المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عبد الله بن الزبير رضي الله عنه - الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية - جـ ٤

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌قصة استخلافه:

- ‌ذكر زوجاته وبنيه وبناته رضي الله عنهم:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ست وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة سبع وعشرين:

- ‌غزوة الأندلس:

- ‌وقعة جرير والبربر مع المسلمين:

- ‌فتح قبرص:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاثين من الهجرة النبوية:

- ‌ثم خلت سنة إحدى وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة أربع وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ذكر مجيء الأحزاب إلى عثمان للمرة الثانية في مصر:

- ‌ذكر حصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان:

- ‌تعليقات

- ‌شرح مختصر لأسباب الفتنة في اجتهادي:

- ‌1 - ظهور الورع الجاهل:

- ‌2 - تآمر الحاقدين:

- ‌3 - طموح الطامحين:

- ‌4 - العفوية:

- ‌5 - عدم مراعاة الرأي العام السائد:

- ‌على بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ثم دخلت سنة ست وثلاثين من الهجرة:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وثلاثين:

- ‌ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:

- ‌صفة مقتله رضي الله عنه:

- ‌تعليقات

- ‌عبد الله بن الزبير رضي الله عنه

- ‌تعليقات

- ‌الوصل الثالثفينماذج من أصحابه

- ‌تمهيد

- ‌1 - أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌2 - طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌3 - الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌4 - عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه

- ‌5 - سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌6 - سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌7 - زيد بن حارثة حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه رضي الله عنه

- ‌8 - أسامة بن زيد الحِبُّ بن الحِبُّ رضي الله عنه

- ‌9 - عمار بن ياسر رضي الله عنه

- ‌10 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

- ‌11 - أبو ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌12 - حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما

- ‌13 - سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌14 - عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

- ‌15 - بلال بن رباح رضي الله عنه

- ‌16 - أبي بن كعب رضي الله عنه

- ‌17 - أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه

- ‌18 - المقداد بن عمرو (المشهور بابن الأسود) رضي الله عنه

- ‌19 - أبو قتادة الأنصاري السلمي رضي الله عنه

- ‌20 - سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌21 - عبد الله بن قيس (المشهور بأبي موسى الأشعري) رضي الله عنه

- ‌22 - عبد الله بن سلام رضي الله عنه

- ‌23 - جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه

- ‌24 - 25 - جابر بن عبد الله وأبوه عبد الله بن عمرو بن حرام

- ‌26 - البراء بن مالك رضي الله عنه

- ‌27 - أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌28 - ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلموخطيب الأنصار

- ‌29 - أبو هريرة رضي الله عنه

- ‌30 - حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه

- ‌31 - جليبيب رضي الله عنه

- ‌32 - حارثة بن سراقة رضي الله عنه

- ‌33 - قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما

- ‌34 - خالد بن الوليد رضي الله عنه

- ‌35 - عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌36 - أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه

- ‌37 - معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما

- ‌38 - عباد بن بشر رضي الله عنه

- ‌39 - ضماد رضي الله عنه

- ‌40 - عدي بن حاتم رضي الله عنه

- ‌41 - ثمامة بن أثال رضي الله عنه

- ‌42 - عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه

- ‌43 - خباب بن الأرتِّ رضي الله عنه

- ‌44 - سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما

- ‌45 - عامر بن ربيعة رضي الله عنه

- ‌46 - عبد الله بن جحش رضي الله عنه

- ‌47 - صهيب بن سنان رضي الله عنه

- ‌48 - عثمان بن مظعون رضي الله عنه

- ‌49 - معاذ بن جبل رضي الله عنه

- ‌50 - عمرو بن الجموح رضي الله عنه

- ‌51 - حارثة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌52 - عبد الله بن رواحة رضي الله عنه

- ‌53 - عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه

- ‌54 - قتادة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌55 - عبادة بن الصامت رضي الله عنه

- ‌56 - خزيمة بن ثابت رضي الله عنه

- ‌57 - خالد بن زيد المشهور بأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه

- ‌58 - زيد بن ثابت رضي الله عنه

- ‌59 - سلمة بن الأكوع رضي الله عنه

- ‌60 - أبو الدرداء رضي الله عنه

- ‌61 - عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه

- ‌62 - عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه

- ‌63 - أبو زيد عمر بن أخطب رضي الله عنه

- ‌64 - أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه

- ‌65 - عبد الله بن بسر رضي الله عنه

- ‌66 - السائب بن يزيد رضي الله عنه

- ‌67 - ورقة بن نوفل رضي الله عنه

- ‌68 - حكيم بن حزام رضي الله عنه

- ‌69 - قيس بن عاصم المنقري رضي الله عنه

- ‌70 - عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه

- ‌71 - عبد الله بن حذافة السهمي

- ‌72 - عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌73 - محمد بن مسلمة رضي الله عنه

- ‌74 - حسان بن ثابت

- ‌75 - حجر بن عدي رضي الله عنه

- ‌76 - عمران بن حصين رضي الله عنه

- ‌77 - سهيل بن عمرو رضي الله عنه

- ‌78 - أبو سعيدٍ الخدري رضي الله عنه

- ‌79 - المغيرة بن شعبة رضي الله عنه

- ‌80 - النجاشي رضي الله عنه

- ‌81 - أسيد بن حضير رضي الله عنه

- ‌82 - عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه

- ‌83 - أسعد بن زرارة رضي الله عنه

- ‌84 - أبو دجانة سماك بن خرشة الخزرجي رضي الله عنه

- ‌85 - أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما

- ‌86 - أم حرامٍ رضي الله عنها

- ‌87 - أمُّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها

- ‌88 - هند بنت عتبة رضي الله عنها

- ‌89 - نسيبةُ بنتُ كعب رضي الله عنها

- ‌90 - أم أيمن بركة بنت ثعلبة رضي الله عنها

- ‌91 - أم عطية الأنصارية رضي الله عنها

- ‌92 - أم سَلِيط رضي الله عنها

- ‌93 - بريرة مولاة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

- ‌94 - الربيع بنت معوذ رضي الله عنها

- ‌95 - أسماء بنت عُميْس رضي الله عنها

- ‌تعليقات على هذا الباب

- ‌خاتمة القسم الأول

الفصل: ‌عبد الله بن الزبير رضي الله عنه

‌عبد الله بن الزبير رضي الله عنه

قال ابن حجر في ترجمته: عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشي الأسدي، أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق .. ولد عام الهجرة وحفظ عن النبي صلى الله عليه وآلة وسلم وهو صغير، وحدث عنه بجملة من الحديث وعن أبيه وعن أبي بكر وعمر وعثمان وخالته عائشة وسفيان بن أبي زهير وغيرهم، وهو أحد العبادلة وأحد الشجعان من الصحابة وأحد من ولي الخلافة منهم، يكنى أبا بكر ثم قيل له أبو خبيب بولد، روى عنه أخوه عروة وابناه عامر وعباد وابن أخيه محمد بن عروة وأبو ذبيان خليفة بن كعب وعبيدة بن عمرو السلماني وعطاء وطاوس وعمرو بن دينار ووهب بن كيسان وابن أبي مليكة وسماك بن حرب وأبو الزبير وثابت البناني وآخرون، وبويع بالخلافة سنة أربع وستين عقب موت يزيد بن معاوية ولم يتخلف عنه إلا بعض أهل الشام، وهو أول مولود ولد للمهاجرين بعد الهجرة وحنكه النبي صلى الله عليه وآلة وسلم وسماه باسم جده وكناه بكنيته.

وقال الزبير بن بكار: حدثني عمي قال: سمعت أصحابنا يقولون: ولد سنة الهجرة وأتاه النبي صلى الله عليه وآلة وسلم في اليوم الذي ولد فيه يمشي وكانت أسماء مع أبيها بالسنح فأتي به فنحنكه قال الزبير: والثبت عندنا أنه ولد بقبا، وإنما سكن أبوه السنح لما تزوج مليكة بنت خارجة بن زيد.

ووقع في الصحيح من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة قالت: فخرجت وأنا متم، فأتيت المدينة ونزلت بقباء فولدته بقباء، ثم أتيت به رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل في جوفه ريق النبي صلى الله عليه وآلة وسلم ثم حنكه بالتمرة ثم دعا وبرك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام.

وقد وقع في بعض طرق الحديث أن عبد الله بن الزبير جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليبايعه وهو ابن سبع سنين أو ثمان كما أخرجه ابن منده، أمره بذلك الزبير فتبسم

ص: 1714

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين رآه وبايعه وكان أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة، وكانت يهود تقول قد أخذناهم فلا يولد لهم بالمدينة ولد فكبر الصحابة حين ولد.

وفي الرسالة للشافعي أن عبد الله بن الزبير كان له عند موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم تسع سنين وقد حفظ عنه. وقال الدينوري في المجالسة [بسنده] قال عبد الله بن الزبير: هاجرت وأنا في بطن أمي. وأخرج الزبير من طريق مسلم بن عبد الله بن عروة بن الزبير عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلم في غلمة من قريش ترعرعوا عبد الله ابن جعفر وعبد الله بن الزبير وعمرو بن أبي سلمة فقيل لو بايعتهم فتصيبهم بركتك ويكون لهم ذكر فأتي بهم إليه فكأنهم تكعكعوا (1) فاقتحم عبد الله بن الزبير أولهم فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: إنه ابن أبيه، ومن طريق عبد الله بن مصعب كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد جمع أبناء المهاجرين والأنصار الذين ولدوا في الإسلام حتى ترعرعوا فوقفوا بين يديه فبايعهم وجلس لهم فجمع منهم ابن الزبير وأخرج البخاري في ترجمة عبد الله بن معاوية عن عاصم بن الزبير أنه روى عن هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير قال لابنه عبد الله: أنت أشبه الناس بأبي بكر وأخرج أبو يعلى والبيهقي في الدلائل من طريق هنيد بن القاسم سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير أن أباه حدثه أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يحتجم فلما فرغ قال: يا عبد الله اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يدرك أحد فلما برز عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمد إلى الدم فشربه. فلما رجع قال: يا عبد الله ما صنعت بالدم؟ قال: جعلته في أخفى مكان علمت أنه يخفى على الناس قال: لعلك شربته: قال: نعم قال: ولم شربت الدم؟ الويل للناس منك، وويل لك من الناس. قال أبو موسى قال أبو عاصم: فكانوا يرون أن القوة التي به من ذلك الدم وله شاهد من طريق كيسان مولى ابن الزبير عن سلمان الفارسي رويناه في جزء الغطريف، وزاد في آخره لا تمسك النار إلا تحلة القسم. وأخرج عن أسماء بنت أبي بكر في معجم البغوي وفي البخاري عن ابن عباس أنه وصف ابن الزبير فقال: عفيف الإسلام قارئ القرآن أبوه حواري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمة بنت الصديق وجدته

(1) أي أحجموا وتأخروا.

ص: 1715

صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعمة أبيه خديجة بنت خويلد وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن يونس حدثنا الرنجي بن خالد عن عمرو بن دينار قال: ما رأيت مصلياً أحسن صلاة من ابن الزبير. وأخرج أبو نعيم بسند صحيح عن مجاهد: كان ابن الزبير إذا قام للصلاة كأنه عمود وقال ابن سعد حدثنا روح حدثنا حسين الشهيد عن ابن أبي مليكة كان ابن الزبير يواصل سبعة أيام ثم يصبح اليوم الثامن وهو أليثنا (1) وأخرج البغوي من طريق ميمون بن مهران رأيت ابن الزبير واصل من الجمعة إلى الجمعة وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق ليث عن مجاهد ما كان باب من العبادة إلا تكلف ابن الزبير، ولقد جاء سيل بالبيت فرأيت ابن الزبير يطوف سياحة وشهد ابن الزبير وشهد فتح إفريقية، وكان البشير بالفتح إلى عثمان، ذكره الزبير وابن عائذ واقتص الزبير قصة الفتح وأن الفتح كان على يده وشهد الدار، وكان يقاتل عن عثمان، ثم شهد الجمل مع عائشة، وكان على الرجالة. قال الزبير: حدثني يحيى بن معين عن هشام بن يوسف عن معمر أخبرني هشام بن عروة قال: أخذ عبد الله بن الزبير من وسط القتلى يوم الجمل وفيه بضع وأربعون جراحة فأعطيت عائشة البشير الذي بشرها بأنه لم يمت عشرة آلاف، ثم اعتزل ابن الزبير حروب علي ومعاوية ثم بايع لمعاوية فلما أراد أن يبايع ليزيد امتنع وتحول إلى مكة وعاذ بالحرم. فأرسل إليه يزيد سليمان أن يبايع له فأبى، ولقب نفسه عائذ الله، فلما كانت وقعة الحرة وفتك أهل الشام بأهل المدينة ثم تحولوا إلى مكة فقاتلوا ابن الزبير، واحترقت الكعبة أيام ذلك الحصار ففجعهم الخبر بموت يزيد بن معاوية، فتوادعوا، ورجع أهل الشام وبايع الناس عبد الله بن الزبير بالخلافة وأرسل إلى أهل الأمصار يبايعهم إلا بعض أهل الشام فسار مروان فغلب على بقية الشام ثم علي مصر ثم مات، فقام عبد الملك بن مروان فغلب على العراق وقتل مصعب بن الزبير ثم جهز الحجاج إلى ابن الزبير فقاتله إلى أن قتل ابن الزبير في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين من الهجرة وهذا هو المحفوظ وهو قول الجمهور. اهـ.

ولقد سرد الحاكم عدداً من الروايات تشرح دقائق في حياة ابن الزبير، وها نحن ننقل

(1) أليثنا: أي شدنا وأجلدنا.

ص: 1716

بعضها كتتمة لترجمة ابن حجر وكجزء من ترجمة أكثر منها روايات حديثية:

روى الحاكم (1) عن هشام بن عروة عن أبيه قال: محا ابن الزبير نفسه من الديوان حين قتل عثمان رضي الله عنهما.

بمعنى أنه لم يعد يأخذ شيئاً من بيت مال المسلمين لإيمانه أن أمر بيت المال قد انتقض فتورع عن أن يأخذ شيئاً.

روى الحاكم (2) عن عمر بن قيس قال: كان لابن الزبير مائة غلام يتكلم كل غلام منهم بلغة أخرى فكان ابن الزبير يكلم كل واحد منهم بلغته. وكنت إذا نظرت إليه في أمر دنياه قلت: هذا الرجل لم يرد الله طرفة عين وإذا نظرت إليه في أمر آخرته قلت هذا الرجل لم يرد الدنيا طرفة عين.

روى الحاكم (3) عن ابن أبي مليكة قال: كان ابن الزبير يواصل سبعة أيام فيصبح يوم الثامن وهو أليثنا.

أقول: صيام الوصال مكروه عند الفقهاء لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأولوا ما فعله عبد الله بن الزبير على أنه كان يفعله رياضة.

روى الحاكم (4) عن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما مات معاوية رضي الله عنه تثاقل عبد الله بن الزبير عن طاعة يزيد بن معاوية وأظهر شتمه، فبلغ ذلك يزيد فأرسل أن يؤتى به، فقيل لابن الزبير: يصنع لك أغلالاً من ذهب فتسدل عليها الثوب وتبر قسمه والصلح أجمل فقال: لا أبر الله قسمه ثم قال:

ولا ألين لغير الحق أنملة حتى يلين لضرس الماضغ الحجر

ثم قال: والله لضربة بسيف في عز أحب إلى من ضربة بسوط في ذل. ثم دعا إلى

(1) المستدرك (3/ 549).

(2)

المستدرك (3/ 549).

(3)

المستدرك (3/ 549).

(4)

المستدرك (3/ 550).

ص: 1717

نفسه وأظهر الخلاف ليزيد بن معاوية فوجه إليه يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة المري في جيش أهل الشام وأمره بقتال أهل المدينة، فإذا فرغ من ذلك سار إلى مكة، وقال: فدخل مسلم بن عقبة المدينة وهرب منه يومئذ بقايا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعبث فيها وأسرف في القتل، ثم خرج منها، فلما كان في بعض الطريق إلى مكة مات واستخلف حصين بن نمير الكندي وقال له: يا برذعة الحمار احذر خدائع قريش ولا تعاملهم إلا بالنفاق ثم القطاف، فمضى حصين حتى ورد مكة فقاتل بها ابن الزبير أياماً.

روى الحاكم (1) عن عروة بن الزبير قال: أرسل ابن الزبير إلى الحصين بن نمير يدعوه إلى البزار فقال الحصين: لا يمنعني من لقائك جبن، ولست أدري لمن يكون الظفر، فإن كان لك كنت قد ضيعت من وراءي، وإن كان لي كنت قد اخطأت التدبير وضرب ابن الزبير فسطاطاً في المسجد فكان فيه نساء يسقين الجرحى ويداوينهم ويطعمن الجائع فقال حصين: ما يزال يخرج علينا من ذلك الفسطاط أسد كأنما يخرج من عينه فمن يكفينيه؟ فقال رجل من أهل الشام: أنا، فلما جن عليه الليل وضع شمعة في طرف رمحه ثم ضرب فرسه ثم طعن الفسطاط فالتهب ناراً والكعبة يومئذ مؤزرة في الطنافس، فطارت الريح باللهب على الكعبة حتى احترقت واحترق فيها يومئذ قرنا الكبش الذي فدي به ..

ذكرت الرواية أن المفدي هنا إسحاق وهذا خلاف صحيح، ولذلك لم نثبت كلمة إسحاق حتى لا يتوهم متوهم أن لهذا الرواية قيمة في كتب أهل العلم.

قال محمد بن عمر: ومات يزيد بن معاوية فهرب حصين بن نمير، فلما مات بن معاوية دعا مروان بن الحكم إلى نفسه فأجابه أهل حمص وأهل الأردن وفلسطين، فوجه إليه ابن الزبير الضحاك بن قيس الفهري في مائة ألف فالتقوا بمرج راهط ومروان يومئذ في خمسة آلاف من بني أمية ومواليهم وأتباعهم من أهل الشام فقال مروان لمولى له: احمل على أي الطرفين شئت. فقال: كيف نحمل على هؤلاء مع كثرتهم؟ فقال: هم بين مكره ومستأجر، احمل عليهم لا أم لك فيكفيك الطعان الناجع الجيد وهم يكفونك بأنفسهم، إنما هؤلاء عبيد الدينار والدرهم، فحمل عليهم فهزمهم وأقبل الضحاك بن قيس وانصدع الجيش.

(1) المستدرك (3/ 550).

ص: 1718

قال: ثم مات مروان فدعا عبد الملك إلى نفسه وقام فأجابه أهل الشام فخطب على المنبر وقال: من لابن الزبير؟ فقال الحجاج: أنا يا أمير المؤمنين فأسكته ثم عاد فأسكته ثم عاد فأسكته ثم عاد فقال: أنا له يا أمير المؤمنين فإني رأيت في النوم كأني انتزعت جنة فلبستها فعقد له ووجهه في الجيش إلى مكة حرسها الله تعالى حتى وردها على ابن الزبير، فقاتله بها فقال ابن الزبير لأهل مكة: احفظوا هذين الجبلين فإنكم لن تزالوا بخير أعزة ما لم يظهروا عليهما قال: فلم يلبثوا أن ظهر الحجاج ومن معه في المسجد، فلما كان الغداة التي قتل فيها ابن الزبير دخل ابن الزبير على أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وهي يومئذ بنت مائة سنة لم يسقط لها سن ولم يفسد لها بصر ولا سمع فقالت لابنها يا عبد الله ما فعلت في حربك؟ قال: بلغوا مكان كذا وكذا قال وضحك ابن الزبير قال: إن في الموت لراحة فقالت: يا بني لعلك تمنيته لي، ما أحب أن أموت حتى يأتي على أحد طرفيك إما أن تظفر فتقر بذلك عيني وإمام أن تقتل فأحتسبك. قال: ثم ودعها فقالت له: يا بني إياك أن تعطي خصلة من دينك مخافة القتل؟ وخرج عنها فدخل المسجد وقد جعل مصراعين على الحجر الأسود يتقي أن يصاب بالمنجنيق وأتى ابن الزبير آت وهو جالس عند زمزم فقال له: ألا نفتح لك الكعبة فتصعد فيها، فنظر إليه عبد الله ثم قال له: من كل شيء تحفظ أخاك إلا من أجله وهل للكعبة حرمة ليست لهذا المكان؟ والله لو وجدوكم معلقين بأستار الكعبة لقتلوكم فقيل له: ألا تكلمهم في الصلح فقال: أوحين صلح هذا؟ والله لو وجدوكم في جوفها لذبحوكم جميعا ثم أنشأ يقول.

ولست بمتاع الحياة بسبة

ولا مرتق من خشية الموت سلما

ثم أقبل على آل الزبير يعظهم ليكن أحدكم سيفه كما يكن وجهه لا ينكس سيفه فيدفع عن نفسه بيده كأنه امرأة والله ما لقيت زحفا قط إلا في الرعيل الأول، ولا ألمت جرحاً قط إلا ألم الدواء قال: فبينما هم كذلك إذ دخل عليهم ومعه سبعون فأول من لقيه الأسود فضربه بسيفه حتى أطن رجله فقال له الأسود: آه يا ابن الزانية فقال له ابن الزبير: اخسأ يا ابن حام أسماء زانية؟ أي أم عبد الله بن الزبير وحاشاها ثم أخرجهم من المسجد، فانصرف فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني سهم فقال: من هؤلاء؟ فقيل: أهل الأردن

ص: 1719

فحمل عليهم وهو يقول:

لا عهد لي بغارة مثل السيل

لا ينجلي غبارها حتى الليل

قال: فأخرجهم من المسجد ثم رجع فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني مخزوم فحمل عليهم وهو يقول:

لو كان قرني واحداً كفيته

أوردته الموت وذكيته

قال: وعلى ظهر المسجد من أعوانه من يرمي عدوه بالآجر وغيره فحمل عليهم فأصابته آجرة في مفرقه حتى حلقت رأسه فوقف قائماً وهو يقول

ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا

ولكن على أقدا منا تقطر الدماء

قال: ثم وقع فأكب عليه موليان له وهما يقولان: العبد يحمي ربه ويحتمي. قال: ثم سير إليه. فخر رأسه رضي الله عنه. اهـ روايات الحاكم.

1733 -

* روى البخاري ومسلم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة. قالت: فخرجت وأنا متم. فأتيت المدينة فنزلت بقباء، فولدته بقباء. ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعه في حجره. ثم دعا بتمرة فمضغها. ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه: ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حنكه بالتمرة، ثم دعا له. وبرك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام.

زاد في رواية (1): ففرحوا به فرحاً شديداً، لأنهم قيل لهم: إن اليهود قد سحرتكم،

1733 - البخاري (9/ 587) 71 - كتاب العقيقة -1 - باب تسمية المولود غداة يولد لمن يعق عنه وتحنيكه.

ومسلم (3/ 1691) 38 - كتاب الآداب - 5 - باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته ....

متم: امرأة: إذا كانت حاملاً، وقد دنا ولادها.

بقباء: قباء - بالمد - موضع بالمدينة معروف، يصرف ولا يصرف.

تفل: التف لان يبصق أقل شيء، وهو فوق النفث.

حنكه: التحنيك: أن يدلك بالتمر حنك الصبي.

وبرك عليه: التبريك على الولد: أن يدعو له بالبركة.

(1)

للبخاري في نفس الموضع السابق.

ص: 1720

فلا يولد لكم.

1734 -

* روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيت الزبير مصباحاً، فقال:"يا عائشة، ما أرى أسماء إلا قد نفست، فلا تسموه حتى أسميه" فسماه عبد الله، وحنكه بتمرة.

1735 -

* روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: أول مولود في الإسلام: عبد الله بن الزبير، أتوا به النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم تمرة فلاكها، ثم أدخلها في فيه، فأول ما دخل بطنه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

1736 -

* روى مسلم عن عروة وفاطمة بنت المنذر قالا: خرجت أسماء بنت أبي بكر حين هاجرت وهي حبلى بعبد الله بن الزبير، فقدمت قباء، فنفست بعبد الله بقباء، ثم خرجت حين نفست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحنكه، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم منها فوضعه في حجره ثم دعا بتمرة. قال: قالت عائشة: فمكثنا ساعة نلتمسها -يعني تمرة- قبل أن نجدها، فمضغها ثم بصقها في فيه، فأول شيء دخل بطنه لريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قالت أسماء: ثم مسحه، وصلى عليه، وسماه عبد الله، ثم جاء وهو ابن سبع -أو ثمان- ليبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره بذلك الزبير، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه مقبلاً إلية ثم بايعه.

وفي رواية (2) قالت: جئنا بعبد الله بن الزبير إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحنكه، فطلبنا تمرة، فعز علينا طلبها.

1737 -

* روى البخاري عن ابن أبي مليكة رحمه الله قال: كان بين ابن عباس وابن

1734 - الترمذي (5/ 680) 50 - كتاب المناقب - 45 - باب مناقب عبد الله بن الزبير، وقال هذا حديث حسن غريب.

1735 -

البخاري (7/ 248) 63 - كتاب مناقب الأنصار - 45 - باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة.

1736 -

مسلم (3/ 1690) 38 - كتاب الآداب - 5 - باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته

نفست المرأة: بضم النون وفتحها: إذا ولدت.

(1)

مسلم (3/ 1690) 38 - كتاب الآداب - 5 - باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته.

1737 -

البخاري (8/ 326) 65 - كتاب التفسير -9 - باب {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} .=

ص: 1721

الزبير شيء، فغدوت على ابن عباس فقلت: أتريد أن تقاتل ابن الزبير فتحل ما حرم الله؟ فقال: معاذ الله. إن الله كتب ابن الزبير وبني أمية محلين، وإني والله لا أحله أبداً. قال: قال الناس: بايع لابن الزبير، فقلت: وأين بهذا الأمر عنه، أما أبوه فحواري النبي صلى الله عليه وسلم -يريد الزبير- وأما جده فصاحب الغار -يريد أبا بكر- وأما أمه فذات النطاق -يريد أسماء- وأما خالته فأم المؤمنين -يريد عائشة- وأما عمته فزوج النبي صلى الله عليه وسلم -يريد خديجة- وأما عمه النبي صلى الله عليه وسلم فجدته -يريد صفية- ثم عفيف في الإسلام، قارئ للقرآن. والله إن وصلوني وصلوني من قريب، وإن ربوني ربوني أكفاء كرام. فآثر على التويتات والأسامات والحميدات يريد أبطنا من بني أسد: بني تويت وبني أسامة ومن أسد. إن ابن أبي العاص برز يمشي القدمية، يعني عبد المالك بن مروان. وإنه لوى ذنبه -يعني ابن الزبير-.

(القدمية) الذي جاء في الحديث فيما رواه البخاري "القدمية" ومعناها: أنه يقدم في الشرف والفضل على أصحابه، وقد جاء في كتب غير الحديث "مشي التقدمية واليقدمية" بالتاء والياء، والقدمية، والكل بمعنى واحد، قال الميداني صاحب كتاب الأمثال: إن اليقدمية بالياء المعجمة من تحت وهو التقدم بهمته وأفعاله، يقال: مشى فلان التقدمية، واليقدمية: إذا تقدم في الشرف والفضل ولم يتأخر عن غيره في الإفضال عن الناس، وقال: قال أبو عمرو: معناه: التبختر، ولم يرد المشي بعينه.

وفي رواية (1): أن ابن عباس قال حين وقع بينه وبين ابن الزبير: قلت: أبوه الزبير، وأمه أسماء، وخالته عائشة، وجده أبو بكر، وجدته صفية.

وفي أخرى (1) قال: دخلنا على ابن عباس، فقال: ألا تعجبون لابن الزبير، قام في أمره هذا؟ فقلت: لأحاسبن نفسى له ما حاسبتها لأبي بكر ولا لعمر، ولهما كانا أولى بكل خير منه، فقلت ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وابن الزبير، وابن بنت أبي بكر، وابن أخي

= ربوني: أي كانوا لي أرباباً، يعني رؤوساً وأصحاباً مقدمين.

أكفاء: الأكفاء النظراء والأمثال.

(1)

البخاري في نفس الموضع السابق.

ص: 1722

خديجة، وابن أخت عائشة، فإذا هو يتعلى عنى، ولا يريد ذلك، فقلت: ما كنت أظن أني أعرض هذا من نفسي فيدعه، وما أراه يريد خيراً، وإن كان لابد أن يربني بنو عمي أحب إلي من أن يربني غيرهم.

1738 -

* روى البخاري عن نافع -مولى ابن عمر- رحمه الله: أن ابن عمر رضي الله عنهما أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا: إن الناس قد ضيعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فما يمنعك أن تخرج؟ فقال: يمنعني أن الله حرم دم أخي. فقالا. ألم يقل الله (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة)(2)؟ فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة، وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله.

1739 -

* * روى البخاري عن أبي المنهال قال: لما كان ابن زياد ومروان بالشام، وثب ابن الزبير بمكة، ووثب القراء بالبصرة، فانطلقت مع أبي إلى أبي برزة الأسلمي حتى دخلنا عليه في داره وهو جالس في ظل علية له من قصب فجلسنا إليه، فأنشأ أبي يستطعمه الحديث فقال: يا أبا برزة، ألا ترى ما وقع فيه الناس؟ فأول شيء سمعته تكلم به: إني احتسبت عند الله أني أصبحت ساخطاً على أحياء قريش، إنكم يا معشر العرب كنتم على الحال الذي علمتم من الذلة والقلة والضلالة، وإن الله أنقذكم بالإسلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم حتي بلغ ما ترون، وهذه الدنيا التي أفسدت بينكم. إن ذلك الذي بالشام والله إن يقاتل إلا على دنيا، إن هؤلاء الذين بين أظهركم والله إن يقاتلون إلا على دنيا، وإن ذاك الذي بمكة والله إن يقاتل إلا على الدنيا.

وزاد في راوية للبخاري (4): أنه سمع أبا برزة قال: إن الله نعشكم بالإسلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم.

1738 - البخاري (8/ 183) 65 - كتاب التفسير - 20 - باب {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} .

(2)

البقرة: 193.

1739 -

البخاري (13/ 68) 93 - كتاب الفتن- 21 - باب إذا قال عند قوم شيئاً ثم خرج فقال بخلافه.

استطعمته الحديث: إذا جاريته فيه وجذبته إليك ليحدثك.

(4)

البخاري (13/ 245) 96 - كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، في الترجمة.

ص: 1723

1740 -

* روى مسلم عن أبي نوفل قال: رأيت عبد الله بن الزبير على عقبة المدينة، فجعلت قريش تمر عليه والناس، حتى مر عليه عبد الله بن عمر، فوقف عليه عبد الله، فقال: السلام عليك أبا خبيب، السلام عليك أبا خبيب السلام عليك أبا خبيب، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله إن كنت ما علمت صواماً، قواماً وصولاً للرحم، أما والله لأمة أنت أشرها لأمة خير، ثم نفذ عبد الله بن عمر، فبلغ الحجاب موقف عبد الله وقوله، فأرسل إليه، فأنزل عن جذعه، فألقي في قبور اليهود، ثم أرسل إلى أمه أسماء بنت أبي بكر، فأبت أن تأتيه، فأعاد عليها الرسول: لتأتيني، أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك، قال: فأبت، وقالت: والله لا آتيك حتى تبعث إلى من يسحبني بقروني، قال: فقال: أروني سبني، فأخذ نعليه، ثم انطلق يتوذف، حتى دخل عليها، قال: كيف رأيتني صنعت بعدو الله؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، بلغني أنك تقول له: يا ابن ذات النطاقين، أنا والله ذات النطاقين، أما أحدهما: فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر من الدواب، وأما الآخر: فنطاق المرأة الذي لا تستغني عنه، وأما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا: أن في تثقيف كذاباً ومبيراً، فأما الكذاب: فرأيناه، وأما المبير: فلا إخالك إلا إياه قال: فقام عنها ولم يراجعها.

* * *

1740 - مسلم (4/ 1971) 44 - كتاب فضائل الصحابة - 58 - باب ذكر كذاب ثقيف ومبيرها.

قرون: المرأة: ضفائرها، واحدها: قرن.

سبتي: السبتيان: النعلان، وأصله من السبت، وهي جلود البقر المدبوغة بالقرظ تعمل منها النعال، كأنها نسبت غليها، وقيل: هو من السبت: خلق الشعر، لأن شعر الجلود يرمى عنها، ثم يعمل منها النعال.

يتوذف: مشى يتوذف، أي: يتبختر، وقيل: يسرع وهو المقصود هنا.

المبير: المهلك الذي يسرف في إهلاك الناس.

ص: 1724