المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌58 - زيد بن ثابت رضي الله عنه - الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية - جـ ٤

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌قصة استخلافه:

- ‌ذكر زوجاته وبنيه وبناته رضي الله عنهم:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ست وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة سبع وعشرين:

- ‌غزوة الأندلس:

- ‌وقعة جرير والبربر مع المسلمين:

- ‌فتح قبرص:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاثين من الهجرة النبوية:

- ‌ثم خلت سنة إحدى وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة أربع وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ذكر مجيء الأحزاب إلى عثمان للمرة الثانية في مصر:

- ‌ذكر حصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان:

- ‌تعليقات

- ‌شرح مختصر لأسباب الفتنة في اجتهادي:

- ‌1 - ظهور الورع الجاهل:

- ‌2 - تآمر الحاقدين:

- ‌3 - طموح الطامحين:

- ‌4 - العفوية:

- ‌5 - عدم مراعاة الرأي العام السائد:

- ‌على بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ثم دخلت سنة ست وثلاثين من الهجرة:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وثلاثين:

- ‌ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:

- ‌صفة مقتله رضي الله عنه:

- ‌تعليقات

- ‌عبد الله بن الزبير رضي الله عنه

- ‌تعليقات

- ‌الوصل الثالثفينماذج من أصحابه

- ‌تمهيد

- ‌1 - أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌2 - طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌3 - الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌4 - عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه

- ‌5 - سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌6 - سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌7 - زيد بن حارثة حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه رضي الله عنه

- ‌8 - أسامة بن زيد الحِبُّ بن الحِبُّ رضي الله عنه

- ‌9 - عمار بن ياسر رضي الله عنه

- ‌10 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

- ‌11 - أبو ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌12 - حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما

- ‌13 - سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌14 - عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

- ‌15 - بلال بن رباح رضي الله عنه

- ‌16 - أبي بن كعب رضي الله عنه

- ‌17 - أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه

- ‌18 - المقداد بن عمرو (المشهور بابن الأسود) رضي الله عنه

- ‌19 - أبو قتادة الأنصاري السلمي رضي الله عنه

- ‌20 - سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌21 - عبد الله بن قيس (المشهور بأبي موسى الأشعري) رضي الله عنه

- ‌22 - عبد الله بن سلام رضي الله عنه

- ‌23 - جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه

- ‌24 - 25 - جابر بن عبد الله وأبوه عبد الله بن عمرو بن حرام

- ‌26 - البراء بن مالك رضي الله عنه

- ‌27 - أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌28 - ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلموخطيب الأنصار

- ‌29 - أبو هريرة رضي الله عنه

- ‌30 - حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه

- ‌31 - جليبيب رضي الله عنه

- ‌32 - حارثة بن سراقة رضي الله عنه

- ‌33 - قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما

- ‌34 - خالد بن الوليد رضي الله عنه

- ‌35 - عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌36 - أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه

- ‌37 - معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما

- ‌38 - عباد بن بشر رضي الله عنه

- ‌39 - ضماد رضي الله عنه

- ‌40 - عدي بن حاتم رضي الله عنه

- ‌41 - ثمامة بن أثال رضي الله عنه

- ‌42 - عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه

- ‌43 - خباب بن الأرتِّ رضي الله عنه

- ‌44 - سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما

- ‌45 - عامر بن ربيعة رضي الله عنه

- ‌46 - عبد الله بن جحش رضي الله عنه

- ‌47 - صهيب بن سنان رضي الله عنه

- ‌48 - عثمان بن مظعون رضي الله عنه

- ‌49 - معاذ بن جبل رضي الله عنه

- ‌50 - عمرو بن الجموح رضي الله عنه

- ‌51 - حارثة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌52 - عبد الله بن رواحة رضي الله عنه

- ‌53 - عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه

- ‌54 - قتادة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌55 - عبادة بن الصامت رضي الله عنه

- ‌56 - خزيمة بن ثابت رضي الله عنه

- ‌57 - خالد بن زيد المشهور بأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه

- ‌58 - زيد بن ثابت رضي الله عنه

- ‌59 - سلمة بن الأكوع رضي الله عنه

- ‌60 - أبو الدرداء رضي الله عنه

- ‌61 - عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه

- ‌62 - عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه

- ‌63 - أبو زيد عمر بن أخطب رضي الله عنه

- ‌64 - أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه

- ‌65 - عبد الله بن بسر رضي الله عنه

- ‌66 - السائب بن يزيد رضي الله عنه

- ‌67 - ورقة بن نوفل رضي الله عنه

- ‌68 - حكيم بن حزام رضي الله عنه

- ‌69 - قيس بن عاصم المنقري رضي الله عنه

- ‌70 - عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه

- ‌71 - عبد الله بن حذافة السهمي

- ‌72 - عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌73 - محمد بن مسلمة رضي الله عنه

- ‌74 - حسان بن ثابت

- ‌75 - حجر بن عدي رضي الله عنه

- ‌76 - عمران بن حصين رضي الله عنه

- ‌77 - سهيل بن عمرو رضي الله عنه

- ‌78 - أبو سعيدٍ الخدري رضي الله عنه

- ‌79 - المغيرة بن شعبة رضي الله عنه

- ‌80 - النجاشي رضي الله عنه

- ‌81 - أسيد بن حضير رضي الله عنه

- ‌82 - عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه

- ‌83 - أسعد بن زرارة رضي الله عنه

- ‌84 - أبو دجانة سماك بن خرشة الخزرجي رضي الله عنه

- ‌85 - أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما

- ‌86 - أم حرامٍ رضي الله عنها

- ‌87 - أمُّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها

- ‌88 - هند بنت عتبة رضي الله عنها

- ‌89 - نسيبةُ بنتُ كعب رضي الله عنها

- ‌90 - أم أيمن بركة بنت ثعلبة رضي الله عنها

- ‌91 - أم عطية الأنصارية رضي الله عنها

- ‌92 - أم سَلِيط رضي الله عنها

- ‌93 - بريرة مولاة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

- ‌94 - الربيع بنت معوذ رضي الله عنها

- ‌95 - أسماء بنت عُميْس رضي الله عنها

- ‌تعليقات على هذا الباب

- ‌خاتمة القسم الأول

الفصل: ‌58 - زيد بن ثابت رضي الله عنه

‌58 - زيد بن ثابت رضي الله عنه

قال ابن حجر: زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف ابن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي أبو سعيد .. وقيل أبو ثابت وقيل غير ذلك في كنيته استغصر يوم بدر، ويقال إنه شهد أحدًا ويقال أول مشاهده الخندق، وكانت معه راية بني النجار يوم تبوك، وكانت أولاً مع عمارة بن حزم فأخذها النبي صلى الله عليه وآله وسلم منه فدفعها لزيد بن ثابت فقال: يا رسول الله بلغك عني شيء؟ قال: لا ولكن القرآن مقدم وكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمه النوار بنت مالك بن معاوية ابن عدي، وقتل أبوه يوم بعاث، وذلك قبل الهجرة بخمس سنين وهو الذي جمع القرآن في عهد أبي بكر ثبت ذلك في الصحيح، وقال له أبو بكر إنك شاب عاقل لا نتهمك.

وروى الواقدي من طريق زيد بن ثابت قال لم أجز في بدر ولا أحد وأجزت في الخندق. قال وكان فيمن ينقل التراب مع المسلمين فنعس زيد فجاء عمارة بن حزم فأخذ سلاحه وهو لا يشعر فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم يا أبا رقاد، ويومئذ نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يروع المؤمن ولا يؤخذ متاعه جادًا ولا لاعبًا

وعن أنس قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أفرضكم زيد رواه أحمد بإسناد صحيح وقيل إنه معلول، وروى ابن سعد بإسناد صحيح قال: كان زيد بن ثابت أحد أصحاب الفتوى، وهم ستة: عمر وعلي وابن مسعود وأبي وأبو موسى وزيد بن ثابت، وروى بسند فيه الواقدي من طريق قبيصة قال: كان زيد رأسًا بالمدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض [وهو العلم بقسمة المواريث].

مات زيد سنة اثنتين أو ثلاث أو خمس وأربعين وقيل سنة إحدى أو اثنتين أو خمس وخمسين وفي خمس وأربعين قول الأكثر وقال أبو هريرة حين مات اليوم مات حبر هذه الأمة وعسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفًا. اهـ.

وقال الذهبي: الإمام الكبير، شيخ المقرئين، والفرضيين، مفتي المدينة أو سعيد، وأبو خارجة. الخزرجي، النجاري الأنصاري. كاتب الوحي، رضي الله عنه.

حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن صاحبيه. وقرأ عليه القرآن بعضه أو كله، ومناقبه جمة.

ص: 2050

وتلا عليه ابن عباس، وأبو عبد الرحمن السلمي، وغير واحد وكان من حملة الججة، وكان عمر بن الخطاب يستخلفه إذا حج على المدينة.

وهو الذي تولى قسمة قسمة الغنائم يوم اليرموك. وقد قتل أبوه قتل الهجرة يوم بعاث (1)، فربي زيد يتيمًا. وكان أحد الأذكياء. فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم، أسلم زيد، وهو ابن إحدى عشرة سنة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعلم خط اليهود: ليقرأ له كتبهم. قال: "فإني لا آمنهم". اهـ.

2179 -

* روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يوم بعاث يومًا قدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد افترق ملؤهم، وقتلت سرواتهم، وجرحوا، فقدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في دخولهم في الإسلام.

قال الذهبي: قال ابن سعد: ولد زيد بن ثابت: سعيدًا، وبه كان يكنى، وأمه أم جميل.

وولد لزيد: خارجة، وسليمان، ويحيى، وعمارة، وإسماعيل، وأسعد، وعبادة، وإسحاق، وحسنة، وعمرة، وأم إسحاق، وأم كلثوم، وأم هؤلاء: أم سعد ابنة سعد بن الربيع، أحد البدريين.

وولد له: إبراهيم، ومحمد، وعبد الرحمن، وأم حسن، من عمرة بنت معاذ بن أنس. وولد له: زيد، وعبد الرحمن، وعبيد الله، وأم كثلوم؛ لأم ولد. وسليط، وعمران، والحارث، وثابت، وصفية، وقريبة، وأم محمد؛ لأم ولد.

قال البخاري ومسلم والنسائي زيد: يكنى أبا سعيد. ويقال: أبو خارجة. وقال محمد ابن أحمد المقدمي: له كنيتان.

روى خارجة عن أبيه، قال: قدم النبي عليه السلام المدينة، وأنا ابن إحدى عشرة سنة. وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعلم كتابة يهود. قال: وكنت أكتب، فأقرأ إذا كتبوا إليه. اهـ.

(1) بعاث: موضع على ليلتين من المدينة المنورة، وفيه كانت الوقيعة بين الأوس والخزرج ونسبت إليه.

2179 -

البخاري (7/ 110) 63 - كتاب مناقب الأنصار -1 - باب مناقب الأنصار.

ص: 2051

2180 -

* روى أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والحاكم عن خارجة بن زيد أن أباه زيدًا أخبره أنه لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال زيد: ذهب بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعجب بي فقالوا: يا رسول الله هذا غلام من بني النجار معه مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة فأعجب ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "يا زيد تعلم لي كتاب يهود فإني والله ما آمن يهود على كتابي" قال زيد: فتعلمت كتابهم ما مرت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته وكنت اقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه وأجيب عنه إذا كتب.

2181 -

* روى أحمد والحاكم عن ثابت بن عبيد قال زيد: قال لي رسول الله: "أتحسن السريانية"؟ قلت: لا. قال: "فتعلمها" فتعلمتها في سبعة عشر يومًا.

2182 -

* روى البخاري عن البراء، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ادع لي زيدًا، وقل له: يجيء بالكتف والدواة" قال: فقال: "اكتب"{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وخلف النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم. فقال: يا رسول الله، أنا ضرير، فنزلت مكانها:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (1).

2183 -

* روى أحمد عن شرحبيل بن سعد قال: كنت مع زيد بن ثابت بالأسواف، فأجد طيرًا: فدخل زيد، قال: فدفعوا في يدي، وفروا، فأخذ الطير، فأرسله، ثم ضرب في قفاي، وقال: لا أم لك، ألم تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم ما بين لابتيها.

2180 - أحمد في مسنده (5/ 186)، والبخاري تعليقًا (12/ 185) 93 - كتاب الأحكام -40 - باب ترجمة الحكام، وهل يجوز ترجمان واحد. وأبو داود (3/ 218) كتاب العلم، باب رواية حديث أهل الكتاب والترمذي (5/ 67) 43 - كتاب الاستئذان -22 - باب ما جاء في تعليم السريانية. وقال: هذا حديث حسن صحيح. والمستدرك (1/ 275) وصححه ووافقه الذهبي.

2181 -

أحمد في مسنده (5/ 182) وإسناده صحيح. والمستدرك (3/ 422) وصححه ووافقه الذهبي.

2182 -

البخاري 65 - كتاب التفسير -18 - باب لا يستهوي القاعدون من المؤمنين.

(1)

النساء: 95.

2183 -

أحمد في مسنده (5/ 192) وشرحبيل فيه لين ما والحديث يتقوى بما أخرجه البخاري، ومسلم بن حديث أبي هريرة مرفوعًا:"ما بين لابتيها حرام"، ولمسلم من حديث سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني أحرم ما بين

ص: 2052

2184 -

* روى البخاري عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: أرسل إلي أبو بكر الصديق مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى إن استحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر: كيف نفعل شيئًا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمرك هذا والله خير. فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجعمه. فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئًا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحدٍ غيره (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم)(2) حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنه.

2185 -

* روى البخاري عن أنس قال: جمع القرآن على عهد رسول الله أربعة، كلهم من الأنصار: أبي، ومعاذ، وزيد بن ثابت، وأبو زيد.

= لابتي المدينة أن يقطع عضامها، أو يقتل صيها". واللابة: هي الحرة. والمدينة المنورة بين حرئين شرقية وغربية تكتنفان، والحرة: هي الأرض ذات الحجارة السوداء، كأنها أحرقت بالنار. ومعنى ذلك: اللابتان وما بينهما.

الأسواف: موضع ببعض أطراف المدينة بين الحرتين. وفي "الموطأ" عن رجل، قال: دخل علي زيد بن ثابت وأنا بالأسواف، وقد اصطدت نهسا (طائر يشبه الصرد)، فأخذه من يدي، وأرسله.

2184 -

البخاري (1/ 10) 66 - كتاب فضائل القرآن -3 - باب جمع القرآن.

العسب: جمع عسيب: وهو جريد النخل إذا نحي عنه خوصه. وكانوا يكتبون في تلك الأشياء، لقلة القراطيس عندهم يومئذ.

(1)

التوبة: 128.

2185 -

البخاري (9/ 47) 66 - كتاب فضائل القرآن -8 - باب القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 2053

2186 -

* روى الترمذي والحاكم عن أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي ابن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابتٍ وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبلٍ، ولكل أمةٍ أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح".

قال الذهبي: بتقدير صحة "أفرضهم زيد، وأقرأهم أبي" لا يدل على تحتم تقليده في الفرائض، كما لا يتعين تقليد أبي في قراءته، وما انفرد به.

روى عاصم، عن الشعبي، قال: غلب زيد الناس على اثنتين الفرائض والقرآن.

عن أبي سعيد، قال: لما توفي رسول الله، قام خطباء الأنصار، فتكلموا، وقالوا: رجل منا، ورجل منكم. فقام زيد بن ثابت، فقال: إن رسول الله كان من المهاجرين ونحن أنصاره؛ وإنما يكون الإمام من المهاجرين ونحن أنصاره.

فقال أبو بكر: جزاكم الله خيرًا يا معشر الأنصار، وثبت قائلكم، لو قلتم غير هذا ما صالحناكم (1).

عن مسروق، قال: كان أصحاب الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمر، وعلي، وابن مسعود، وزيد، وأبي، وأبو موسى (2).

وعن القاسم بن محمد: كان عمر يستخلف زيدًا في كل سفر.

عن الشعبي: قال: القضاة أربعة: عمر، وعلي، وزيد وابن مسعود.

وعن يعقوب بن عتبة: أن عمر استخلف زيدًا، وكتب إليه من الشام: إلى زيد بن

2186 - الترمذي (5/ 665) 50 - كتاب المناقب -23 - مناقب معاذ بن جبل وزيد بن ثابت.

وقال: هذا حديث حسن صحيح وهو كما قال.

والمستدرك (2/ 422) وصححه ووافقه الذهبي.

(1)

ورواه أحمد في مسنده (5/ 186)، والمعجم الكبير (5/ 114)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ورجاله رجال الصحيح.

(2)

إسناده صحيح.

ص: 2054

ثابت، من عمر.

قال خارجة بن زيد: كان عمر يستخلف أبي، فقلما رجع إلا أقطعه حديقة من نخل.

عن الشعبي قال: تنازع أبي وعمر في جداد نخلٍ (1). فبكى أبي، ثم قال: أفي سلطانك يا عمر؟ قال: اجعل بيني وبينك رجلاً. قال أبي: زيد. فانطلقا، حتى دخلا عليه، فتحاكما إليه. فقال: بينتك يا أبي؟ قال: مالي بينة. قال: فاعف أمير المؤمنين من اليمين. فقال عمر: لا تعف أمير المؤمنين من اليمين إن رأيتها عليه.

عن نافع، قال: استعمل عمر زيدًا على القضاء، وفرض له رزقًا (2).

قال الزهري: لو هلك عثمان وزيد في بعض الزمان، لهلك علم الفرائض، لقد أتى على الناس زمان وما يعلمها غيرهما (3).

وقال جعفر بن برقان: سمعت الزهري يقول: لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض، لرأيت أنها ستذهب من الناس.

قال مالك: كان إمام الناس عندنا بعد عمر، زيد بن ثابت. وكان إمام الناس عندنا بعد زيد، ابن عمر.

قال أحمد بن عبد الله العجلي: الناس على قراءة زيد، وعلى فرض زيد.

وعن ابن عباس، قال: لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن زيد بن ثابت، من الراسخين في العلم (4).

عن عبد الله بن معسود؛ أنه كان يقول في أخواتٍ لأبٍ وأم، وإخوة وأخواتٍ لأبٍ: للأخوات للأب والأم الثلثان، فما بقي، فللذكور دون الإناث.

(1) جداد النخل: قطع ثمره.

(2)

رواه ابن سعد في الطبقات (2/ 359).

(3)

وأخرجه الدرامي (2/ 241) كتاب الفرائض، باب في تعليم الفرائض.

(4)

نسبه الحافظ في الإصابة (3/ 22) للبغوي. وأخرج أبو زرعة في تاريخ دمشق نحوه.

ص: 2055

فقدم مسروق المدينة، فسمع قول زيد فيها، فأعجبه. فقال له بعض أصحابه: أتترك قول عبد الله؟ فقال: أتيت المدينة، فوجدت زيد بن ثابت من الراسخين في العلم. يعني: كان زيد يشرك بين الباقين (1).

عن أبي سلمة، أن ابن عباس قام إلى زيد بن ثابت. فأخذ له بركابه، فقال: تنح يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنا هكذا نفعل بعلمائنا وكبرائنا (2).

قال علي بن المديني: لم يكن من الصحابة أحد له أصحاب حفظوا عنه، وقاموا بقوله في الفقه، إلا ثلاثة: زيد، وعبد الله، [بن مسعود]، وابن عباس.

عن الزهري: بلغنا أن زيد بن ثابت كان يقول إذا سئل عن الأمر: أكان هذا؟ فإن قالوا: نعم. حدث فيه بالذي يعلم. وإن قالوا: لم يكن. قال: فذروه حتى يكون.

عن الشعبي: أن مروان دعا زيد بن ثابت، وأجلس له قومًا خلف ستر، فأخذ يسأله، وهم يكتبون؛ ففطن زيد، فقال: يا مروان، أغدرا، إنما أقول برأيي (3).

رواه إبراهيم بن حميد الرواسي، عن ابن أبي خالد، نحوه "وزاد": فمحوه.

عن ابن سيرين، قال: حج بنا أبو الوليد، ونحن ولد سيرين سبعة؛ فمر بنا على المدينة، فأدخلنا على زيد بن ثابت، فقال: هؤلاء بنو سيرين. فقال زيد: هؤلاء لأم، وهذان لأم، وهذان لأم. قال: فما أخطأ، وكان محمد، ومعبد، ويحيى لأم (4).

عن ثابت بن عبيد، قال: كان زيد بن ثابت من أفكه الناس في أهله، وأزمته (5) عند القوم.

(1) إسناده صحيح: يشرك بين الباقين: يسوي بينهم في القسمة.

(2)

ورواه ابن سعد في الطبقات (2/ 360) وإسناده حسن. والحاكم في المستدرك (3/ 433) وصححه وسكت عنه الذهبي.

(3)

ورواه ابن سعد في الطبقات (2/ 361) من طريقين عن سفيان به، والطبراني بنحوه (5/ 137) عن خارجة ابن زيد.

(4)

ورواه ابن سعد في الطبقات (2/ 438) وأخرجه الفسوي في تاريخه ورجاله ثقات.

(5)

أزمته: أي من أرزنهم وأوقرهم، الزميت: الحليم الساكن القليل الكلام.

ص: 2056

هشام، عن ابن سيرين، قال: خرج زيد بن ثابت يريد الجمعة، فاستقبل الناس راجعين، فدخل دارًا، فقيل له. فقال: إنه من لا يستحيي من الناس لا يستحيي من الله (1).

ومن جلالة زيد: أن الصديق اعتمد عليه في كتابة القرآن العظيم في صحف، وجمعه من أفواه الرجال، ومن الأكتاف والرقاع، واحتفظوا بتلك الصحف مدة، فكانت عند الصديق؛ ثم تسلمها الفاروق، ثم كانت بعد عند أم المؤمنين حفصة، إلى أن ندب عثمان زيد بن ثابت ونفرًا من قريش إلى كتابه هذا المصحف العثماني الذي به الآن في الأرض أزيد من ألفي ألف نسخة، ولم يبق بأيدي الأمة قرآن سواه؛ ولله الحمد.

حفص، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن [السلمي]، قال: لم أخالف عليًا في شيء من قراءته، وكنت أجمع حروف علي، فألقى بها زيدًا في المواسم بالمدينة. فما اختلفا إلا في "التابوت" كان زيد يقرأ [الحرف الأخيرٍ بالهاء وعلي بالتاء.

عن مكحول: أن عبادة بن الصامت دعا نبطيًا يمسك دابته عند بيت المقدس، فأبى. فضربه، فشجه. فاستعدى عليه عمر. فقال: ما دعاك إلى ما صنعت بهذا؟ قال: أمرته، فأبى؛ وأنا في حدة، فضربته. فقال: اجلس للقصاص. فقال زيد بن ثابت: أتقيد لعبدك من أخيك؟ فترك عمر القود، وقضى عليه بالدية (2).

عن عمار بن أبي عمار، قال: لما مات زيد، جلسنا إلى ابن عباس في ظل، فقال: هكذا ذهاب العلماء، دفن اليوم علم كثير (3).

وفيه يقول حسان بن ثابت:

فمن للقوافي بعد حسان وابنه

ومن للمثاني (4) بعد زيد بن ثابت

(1) وذلك لأن زيدًا رضي الله عنه كان في منطقة لا يسمع الآذان فيها.

(2)

ورواه البيهقي في السفن الكبرى (8/ 32) ورجاله ثقات.

(3)

ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (2/ 361) والحاكم في المستدرك (3/ 428) والطبراني الكبير (5/ 108) ورجاله ثقات.

(4)

المثاني: القرآن وسمي بذلك لأن المعاني تثنى منه.

ص: 2057

وقد اختلفوا في وفاة زيد رضي الله عنه على أقوال: فقال الواقدي، وهو إمام المؤرخين: مات سنة خمس وأربعين، عن ست وخمسين سنة، وتبعه على وفاته يحيى بن بكير، وشباب، ومحمد بن عبد الله بن نمير.

قال أبو عبيد: مات سنة خمس وأربعين. ثم قال: وسنة ست وخمسين أثبت.

وقال أحمد بن حنبل، عمرو بن علي: سنة إحدى وخمسين.

وقال المدائني، والهيثم، ويحيى بن معين: سنة خمس وخمسين. وقال أبو الزناد: سنة خمس وأربعين. فالله أعلم. اهـ ذهبي.

* * *

ص: 2058