الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
59 - سلمة بن الأكوع رضي الله عنه
قال ابن حجر: سملة بن عمرو بن الأكوع
…
واسم الأكوع سنان بن عبد الله، يأتي بقية نسبه في عامر بن الأكوع، وقيل اسم أبيه وهب، وقيل غير ذلك أول مشاهده الحديبية، وكان من الشجعان ويسبق الفرس عدوًا، وبايع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند الشجرة على الموت رواه البخاري من حديثه
…
وقيل مات سنة أربع وستين وزعم الواقدي ومن تبعه أنه عاش ثمانين سنة وهو على القول الأول باطل إذ يلزم منه أن يكون له في الحديبية نحو من عشر سنين ومن يكون في ذلك السن لا يبايع على الموت، ثم رأيت عند ابن سعد أنه مات في آخر خلافة معاوية وكذا ذكر البلاذري اهـ ابن حجر.
قال الذهبي في ترجمته: أبو عامر وأبو مسلم. ويقال: أبو إياس الأسلمي الحجازي المدني.
قيل: شهد مؤتة، وهو من أهل بيعة الرضوان.
قال مولاه يزيد: رأيت سلمة يصفر لحيته. وسمعته يقول: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت، وغزوت معه سبع غزوات.
عن إياس بن سلمة، عن أبيه، قال: بيتنا هوازن مع أبي بكر الصديق، فقتلت بيدي ليلتئذ، سبعة أهل أبيات (1).
عكرمة بن عمار: حدثنا إياس، عن أبيه [سلمة بن الأكوع] قال: خرجت أنا ورباح غلام النبي صلى الله عليه وسلم بظهر النبي صلى الله عليه وسلم. وخرجت بفرسٍ لطلحة. فأغار عبد الرحمن بن عيينة على الإبل، فقتل راعيها، وطرد الإبل هو وأناس معه في خيل. فقلت: يا رباح! اقعد على هذا الفرس، فألحقه بطلحة، وأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقمت على تل، ثم ناديت ثلاثًا: يا صباحاه! واتبعت القوم، فجعلت أرميهم، وأعقر بهم، وذلك حين يكثر الشجر فإذا رجع إلي فارس، قعدت له في أصل شجرة، ثم رميته، وجعلت أرميهم، وأقول:
(1) ورواه أحمد في مسنده (4/ 46) وأبو داود بنحوه (3/ 43) كتاب الجهاد، باب في البيات وإسناده حسن.
التبييت: الطروق ليلاً على غفلةٍ للغارة.
أنا ابن الأكوع
…
واليوم يوم الرضع
وأصبت رجالً بين كتفيه، وكنت إذا تضايقت الثنايا، علوت الجبل، فردأتهم بالحجارة، فما زال ذلك شأني وشأنهم حتى ما بقي من شيء من ظهر النبي صلى الله عليه وسلم إلا خلفته وراء ظهري، واستنقذته. ثم لم أزل أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين رمحًا، وأكثر من ثلاثين بردة يستخفون منها، ولا يلقون شيئًا إلا جعلت عليه حجارة، وجمعته على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا امتد الضحى، أتاهم عيينة بن بدر مددًا لهم، وهم في ثنيةٍ ضيقة، ثم علوت الجبل، فقال عيينة: ما هذا؟ قالوا: لقينا من هذا البرح، ما فارقنا بسحر إلى الآن، وأخذ كل شيءٍ كان في أيدينا. فقال عيينة: لولا أنه يرى أن وراءه طلبًا لقد ترككم، ليقم إليه نفر منكم. فصعد إلي أربعة، فلما أسمعتهم الصوت، قلت: أتعرفوني؟ قالوا: ومن أنت؟ قلت: أنا ابن الأكوع. والذي أكرم وجه محمدٍ صلى الله عليه وسلم لا يطلبني رجل منكم فيدركني، ولا أطلبه فيفوتني. فقال رجل منهم: إني أظن. فما برحت ثم، حتى نظرت إلى فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر وإذا أولهم الأخرم الأسدي، وأبو قتادة، والمقداد؛ فولى المشركون. فأنزل، فأخذت بعنان فرس الأخرم، لا آمن أن يقتطعوك، فائتذ حتى يلحقك المسلمون؛ فقال: يا سلمة! إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر، وتعلم أن الجنة حق والنار حق، فلا تحل بيني وبين الشهادة، فخليت عنان فرسه، ولحق بعبد الرحمن بن عيينة، فاختلفا طعنتين، فعقر الأخرم بعبد الرحمن فرسه، ثم قتله عبد الرحمن، وتحول عبد الرحمن على فرس الأخرم، فيلحق أبو قتادة بعبد الرحمن، فاختلفا طعنتين فعقر بأبي قتادة، فقتله أبو قتادة، وتحول على فرسه.
وخرجت أعدو في أثر القوم حتى ما أرى من غبار أصحابنا شيئًا، ويعرضون قبيل المغيب إلى شعبٍ فيه ماء يقال له:"ذو قرد"(1)، فأبصروني أعدو وراءهم، فعطفوا
(1) ذو قرد: ماء على ليلتين من المدينة بينها وبين خيبر، وقال البخاري في "صحيحه": وهي الغزوة التي أغاروا فيها على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم قبل خيبر بثلاث [ليال]. قال الحافظ: كذا جزم به، ومستنده في ذلك حديث إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، فإنه قال في آخر الحديث الطويل الذي أخرجه مسلم من طريقه، قال: فرجعنا، أي: من الغزوة إلى المدينة، فوالله ما لبثنا بالمدينة إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر، وأما ابن سعد، فقال: كانت غزوة ذي قرد في ربيع الأول في سنة ست قبل الحديبية، وقيل في جمادى الأولى، وقيل في جمادى الأولى، وعن ابن إسحاق: في شعبان منها.
عنه، وأسندوا في الثنية، وغربت الشمس، فألحق رجلاً، فأرميه؛ فقلت: خذها وأنا ابن الأكوع، واليوم يوم الرضع. فقال: يا ثكل أمي أكوعي بكرة؟ قلت: نعم با عدو نفسه. وكان الذي رميته بكرة، فأتبعته سهماً آخر، فعلق به سهمان. ويخلفون فرسين، فسقتهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الماء الذي حليتهم عنه - «ذو قرد» - وهو في خمس مئة، وإذا بلال نحر جزوراً مما خلفت، فهو يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! خلني فأنتخب من أصحابك مئة، فآخذ عليهم بالعشوة، فلا يبقى منهم مخبر. قال:«أكنت فاعلاً يا سلمة؟» قلت: نعم، فضحك حتى رأيت نواجذه في ضوء النار. ثم قال: إنهم يقرون الآن بأرض غطفان.
قال: فجاء رجل، فأخبر أنهم مروا على فلان الغطفاني، فنحر لهم جزوراً، فلما أخذوا يكشطون جلدها، رأوا غيرة، فهربوا. فلما أصبحنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«خير فرساننا أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة» وأعطاني سهم الراجل والفارس جميعاً. ثم أردفني وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة.
فلما كان بيننا وبينها قريباً من ضحوة، وفي القوم رجل كان لا يسبق جعل ينادي: ألا رجل يسابق إلى المدينة؟ فأعاد ذلك مراراً. فقلت: ما تكرم كريماً ولا تهاب شريفاً؟ قال: لا، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: يا رسول الله بأبي وأمي، خلني أسابقه. قال" إن شئت. وقلت: امض.
وصبرت عليه شرفاً أو شرفين حتى استبقيت نفسي، ثم إني عدوت حتى ألحقه، فأصك بين كتفيه، وقلت: سبقتك والله، أو كلمة نحوها، فضحك، وقال: إن أظن، حتى قدمنا المدينة. اهـ.
هكذا ذكره الذهبي وهو عند مسلم بأطول منه.
2187 -
* روى البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: «غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات، فذكر خيبر، والحديبية، ويوم حنين، ويوم القرد، قال يزيد بن
2187 - البخاري (7/ 517) 64 - كتاب المغازي - 45 - باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة.
أبي عبيد: ونسيت بقيتهم.
وفي رواية (1): أنه سمعه يقول: غروت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات، وخرجت فيما يبعث من البعوث تسع غزوات، مرة علينا أبو بكر، ومرة علينا أسامة.
2188 -
* روى ابن سعد عن عبد الرحمن بن رزين، قال: أتينا سلمة بن الأكوع بالربذة، فأخرج إلينا يداً ضخمة كأنها خف البعير، فقال: بايعت بيدي هذه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فأخذنا يده، فقلبناها.
2189 -
* روى الطبراني عن إياس بن سلمة عن أبيه قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم مراراً، ومسح على وجهي مراراً، واستغفر لي مراراً عدد ما في يدي من الأصابع.
2190 -
* روى البخاري ومسلم عن سلمة بن الأكوع: أنه دخل على الحجاج فقال: يا ابن الأكوع! ارتددت على عقبيك؟ تعربت؟ قال: لا. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لي في البدو.
وذكر الذهبي في السير (2) عن عبادة بن الوليد أن الحسن بن محمد بن الحنفية قال: اذهب بنا إلى سلمة بن الأكوع، فلنسأله، فإنه من صالحي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم القدم، فخرجنا نريده، فلقيناه يقوده قائده. وكان قد كف بصره.
2191 -
* روى البخاري عن يزيد بن أبي عبيد، قال: لما قتل عثمان، خرج سلمة إلى
(1) البخاري في نفس الموضع السابق
ومسلم (3/ 1448) 32 - كتاب الجهاد والسير - 49 - باب عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم.
2188 -
الطبقات الكبرى (4/ 206) وإسناده حسن.
2189 -
المعجم الكبير (7/ 24) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ((9/ 363) رجاله رجال الصحيح غير علي بن يزيد بن أبي حكيمة وهو ثقة.
2190 -
البخاري (13/ 40) 93 - كتاب الفتن - 14 - باب الثغرب في الفتنة.
ومسلم (3/ 1486) 32 - كتاب الإمارة - 19 - باب تحريم رجوع المهاجر إلى استيطان وطنه.
(2)
السير (3/ 331) ورواه ابن عساكر في تاريخه.
2191 -
البخاري (13/ 40) 92 - كتاب الفتن - 14 - باب التغرب في الفتنة
الربذة (1)، وتزوج امرأة، فولدت له أولاداً، فلم يزل بها حتى قبل أن يموت بليالٍ، نزل المدينة.
* * *
(1) الربذة: من قرى المدينة على ثلاثة أميال قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز إذا رحلت من قيد تريد مكة. قال الحافظ في «الفتح» : ويستفاد من هذه الرواية مدة سكنى سلمة البادية وهي نحو الأربعين سنة، لأن قتل عثمان كان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وموت سلمة سنة أربع وسبعين على الصحيح.