المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌60 - أبو الدرداء رضي الله عنه - الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية - جـ ٤

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌قصة استخلافه:

- ‌ذكر زوجاته وبنيه وبناته رضي الله عنهم:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ست وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة سبع وعشرين:

- ‌غزوة الأندلس:

- ‌وقعة جرير والبربر مع المسلمين:

- ‌فتح قبرص:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاثين من الهجرة النبوية:

- ‌ثم خلت سنة إحدى وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة أربع وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ذكر مجيء الأحزاب إلى عثمان للمرة الثانية في مصر:

- ‌ذكر حصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان:

- ‌تعليقات

- ‌شرح مختصر لأسباب الفتنة في اجتهادي:

- ‌1 - ظهور الورع الجاهل:

- ‌2 - تآمر الحاقدين:

- ‌3 - طموح الطامحين:

- ‌4 - العفوية:

- ‌5 - عدم مراعاة الرأي العام السائد:

- ‌على بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ثم دخلت سنة ست وثلاثين من الهجرة:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وثلاثين:

- ‌ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:

- ‌صفة مقتله رضي الله عنه:

- ‌تعليقات

- ‌عبد الله بن الزبير رضي الله عنه

- ‌تعليقات

- ‌الوصل الثالثفينماذج من أصحابه

- ‌تمهيد

- ‌1 - أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌2 - طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌3 - الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌4 - عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه

- ‌5 - سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌6 - سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌7 - زيد بن حارثة حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه رضي الله عنه

- ‌8 - أسامة بن زيد الحِبُّ بن الحِبُّ رضي الله عنه

- ‌9 - عمار بن ياسر رضي الله عنه

- ‌10 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

- ‌11 - أبو ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌12 - حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما

- ‌13 - سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌14 - عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

- ‌15 - بلال بن رباح رضي الله عنه

- ‌16 - أبي بن كعب رضي الله عنه

- ‌17 - أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه

- ‌18 - المقداد بن عمرو (المشهور بابن الأسود) رضي الله عنه

- ‌19 - أبو قتادة الأنصاري السلمي رضي الله عنه

- ‌20 - سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌21 - عبد الله بن قيس (المشهور بأبي موسى الأشعري) رضي الله عنه

- ‌22 - عبد الله بن سلام رضي الله عنه

- ‌23 - جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه

- ‌24 - 25 - جابر بن عبد الله وأبوه عبد الله بن عمرو بن حرام

- ‌26 - البراء بن مالك رضي الله عنه

- ‌27 - أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌28 - ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلموخطيب الأنصار

- ‌29 - أبو هريرة رضي الله عنه

- ‌30 - حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه

- ‌31 - جليبيب رضي الله عنه

- ‌32 - حارثة بن سراقة رضي الله عنه

- ‌33 - قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما

- ‌34 - خالد بن الوليد رضي الله عنه

- ‌35 - عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌36 - أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه

- ‌37 - معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما

- ‌38 - عباد بن بشر رضي الله عنه

- ‌39 - ضماد رضي الله عنه

- ‌40 - عدي بن حاتم رضي الله عنه

- ‌41 - ثمامة بن أثال رضي الله عنه

- ‌42 - عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه

- ‌43 - خباب بن الأرتِّ رضي الله عنه

- ‌44 - سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما

- ‌45 - عامر بن ربيعة رضي الله عنه

- ‌46 - عبد الله بن جحش رضي الله عنه

- ‌47 - صهيب بن سنان رضي الله عنه

- ‌48 - عثمان بن مظعون رضي الله عنه

- ‌49 - معاذ بن جبل رضي الله عنه

- ‌50 - عمرو بن الجموح رضي الله عنه

- ‌51 - حارثة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌52 - عبد الله بن رواحة رضي الله عنه

- ‌53 - عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه

- ‌54 - قتادة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌55 - عبادة بن الصامت رضي الله عنه

- ‌56 - خزيمة بن ثابت رضي الله عنه

- ‌57 - خالد بن زيد المشهور بأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه

- ‌58 - زيد بن ثابت رضي الله عنه

- ‌59 - سلمة بن الأكوع رضي الله عنه

- ‌60 - أبو الدرداء رضي الله عنه

- ‌61 - عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه

- ‌62 - عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه

- ‌63 - أبو زيد عمر بن أخطب رضي الله عنه

- ‌64 - أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه

- ‌65 - عبد الله بن بسر رضي الله عنه

- ‌66 - السائب بن يزيد رضي الله عنه

- ‌67 - ورقة بن نوفل رضي الله عنه

- ‌68 - حكيم بن حزام رضي الله عنه

- ‌69 - قيس بن عاصم المنقري رضي الله عنه

- ‌70 - عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه

- ‌71 - عبد الله بن حذافة السهمي

- ‌72 - عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌73 - محمد بن مسلمة رضي الله عنه

- ‌74 - حسان بن ثابت

- ‌75 - حجر بن عدي رضي الله عنه

- ‌76 - عمران بن حصين رضي الله عنه

- ‌77 - سهيل بن عمرو رضي الله عنه

- ‌78 - أبو سعيدٍ الخدري رضي الله عنه

- ‌79 - المغيرة بن شعبة رضي الله عنه

- ‌80 - النجاشي رضي الله عنه

- ‌81 - أسيد بن حضير رضي الله عنه

- ‌82 - عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه

- ‌83 - أسعد بن زرارة رضي الله عنه

- ‌84 - أبو دجانة سماك بن خرشة الخزرجي رضي الله عنه

- ‌85 - أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما

- ‌86 - أم حرامٍ رضي الله عنها

- ‌87 - أمُّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها

- ‌88 - هند بنت عتبة رضي الله عنها

- ‌89 - نسيبةُ بنتُ كعب رضي الله عنها

- ‌90 - أم أيمن بركة بنت ثعلبة رضي الله عنها

- ‌91 - أم عطية الأنصارية رضي الله عنها

- ‌92 - أم سَلِيط رضي الله عنها

- ‌93 - بريرة مولاة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

- ‌94 - الربيع بنت معوذ رضي الله عنها

- ‌95 - أسماء بنت عُميْس رضي الله عنها

- ‌تعليقات على هذا الباب

- ‌خاتمة القسم الأول

الفصل: ‌60 - أبو الدرداء رضي الله عنه

‌60 - أبو الدرداء رضي الله عنه

قال ابن حجر في الإصابة: عويمر أبو الدرداء .. مشهور بكنيته وباسمه جميعاً واختلف في اسمه فقيل هو عامر وعويمر لقب حكاه عمرو بن الغلاس عن بعض ولده وبه جزم الأصمعي في رواية الكديمي عنه واختلف في اسم أبيه فقيل عامر أو مالك أو ثعلبة أو عبد الله أو زيد وأبوه ابن قيس بن أمية بن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرج الأنصاري الخرزجي. قال أبو شهر عن سعيد بن عبد العزيز: أسلم يوم بدر وشهد أحداً وأبلى فيها، قال صفوان بن عمر. وعن شريح بن عبيد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد: نعم الفارس عويمر، وقال هو حكيم أمتي. وقال ابن حبان: ولاه معاوية قضاء دمشق في خلافة عمر. قال أبو شهر عن سعيد بن عبد العزيز: مات أبو الدرداء وكعب الأحبار لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وقال الواقدي وجماعة مات سنة اثنتين وثلاثين، وقال ابن عبد البر إنه مات بعد صفين والأصح عند أصحاب الحديث أنه مات في خلافة عثمان اهـ.

قال الذهبي: أبو الدرداء، الإمام القدوة. قاضي دمشق، وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو الدرداء عويمر بن زيد بن قيس، ويقال: عويمر بن عامر، ويقال: ابن عبد الله. وقيل: ابن ثعلبة بن عبد الله - الأنصاري الخزرجي. حكيم هذه الأمة. وسيد القراء بدمشق.

وقال ابن أبي حاتم: هو عويمر بن قيس بن زيد بن قيس بن أمية بن عامر بن عدي بن كعب الخزرج. قال: ويقال: اسمه عامر بن مالك.

روى عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث، وهو معدود فيمن تلا على النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يبلغنا أنه قرأ غيره، وهو معدود فيمن جمع القرآن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتصدر للإقراء بدمشق في خلافة عثمان، وقبل ذلك، وقرأ عليه عطية بن قيس، وأم الدرداء.

وقال أبو عمرو الداني: عرض عليه القرآن، خليد بن سعد، وراشد بن سعد، وخالد ابن معدان، وابن عامر. كذا قال الدامي. وولي القضاء بدمشق، في دولة عثمان. فهو أول من ذكر من قضاتها، وداره بباب البريد. ثم صارت في دولة السلطان صلاح الدين تعرف

ص: 2064

بدار الغزي.

وآخر من زعم أنه رأى أبا الدرداء، شيخ عاش إلى دولة الرشيد، فقال أبو إبراهيم الترجماني: حدثنا إسحاق أبو الحارث، قال: رأيت أبا الدرداء أقنى أشهل يخضب بالصفوة.

عن خيثمة: قال أبو الدرداء: كنت تاجراً قبل المبعث، فلما جاء الإسلام، جمعت التجارة والعبادة، فلم يجتمعا، فتركت التجارة، ولزمت العبادة (1).

قلت [القائل الذهبي]: الأفضل جمع الأمرين مع الجهاد، وهذا الذي قاله، هو طريق جماعة من السلف والصوفية، ولا ريب أن أمزجة الناس تختلف في ذلك، فبعضهم يقوى على الجمع، كالصديق، وعبد الرحمن بن عوف، وكما كان ابن المبارك؛ وبعضهم يعجز، ويقتصر على العبادة، وبعضهم يقوى في بدايته، ثم يعجز، وبالعكس؛ وكل سائغ. ولكن لابد من النهضة بحقوق الزوجة والعيال.

قال سعيد بن عبد العزيز: أسلم أبو الدرداء يوم بدر، ثم شهد أحداً وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أن يرد من على الجيل، فردهم وحده. وكان قد تأخر إسلامه قليلاً.

قال شريح بن عبيد الحمصي: لما هزم أصحاب رسول الله يوم أحد، كان أبو الدرداء يومئذ فيمن فاء إلى رسول الله في الناس، فلما أظلهم المشركون من فوقهم، قال رسول الله:«اللهم، ليس لهم أن يعلونا» فثاب إليه ناس، وانتدبوا (2)، وفيهم عويمر أبو الدرداء، حتى أدحضوهم (3) عن مكانهم، وكان أبو الدرداء يومئذ حسن البلاء. فقال رسول الله: نعم الفارس عويمر».

وقال [رسول الله صلى الله عليه وسلم]«حكيم أمتي عويمر» ! هذا رواه يحيي البابلتي: حدثنا صفوان بن عمرو، عن شريح، عن أنس: مات النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجمع القرآن غير أربعة:

(1) رواه ابن سعد في الطبقات (7/ 391)

وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 367) وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

(2)

انتدبوا: أسرعوا.

(3)

أدحضوهم: أزللهم.

ص: 2065

أبو الدرداء، ومعاذ، وزيد بن ثابت، وأبو زيد (1).

عن الشعبي: جمع القرآني على عهد رسول الله ستة، وهم من الأنصار: معاذ، وأبو الدرداء، وزيد، وأبي، وسعد بن عبيد (2).

قال أبو الزاهرية: كان أبو الدرداء من آخر الأنصار إسلاماً، وكان يعبد صنماً، فدخل ابن رواحة، ومحمد بن مسلمة بيته، فسكرا صنمه، فرجع فجعل يجمع الصنم، ويقول: ويحك! هلا امتنعت! ألا دفعت عن نفسك، فقالت أم الدرداء: لو كان ينفع أو يدفع عن أحد، دفع عن نسفه ونفعها!

فقال أبو الدرداء: أعدي لي ماء في المغتسل. فاغتسل، ولبس خلته ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إليه ابن رواجة مقبلاً، فقال: يا رسول الله، هذا أبو الدرداء، وما أراه إلا جاء في طلبنا؟ فقال: «إنما جاء ليسلم، إن ربي وعدني بأبي الدرداء أن يسلم.

عن جبير، عن أبي الدرداء: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله وعدني إسلام أبي الدرداء فأسلم» .

عن سعيد بن عبد العزيز: أن أبا الدرداء أسلم يوم بدر، وشهد أحداً. وفرض له عمر في أربع مئة - يعني في الشهر - ألحقه في البدريين.

عن مكحول: كانت الصحابة يقولون: أرحمنا بنا أبو بكر؛ وأنطقنا بالحق عمر؛ وأميننا أبو عبيدة؛ وأعلمنا بالحرام والحلال معاذ؛ وأقرنا أبي، ورجل عنده علم ابن مسعود، وتبعهم عويمر أبو الدرداء بالعقل.

وقال ابن إسحاق: كان الصحابة يقولون: أتبعنا للعلم والعمل أبو الدرداء (3).

وروى عون بن أبي حجيقة، عن أبيه: أن رسول الله آخى بين سلمان وأبي الدرداء؛ فجاءه سلمان يزوره، فإذا أم الدرداء متبذلة، فقال: ما شأنك؟ قالت: إن أخاك لا

(1) رواه البخاري (9/ 47) 66 - كتاب فضائل القرآن - 8 - باب القراء من أسحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

(2)

رواه ابن سعد في الطبقات (2/ 355) ورجاله ثقات، وسنده صحيح مع إرساله.

(3)

راه البخاري في تاريخه (7/ 27).

ص: 2066

حاجة له الدنيا، يقوم الليل، ويصوم النهار. فجاء أبو الدرداء، فرحب به، وقرب إليه طعاماً. فقال له سلمان: كل. قال: إني ضائم. قال: أقسمت غليك لتفطرن، فأكل معه، ثم بات عنده، فلما كان من الليل، أراد أبو الدرداء أن يقوم، فمنعه سلمان وقال: إن لجسدك عليك حقاً، ولربك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً؛ صم، وأفطر، وصل، وائت أهلك، وأعط كل ذي حق حقه.

فلما كان وجه الصبح، قال: قم الآن إن شئت؛ فقاما، فتوضا، ثم ركعا، ثم خرجا إلى الصلاة، فدنا أبو الدرداء ليخبر رسول الله بالذي أمره سلمان. فقال له:«يا أبا الدرداء، إن لجسدك عليك حقاً، مثل ما قال لك سلمان» (1).

قال أبو الدرداء: لو نسيت آية لم أجدا أحداً يذكرنبها إلا رجلاً ببرك الغماد (2)، رحلت إليه.

عن أبي الدرداء، قال: سلوني، فوالله لئن فقدتموني لتفقدن رجلاً عظيماً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

عن يزيد بن عميرة، قال: لما حضرت معاذاً الوفاة، قالوا: أوصنا. فقال: العلم والإيمان مكانهما، من ابتغاهما وجدهما - قالها ثلاثاً - فالتمسوا العلم عند أربعة: عند عويمر أبي الدرداء، وسلمان، وابن مسعود، وعبد الله بن سلام، الذي كان يهودياً فأسلم.

عن عبد الرحمن الحجري، قال: قال أبو ذر لأبي الدرداء: ما حملت ورقاء، ولا أظلت خضراء (3)، أعلم منك يا أبا الدرداء.

عن مسروق: قال: وجدت علم الصحابة انتهى إلى ستة: عمر، وعلي، وأبي، وزيد،

(1) رواه البخاري (4/ 209) 30 - كتاب الصوم - 51 - باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع.

والترمذي (4/ 608) 37 - كتاب الزهد، باب:63.

مبتذلة: لابسة ثياب البذلة وهي المهنة.

(2)

برك الغماد: موضع بناحية اليمن، وقيل: موضع في أقاصي أرض هجر.

(3)

الورقاء: الغيراء، أراد بها الأرض، والخضراء: السماء.

ص: 2067

وأبي الدرداء، وابن مسعود؛ ثم انتهى علمهم إلى علي، وعبد الله (1).

وقال خالد بن معدان: كان ابن عمر يقول: حدثونا عن العاقلين فيقال: من العاقلان؟ فيقول: معاذ، وأبو الدرداء (2).

عن محمد بن كعب، قال: جمع القرآن خمسة: معاذ، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وأبي، وأبو أيوب. فلما كان زمن عمر، كتب إليه يزيد بن أبي سفيان: إن أهل الشام قد كثروا، وملؤوا المدائن، واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم. فأعني برجال يعلمونهم. فدعا عمر الخمسة؛ فقال: إن إخوانكم قد استعانوني من يعلمهم القرآن، ويفقههم في الدين، فأعينوني يرحكمهم الله بثلاثة منكم إن أحبتتم، وإن انتدب ثلاثة منكم فليخرجوا.

فقالوا: ما كنا لتتساهم، هذا شيخ كبير - لأبي أيوب - وأما هذا فسقيم - لأبي - فخرج معاذ، وعبادة، وأبو الدرداء.

فقال عمر: ابدؤوا بحمص، فإنكم ستجدون الناس على وجوه مختلفة، منهم من يلقن، فإذا رأيتم ذلك، فوجهوا إليه طائفة من الناس، فإذا رضيتم منهم، فليقم بها واحد، وليخرج واحد إلى دمشق، والآخر إلى فلسطين. قال: فقدموا حمص فكانوا بها؛ حتى إذا رضوا من الناس أقام بها عبادة بن الصامت؛ وخرج أبو الدرداء إلى دمشق، ومعاذ إلى فلسطين. فمات في طاعون عمواس، ثم صار عبادة بعد إلى فلسطين وبها مات. ولم يزل أبو الدرداء بدشمق حتى مات (3).

عن يحيي بن سعيد، قال: كان أبو الدرداء، إذا قضى بين اثنين، ثم أدبرا عنه، نظر

(1) رواه ابن سعد في الطبقات (2/ 251) وإسناده صحيح.

(2)

رواه ابن سعد في الطبقات (2/ 350) ورجاله ثقات.

(3)

رواه ابن سعد في الطبقات (2/ 356) والبخاري في التاريخ الصغير (1/ 41)

تساهم: تتقارع من القرعة.

يفقن: يفهم.

عسواس: قرية على ستة أميال من الرملة على طريق بيت المقدس، وطاعون عمواس كان في سنة 18 هـ وفيه استشهد أبو عبيدة ومعاذ بن جبل، ويزيد بن أبي سفيان وغيرهم.

ص: 2068

إليهما، فقال: ارجعا إلي، أعيدا علي قضيتكما.

عن ابن أبي ليلى، قال: كتب أبو الدرداء إلى مسلمة بن مخلد: سلام عليك. أما بعد، فإن العبد إذا عمل بمعصية الله، أبغضه الله؛ فإذا أبغضه الله، بغضه إلى عباده.

عن أبي الدرداء: إني لآمركم بالأمر وما أفعله، ولكن لعل الله يأجرني فيه.

سعد بن إبراهيم، عن أبيه: أن عمر قال لابن مسعود وأبي ذر، وأبي الدرداء: ما هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وأحسبه حبسهم بالمدينة حتى أصيب. الذهبي. اهـ.

أقول: كان مذهب عمر أن يقلل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فيما لابد منه كي لا ينشغل الناس عن القرآن، وكان يحب أن لا يتفرق الصحابة بالأمصار كي تبقى حوله نخبة من الصحابة يستشيرها، وكي تبقى للعاصمة مركزيتها القوية.

قال الذهبي: عن مسلم بن مشكم قال لي أبو الدرداء: اعدد من في مجلسنا. قال: فجاؤوا ألفاً وست مئة ونيفا. فكانوا يقرؤون ويتسابقون عشرة عشرة، فإذا صلى الصبح، انفتل وقرأ جزءاً؛ فيحدقون به يسمعون ألفاظه. وكان ابن عامر مقدماً فيهم (1).

يزيد بن أبي مالك، قال: كان أبو الدرداء يضلي، ثم يقرئ ويقرأ، حتى إذا أراد القيام، قال لأصحابه: هل من وليمة أو عقيقة (2) نشهدها؟ فإن قالوا: نعم، وإلا قال: اللهم، إني أشهدك أني صائم. وهو الذي سن هذه الحلق للقراءة.

وعن يزيد بن معاوية قال: إن أبا الدرداء من العلماء والفقهاء، الذين يشفون من الداء.

وقال الليث، عن رجل عن آخر: رأيت أبا الدرداء دخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومعه الأتباع مثل السلطان: فمن سائل عن فريضة، ومن سائل عن حساب، وسائل عن حديث، وسائل عن معضلة، وسائل عن شعر.

(1) رجاله ثقات.

(2)

العقيقة: هي الشاة التي تذبح عن المولد في اليوم السابع من ولادته.

ص: 2069

قال ربيعة بن يزيد القصير: كان أبو الدرداء إذا حدث عن رسول الله قال: اللهم إن لا هكذا، وإلا فكشكله.

قال أبو الدرداء: مالي أري علماءكم يذهبون، وجهالكم لا يتعلمون! تعلموا، فإن العالم والمتعلم شريكان في الأجر.

وعن أبي الدرداء، من وجه مرسل: لن تكون عالماً حتى تكون متعلماً، ولا تكون متعلماً حتى تكون بما علمت عاملاً؛ إن أخوف ما أخاف إذا وقفت للحساب أن يقال لي: ما عملت فيما علمت؟.

قال أبو الدرداء: ويل للذي لا يعلم مرة، وويل للذي يعلم ولا يعمل سبع مرات.

عن عون بن عبد الله: قلت لأم الدرداء: أي عبادة أبي الدرداء كانت أكثر؟ قالت: التفكر والاعتبار.

وعن أبي الدرداء: تفكر ساعة خير من قيام ليلة.

عن ابن حلبس: قيل لأبي الدرداء - وكان لا يفتر من الذكر -: كم تسبح في كل يوم؟ قال: مئة ألف، إلا أن تخطئ الأصابع.

عن بلال بن سعد، أن أبا الدرداء قال: أعود بالله من تفرقة القلب. قيل: وما تفرقة القلب؟ قال: أن يجعل لي في كل واد مال.

وري عن أبي الدرداء، قال: لولا ثلاث ما أحببت البقاء: ساعة ظمأ الهواجر، والسجود في الليل، وكجالسة أقوام ينتقوم جيد الكلام كما ينتقى أطايب الثمر.

عن يحيي بن أبي كثير، عن أبيه: أن أبا الدرداء أوجعت عينه حتى ذهبت، فقيل له: لو دعوت الله؟ فقال: ما فرغت بعد من دعائه لذنوبي؛ فكيف أدعو لعيني؟.

حريز بن عثمان: حدثنا راشد بن سعد، قال: جاء رجل إلى أبي الدرداء فقال: أوصني. قال: اذكر الله في السراء يذكرك في الضراء؛ وإذا ذكرت الموتى، فاجعل نفسك

ص: 2070

كأحدهم، وإذا أشرفت نفسك على شيء (1) من الدنيا، فانظر إلى ما يصير.

عن عبد الله بن مرة، أن أبا الدرداء قال: اعبد الله كأنك تراه وعد نفسك في الموتى، وإياك ودعوة المظلوم، واعلم أن قليلًا يغنيك خير من كثير يلهيك، وأن البر لا يبلى، وأن الإثم لا ينسى.

عن أبي الدرداء: إياك ودعوات المظلوم؛ فإنهن يصعدن إلى الله كأنهن شرارات من نار.

وروى لقمان بن عامر، أن أبا الدرداء قال: أهل الأموال يأكلون ونأكل، ويشربون ونشرب، ويلبسون ونلبس، ويركبون ونركب، ولهم فضول أموال ينظرون إليها، وننظر إليها معهم، وحسابهم عليها ونحن منها برآء.

وعنه، قال: الحمد لله الذي جعل الأغنياء يتمنون أنهم مثلنا عند الموت، ولا نتمنى أننا مثلهم حينئذ، ما أنصفنا إخواننا الأغنياء: يحبوننا على الدين، ويعادوننا على الدنيا.

قال: لما فتحت قبرس، مر بالسبي على أبي الدرداء، فبكى، فقلت له: تبكي في مثل هذا اليوم الذي أعز الله فيه الإسلام وأهله؟ قال: يا جبير، بينا هذه الأمة قاهرة ظاهرة إذ عصوا الله، فلقوا ما ترى. ما أهون العباد على الله إذا هم عصوه.

عن أم الدرداء، قالت: كان لأبي الدرداء ستون وثلاث مئة خليل في الله. يدعو لهم في الصلاة، فقلت له في ذلك، فقال: إنه ليس رجل يدعو لأخيه في الغيب، إلا وكل الله به ملكين يقولان: ولك بمثل. أفلا أرغب أن تدعو لي الملائكة (2).

قالت أم الدرداء: لما احتضر أبو الدرداء، جعل يقول: من يعمل لمثل يومي هذا؟ من يعمل لمثل مضجعي هذا؟.

عن يزيد بن مزيد، قال: ذكر الدجال في مجلس فيه أبو الدرداء فقال نوف

(1) وإذا أشرفت نفسك على شيء: أي تطلعت إليه.

(2)

أقول: هذا محمول على الدعاء في صلاة.

ص: 2071

البكالي (1): إني لغير الدجال أخوف مني من الدجال. فقال أبو الدرداء: وما هو؟ قال: أخاف أن أستلب إيماني وأنا لا أشعر. فقال أبو الدرداء: ثكلتك أمك يا ابن الكندية! وهل في الأرض خمسون يتخوفون ما تتخوف؟ ثم قال: وثلاثون، وعشرون، وعشرة، وخمسة. ثم قال: وثلاثة. كل ذلك يقول: ثكلتك أمك! والذي نفسي بيده ما أمن عبد علي إيمانه إلا سلبه، أو انتزع منه فيفقده. والذي نفسي بيده ما الإيمان إلا كالقميص يتقمصه مرة ويضعه أخرى.

وقيل: الذين في حلقة إقراء أبي الدرداء كانوا أزيد من ألف رجل، ولكل عشرة منهم ملقن، وكان أبو الدرداء يطوف عليهم قائمًا، فإذا أحكم الرجل منهم، تحول إلى أبي الدرداء- يعني يعرض عليه.

وعن أبي الدرداء، قال: من أكثر ذكر الموت قل فرحه، وقل حسده.

قال الواقدي، وأبو مسهر، وابن نمير: مات أبو الدرداء سنة اثنتين وثلاثين.

وعن خالد بن معدان، قال: مات سنة إحدى وثلاثين.

فهذا خطأ، لأن الثوري روى عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن حريث بن ظهير، قال: لما جاء نعي- يعني ابن مسعود- إلى أبي الدرداء، قال: أما إنه لم يخلف بعده مثله! ووفاة عبد الله في سنة 32.

وروى إسماعيل بن عبيد الله، عن أبي عبيد الله الأشعري، قال: مات أبو الدرداء قبل مقتل عثمان، رضي الله عنهما مات قبل عثمان بثلاث سنين. أهـ الذهبي.

وروى أبو زرعة في تاريخ دمشق عن الأوزاعي قال: مات أبو الدرداء وكعب الأحبار في خلافة عثمان لسنتين من خلافته.

2192 -

* وروى الطبراني عن أبي الدرداء قلت: يا رسول الله بلغني أنك تقول: إن قومًا من أمتي سيكفرون بعد إيمانهم؟ قال: "أجل يا أبا الدرداء ولست منهم".

(1) هو ابن امرأة كعب الأحبار.

2192 -

أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 367) وقال: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح غير أبي عبد الله الأشعري وهو ثقة.

ص: 2072