المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌52 - عبد الله بن رواحة رضي الله عنه - الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية - جـ ٤

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌قصة استخلافه:

- ‌ذكر زوجاته وبنيه وبناته رضي الله عنهم:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ست وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة سبع وعشرين:

- ‌غزوة الأندلس:

- ‌وقعة جرير والبربر مع المسلمين:

- ‌فتح قبرص:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاثين من الهجرة النبوية:

- ‌ثم خلت سنة إحدى وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة أربع وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ذكر مجيء الأحزاب إلى عثمان للمرة الثانية في مصر:

- ‌ذكر حصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان:

- ‌تعليقات

- ‌شرح مختصر لأسباب الفتنة في اجتهادي:

- ‌1 - ظهور الورع الجاهل:

- ‌2 - تآمر الحاقدين:

- ‌3 - طموح الطامحين:

- ‌4 - العفوية:

- ‌5 - عدم مراعاة الرأي العام السائد:

- ‌على بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ثم دخلت سنة ست وثلاثين من الهجرة:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وثلاثين:

- ‌ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:

- ‌صفة مقتله رضي الله عنه:

- ‌تعليقات

- ‌عبد الله بن الزبير رضي الله عنه

- ‌تعليقات

- ‌الوصل الثالثفينماذج من أصحابه

- ‌تمهيد

- ‌1 - أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌2 - طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌3 - الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌4 - عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه

- ‌5 - سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌6 - سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌7 - زيد بن حارثة حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه رضي الله عنه

- ‌8 - أسامة بن زيد الحِبُّ بن الحِبُّ رضي الله عنه

- ‌9 - عمار بن ياسر رضي الله عنه

- ‌10 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

- ‌11 - أبو ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌12 - حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما

- ‌13 - سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌14 - عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

- ‌15 - بلال بن رباح رضي الله عنه

- ‌16 - أبي بن كعب رضي الله عنه

- ‌17 - أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه

- ‌18 - المقداد بن عمرو (المشهور بابن الأسود) رضي الله عنه

- ‌19 - أبو قتادة الأنصاري السلمي رضي الله عنه

- ‌20 - سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌21 - عبد الله بن قيس (المشهور بأبي موسى الأشعري) رضي الله عنه

- ‌22 - عبد الله بن سلام رضي الله عنه

- ‌23 - جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه

- ‌24 - 25 - جابر بن عبد الله وأبوه عبد الله بن عمرو بن حرام

- ‌26 - البراء بن مالك رضي الله عنه

- ‌27 - أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌28 - ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلموخطيب الأنصار

- ‌29 - أبو هريرة رضي الله عنه

- ‌30 - حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه

- ‌31 - جليبيب رضي الله عنه

- ‌32 - حارثة بن سراقة رضي الله عنه

- ‌33 - قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما

- ‌34 - خالد بن الوليد رضي الله عنه

- ‌35 - عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌36 - أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه

- ‌37 - معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما

- ‌38 - عباد بن بشر رضي الله عنه

- ‌39 - ضماد رضي الله عنه

- ‌40 - عدي بن حاتم رضي الله عنه

- ‌41 - ثمامة بن أثال رضي الله عنه

- ‌42 - عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه

- ‌43 - خباب بن الأرتِّ رضي الله عنه

- ‌44 - سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما

- ‌45 - عامر بن ربيعة رضي الله عنه

- ‌46 - عبد الله بن جحش رضي الله عنه

- ‌47 - صهيب بن سنان رضي الله عنه

- ‌48 - عثمان بن مظعون رضي الله عنه

- ‌49 - معاذ بن جبل رضي الله عنه

- ‌50 - عمرو بن الجموح رضي الله عنه

- ‌51 - حارثة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌52 - عبد الله بن رواحة رضي الله عنه

- ‌53 - عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه

- ‌54 - قتادة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌55 - عبادة بن الصامت رضي الله عنه

- ‌56 - خزيمة بن ثابت رضي الله عنه

- ‌57 - خالد بن زيد المشهور بأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه

- ‌58 - زيد بن ثابت رضي الله عنه

- ‌59 - سلمة بن الأكوع رضي الله عنه

- ‌60 - أبو الدرداء رضي الله عنه

- ‌61 - عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه

- ‌62 - عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه

- ‌63 - أبو زيد عمر بن أخطب رضي الله عنه

- ‌64 - أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه

- ‌65 - عبد الله بن بسر رضي الله عنه

- ‌66 - السائب بن يزيد رضي الله عنه

- ‌67 - ورقة بن نوفل رضي الله عنه

- ‌68 - حكيم بن حزام رضي الله عنه

- ‌69 - قيس بن عاصم المنقري رضي الله عنه

- ‌70 - عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه

- ‌71 - عبد الله بن حذافة السهمي

- ‌72 - عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌73 - محمد بن مسلمة رضي الله عنه

- ‌74 - حسان بن ثابت

- ‌75 - حجر بن عدي رضي الله عنه

- ‌76 - عمران بن حصين رضي الله عنه

- ‌77 - سهيل بن عمرو رضي الله عنه

- ‌78 - أبو سعيدٍ الخدري رضي الله عنه

- ‌79 - المغيرة بن شعبة رضي الله عنه

- ‌80 - النجاشي رضي الله عنه

- ‌81 - أسيد بن حضير رضي الله عنه

- ‌82 - عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه

- ‌83 - أسعد بن زرارة رضي الله عنه

- ‌84 - أبو دجانة سماك بن خرشة الخزرجي رضي الله عنه

- ‌85 - أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما

- ‌86 - أم حرامٍ رضي الله عنها

- ‌87 - أمُّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها

- ‌88 - هند بنت عتبة رضي الله عنها

- ‌89 - نسيبةُ بنتُ كعب رضي الله عنها

- ‌90 - أم أيمن بركة بنت ثعلبة رضي الله عنها

- ‌91 - أم عطية الأنصارية رضي الله عنها

- ‌92 - أم سَلِيط رضي الله عنها

- ‌93 - بريرة مولاة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

- ‌94 - الربيع بنت معوذ رضي الله عنها

- ‌95 - أسماء بنت عُميْس رضي الله عنها

- ‌تعليقات على هذا الباب

- ‌خاتمة القسم الأول

الفصل: ‌52 - عبد الله بن رواحة رضي الله عنه

‌52 - عبد الله بن رواحة رضي الله عنه

قال ابن حجر: عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك بن الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي الشاعر المشهور، يكنى أبا محمد، ويقال كنيته أبو رواحة، ويقال أبو عمرو، وأمه كبشة بنت واقد بن عمرو بن الأطنابة خزرجية أيضاً، وليس له عقب، من السابقين الأولين من الأنصار، وكان أحد النقباء ليلة العقبة وشهد بدراً وما بعدها إلى أن استشهد بمؤتة.

قال ابن سعد: كان يكتب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو الذي جاء بشارة وقعة بدر إلى المدينة، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثين راكباً إلى أسير بن رزام اليهودي بخيبر فقتله، وبعثه بعد فتح خيبر فخرص عليهم. عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: نعم الرجل عبد الله بن رواحة في حديث طويل، وفي الزهد لأحمد من طريق زياد النميري عن أنس كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحابه يقول: تعال نؤمن بربنا ساعة. الحديث، وفيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: رحم الله ابن رواحة إنه يجب المجالس التي تتباهى بها الملائكة.

وفي الزهد لعبد الله بن المبارك بسند صحيح عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال: تزوج رجل امرأة عبد الله بن رواحة فسألها عن صنيعه فقالت: كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين وإذا دخل بيته صلى ركعتين لا يدع ذلك، قالوا وكان عبد الله أول خارج إلى الغزو وآخر قافل.

وقال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم وقال: كان زيد بن أرقم يتيماً في حجر عبد الله بن رواحة: فخرج معه إلى سرية مؤتة فسمعه في الليل يقول:

إذا آدنيتني وحملت رحلي

مسيرة أربع بعد الحساء

فشأنك فانعمي وخلاك ذم

ولا أرجع إلى أهلي ورائي

وجاء المؤمنون وخلفوني

بأرض الشام مشهور الثواء

ص: 2026

فبكى زيد. فخفقه بالدرة فقال: ما عليك يالكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع بين شعبتي الرحل فذكر القصة في صفة قتله في غزوة مؤتة بعد أن قتل جعفر وقبله زيد بن حارثة. وقال ابن سعد: لما نزلت {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} قال عبد الله بن رواحة: قد علم الله أني منهم فأنزل الله {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (1).

ومناقبه كثيرة قال المرزباني في معجم الشعراء كان عظيم القدر في الجاهلية والإسلام، وكان يناقض قيس بن الخطيم في حروبهم، ومن أحسن ما مدح به النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله:

لو لم تكن فيه آيات مبينة

كانت بديهته تنبيك بالخبر

اهـ.

وقال الذهبي: عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن ثعلبة الأميرُ السعيد الشهيدُ أبو عمرو الأنصاري الخزرجي البدريُّ النقيبُ الشاعر. له عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن بلال. حدث عنه أنس بن مالك، والنعمان بن بشير، وأرسل عنه قيسُ بن أبي حازم، وأبو سلمة ابن عبد الرحمن، وعطاءُ بن يسار، وعكرمة وغيرهم. شهد بدراً والعقبة. يكنى أبا محمد، وأبا رواحة، وليس له عقب، وهو خال النعمان بن بشير، وكان من كُتَّاب الأنصار. استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزوة بدر الموعد (2) وبعثه النبيُّ عليه الصلاة والسلام سرية في ثلاثين راكباً إلى أُسير بن رزام اليهودي بخيبر فقتله.

قال الواقدي: وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم خارصاً على خيبر.

قلت [الذهبي]: جرى ذلك مرة واحدة، ويحتمل على بُعد مرتين.

(1) الشعراء: 237.

(2)

قال محقق السير: (بدر الموعد): هي التي تواعدوا عليها من أحد، وذلك أن أبا سفيان لما انصرف منها نادى: إن موعدكم بدر، العام المقبل. ولما رجع النبي صلى الله عليه وسلم، من غزوة ذات الرقاع أقام في المدينة إلى شعبان حيث خرج لميعاد أبي سفيان، وخرج أبو سفيان حتى نزل مجنة من ناحية الظهران ثم رجع ورجع الناس، فسماهم أهل مكة: جيش السويق، إذ يقولون: خرجتم تشربون السويق.

ص: 2027

قال قتيبة: ابن رواحة وأبو الدرداء أخوان لأم.

حماد بن زيد: حدثنا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنَّ عبد الله بن رواحة أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بخطُب، فسمعه وهو يقولُ:"اجلسوا" فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ من خطبته، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"زادك الله حرصاً على طواعية الله ورسوله"(1). اهـ.

2157 -

* روى ابن سعد عن ابن عمران الجوني، أنَّ عبد الله بن رواحة أُغمي عليه، فأتاه النبي، فقال:"اللهم إن كان حضر أجلُه، فيسر عليه، وإلا فاشفه" فوجد خفة، فقال يا رسول الله أمي قالت: واجبلاه، واظهراه! وملك رفع مرزبةً من حديد يقول: أنت كذا، فلو قلتُ: نعم لقمعني بها.

وقوله "أمي" خطأ والصواب ما ورد في حديث البخاري التالي:

2158 -

* روى البخاري عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، قال: أغمي على عبد الله ابن رواحة، فجعلت أخته عمرة تبكي: واجبلاه، واكذا، واكذا تعدد عليه. فقال حين أفاق: ما قلت شيئاً إلا قيل لي: أنت كذلك؟.

فعلم من ذلك أن الباكية أخته عمرة وليست أمه. وهي الدة النعمان بن بشير راوي الحديث.

2159 -

* روى البخاري ومسلم عن أبي الدرداء قال: خرجنا مع النبي، صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار، حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا ما

(1) إسناده صحيح، لكنه مرسل. وذكره الحافظ في "الإصابة" 6/ 78، قال: أخرجه البيهقي بسند صحيح من طريق: ثابت، عن ابن أبي ليلى

وأخرجه من وجه آخر إلى هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، والمرسل أصح سنداً. ونسبه صاحب "الكنز"(37173) إلى ابن عساكر.

2157 -

الطبقات الكبرى: (3/ 529) مرسلاً.

2158 -

البخاري (7/ 516) 64 - كتاب المغازي- 44 - باب غزوة مؤتة من أرض الشام.

2159 -

البخاري (4/ 182) 30 - كتاب الصوم- 35 - باب حدثنا عبد الله بن يوسف.

ومسلم (2/ 790) 31 - كتاب الصيام- 17 - باب التخبير في الصوم والفطر في السفر.

ص: 2028

كان النبي صلى الله عليه وسلم، وابن رواحة.

قال الذهبي في السير: عن ابن أبي ليلى قال: تزوج رجلٌ ابن رواحة فقال لها: تدرين لم تزوجتُك؟ لتخبريني عن صنيع عبد الله في بيته. فذكرت له شيئاً لا أحفظه، غير أنَّها قالت: كان إذا أراد أن يخرُج من بيته صلى ركعتين، وإذا دخل صلى ركعتين، لا يدعُ ذلك أبداً (1).

قال ابن سيرين: كان شعراءُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، عبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، وكعب بن مالك.

قيل: لما جهز النبيُّ صلى الله عليه وسلم، إلى مؤتة الأمراء الثلاثة، فقال: الأميرُ زيد، فإن أصيب فجعفرٌ، فإن أصيب، فابنُ رواحة، فلما قُتلا، كره ابنُ رواحة الإقدام فقال:

أقسمت يا نفس لتنزلنه

طائعة أو لا لتكرهنه

فطالما قد كنت مطمئنه

مالي أراك تكرهين الجنة

فقاتل حتى قُتل.

قال مُدرك بن عُمارة: قال ابنُ رواحة: مررت بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فجلستُ بين يديه، فقال: كيف تقول الشعر إذا أردت أن تقول. قلت أنظر في ذاك، ثم أقولُ. قال: فعليك بالمشركين، ولم أكن هيأت شيئاً. ثم قلتُ:

فخبروني أثمان العباء متى

كنتم بطاريق أو دانت لكم مضر

فرأيته قد كره هذا أن جعلت قومه أثمان العباء فقلتُ:

يا هاشم الخير إن الله فضلكم

على البرية فضلاً ما له غير

إني تفرست فيك الخير أعرفه

فراسةً خالفتهم في الذي نظروا

ولو سألت إن استنصرت بعضهم

في جل أمرك ما آووا ولا نصروا

فثبت الله ما أتاك من حسنٍ

تثبيت موسى ونصراً كالذي نصروا

(1) ورجاله ثقات، ونسبه الحافظ في (الإصابة) إلى ابن المبارك في الزهد وصحح سنده.

ص: 2029

فأقبل، صلى الله عليه وسلم، بوجهه مستبشراً وقال:"وإياك فثبت الله".

وقال ابن سيرين: كان حسان وكعبُ يُعارضان المشركين بمثل قولهم بالواقع والأيام والمآثر. وكان ابنُ رواحة يعيرهم بالكفر، وينسبهم إليه، فلما أسلموا وفقهوا، كان أشدَّ عليهم.

قال أبو زرعة الدمشقي: قلتُ لأحمد بن حنبل: فحديثُ أنس: دخل النبي عليه السلام مكة وابن رواحة أخذ بغرزه (1) فقال: ليس له أصل.

وعن قيس بن أبي حازم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لابن رواحة:"انزل فحرك الركاب". قال: يا رسول الله لقد تركتُ قولي: فقال له عمر: اسمع وأطع، فنزل وقال:

تالله لولا الله ما اهتدينا

ولا تصدقنا ولا صلينا (2)

اهـ كلام الذهبي.

2160 -

* روى الترمذي والنسائي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء وعبد الله بن رواحة بين يديه يمشي وهو يقول:

خلوا بني الكفار عن سبيله

اليوم نضربكم على تنزيله

ضرباً يزيل الهام عن مقيله

ويذهل الخليل عن خليله

فقال له عمر: يا ابن رواحة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حرم الله تقول الشعر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "خل عنه يا عمر، فلهي أسرع فيهم من نضح النبل".

(1) غرزه: ركاب الخيل.

(2)

رواه ابن سعد مطولاً في الطبقات الكبرى (3/ 527) ورجاله ثقات، لكنه مرسل.

2160 -

الترمذي (5/ 139) 44 - كتاب الأدب- 70 - باب ما جاء في إنشاد الشعر وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

والنسائي (5/ 202) كتاب مناسك الحج، باب إنشاد الشعر في الحرم والمشي بين يدي الإمام. وذكره الحافظ في الإصابة (4/ 67) ونسبه إلى أبي يعلى؛ وقال: سنده حسن.

ص: 2030

2161 -

* روى أحمد وابن المبارك عن بكر بن عبد الله المزني قال: لما نزلت هذه الآية {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} ذهب عبد الله بن رواحة إلى بيته فبكى، فجاءت المرأة فبكت، وجاءت الخادم فبكت. وجاء أهل البيت فجعلوا يبكون. فلما انقطعت عبرتهم قال: يا أهلاه ما الذي أبكاكم؟ قالوا: لا ندري. ولكن رأيناك بكيت فبكينا. قال: إنه أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، آية ينبئني فيها ربي تبارك وتعالى أني وارد النار، ولم ينبئني أني صادر عنها، فذاك الذي أبكاني.

2162 -

* روى أبو نعيم عن ابن شهاب الزهري قال: زعموا أن ابن رواحة بكى حين أراد الخروج إلى مؤتة. فبكى أهله حين رأوه يبكي فقال: والله ما بكيت جزعاً من الموت، ولا صبابة لكم. ولكني بكيت من قول الله عز وجل:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} (3) فأيقنت أني واردها، ولم أدر أنجو منها أم لا.

قال الذهبي: الزهري عن سليمان بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يبعثُ ابن رواحة خيبر فيخرص بينه وبين يهود، فجمعوا حُلياً من نسائهم فقالوا: هذا لك وخفف عنا. قال: يا معشر يهود! والله إنكم لمن أبغض خلق الله إليَّ، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم، والرشوةُ سُحت. فقالوا: بهذا قامت السماء والأرض (4).

ابن وهب: حدثني أسامة بن زيد أنَّ نافعاً حدثه قال: كانت لابن رواحة امرأة، وكان يتقيها، وكانت له جارية، فوقع عليها. فقالت له. فقال: سبحان الله! قالت: اقرأ عليَّ إذا، فإنك جُنُب فقال:

2161 - أخرجه ابن المبارك وأحمد في الزهد وابن عساكر.

2162 -

حلية الأولياء (1/ 118).

(1)

مريم: 71.

(2)

وقال ابن هشام: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما حدثني عبد الله بن أبي بكر، يبعث عبد الله بن رواحة خارصاً بين المسلمين ويهمود. فإذا قالوا: تعديت علينا، قال: إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلنا. فتقول يهود: بهذا قامت السماوات والأرض.

(أي كأن يقدر في البستان مائة وسق، للمسلمين منها خمسون وسقاً، فإن رفضتم فنحن نأخذها جميعاً ونعطيكم حصتكم "المصنف" منها خمسين وسقاً).

ص: 2031

شهدت بإذن الله أن محمداً

رسول الذي فوق السموات من علُ

وأن أبا يحيى ويحيى كلاهما

له عملٌ من ربه متقبلُ (1)

عن عروة قال: ثم أخذ الراية، يعني بعد قتل صاحبه، قال: فالتوى بعض الالتواء، ثم تقدم بها على فرسه، فجعل يستنزل نفسهـ ويتردد بها بعض التردد.

قال: وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم أنه قال عند ذلك:

أقسمت بالله لتنزلنه

طائعة أو لا لتكرهنه

إن أجلب الناس وشدوا الرنة

مالي أراك تكرهين الجنه

قد طال ما قد كنت مطمئنه

هل أنت إلا نطفةٌ في شنه

ثم نزل فقاتل حتى قُتل.

وقال أيضاً:

يا نفس إن لا تقتلي تموتي

هذا حمام الموت قد لقيت

وما تمنيت فقد أعطيت

إن تفعلي فعلها هديت

وإن تأخرت فقد شقيت (2)

قال الوليد بن مسلم: فسمعت أنهم ساروا بناحية معان، فأخبروا أن الروم قد جمعوا لهم جموعاً كثيرة، فاستشار زيد أصحابه فقالوا: قد وطئت البلاد وأخفت أهلها، فانصرف وابن رواحة ساكت، فسأله فقال: إنا لم نسر لغنائم، ولكنا خرجنا للقاء، ولسنا نقاتلهم بعدد ولا عدة، والرأي المسير إليهم. قال عروةُ بن الزبير: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن أصيب ابن رواحة، فليرتض المسلمون رجلاً" ثم ساروا حتى نزلوا بمعان، فبلغهم أن هرقل قد نزل بمآب في مئة ألف من الروم، ومئة ألف من المستعربة، فشجع الناس ابن رواحة، وقال: يا قوم والله إن الذي تكرهون للتي خرجتم لها: الشهادة. وكانوا ثلاثة آلاف (3). اهـ.

(1) ورواه أبو نعيم في الحلية (1/ 119).

(2)

رجاله ثقات، ولكنه مرسل.

(3)

ورواه أبو نعيم في الحلية (1/ 120).

ص: 2032

2163 -

* روى الطبراني عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله أخي عبد الله بن رواحة، كان أينما أدركته الصلاة أناخ".

* * *

2163 - قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 316): رواه الطبراني وإسناده حسن.

ص: 2033