الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
23 - جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه
قال ابن حجر:
جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك بن نضرة بن ثعلبة بن جشم بن عوف بن خزيمة ابن حرب بن علي البجلي الصحابي الشهير، يكنى أبا عمرو وقيل يكنى أبا عبد الله.
اختلف في وقت إسلامه: ففي الطبراني الأوسط عن جرير قال: لما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتيته فقال: "ما جاء بك"؟ قلت: جئت لأسلم فألقى إلي كساءه، وقال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه. حصين [أحد الرواة] فيه ضعف، ولو صح يحمل على المجاز، أي لما بلغنا خبر بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو على الحذف، أي لما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم دعا إلى الله ثم قدم المدينة ثم حارب قريشًا وغيرهم ثم فتح مكة ثم وفدت عليه الوفود. وجزم ابن عبد البر عنه بأنه أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأربعين يومًا وهو غلط، ففي الصحيحين عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له:"استنصت الناس في حجة الوداع". وجزم الواقدي بأنه وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شهر رمضان سنة عشر، وأن بعثه إلى ذي الخلصة كان بعد ذلك، وأنه وافى مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم حجة الوداع من عامه. وفيه عندي نظر؛ لأن شريكًا حدث عن الشيباني عن الشعبي عن جرير قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن أخاكم النجاشي قد مات". الحديث، أخرجه الطبراني. فهذا يدل على أن إسلام جرير كان قبل سنة عشر لأن النجاشي مات قبل ذلك؛ وقدمه عمر في حروب العراق على جميع بجيلة وكان لهم أثر عظيم في فتح القادسية. ثم سكن جرير الكوفة، وأرسله علي رسولا إلى معاوية ثم اعتزل الفريقين وسكن قرقيسيا حتى مات سنة إحدى وقيل أربع وخمسين، وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وآله وسلم بعثه إلى ذي الخلصة فهدمها.
ومن طريق إبراهيم بن إسماعيل الكهيلي قال: كان طول جرير ستة أذرع. وروى الطبراني من حديث علي مرفوعًا: جرير منا أهل البيت. وروى عنه من الصحابة أنس بن
مالك، قال: كان جرير يخدمني وهو أكبر مني. أخرجه الشيخان. ا. هـ.
قال ابن كثير:
فأما جرير بن عبد الله البجلي فأسلم بعد نزول المائدة، وكان إسلامه في رمضان سنة عشر، وكان قدومه ورسول الله يخطب، وكان قد قال في خطبته:"إنه يقدم عليكم من هذا الفج من خير ذي يمن، وإن على وجهه مسحة ملك". فلما دخل نظر الناس إليه فكان كما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبروه بذلك فحمد الله تعالى. ويروى أن رسول الله لما جالسه بسط له رداءه وقال:"إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه". وقد كان عاملاً لعثمان على همدان. ا. هـ.
2032 -
* روى أحمد عن جرير بن عبد الله قال: لما دنوت من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنخت راحلتي ثم حللت عيبتي ثم لبست حلتي، دخلت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فرماني الناس بالحدق، فقلت لجليسي: يا عبد الله هل ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمري شيئًا؟ قال: نعم ذكرك بأحسن الذكر بينما هو يخطب إذ عرض له في خطبته، فقال:"إنه سيدخل عليكم من هذا الباب أو من هذا الفج من خير ذي يمن، ألا وإن على وجهه مسحة ملك" قال: فحمدت الله على ما أبلاني.
وقال الذهبي في السير:
جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك بن نصر بن ثعلبة بن جشم بن عوف، الأمير النبيل الجميل. أبو عمرو -وقيل: أبو عبد الله- البجلي القسري. وقسر: من قحطان. ومن أعيان الصحابة.
2032 - أحمد في مسنده (4/ 359، 364) وإسناده قوي.
مجمع الزوائد (9/ 373)، وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط باختصار عنهما وأسانيد الكبير رجاله رجال الصحيح.
عيبتي: ما يوضع فيه المتاع.
حدث عنه: أنس، وقيس بن أبي حازم، وأبو وائل، والشعبي، وهمام بن الحارث، وأولاده الأربعة: المنذر، وعبيد الله، وإبراهيم -لم يدركه- وأيوب. وشهر بن حوشب، وزياد بن علاقة، وحفيده أبو زرعة بن عمرو بن جرير، وأبو إسحاق السبيعي، وجماعة.
وبايع النبي صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم.
2033 -
* روى البخاري ومسلم عن همام قال: بال جرير، ثم توضأ، ومسح على خفيه فقيل: تفعل هذا؟ فقال: نعم. رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ومسح على خفيه.
قال إبراهيم: فكان يعجبهم هذا؛ لأن جريرًا من آخر من أسلم.
أقول:
يعجب علماء التابعين لأن تأخر إسلام جرير دل على أنه غير منسوخ.
2034 -
* روى البخاري ومسلم عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا جرير! ألا تريحني من ذي الخلصة". بيت لخثعم كان يدعى كعبة اليمانية. قال: فنفرت في خمسين ومائة فارس. وكنت لا أثبت على الخيل. فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فضرب يده في صدري فقال:"اللهم! ثبتة. واجعله هاديًا مهديًا".
قال: فانطلق فحرقها بالنار. ثم بعث جرير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يبشره، يكنى أبا أرطاة، منا. فآتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: ما جئتك حتى تر كناها كأنها جمل أجرب. فبرك رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس ورجالها، خمس مراتٍ.
ومسند جرير نحو من مئة حديث، بالمكرر. اتفق له الشيخان على ثمانية أحاديث
2033 - البخاري (1/ 494) 8 - كتاب الصلاة -25 - باب الصلاة في الخفاف.
ومسلم (1/ 227) 2 - كتاب الطهارة -22 - باب المسح على الخفين.
2034 -
البخاري (7/ 131) 63 - كتاب مناقب الأنصار -21 - باب ذكر جرير بن عبد الله البجلي.
ومسلم (4/ 1926) 44 - كتاب فضائل الصحابة -29 - باب من فضائل جرير بن عبد الله.
وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بستة.
ذكر الذهبي في السير (1) عن جرير قال: كنت عند عمر، فتنفس رجل -يعني: أحدث- فقال عمر: عزمت على صاحب هذه، لما قام، فتوضأ. فقال جرير: اعزم علينا جميعًا. فقال: عزمت علي وعليكم، لما قمنا، فتوضأنا، ثم صلينا.
وذكر أيضًا (2) عن إبراهيم بن جرير، أن عمر قال: جرير يوسف هذه الأمة.
ورواه يحيى القطان، عن مجالد، عن الشعبي -وله طرق- وزاد بعضهم- فقال عمر: يرحمك الله، نعم السيد كنت في الجاهلية، ونعم السيد كنت في الإسلام.
وذكر أيضًا (3) عن جرير، قال: رآني عمر بن الخطاب متجردًا، فناداني: خذ رداءك، خذ رداءك. فأخذت ردائي؛ ثم أقبلت إلى القوم، فقلت: ماله؟ قالوا: لما رآك متجردًا، قال: ما أرى أحدًا من الناس صور صورة هذا، إلا ما ذكر من يوسف عليه السلام.
وذكر أيضًا (4)، عن الشعبي: كان على ميمنة سعد بن أبي وقاص يوم القادسية جرير ابن عبد الله.
* * *
(1) السير (2/ 535). ورجاله ثقات.
(2)
السير (2/ 535). ورجاله ثقات.
(3)
السير (2/ 534) ورجاله ثقات، ونسبه الحافظ في الإصابة إلى البغوي.
متجردًا: أي بإزار يستر عورته دون رداء يستر صدره وظهره وأعلى بطنه.
(4)
السير (2/ 535).