المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌37 - معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما - الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية - جـ ٤

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌قصة استخلافه:

- ‌ذكر زوجاته وبنيه وبناته رضي الله عنهم:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ست وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة سبع وعشرين:

- ‌غزوة الأندلس:

- ‌وقعة جرير والبربر مع المسلمين:

- ‌فتح قبرص:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاثين من الهجرة النبوية:

- ‌ثم خلت سنة إحدى وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة أربع وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ذكر مجيء الأحزاب إلى عثمان للمرة الثانية في مصر:

- ‌ذكر حصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان:

- ‌تعليقات

- ‌شرح مختصر لأسباب الفتنة في اجتهادي:

- ‌1 - ظهور الورع الجاهل:

- ‌2 - تآمر الحاقدين:

- ‌3 - طموح الطامحين:

- ‌4 - العفوية:

- ‌5 - عدم مراعاة الرأي العام السائد:

- ‌على بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ثم دخلت سنة ست وثلاثين من الهجرة:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وثلاثين:

- ‌ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:

- ‌صفة مقتله رضي الله عنه:

- ‌تعليقات

- ‌عبد الله بن الزبير رضي الله عنه

- ‌تعليقات

- ‌الوصل الثالثفينماذج من أصحابه

- ‌تمهيد

- ‌1 - أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌2 - طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌3 - الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌4 - عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه

- ‌5 - سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌6 - سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌7 - زيد بن حارثة حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه رضي الله عنه

- ‌8 - أسامة بن زيد الحِبُّ بن الحِبُّ رضي الله عنه

- ‌9 - عمار بن ياسر رضي الله عنه

- ‌10 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

- ‌11 - أبو ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌12 - حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما

- ‌13 - سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌14 - عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

- ‌15 - بلال بن رباح رضي الله عنه

- ‌16 - أبي بن كعب رضي الله عنه

- ‌17 - أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه

- ‌18 - المقداد بن عمرو (المشهور بابن الأسود) رضي الله عنه

- ‌19 - أبو قتادة الأنصاري السلمي رضي الله عنه

- ‌20 - سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌21 - عبد الله بن قيس (المشهور بأبي موسى الأشعري) رضي الله عنه

- ‌22 - عبد الله بن سلام رضي الله عنه

- ‌23 - جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه

- ‌24 - 25 - جابر بن عبد الله وأبوه عبد الله بن عمرو بن حرام

- ‌26 - البراء بن مالك رضي الله عنه

- ‌27 - أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌28 - ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلموخطيب الأنصار

- ‌29 - أبو هريرة رضي الله عنه

- ‌30 - حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه

- ‌31 - جليبيب رضي الله عنه

- ‌32 - حارثة بن سراقة رضي الله عنه

- ‌33 - قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما

- ‌34 - خالد بن الوليد رضي الله عنه

- ‌35 - عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌36 - أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه

- ‌37 - معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما

- ‌38 - عباد بن بشر رضي الله عنه

- ‌39 - ضماد رضي الله عنه

- ‌40 - عدي بن حاتم رضي الله عنه

- ‌41 - ثمامة بن أثال رضي الله عنه

- ‌42 - عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه

- ‌43 - خباب بن الأرتِّ رضي الله عنه

- ‌44 - سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما

- ‌45 - عامر بن ربيعة رضي الله عنه

- ‌46 - عبد الله بن جحش رضي الله عنه

- ‌47 - صهيب بن سنان رضي الله عنه

- ‌48 - عثمان بن مظعون رضي الله عنه

- ‌49 - معاذ بن جبل رضي الله عنه

- ‌50 - عمرو بن الجموح رضي الله عنه

- ‌51 - حارثة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌52 - عبد الله بن رواحة رضي الله عنه

- ‌53 - عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه

- ‌54 - قتادة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌55 - عبادة بن الصامت رضي الله عنه

- ‌56 - خزيمة بن ثابت رضي الله عنه

- ‌57 - خالد بن زيد المشهور بأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه

- ‌58 - زيد بن ثابت رضي الله عنه

- ‌59 - سلمة بن الأكوع رضي الله عنه

- ‌60 - أبو الدرداء رضي الله عنه

- ‌61 - عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه

- ‌62 - عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه

- ‌63 - أبو زيد عمر بن أخطب رضي الله عنه

- ‌64 - أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه

- ‌65 - عبد الله بن بسر رضي الله عنه

- ‌66 - السائب بن يزيد رضي الله عنه

- ‌67 - ورقة بن نوفل رضي الله عنه

- ‌68 - حكيم بن حزام رضي الله عنه

- ‌69 - قيس بن عاصم المنقري رضي الله عنه

- ‌70 - عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه

- ‌71 - عبد الله بن حذافة السهمي

- ‌72 - عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌73 - محمد بن مسلمة رضي الله عنه

- ‌74 - حسان بن ثابت

- ‌75 - حجر بن عدي رضي الله عنه

- ‌76 - عمران بن حصين رضي الله عنه

- ‌77 - سهيل بن عمرو رضي الله عنه

- ‌78 - أبو سعيدٍ الخدري رضي الله عنه

- ‌79 - المغيرة بن شعبة رضي الله عنه

- ‌80 - النجاشي رضي الله عنه

- ‌81 - أسيد بن حضير رضي الله عنه

- ‌82 - عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه

- ‌83 - أسعد بن زرارة رضي الله عنه

- ‌84 - أبو دجانة سماك بن خرشة الخزرجي رضي الله عنه

- ‌85 - أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما

- ‌86 - أم حرامٍ رضي الله عنها

- ‌87 - أمُّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها

- ‌88 - هند بنت عتبة رضي الله عنها

- ‌89 - نسيبةُ بنتُ كعب رضي الله عنها

- ‌90 - أم أيمن بركة بنت ثعلبة رضي الله عنها

- ‌91 - أم عطية الأنصارية رضي الله عنها

- ‌92 - أم سَلِيط رضي الله عنها

- ‌93 - بريرة مولاة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

- ‌94 - الربيع بنت معوذ رضي الله عنها

- ‌95 - أسماء بنت عُميْس رضي الله عنها

- ‌تعليقات على هذا الباب

- ‌خاتمة القسم الأول

الفصل: ‌37 - معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما

‌37 - معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما

قال ابن حجر: معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي أمير المؤمنين، ولد قبل البعثة بخمس سنين وقيل بسبع وقيل بثلاث عشرة والأول أشهر، وحكى الواقدي أنه أسلم بعد الحديبية وكتم إسلامه حتى أظهره عام الفتح وأنه كان في عمرة القضاء مسلمًا، وهذا يعارضه ما ثبت في الصحيح عن سعد بن أبي وقاص أنه قال في العمرة في أشهر الحج فعلناها وهذا يومئذ كافر، ويحتمل إن ثبت الأول أن يكون سعد أطلق ذلك بحسب ما استصحب من حاله ولم يطلع على أنه كان أسلم لإخفائه لإسلامه، وقد أخرج أحمد من طريق محمد بن علي بن الحسين عن ابن عباس أن معاوية قال: قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند المروة، وأصل الحديث في البخاري من طريق طاوس عن ابن عباس بلفظ: قصرت بمشقص ولم يذكر المروة، وذكر المروة يعين أنه كان معتمرًا لأنه كان في حجة الوداع حلق بمنى كما ثبت في الصحيحين عن أنس، وأخرج البغوي من طريق محمد بن سلام الجمحي عن أبان بن عثمان كان معاوية بمنى وهو غلام مع أمه إذ عثر فقالت: قم لا رفعك الله، فقال لها أعرابي: لم تقولين له هذا والله إني لأراه ليسود قومه، فقالت: لا رفعه الله إن لم يسد إلا قومه قال أبو نعيم: كان من الكتبة الحسبة الفصحاء حليمًا وقورًا. وعن خالد بن معدان: كان طويلاً أبيض أجلح، وصحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكتب له.

عن معاوية قال: اتبعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوضوء فلما توضأ نظر إلي فقال: "يا معاوية إن وليت أمرًا فاتق الله واعدل" فما زلت أظن أني مبتلي بعمل، سويد فيه مقال وقد أخرجه البيهقي في الدلائل من وجه آخر.

قال ابن عباس: ما رأيت أحدًا أحلى للملك من معاوية. وقال البغوي [بسنده]: كان عمر إذا نظر إلى معاوية قال: هذا كسرى العرب، وذكر ابن سعد عن المدائني قال: نظر أبو سفيان إلى معاوية وهو غلام فقال: إن ابني هذا لعظيم الرأس وإنه لخليق أن يسود قومه، فقالت هند: قومه فقط ثكلته إن لم يسد العرب قاطبة. وقال المدائني: كان زيد

ص: 1969

ابن ثابت يكتب الوحي وكان معاوية يكتب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما بينه وبين العرب وفي مسند أحمد وأصله في مسلم عن ابن عباس قال قال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ادع لي معاوية" وكان كاتبه.

وقال ابن المبارك في كتاب الزهد عن أسلم مولى عمر قال: قدم علينا معاوية وهو أبض الناس وأجملهم فخرج إلى الحج مع عمر بن الخطاب، وكان عمر ينظر إليه فيتعجب منه ثم يضع أصبعه على جبينه ثم يرفعها عن مثل الشراك فيقول: بخ بخ إذا نحن خير الناس أن جمع لنا خير الدنيا والآخرة، فقال معاوية: يا أمير المؤمنين سأحدثك أنا بأرض الحمامات والريف

فقال عمر: سأحدثك ما بك إلطافك نفسك بأطيب الطعام وتصحبك حتى تضرب الشمس متنيك وذوو الحاجات وراء الباب، قال: حتى جئنا ذا طوى فأخرج معاوية حلة فلبسها فوجد عمر منها ريحًا كأنه ريح طيب فقال: يعمد أحدكم فيخرج حاجًا تفلاً حتى إذا جاء أعظم بلدان الله حرمة أخرج ثوبيه كأنهما كانا في الطيب فلبسهما، فقال له معاوية: إنما لبستهما لأدخل بهما على عشيرتي يا عمر: والله لقد بلغني أذاك ههنا وبالشام فالله يعلم أن لقد عرفت الحياء في عمر فنزع معاوية الثوبين ولبس ثوبيه اللذين أحرم فيهما وهذا سند قوي.

وأخرج ابن سعد [بسنده] قال: دخل معاوية على عمر بن الخطاب وعليه حلة خضراء فنظر إليه الصحابة فلما رأى ذلك عمر قام ومعه الدرة فجعل ضربًا بمعاوية ومعاوية يقول: الله الله يا أمير المؤمنين فيم فيم، فلم يكلمه حتى رجع فجلس في مجلسه فقالوا له: لم ضربت الفتى وما في قومك مثله؟ فقال: ما رأيت إلى خيرًا وما بلغني إلا خير، ولكني رأيته وأشار بيده يعني إلى فوق فأردت أن أضع منه.

وقال ابن أبي الدنيا: قال عمر إياكم والفرقة بعدي فإن فعلتم فاعلموا أن معاوية بالشام فإذا وكلتم إلي رأيكم كيف يستبزها منكم.

مات معاوية في رجب سنة ستين على الصحيح. وسنة بضع وسبعون إلى الثمانين اهـ. ابن حجر.

ص: 1970

وقال ابن كثير: أسلم هو وأبوه وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس يوم الفتح. وقد روى عن معاوية أنه قال: أسلمت يوم عمرة القضاء ولكني كتمت إسلامي من أبي إلى يوم الفتح، وقد كان أبوه من سادات قريش في الجاهلية، وآلت إليه رياسة قريش بعد يوم بدر، فكان هو أمير الحروب من ذلك الجانب، وكان رئيسًا مطاعًا ذا مال جزيل، ولما أسلم قال: يا رسول الله مرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين. قال: "نعم" قال ومعاوية تجعله كاتبًا بين يديك، قال:"نعم" ثم سأل أن يزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنته، وهي عزة بنت أبي سفيان واستعان على ذلك بأختها أم حبيبة، فلم يقع ذلك، وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ذلك لا يحل له.

والمقصود أن معاوية كان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع غيره من كتاب الوحي رضي الله عنهم. ولما فتحت الشام ولاه عمر نيابة دمشق بعد أخيه يزيد بن أبي سفيان، وأقره على ذلك عثمان بن عفان وزاده بلادًا أخرى، وهو الذي بنى القبة الخضراء بدمشق وسكنها أربعين سنة، قاله الحافظ ابن عساكر. ولما ولي علي بن أبي طالب الخلافة أشار عليه كثير من أمرائه ممن باشر قتل عثمان أن يعزل معاوية عن الشام ويولي عليها سهل بن حنيف، فعزله فلم ينتظم عزله والتف عليه جماعة من أهل الشام ومانع عليها عنها وقد قال: لا أبايعه حتى يسلمني قتلة عثمان فإنه قتل مظلومًا، وقد قال الله تعالى:{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} (1).

وروى الطبراني عن ابن عباس أنه قال ما زلت موقنًا أن معاوية يلي الملك من هذه الآية فلما امتنع معاوية من البيعة لعلي حتى يسلمه القتلة، كان من صفين ما قدمنا ذكره، ثم آل الأمر إلى التحكيم.

أقول: هناك روايات مشهورة فيما توصل إليه الحكمان والتحقيق أن هذه الروايات المشهورة لا تمثل الحقيقة. وعلى كل الأحوال فقد ترتب على هذا التحكيم ضعف وضع علي وقوة معاوية، فالتحقيق أنهما اتفقا على تولية غير علي ومعاوية ولكن الأمر لم يتم.

(1) الإسراء: 33.

ص: 1971

ثم قال ابن كثير: واستفحل أمر معاوية، ولم يزل أمر علي في اختلاف مع أصحابه حتى قتله ابن ملجم كما تقدم، فعند ذلك بايع أهل العراق الحسن بن علي، وبايع أهل الشام لمعاوية بن أبي سفيان، ثم ركب الحسن في جنود العراق عن غير إرادة منه، وركب معاوية في أهل الشام، فلما تواجه الجيشان وتقابل الفريقان سعى الناس بينهما في الصلح، فانتهى الحال إلى أن خلع الحسن نفسه من الخلافة وسلم الملك إلى معاوية بن أبي سفيان، وكان ذلك في ربيع الأول من هذه السنة -أعني سنة إحدى وأربعين- ودخل معاوية إلى الكوفة فخطب الناس بها خطبة بليغة بعد ما بايعه الناس -واستوثقه له الممالك شرقًا وغربًا، وبعدًا وقربًا، وسمي هذا العام عام الجماعة لاجتماع الكلمة فيه على أمير واحد بعد الفرقة، فولي معاوية قضاء الشام لفضالة بن عبيد، ثم بعده لأبي إدريس الخولاني، وكان على شرطته قيس بن حمزة، وكان كاتبه وصاحب أمره سرحون بن منصور الرومي، ويقال إنه أول من اتخذ الحرس وأول من حزم الكتب وختمها، اهـ. ابن كثير.

قال الذهبي في ترجمته: أمير المؤمنين، ملك الإسلام، أبو عبيد الرحمن، القرشي الأموي المكي، وأمه هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي. قيل: إنه أسلم قبل أبيه وقت عمرة القضاء، وبقي يخاف من اللحاق بالنبي صلى الله عليه وسلم من أبيه، ولكن ما ظهر إسلامه إلا يوم الفتح، ذكر ابن أبي الدنيا وغيره أن معاوية كان طويلاً، أبيض، جميلاً إذا ضحك انقلبت شفته العليا، وكان يخضب.

وخلف معاوية خلق كثير يحبونه ويتغالون فيه ويفضلونه، إما قد ملكهم بالكرم والحلم والعطاء، وإما قد ولدوا في الشام على حبه، وتربي أولادهم على ذلك، وفيهم جماعة يسيرة من الصحابة، وعدد كبير من التابعين والفضلاء، وحاربوا معه أهل العراق، ونشؤوا على النصب (1)، نعوذ بالله من الهوى، كما قد نشأ جيش علي رضي الله عنه، ورعيته -إلا الخوارج منهم- على حبه والقيام معه، وبغض من بغى عليه والتبري منهم، وغلا خلق منهم في التشيع، فبالله كيف يكون حال من نشأ في إقليم، لا يكاد يشاهد فيه إلا غالبًا في

(1) النصب: عداوة أهل البيت النبوي الشريف.

ص: 1972

الحب، مفرطًا في البغض، ومن أين يقع له الإنصاف والاعتدال؟ فنحمد الله على العافية الذي أوجدنا في زمانٍ قد انمحص فيه الحق، واتضح من الطرفين، وعرفنا مآخذ كل واحدٍ من الطائفتين، وتبصرنا، فعذرنا، استغفرنا، وأحببنا باقتصاد، وترحمنا على البغاة بتأويلٍ سائع في الجملة، أو بخطأ إن شاء الله مغفورٍ، وقلنا كما علمنا الله {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} (1) وترضينا أيضًا عمن اعتزل الفريقين، كسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، ومحمد بن مسلمة، وسعيد بن زيد، وخلق. وتبرأنا من الخوارج المارقين الذين حاربوا عليًا، وكفروا الفريقين، فالخوارج كلاب النار، وقد مرقوا من الدين، ومع هذا فلا نقطع لهم بخلود النار، كما نقطع به لعبدة الأصنام والصلبان.

قلت: [الذهبي] حسبك بمن يؤمره عمر، ثم عثمان على إقليم -وهو ثغر- فيضبطه، ويقوم به أتم قيام، ويرضي الناس بسخائه وحلمه، وإن كان بعضهم تألم مرة منه، وكذلك فليكن الملك. وإن كان غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا منه بكثير وأفضل وأصلح، فهذا الرجل ساد، وساس العالم بكمال عقله، وفرط حلمه، وسعة نفسه، وقوة دهائه، ورأيه. وله هنات وأمور، والله الموعد.

وكان محببًا إلى رعيته. عمل نيابة الشام عشرين سنة، والخلافة عشرين سنة، ولم يهجه أحد في دولته، بل دانت له الأمم، وحكم على العرب والعجم، وكان ملكه على الحرمين، ومصر، والشام، والعراق، وخراسان، وفارس، والجزيرة، واليمن، والمغرب، وغير ذلك.

عن إسماعيل بن أمية: أن عمر أفرد معاوية بالشام، ورزقه في الشهر ثمانين دينارًا. والمحفوظ أن الذي أفرد معاوية بالشام عثمان.

وفي أول صفر شبت الحرب، وقتل خلق، وضجروا، فرفع أهل الشام المصاحف، وقالوا: ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فيه، وكان ذلك مكيدة من عمرو بن العاص،

(1) الحشر: 10.

ص: 1973

فاصطلحوا وكتبوا بينهم كتابًا على أن يوافوا أذرح (1). ويحكموا حكمين.

قال: فلم يقع اتفاق. ورجع علي إلى الكوفة بالدغل (2) من أصحابه والاختلاف، فخرج منهم الخوارج، وأنكروا تحكيمه، وقالوا: لا حكم إلا لله. ورجع معاوية بالألفة والاجتماع، وبايعه أهل الشام بالخلافة في ذي القعدة سنة ثمانٍ وثلاثين. فكان يبعث الغارات، فيقتلون من كان في طاعة علي، أو من أعان على قتل عثمان، وبعث بسر بن أبي أرطاة إلى الحجاز واليمن يستعرض الناس، فقتل باليمن عبد الرحمن وقثما ولدي عبيد الله بن عباس، ثم استشهد علي في رمضان سنة أربعين.

وصالح الحسن بن علي معاوية، وبايعه، وسمي عام الجماعة، فاستعمل معاوية على الكوفة المغيرة بن شعبة، وعلى البصرة عبد الله بن عامر بن كريز، وعلى المدينة أخاه عتبة ثم مروان، وعلى مصر عمرو بن العاص، وحج بالناس سنة خمسين، وكان على قضائه بالشام فضالة بن عبيد.

ثم اعتمر سنة ستٍ وخمسين في رجب، وكان بينه وبين الحسين، وابن عمر، وابن الزبير، وابن أبي بكر، كلام في بيعة العهد ليزيد، ثم قال: إني متكلم بكلام، فلا تردوا على أقتلكم، فخطب، وأظهر أنهم قد بايعوا، وسكتوا ولم ينكروا، ورحل على هذا وادعى زيادًا أنه أخوه، فولاه الكوفة بعد المغيرة، فكتب إليه في حجر بن عدي وأصحابه، وحملهم إليه، فقتلهم بمرج عذراء ثم ضم الكوفة والبصرة إلى زياد، فمات، فولاهما ابنه عبيد الله بن زياد. ا. هـ الذهبي.

2121 -

* روى مسلم عن أبي عثمان: قال: لما ادعى زياد، لقيت أبا بكرة، فقلت له: ما هذا الذي صنعتم؟ إني سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: سمع أذناي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "من ادعى أبًا في الإسلام غير أبيه يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه

(1) أذرح: اسم بلد في أطراف الشام من نواحي البلقاء وعمان مجاورة لأرض الحجاز.

(2)

الدغل: الفساد.

2121 -

مسلم (1/ 80) 1 - كتاب الإيمان 27 - باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم.

ص: 1974

حرام"؛ فقال أبو بكر: وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الحافظ: والمراد بزياد الذي ادعي: زياد بن سمية وهي أمه، كانت أمة للحارث ابن كلدة وهو زوجها لمولاه عبيد، فأتت بزياد على فراشه وهم بالطائف قبل أن يسلم أهل الطائف، فلما كان في خلافة عمر، سمع أبو سفيان بن حرب كلام زياد عند عمر، وكان بليغًا فأعجبه، فقال: إني لأعرف من وضعه في أمه، ولو شئت لسميته، ولكن أخاف من عمر، فلما ولي معاوية الخلافة، كان زياد على فارس من قبل علي، فأراد مدراراته، فأطعمه في أنه يلحقه بأبي سفيان، فأصغى زياد إلى ذلك، فجرت في ذلك خطوب إلى أن ادعاه معاوية، فأمره على البصرة، ثم على الكوفة، وأكرمه، وسار زياد سيرته المشهورة، وسياسته المذكورة، فكان كثير من الصحابة والتابعين ينكرون ذلك على معاوية محتجين بحديث "الولد للفراش".

وأما حديث حجر بن عدي فعن ابن سيرين أن زيادًا أطال الخطبة، فقال حجر بن عدي: الطلاق، فمضى في خطبته، فقال له: الصلاة وضرب بيده إلى الحصى، وضرب الناس بأيديهم إلى الحصى، فنزل، فصلى، ثم كتب فيه إلى معاوية، فكتب معاوية: أن سرح به إلي، فسرحه إليه، فلما قدم عليه، قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، قال: وأمير المؤمنين أنا؟ إني لا أقيلك ولا أستقيلك، فأمر بقتله، فلما انطلقوا به، طلب منهم أن يأذنوا له، فيصلي ركعتين، فأذنوا له. فصلى ركعتين، ثم قال: لا تطلقوا عني حديدًا ولا تغسلوا عني دمًا. وادفنوني في ثيابي، فإني مخاصم، قال: فقتل (1).

وذكر الذهبي في السير (2) عن يعلى بن عبيد عن أبيه، قال: جاء أبو مسلم الخولاني وأناس إلى معاوية، وقالوا: أنت تنازع عليًا أم أنت مثله؟ فقال: لا والله، إني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلومًا، وأنا ابن عمه، والطالب بدمه، فائتوه، فقولوا له، فليدفع إلي قتلة عثمان، وأسلم له. فأتوا عليًا،

(1) رواه الحاكم في المستدرك (3/ 469) وذكره الطبري وابن الأثير وابن كثير وتاريخ الإسلام وتاريخ خليفة.

(2)

السير (3/ 140) ورجاله ثقات وذكره ابن كثير في البداية والنهائية (8/ 129).

ص: 1975

فكلموه، فلم يدفعهم إليه.

وذكر الذهبي في السير (1) عن أنس قال: تعاهد ثلاثة من أهل العراق على قتل معاوية، وعمرو بن العاص، وحبيب بن مسلمة. وأقبلوا بعد بيعة معاوية بالخلافة حتى قدموا إيلياء، فصلوا من السحر في المسجد، فلما خرج معاوية لصلاة الفجر، كبر، فلما سجد انبطح أحدهم على ظهر الحرسي الساجد بينه وبين معاوية حتى طعن معاوية في مأكمته فانصرف معاوية، وقال: أتموا صلاتكم، وأمسك الرجل، فقال الطبيب: إن لم يكن الخنجر مسمومًا، فلا بأس عليك. فأعد الطبيب عقاقيره، ثم لحس الخنجر، فلم يجده مسمومًا، فكبر، وكبر من عنده وقيل: ليس بأمير المؤمنين بأس.

قال الذهبي: هذه المرة غير المرة التي جرح فيها وقتما قتل علي رضي الله عنه. فإن تلك فلق أليته وسقي أدوية خلصته من السم، لكن قطع نسله.

قال الذهبي: قتل بين الفريقين [يعني في صفين] نحو من ستين ألفًا. وقيل: سبعون ألفًا وقتل عمار مع علي، وتبين للناس قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تقتله الفئة الباغية" ا. هـ.

2122 -

* روى البخاري عن عكرمة قال لي ابن عباسٍ ولابنه علي: انطلقا إلى أبي سعيدٍ فاسمعا من حديثه. فانطلقنا، فإذا هو حائطٍ يصلحه، فأخذ رداءه فاحتبى، ثم أنشأ يحدثنا، حتى أتى على ذكر بناء المسجد فقال:"كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين. فرآه النبي صلى الله عليه وسلم، فينفض التراب عنه ويقول: "ويح عمارٍ تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار" قال يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن.

قال الشيخ شعيب: وهو حديث صحيح مشهور بل متواتر، ولما لم يقدر معاوية على إنكاره، قال: إنما قتله الذين جاؤوا به، كما في [المسند] بسند صحيح، فأجابه علي رضي الله عنه بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن قتل حمزة حين أخرجه، وهذا منه رضي الله عنه إلزام

(1) السير (3/ 143) ورجاله ثقات.

إيلياء: اسم مدينة بيت المقدس. مأكمته: عجيزته. أليته: العجيزة.

2122 -

البخاري (1/ 541) 8 - كتاب الصلاة -63 - باب التعاون في بناء المسجد.

ص: 1976

مفحم لا جواب عنه. وحجة لا اعترض عليها.

وما ذهب إليه الذهبي من كون طائفة معاوية هي الباغية هو مذهب فقهاء الحجاز والعراق من فريقي الحديث والرأي، منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي، وغيرهم كما قال الإمام عبد القاهر الجرجاني في كتاب "الإمامة". نقله عنه المناوي في "فيض القدير".

قال الذهبي: وتسلم معاوية الخلافة في آخر ربيع الآخر، وسمي عام الجماعة لاجتماعهم على إمام، وهو عام أحد وأربعين.

وقال ابن إسحاق: بويع معاوية بالخلافة في ربيع الأول سنة إحدى وأربعين لما دخل الكوفة.

وقال أبو معشر: بايعه الحسن بأذرح في جمادى الأولى، وهو عام الجماعة. اهـ.

ذكر الذهبي في السير (1) عن القاسم بن محمد؛ أن معاوية لما قدم المدينة حاجًا، دخل على عائشة، فلم يشهد كلامهما إلا ذكوان مولاها، فقالت له: أمنت أن أخبأ لك رجلاً يقتلك بأخي محمد؟ قال: صدقت. ثم وعظته، وحضته على الاتباع، فلما خرج، اتكأ على ذكوان، وقال: والله ما سمعت خطيبًا -ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم أبلغ من عائشة.

2123 -

* روى أحمد عن سعيد بن المسيب أن معاوية دخل على عائشة، فقالت له: أما خفت أن أقعد لك رجلاً، فيقتلك؟ فقال؟: ما كنت لتفعليه وأنا في بيت أمان، وقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"الإيمان قيد الفتك".

(1) السير (3/ 147) ورجاله ثقات.

2123 -

أحمد في مسنده (4/ 92) وللمرفوع منه شاهد من حديث الزبير عند أحمد وعبد الرزاق، وآخر من حديث أبي هريرة عند أبي داود فالحديث صحيح. قال أبو عبيد: الفتك: أن يأتي الرجل الرجل وهو غار غافل حتى يشد عليه فيقتله، وقوله:"الإيمان قيد الفتك" أي أن الإيمان يمنع القتل كما يمنع القيد عن التصرف، فكأنه جعل الفتك مقيدًا.

ص: 1977

ذكر الذهبي في السير (1) عن عروة أن المسور بن مخرمة أخبره أنه وفد على معاوية، فقضى حاجته، ثم خلا به، فقال: يا مسور ما فعل طعنك على الأئمة؟ قال: دعنا من هذا وأحسن. قال: لا والله، لتكلمني بذات نفسك بالذي تعيب علي. قال مسور: فلم أترك شيئًا أعيبه عليه إلا بينت له. فقال: لا أبرأ من الذنب. فهل تعد لنا يا مسور مانلي من الإصلاح في أمر العامة، فإن الحسنة بعشرة أمثالها، أم تعد الذنوب، وتترك الإحسان؟ قال: ما تذكر إلا الذنوب. قال معاوية: فإنا نعترف لله بكل ذنبٍ أذنبناه، فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلكك إن لم تغفر؟ قال: نعم. قال: فما يجعلك الله برجاء المغفرة أحق مني، فوالله ما ألي من الإصلاح أكثر مما تلي، ولكن والله لا أخير بين أمرين بين الله وبين غيره، إلا اخترت الله على ما سواه، وإني لعلى دين يقبل فيه العمل ويجزى فيه بالحسنات، ويجزى فيه بالذنوب إلا أن يعفو الله عنها. قال: فخصمني. قال عروة: فلم أسمع المسور ذكر معاوية إلا صلى عليه [ترحم عليه].

عن كريب مولى ابن عباس: أنه رأى معاوية صلى العشاء، ثم أوتر بركعة واحدة لم يزد، فأخبر ابن عباس، فقال: أصاب. أي بني ليس أحد منا أعلم من معاوية. هي واحدة أو خمس أو سبع أو أكثر (2).

وذكر الذهبي في السير (3) عن سعيد بن عبد العزيز قال: لما قتل عثمان، ووقع الاختلاف، لم يكن للناس غزو حتى اجتمعوا على معاوية، فأغزاهم مراتٍ. ثم أغزى ابنه في جماعة من الصحابة برًا وبحرًا حتى أجاز بهم الخليج، وقاتوا أهل القسطنطينية على بابها، ثم قفل.

قال الذهبي: قال الزبير بن بكار: كان معاوية أول من اتخذ الديوان للختم، وأمر بالنيروز والمهرجان، واتخذ المقاصير في الجامع، وأول من قتل مسلمًا صبرًا [يعني حجر بن عدي وأصحابه] وأول من قام على رأسه حرس، وأول من قيدت بين يديه الجنائب، وأول

(1) السير (3/ 150) ورجاله ثقات، وأخرجه عبد الرزاق بنحوه في مصنفه (11/ 344).

(2)

مسند الشافعي (1/ 108) ورجاله ثقات.

(3)

السير (3/ 150) وأخرجه أبو زرعة في تاريخ دمشق (1/ 188، 346).

ص: 1978

من اتخذ الخدام الخصيان في الإسلام، وأول من بلغ درجات المنبر خمس عشرة مرقاة، وكان يقول: أنا أول الملوك.

قلت: نعم. فقد روى سفينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"الخلافة بعدي ثلاثون سنة. ثم تكون ملكًا". فانقضت خلافة النبوة ثلاثين عامًا، وولي معاوية، فبالغ في التجمل والهيئة، وقل أن بلغ سلطان إلى رتبته، وليته لم يعهد بالأمر إلى ابنه يزيد، وترك الأمة من اختياره لهم.

ومعاوية من خيار الملوك الذين غلب عدلهم على ظلمهم، وما هو برئ من الهنات، والله يعفو عنه.

قال أبو مسهر: صلى الضحاك بن قيس الفهري على معاوية، ودفن بين باب الجابية وباب الصغير فيما بلغني. اهـ.

قال الشيخ شعيب: (دخل قبره اليوم في مقبرة الباب الصغير إحدى مقابر دمشق وهو ما زال معروفًا ثمة، وقد جدد بناؤه في السنوات الأخيرة).

2124 -

* روى أحمد وأبو داود والترمذي عن سعيد بن جمهان عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم تكون ملكًا" قال سعيد: قال لي سفينة: أمسك خلافة أبي بكر سنتين وعمر عشر، وعثمان ثنتي عشرة، وعلي ست. قال سعيد: قلت لسفينة: إن هؤلاء يزعمون أن عليًا عليه السلام لم يكن بخليفة، قال: كذبت أستاه بني الزرقاء. يعني مروان.

2125 -

* روى مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنت ألعب مع

2124 - أحمد في مسنده (5/ 220)

وأبو داود (4/ 311) كتاب السنة، باب في الخلفاء.

والترمذي (4/ 503) 34 - كتاب الفتن -48 - باب ما جاء في الخلافة وقال: هذا حديث حسن وسنده حسن.

وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي.

2125 -

مسلم (4/ 2010) 45 - كتاب البر والصلة والآداب 25 - باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلاً لذلك، كان له زكاة وأجرا ورحمة.=

ص: 1979

الصبيان، فجاء رسول الله صلى الله عليه سلم، فتواريت خلف بابٍ، قال: فجاء فحطاني خطاة، وقال:"اذهب، وادع لي معاوية" قال: فجئت، فقلت: هو يأكل، ثم قال لي:"اذهب، فادع لي معاوية" قال: فجئت، فقلت: هو يأكل، فقال:"لا أشبع الله بطنه" قال ابن المثنى: فقلت: لأمية: ما حطأني؟ قال: قفدني قفدة".

قال الإمام النووي في شرح حديث: اللهم إنما أنا بشر، فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة. وفي رواية إني اشترطت على ربي فقلت: إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورًا وزكاة وقربة، قال: هذه الأحاديث مبينة ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على أمته والاعتناء بمصالحهم والاحتياط لهم والرغبة في كل ما ينفعهم وهذه الرواية المذكورة آخرًا تبين المراد بباقي الروايات المطلقة وأنه إنما يكون دعاؤه عليه رحمة وكفارة وزكاة ونحو ذلك إذا لم يكن أهلاً للدعاء عليه والسب واللعن ونحوه وكان مسلمًا وإلا فقد دعا صلى الله عليه وسلم على الكفار والمنافقين ولم يكن ذلك لهم رحمة، فإن قيل كيف يدعو على من ليس هو بأهل للدعاء عليه أو يسبه أو يلعنه ونحو ذلك؟ فالجواب ما أجاب به العلماء ومختصره وجهان: أحدهما: أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالى وفي باطن الأمر ولكنه في الظاهر مستوجب له فيظهر له صلى الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية ويكون في باطن الأمر ليس أهلاً لذلك وهو صلى الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية ويكون في باطن الأمر ليس أهلاً لذلك وهو صلى الله عليه وسلم مأمور بالحكم بالظاهر والله يتولى السرائر، والثاني: أن ما وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية كقوله تربت يمينك وعقري حلقي وفي هذا الحديث لا كبرت سنك وفي حديث معاوية لا أشبع الله بطنه ونحو ذلك لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقة الدعاء فخاف صلى الله عليه وسلم أن يصادف شيء من ذلك إجابة فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهورًا وأجرًا وإنما كان يقع هذا منه في النادر والشاذ من الأزمان ولم يكن صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا متفحشًا ولا لعانًا ولا منتقمًا لنفسه. اهـ.

= فحطأني: الحطء بالهمز: الدفع بوسط الكف بين الكتفين، وقد جاء في الحديث غير مهموز، وهو أن تحرك الشيء وتزعزعه.

قعدني: القفد: صفع الرأس ببسط الكف من قبل القفا، تقول: قفدته قفدًا.

ص: 1980

2126 -

* روى الطبراني عن قيس يعني ابن أبي حازم -قال: قال معاوية لأخيه: ارتدف فأبى، فقال: بئس ما أدبت فقال أبو سفيان: دع أخاك

2127 -

* روى الطبراني عن عبد الله بن عمرو: أن معاوية كان يكتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

2128 -

* روى البخاري عن ابن عمر قال: دخلت على حفصة ونوساتها تنظف، قلت: قد كان من أمر الناس ما ترين، فلم يجعل لي من الأمر شيء. قالت: الحق فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة. فلم تدعه حتى ذهب. فلما تفرق الناس خطب معاوية قال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، فلنحن أحق به ومن أبيه. قال حبيب بن مسلمة: فهلا أجبته؟ قال عبد الله: فحللت حبوتي وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام. فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع وتسفك الدم ويحمل عني غير ذلك، فذكرت ما أعد الله في الجنان. قال حبيب: حفظت وعصمت.

2129 -

* روى الطبراني عن إسحاق بن يسار قال: رأيت معاوية بالأبطح أبيض الرأس واللحية.

2130 -

* روى الطبراني عن خالد بن معدان قال: كان معاوية طويلاً أبيض أجلح.

2126 - قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 358): رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

2127 -

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 357): رواه الطبراني وإسناده حسن.

2128 -

البخاري (7/ 403) 64 - كتاب المغازي -29 - باب غزوة الخندق وهي الأحزاب.

نوساتها تنظف: ذوائبها تقنطر ماء.

2129 -

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 355): رواه الطبراني وإسناده حسن.

2130 -

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 355): رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير صالح بن صفوان وهو ثقة.

ص: 1981