الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه
قال ابن كثير في ترجمته:
عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة، أبو محمد القرشي الزهري، أسلم قديماً على يدي أبي بكر، وهاجر إلى الحبشة وإلى المدينة، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، وشهد بدراً وما بعدها، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى بني كلب وارخى له عذبة بين كتفيه، لتكون أمارة عليه للإمارة، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الثمانية السابقين إلى الإسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى، ثم أحد الثلاثة الذين انتهت إليهم منهم، كما ذكرنا. ثم كان هو الذي اجتهد في تقديم عثمان رضي الله عنه، وقد تقاول هو وخالد بن الوليد في بعض الغزوات فأغلظ له خالد في المقال، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" وهو في الصحيح.
وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى وراءه الركعة الثانية من صلاة الفجر في بعض الأسفار، وهذه منقبة عظيمة لا تبارى. ولما حضرته الوفاة أوصى لكل رجل ممن بقى من أهل بدر بأربعمائة دينار - وكانوا مائة- فأخذوها حتى عثمان وعلي، وقال علي: اذهب يا ابن عوف فقد أدركت صفوها، وسبقت زنقها (كدرها) وأوصى لكل امرأة من أمهات المؤمنين بمبلغ كثير، حتى كانت عائشة تقول سقاه الله من السلسبيل. وأعتق خلقا من مماليكه ثم ترك بعد ذلك كله مالا جزيلا، من ذلك ذهب قطع بالفؤوس حتى مجلت أيدي الرجال، وترك ألف بعير ومائة فرس، وثلاثة آلاف شاة ترعى بالبقيع، وكان نساؤه أربعا فصولحت إحداهن من ربع الثمن بثمانين ألفا، ولما مات صلى عليه عثمان بن عفان، وحمل في جنازته سعد بن أبي وقاص، ودفن بالبقيع عن خمس وسبعين سنة. وكان أبيض مشربا حمرة حسن الوجه، رقيق البشرة، أعين أهدب الأشفار، أقنى، له جمة، ضخم الكفين، غليظ الأصابع، لا يغير شيبه رضي الله عنه. ا. هـ.
وقال ابن حجر في ترجمته:
وأسلم قديماً قبل دخول دار الأرقم وهاجر الهجرتين وشهد بدراً وسائر المشاهد .. وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع
…
وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى دومة الجندل وأذن له أن يتزوج بنت ملكهم الأصبغ بن ثعلبة الكلبي ففتح عليه فتزوجها وهي تماضر أم ابنة أبي سلمة
…
وهو الذي رجع عمر بحديثه من سرع (موضع قرب الشام بين المغيثة وتبوك)، ولم يدخل الشام بسبب الطاعون
…
ورجع إليه عمر في أخذ الجزية من المجوس كما في صحيح البخاري
…
ويقال إنه جرح يوم أحد إحدى وعشرين جراحة
…
وعاش اثنين وسبعين سنة
…
ا. هـ.
وقال الذهبي في ترجمته:
ومن أفضل أعمال عبد الرحمن عزله نفسه من الأمر وقت الشورى واختياره للأمة من أشار به أهل الحل والعقد، فنهض في ذلك أتم نهوض على جمع الأمة على عثمان، ولو كان محاببا فيها، لأخذها لنفسه، أو لولاها ابن عمه وأقرب الجماعة إليه سعد بن أبي وقاص.
عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: كان أهل المدينة عيالاً على عبد الرحمن بن عوف: ثلث يقرضهم ماله، وثلث يقضي دينهم، ويصل ثلثاً.
عن ابن المسيب قال: كان بين طلحة وابن عوف تباعد، فمرض طلحة، فجاء عبد الرحمن يعوده، فقال طلحة أنت والله يا أخي خير مني. قال: لا تفعل يا أخي، قال: بلى والله، لأنك لو مرضت ما عدتك.
عن سعد بن الحسن قال: كان عبد الرحمن بن عوف لا يعرف من بين عبيدة. ا. هـ.
أقول: لقد كان عقل عبد الرحمن بن عوف من أثقب العقول في الحكم والسياسية والاقتصاد، فكثير من معضلات السياسة والحكم والاقتصاد كان له رأي سديد في حلها وهذه بعض الروايات فيه وفي مناقبه.
1784 -
* روى ابن ماجه عن المغيرة بن شعبة قال: تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم: فانتهينا إلى القوم وقد صلى بهم عبد الرحمن بن عوف ركعة فلما أحس النبي صلى الله عليه وسلم ذهب يتأخر، فأوما إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يتم الصلاة، قال:"وقد أحسنت كذلك فافعل".
1785 -
* روى الحاكم عن عبد الرحمن بن عوف قال: كان اسمي في الجاهلية عبد عمرو، فسماني رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم عبد الرحمن.
1786 -
* روى الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: ابتلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالضراء، فصبرنا، ثم ابتلينا بعده بالسراء فلم نصبر.
1787 -
* روى الترمذي والحاكم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لنسائه: "إن أمركن مما يهمني من بعدي، ولن يصبر عليكن إلا الصابرون الصديقون" قال عائشة: يعني المتصدقين- ثم قالت عائشة لأبي لسمة بن عبد الرحمن: سقى الله أباك من السلسبيل الجنة، وكان ابن عوف قد تصدق على أمهات المؤمنين بحديقة بيعت بأربعين ألفاً.
1788 -
* روى الترمذي والحاكم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنهما أن عبد الرحمن بن عوف أوصى بحديقة لأمهات المؤمنين بيعت بأربعمائة ألف.
1784 - ابن ماجة (1/ 392) 5 - كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها - 143 - باب ما جاء في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف رجل من أمته.
1785 -
المستدرك (3/ 306). وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم خرجاه. ووافقه الذهبي.
1786 -
الترمذي (4/ 642) 38 - كتاب صفة القيامة - 30 - باب حدثنا قتيبة
…
وقال: هذا حديث صحيح.
1987 -
الترمذي (5/ 648) 50 - كتاب المناقب - 26 - باب مناقب عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
وقال: هذا حديث حن صحيح غريب.
والمستدرك (3/ 311، 312). وقال: فقد صح الحديث عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما. ووافقه الذهبي.
سلسبيل: السلسبيل: اسم عين في الجنة، ويقال: شراب سلسل وسلسال وسلسبيل: إذا كان سائغاً سلسًا في الحلق: وهو صفة لما كان في غاية السلاسة.
الحديقة: البستان عليه حائط أحدق به.
1788 -
الترمذي (5/ 649) 50 - كتاب المناقب - 26 - باب مناقب عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
وقال: هذا حديث حن صحيح غريب.=
1789 -
* روى الحاكم وابن سعد عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنه غشي على عبد الرحمن بن عوف في وجعه غشية فظنوا أنها قد فاضت نفسه فيها حتى قاموا من عنده وجللوا ثوبا وخرجت أم كلثوم بنت عقبة امرأته إلى المسجد تستعين فيما أمرت به من الصبر والصلاة، فلبثوا ساعة وهو في غشيته ثم أفاق فكان أول ما تكلم به أن كبر فكبر أهل البيت ومن يليهم ثم قال لهم: غشي علي آنفا قالوا: نعم. فقال: صدقتم. فقال: إنه انطلق بي في غشيتي رجلان، أحدهما فيه شدة وفظاظة فقالا: انطلق نحاكمك إلى العزيز العليم. فقال: ارجعاه فإنه من الذين كتب الله لهم السعادة والمغفرة في بطون أمهاتهم وإنه سيتمتع به بنوة إلى ما شاء الله، فعاش بعد ذلك شهرا ثم توفي رضي الله عنه.
1790 -
* روى الحاكم وابن سعد عن إبراهيم بن سعد قال سمعت أبي يحدث عن أبيه قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول لعبد الرحمن بن عوف يوم مات: أذهب يا ابن عوف فقد أدركت صفوها وسبقت رنقها.
عن سعيد بن المسيب أن سعد بن أبي وقاص أرسل إلى عبد الرحمن رجلا وهو قائم يخطب: أن ارفع رأسك إلى أمر الناس. أي ادع إلى نفسك. فقال عبد الرحمن: ثكلتك أمك! إنه لن يلي هذا الأمر أحد بعد عمر إلا لامه الناس (3).
عن (ابن عمر) قال: استخلف عمر عبد الرحمن بن عوف على الحج سنة ولي الخلافة، ثم حج عمر في بقية عمره (4).
1791 -
* روى البخاري عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: لما قدمنا المدينة
= والمستدرك (3/ 312) بنحوه. وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وله شاهد صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
1789 -
المستدرك (3/ 307). وسكت عنه الذهبي. والطبقات الكبرى (3/ 134، 135) وأسانيده صحيحة.
1790 -
المستدرك (3/ 308). وإسناده صحيح. والطبقات الكبرى (3/ 135، 136).
رنقها: الرنق الكدر.
(3)
ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (1/ 87). وقال محققه: رجاله ثقات.
(4)
ذكره الحافظ في الإصابة (4/ 177) عن خليفة بسند قوي.
1791 -
البخاري (6/ 288) 34 - كتاب البيوع -1 - باب ما جاء في قول الله عز وجل: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} إلى قوله: {وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} وقوله: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} .
آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع. فقال سعد بن الربيع: إني أكثر الأنصار مالا، فأقسم لك نصف مالي. وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها، فإذا حلت تزوجتها. قال: فقال له عبد الرحمن: لا حاجة لي في ذلك. هل من سوق فيه تجارة؟ قال: سوق قينقاع. قال: فغدا إليه عبد الرحمن فأتى بأقط وسمن. قال: ثم تابع الغدو. فما لبث أن جاء عبد الرحمن عليه أثر صفرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تزوجت؟ " قال: نعم. قال: "من؟ " قال: امرأة من الأنصار. قال: "كم سقت؟ " قال: زنة نواة من ذهب -أو نواة من ذهب- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أولم ولو بشاة". أخرجه البخاري.
قال الذهبي: ثم آل أمره في التجارة إلى ما آل. قال أبو عمر بن عب البر: كان مجدوداً في التجارة خلف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة ومائة فرس، وكان يوزع بالجرف على عشرين ناضحاً.
أقول: هذا على كثرة إنفاقه في سبيل الله، قال الذهبي: هذا هو الغني الشاكر، وأويس فقير صابر، وأبو ذر أو أبو عبيدة زاهد عفيف.
* * *