعال أبين لك. أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له، وأما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن لك أجر رجل ممن شهد برداً وسهمه" وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان، وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى:"هذه يد عثمان" فضرب بها على يده فقال: "هذه لعثمان" فقال له ابن عمر: أذهب بها الآن معك 1640 - * روى أحمد عن المغيرة بن شعبة أنه دخل على عثمان وهو محصور فقال: إنك إمام العامة وقد نزل بك ما ترى، وأنا أعرض عليك خصالاً ثلاثاً فاختر إحداهن: إما أن تخرج فتقاتلهم فإن معك عدداً وقوة وأنت على الحق وهم على الباطل، وإما أن تخرق لك باباً سوى الباب الذي هم عليه فتقعد على رواحلك فتلحق بمكة، فإنهم لن يستحلوك وأنت بها، وإما أن تلحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية، فقال عثمان: أما أن
= الحشيش: ضد الأموج، وهو أسفل كل عال، كما أن الأوج: أعلاه.
1639 -
البخاري (7/ 54) 62 - كتاب فضائل الصحابة - 7 - باب مناقب عثمان بن عفان.
1640 -
أحمد في سنده (1/ 67) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 229): رواه أحمد ورجاله ثقات إلى أن محمد ابن عبد الملك بن مروان لم أجد له سماعاً من المغيرة، ولهذا الحديث طرق في فضل مكة في الحج.
أخرج فأقاتلهم فلن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بسفك الدماء، وأما أن أخرج إلى مكة فإنهم لن يستحلوني بها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"يلحد رجل من قريش بمكة يكون عليه نصف عذاب العالم"، فلن أكون أنا إياه وأما أن الحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية فلن أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1641 -
* روى الطبراني عن النعمان بن بشير قال مات رجل منا يقال له زيد بن خارجة فسجيناه بثوب وقمت أصلى إذا سمعت ضوضاء، فانصرفت فإذا أنا به يتحرك فقال: أجلد القوم أوسطهم عبد الله عمر أمير المؤمنين القوى في أمره القوي في أمر الله عز وجل عثمان بن عفان أمير المؤمنين العفيف المتعفف الذي يعفو عن ذنوب كثيرة، خلت ليلتان وبقيت أربع واختلف الناس ولا نظام لهم. يا أيها الناس أقبلوا على إمامكم وأسمعوا وأطيعوا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن رواحة ثم قال وما فعل خارجة؟ يعني أباه (وكان قد استشهد في أحد) ثم قال أخذت بئر أرس ظلماً ثم هدأ الصوت.
1642 -
* البزار عن أبي سعيد مولى أبي أسيد، قال: بلغ عثمان، أن وفد أهل مصر، قد أقبلوا فتلقاهم في قرية له، خارجاً من المدينة، وكره أن يدخلوا عليه، أو كما قال، فلما علموا بمكانه، أقبلوا إليه، فقال: ادع لنا بالمصحف، فدعي، يعني به فقال. افتح، فقرأ حتى انتهي إلى هذه الآية {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} (1) فقالوا: أحمى الله أذن لك به أم على الله تفتر، فقال: امض، نزلت في كذا وكذا، وأما الحمى، فإن عمر حمى الحمى لإبل الصدقة، فلما وليست، فعلت الذي فعل، وما زدت على ما زاد،
1641 - قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 230): رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
سجيناه: غطيناه.
زيد بن خارجة: هو ابن أبي زهير الأنصاري، صحابي بدري، توفي في خلافة عثمان، وهو الذي تكلم بعد موته.
1642 -
البزار: كشف الأستار (4/ 89).
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 228): رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير أبي سعيد مولى أبي أسيد وهو ثقة.
ماء البحر: أي ماء ملحاً كماء البحر.
(1)
يونس: 59.
قال: ولا أراه إلا قال: وأنا يومئذ ابن كذا سنة، قال: ثم سألوه عن أشياء، جعل يقول: أمضه، نزلت في كذا وكذا، ثم سألوه عن أشياء، عرفها، لم يكن عنه فيها مخرج، فقال: استغفر الله، ثم قال: ما تريدون؟ قال: نريد أن لا يأخذ أهل المدينة العطاء، فإن هذا المال، للذي قاتل عليه، ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد قال: فرضي ورضوا، قال: وأخذوا عليه، قال: وكتبوا عليه كتاباً، وأخذ عليهم أن لا يشقوا غصاً، ولا يفارقوا جماعة، قال: فرضي ورضوا، فأقبلوا معه إلى المدينة، فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: إني والله ما رأيت وفداً هم خير من هذا الوفد، ألا من كان له زرع، فليلحق بزرعه، ومن كان له ضرع، فليحتلبه، ألا إنه لا مال لكم عندنا، إنما هذا المال، لمن قاتل عليه، ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد، قال: فغضب الناس، وقالوا: هذا مكر بنى أمية، ورجع الوفد، راضون، فلما كان ببعض الطريق، إذا راكب، يتعرض لهم، ثم يفارقهم، ويعود إليهم، ويسبهم، فأخذوه، فقالوا: ما شأنك؟ إن لك لشأنا، قال: أنا رسول أمير المؤمنين، إلى عامله بمصر، ففتشوه، فإذا معه كتاب، على لسان عثمان، عليه خاتمه، أن يصلبهم، أو يضرب أعناقهم، أو يقطع أيديهم وأرجلهم، قال: فرجعوا وقالوا: قد نقض العهد، وأحل الله ذمة، فقدموا المدينة، فأتوا علياً، فقالوا: ألم تر؟ إلى عدو الله، كتب فينا بكذا وكذا، قم معنا إليه، فقال: والله لا أقوم معكم، قالوا: فلم كتبت إلينا، قال: والله ما كتبت إليكم كتاباً قط، فنظر بعضهم على بعض، ثم بعضهم: ألهذا تقاتلون أم لهذا تغضبون؟ وخرج علي، فنزل قرية خارجاً من المدينة، فأتوا عثمان، فقالوا: كتبت فينا بكذا وكذا، قال: إنما هما اثنتان، أن تقيموا شاهدين، أو يمين بالله ما كتبت، ولا أمليت، ولا علمت، وقد تعلمون الكتاب يكتب على لسان الرجل، وقد ينقش الخاتم على الخاتم، قال: فحصروه، فأشرف عليهم ذات يوم، فقال: السلام عليكم فما أسمع أحداً على الخاتم، قال: فحصروه، فأشرف عليهم ذات يوم، فقال: السلام عليكم فما أسمع أحداً رد عليه، إلا أن يرد رجل في نفسه، فقال، أنشدكم بالله، أعلمتم أني اشتريت رومة من مالي، استعذب بها، فجعلت رثائي فيها كرشاء رجل من المسلمين؟ قيل: نعم، قال: فعلام تمنعوني أشرب من مائها، حتى أفطر على ماء البحر؟ قال: نشدتكم بالله، علمتم أني اشتريت كذا وكذا، من مالي، فزدته في المسجد، قالوا: نعم، قال: فهل علمتم أن أحداً منع فيه الصلاة قبلي، ثم ذكر أشياء،
قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وأراه ذكر كتاباته المفصل بيده، قال ففشا النهي، وقيل: مهلاً عن أمير المؤمنين.
1643 -
* روى الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فتنة، فقال:"يقتل فيها هذا مظلوماً" لعثمان.
1644 -
* روى أحمد والطبراني عن قتادة أن عثمان قتل وهو ابن تسعين أو ثمان وثمانين سنة.
1645 -
*روى الطبراني عن الزبير بن بكار قال: قتل عثمان بن عفان يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة ست وثلاثين بعد العصر وهو ابن اثنتين وثمانين سنة وكان يومه صائماً.
1646 -
* روى عن عبد الله بن أحمد وأبو يعلي عن مسلم أبي سعيد مولى عثمان بن عفان: أن عثمان بن عفان أعتق عشرين عبداً مملوكاً، ودعا بسراويل فشدها عليه ولم يلبسها في جاهلية ولا إسلام، وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في المنام وأبا بكر وعمر فقالوا لي أصبر فإنك تفطر عندنا القابلة ثم دعا بمصحف فنشره بينيديه فقتل وهو بين يده 1647 - * روى الطبراني عن يزيد بن أبي حبيب: أن عامة الركب الذين ساروا إلى عثمان جنوا.
يحتمل النص أن من سار إلى عثمان كان في حالة جنونية من السفه، لأن المعروف أن
1643 - الترمذي (5/ 630) 50 - كتاب المناقب -19 - باب في مناقب عثمان بن عفان.
وقال: هذا حدث حسن غريب.
1644 -
أحمد في مسنده (1/ 74).
والمعجم الكبير (1/ 78)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 19): رواه أحمد والطبراني ورجاله إلى قتاده ثقات، إلا أن قتادة لم يدرك عثمان.
1645 -
المعجم الكبير (1/ 77).
1646 -
عبد الله في زيادته على المسند (1/ 72)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 96)، رواه عبد الله وأبو يعلي في الكبير ورجالهما ثقات.
1647 -
المعجم الكبير 1/ 88) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 94): رواه الطبراني وإسناده حسن.
بعض الذين ساروا إلى عثمان ولوحقوا فيما بعد قتلوا وهم في حالة عادية من العقل.
1648 -
*روى الحاكم عن عمير بن سعيد قال أراد علي أن يسير إلى الشام إلى صفين، واجتمعت النخع حتى دخلوا على الأشتر بيته فقال: هل في البيت إلا نخعي قالوا: لا قال: إن هذه الأمة عمدت إلى خير أهلها فقتلوه، يعني عثمان، وإنا قاتلنا أهل البصرة بيعه تأولنا عنه وإنكم، تسيرون إلى قوم ليس لنا عليهم بيعة، فيلنظر كل امرئ أين يضع سيفه.
1649 -
* روى الحاكم عن قيس بن عباد قال: سمعت علياً رضي الله عنه يوم الجمل يقول: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان، ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي، وجاؤوني للبيعة فقلت: والله إني لأستحي من الله أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا استحي ممن تستحي منه الملائكة" وإني لأستحيي من الله أن أبايع وعثمان قتيل على الأرض لم يدفن بعد، فانصرفوا، فلما دفن رجع الناس فسألوني البيعة، فقلت اللهم إني مشفق مما أقدم عليه، ثم جاءت عزيمة فبايعت فلقد قالوا يا أمير المؤمنين فكأنما صدع قلبي وقلت: اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى 1650 - *روى الطبراني عن عبد الله بن سلام أنه قال حين هاج الناس في أمر عثمان: أيها الناس لا تقتلوا هذا الشيخ، واستعتبوه فإنه لن تقتل أمة نبيها فيصلح أمرهم حتى يهراق دماء سبعين ألفاً منهم، ولن تقتل أمة خليفتها فيصلح أمرهم حتى يهراق دماء أربعين ألفاً منهم، فلم ينظروا فيما قال: وقتلوه فجلس لعلي في الطريق فقال: أين تريد؟ فقال: أريد أرض العراق، قال: لا تأت العراق وعليك بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوثبت به (أي عليه) أناس من أصحاب علي وهموا به، فقال علي: دعوه فإنه مننا أهل
1648 - المستدرك (3/ 107) وقال: هذا حديث وإن لم يكن له سند، فإنه معقد صحيح الإسناد في هذا الموضع، وقال الذهبي: صحيح على شرط مسلم.
1649 -
المستدرك (3/ 95) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاء واقره الذهبي.
1650 -
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 93): رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
البيت، فلما قتل علي قال عبد الله بن معقل: لهذه رأس الأربعين وسيكون على رأسها صلح ولن تقتل أمة نبيها إلا قتل به سبعون ألفاً، ولن تقتل أمة خليفتها إلا قتل به أربعون ألفاص.
1651 -
* روى الطبراني عن مالك بن أنس: قال قتل عثمان فأقام مطروحاً على كناسة بني فلان ثلاثاً، وأتاه أثنا عشر رجلاً منهم جدي مالك بن أبي عامر وحويطب ابن عبد العزي وحكيم بن حزام وعبد الله بن الزبير، وعائشة بنت عثمان معهم مصباح في حق، فحملوه على باب وإن رأسه تقول على الباب طق، طق، حتى أتوا به البقيع فاختلفوا في الصلاة عليه فصلى عليه حكيم بن حزام أو حويطب بن عبد العزي- شك عبد الرحمن - ثم أرادوا دفنه فقام رجل من بني مازن، فقال: لئن دفنتموه مع المسلمين لأخبرن الناس غداً، فحملوه حتى أتوا به حش كوكب، فلما دلوه في قبره صاحت عائشة بنت عثمان فقال لها ابن الزبير: اسكتي فوالله لئن عدت لأضربن الذي فيه عينك، فلما دفنوه وسوا عليه التراب قال لها أبن الزبير: صيحي ما بدا لك، أن تصيحي قال مالك: وكان عثمان قبل ذلك يمر بحش كوكب فيقول: ليدفنن هاهنا رجل صالح.
1653 -
* روى الطبراني عن أبي الأسود الديلي قال: سمعت أبا بكرة يقول: لأن أخر من السماء فأنقطع، أحب إلى من أكون شركت في دم عثمان.
1653 -
* روى الطبراني عن جبير بن نفير قال: بينا نحن معسكرون مع معاوية بعد قتل عثمان، فقام مرة بن كعب البهزي فقال: أنا والله لولا شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت هذا المقام، فلما سمع معاوية ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلس الناس قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس إذا مر بنا عثمان بن عفان مترجلاً معنقاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
1651 - المعجم الكبير (1/ 78) وقال الهيثمي في جمع الزوائد (9/ 95) وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. مصباح في حق: أي في وعاء من زجاج.
حش كوكب: بستان بظاهر المدينة خارج البقيع، وكوكب أسم رجل.
1652 -
المعجم الكبير (1/ 68) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 93) وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
1653 -
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 89): رواه الطبراني ورجاله وثقوا.
معنقا: مسرعاً.
"لتخرجن فتنة من تحت رجلي أو من تحت قدمي هذا، ومن اتبعه يومئذ على الهدي" فقمت حتى أخذت بمنكبي عثمان حتى بينته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: هذا؟ قال: "نعم هذا، ومن اتبعه يومئذ على الهدي" فقام عبد الله بن حوالة الأزدي من عند المنبر فقال: إنك لصاحب هذا، قال: نعم، قال: أما والله إني حاضر ذلك المجلس ولو كنت أعلم أن لي في الجيش مصدقاً لكنت أول من تكلم به.
أقول: في هذه الرواية صورة عن الأمور التي كانت تثبت المطالبين بدم عثمان فتجعلهم قلباً واحداً، كما أن أمثال هذه الروايات -مما سيمر معنا نموذج عنها - هي التي جعلت بعض المؤمنين بحق علي في الخلافة لا يتحمسون للخروج والقتال معه، ومن ههنا نفهم أن القتال بين الطرفين كانت له مسوغاته عند كل واحد منهم.
1654 -
* روى البخاري عن يزيد بن أبي عبيد رضي الله عنه قال: لما قتل عثمان خرج سلمة بن الأكوع إلى الربذة، وتزوج هناك امرأة، وولدت له أولاً، فلم يزل بها، حتى قبل أن يموت بليال نزل المدينة، فمات بها.
1655 -
* روى البخاري ومسلم عن يزيد بن عبيد: أن سلمة دخل على الحجاج، فقال: يا ابن الأكوع، ارتددت على عقبيك، تعزبت؟ قال: لا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لي في البدو.
وفي رواية (3) النسائي إلى قوله: عقبيك قال: وذكر كلمة معناها "وبديت" وذكر باقية.
قال ابن الأثير: (تعزبت) تعزب: بعد، تقول: عزب الشيء يعزب، ويعزبك إذا بعد، والمراد: بعدت عن الجماعات والجمعات بالتزامك سكني البادية، هكذا شرحه الحميدي في كتابه، وقال الأزهري: تعرب الرجل - بالراء المهملة- إذا عاد إلى الأعراب بعد الهجرة،
1654 - البخاري (13/ 40) 92 - كتاب الفتن- 14 - باب التعريب في الفتنة.
1655 -
البخاري في نفس الموضع السابق.
ومسلم (3/ 1486) 33 - كتاب الإمارة 19 - باب تحريم رجوع المهاجر إلى استيطان وطنه.
(1)
النسائي (7/ 151) كتاب البيعة، باب المرتد أعرابياً بعد الهجرة.
وأقام بالبادية، والذي جاء في كتاب مسلم الذي قرأناه: تعربت ـ بالراء المهملة-.
(وبديت) البدو: الخروج إلى البادية تقول: بدوت أبدو، وقد جاء في هذا الحديث "بديت" بالياء، ولعله سهو من الراوي، أو الكاتب، والأصل ما ذكرناه، أهـ كلام ابن الأثير.
أقول: في هذا الحديث إشارة إلى أن سلمة راي الفتنة بدأت بمقتل عثمان فاعتزل الناس.
1656 -
* روى الطبراني عن حميد بن هلال قال: لما هاجت الفتنة قال عمران بن حصين لحجير بن الربيع العدوي: اذهب إلى قومك فإنهم عن الفتنة قال: إني لمغموز فيهم وما أطاع قال: فأبلغهم عني وإنهم عنها. قال وسمعت عمران يقسم بالله لأن أكون عبداً حبشياً أسود في أعنز حصبات في رأس جبل ارعاهن حتى يدركني أجلي أحب إلى أن أرمي أحد الصفين بسهم أخطأت أم أصبت.
1657 -
* روى الطبراني عن زهدم الجرمي قال: خطبنا ابن عباس فقال: لو أن الناس لم يطلبوا بدم عثمان لرجموا بالحجارة من السماء.
1658 -
* روى الطبراني عن طليق بن خشاف يقول: وفدنا إلى المدينة لننظر فيم قتل عثمان؟ فلما قدمنا مر منا بعض إلى علي وبعض إلى الحسينبن علي رضي الله عنهما وبعض إلى أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، فانطلقت حتى أتيت عائشة فسلمت عليها فردت السلام، فقالت: ومن الرجل؟ قلت: من أهل البصرة، فقالت: من أي أهل البصرة؟ قلت: من بكر بن وائل، قالت: من أي بكر بن وائل؟ قلت: من بني قيس بن ثعلبة، قالت: أمن أهل فلان؟ فقلت لها: يا أم المؤمنين فيم قتل عثمان أمير المؤمنين رضي الله
1656 - قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
أعاز حصبات: حصبات: جمع حصبة وهي العازة العجفاء كالحجارة.
1657 -
المعجم الكبير (1/ 84) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 97) رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجال الكبير رجال الصحيح.
1958 -
المعجم الكبير (1/ 88) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 97) ورجاله رجال الصحيح غير طلق وهو ثقة. وعنده طلق وليس طليق.
عنه؟ قالت: قتل والله مظلوماً، لعن الله قتلته أقاد الله ابن أبي بكر به وساق الله إلى أعين بني تميم هواناً في بيته واهراق الله دماء بني بديل على ضلالة وساق الله إلى الأشتر سهماً من سهامه، فو الله ما من القوم رجل إلا أصابته دعوتها.
1659 -
* روى الطبراني عن عدي بن حاتم قال: قال رجل لما قتل عثمان: لا ينتطح فيها عنزان: قلت: بلى وتفقاً فيها عيون كثيرة.
1660 -
* روى الطبراني عن عبد الملك بن عمير أن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام استأذن على الحجاج بن يوسف، فأذن له، فدخل وسلم وأمر رجلين مما يلي السرير أن يوسعا له فأوسعا له فجلس فقال له الحجج: لله أبوك، أتعلم حديثاً حدثه أبوك عبد الملك ابن مروان عند جدك عبد الله بن سلام قال: فأي حديث رحمك الله؟ فرب حديث، قال: حديث المصريين حين حصروا عثمان محصور فانطلق فدخل عليه فوسعوا له، حتى دخل فقال: السلام عليكم يا أمير المؤمنين. فقال: وعليك السلام، ما جاء بك يا عبد الله بن سلام؟ قال: جئت لأثبت حتى أستشهد أو يفتح الله لك، ولا أرى هؤلاء القوم إلا قاتليك فإن يقتلوك فذاك خير لك وشر لهم. فقال عثمان: أسألك بالذي لي عليك من الحق لما خرجت إليهم، خير يسوقه الله بك وشر يدفعه بك الله، فسمع وأطاع فخرج عليهم فلما رأوه اجتمعوا وظنوا أنه قد جاءهم ببعض ما يسرون به، فقام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن الله عز وجل بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً يبشر بالجنة من أطاعه وينذر بالنار من عصاه وأظهر من اتبعه على الدين كله ولو كره المشركون، ثم اختار له المساكن فاختار له المدينة فجعلها دار الهجرة وجعلها دار الإيمان، فو الله ما زلت الملائكة حافين بالمدينة منذ قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، وما زال سيف الله مغموداً عنكم منذ قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم ثم قال: إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق فمن اهتدى فإنما يهتدي بهدي الله ومن ضل فإنما
=ابن أبي بكر: هو أخوها محمد وكان هو والآخرون من المشاركين في قتل عثمان.
1659 -
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 95): رواه الطبراني وإسناده حسن.
لا ينتطح فيها عنزان: أي لن يختلف الناس بسبب ذلك.
1660 -
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 92): رواه الطبراني ورجاله ثقات.=
يضل بعد البيان والحجة، وإنه لم يقتل نبي فيما مضي إلى قتل به سبعون ألف مقاتل كلهم يقتل به، ولا قتل خليفة قط إلا قتل به خمسة وثلاثون ألف مقاتل، كلهم يقتل به، فلا تعجلوا على هذا الشيخ بقتل، فو الله لا يقتله رجل منكم إلا ولهذا الشيخ عليكم مثله قال فقاموا فقالوا: كذبت اليهود كذبت اليهود فقال: كذبتم والله وأنتم آثمون ما أنا يهودي وإني لأحد المسلمين يعلم الله بذلك ورسوله والمؤمنون، وقد أنزل الله في القرآن {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} (1)، وقد أنزل الآية الأخرى {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} (2) قال: فقاموا فدخلوا على عثمان فذبحوه كما يذبح الحلان قال شعيب: فقلت لعبد الملك بن عمير: ما الحلان؟ قال: الحمل، قال: وقد قال عثمان لكثير من الصلت: يا كثير أنا والله مقتول غداً، قال: بل يعلي الله كعبك ويكبت عدوك، قال: ثم أعادها الثالثة فقال مثل ذلك، قال: عم تقول يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر فقال لي: "يا عثمان أنت عندنا غداً وأنت مقتول غداً" فأنا والمقتول قال: فقتل فخرج عبد الله بن سلام إلى القوم قبل أن يتفرقوا فقال: يا أهل مصر يا قتلة عثمان قتلتم أمير المؤمنين أما والله لا يزال عهد منكوث ودم مسفوح ومال مقسوم لا سقيتم.
1661 -
* روى الطبراني عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: لما ضرب الرجل يد عثمان ال: إنها لأول يد خطت المفصل.
1662 -
* روى أحمد عن أبي عبد الله الجسري قال: دخلت على عائشة وعندها حفصة بنت عمر فقالت لي: هذه حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أقبلت عليها فقالت: أنشدك الله
= الحلان: أو الحلام، الجدي أو الحمل والمقصود أن دمه أبطل كما يبطل دم الحلان.
(1)
الرعد: 43.
(2)
الأحقاف: 10.
1661 -
المعجم الكبير (1/ 84) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 14): رواه الطبراني وإسناده حسن.
1662 -
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 90): رواه أحمد كله.
أن تصدقيني بكذب أو تكذبيني بصدق، تعلمين أني كنت أنا وأنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغمي عليه فقلت لك: أترينه قد قبض؟ قلت: لا أدري، ثم أفاق قال:"افتحوا له الباب" ثم أغمي عليه، فقلت لك: أترينه قد قبض؟ قلت: لا أدري. ثم أفاق قال: "افتحوا له الباب" ثم أغمي عليه، فقلت لك: أترينه قد قبض؟ لا أدري، ثم أفاق قال:"أفتحوا له الباب" فقلت لك: أبي أو أبوك؟ قلت: لا أدري، ففتحنا له الباب فإذا عثمان ابن عفان فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ادنه" فأكبعليه فساره شيء لا أدري أنا وأنت ما هو، ثم فع رأسه فقال:"أفهمت ما قلت لك؟ " قال: نعم، قال:"ادنه" فأكب عليه أخرى مثلها فساره بشيء لا ندري ما هو ثم رفع رأسه فقال: "أفهمت ما قلت لك؟ " قال: نعم قال: "ادنه" فأكب عليه إكباباً شديداً فساره شيء ثم رفع رأسه فقال: "فهمت ما قلت لك؟ "قال: سمعته أذناي ووعاه قلبي، فقال له:"أخرج" قال: فقالت حفصة: اللهم نعم، أو قالت: اللهم صدق.
وفي رواية (1) للطبراني في الأوسط بنحوه وزاد: فقال: "يا عثمان عسي أن يقمصك الله قميصاً فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه" ثلاث مرات فقال لها النعمان ابن بشير: يا أم المؤمنين أين كنت عن هذا الحديث؟ فقالت: نسيته ورب الكعبة حتى قتل الرجل.
وفي رواية عند الطبراني (2) أيضاً: فما فجأني إلا وعثمان جاث على ركبتيه قائلاً أظلما وعدوانًا يا رسول الله؟ فحسبت أنه أخبره بقتله.
* * *
(1)(2) عزاهما الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 90) إلى الطبراني وقال: أحد إسنادي الطبراني حسن.