المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌10 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه - الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية - جـ ٤

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌قصة استخلافه:

- ‌ذكر زوجاته وبنيه وبناته رضي الله عنهم:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ست وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة سبع وعشرين:

- ‌غزوة الأندلس:

- ‌وقعة جرير والبربر مع المسلمين:

- ‌فتح قبرص:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاثين من الهجرة النبوية:

- ‌ثم خلت سنة إحدى وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة أربع وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ذكر مجيء الأحزاب إلى عثمان للمرة الثانية في مصر:

- ‌ذكر حصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان:

- ‌تعليقات

- ‌شرح مختصر لأسباب الفتنة في اجتهادي:

- ‌1 - ظهور الورع الجاهل:

- ‌2 - تآمر الحاقدين:

- ‌3 - طموح الطامحين:

- ‌4 - العفوية:

- ‌5 - عدم مراعاة الرأي العام السائد:

- ‌على بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ثم دخلت سنة ست وثلاثين من الهجرة:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وثلاثين:

- ‌ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:

- ‌صفة مقتله رضي الله عنه:

- ‌تعليقات

- ‌عبد الله بن الزبير رضي الله عنه

- ‌تعليقات

- ‌الوصل الثالثفينماذج من أصحابه

- ‌تمهيد

- ‌1 - أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌2 - طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌3 - الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌4 - عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه

- ‌5 - سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌6 - سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌7 - زيد بن حارثة حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه رضي الله عنه

- ‌8 - أسامة بن زيد الحِبُّ بن الحِبُّ رضي الله عنه

- ‌9 - عمار بن ياسر رضي الله عنه

- ‌10 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

- ‌11 - أبو ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌12 - حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما

- ‌13 - سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌14 - عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

- ‌15 - بلال بن رباح رضي الله عنه

- ‌16 - أبي بن كعب رضي الله عنه

- ‌17 - أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه

- ‌18 - المقداد بن عمرو (المشهور بابن الأسود) رضي الله عنه

- ‌19 - أبو قتادة الأنصاري السلمي رضي الله عنه

- ‌20 - سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌21 - عبد الله بن قيس (المشهور بأبي موسى الأشعري) رضي الله عنه

- ‌22 - عبد الله بن سلام رضي الله عنه

- ‌23 - جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه

- ‌24 - 25 - جابر بن عبد الله وأبوه عبد الله بن عمرو بن حرام

- ‌26 - البراء بن مالك رضي الله عنه

- ‌27 - أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌28 - ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلموخطيب الأنصار

- ‌29 - أبو هريرة رضي الله عنه

- ‌30 - حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه

- ‌31 - جليبيب رضي الله عنه

- ‌32 - حارثة بن سراقة رضي الله عنه

- ‌33 - قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما

- ‌34 - خالد بن الوليد رضي الله عنه

- ‌35 - عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌36 - أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه

- ‌37 - معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما

- ‌38 - عباد بن بشر رضي الله عنه

- ‌39 - ضماد رضي الله عنه

- ‌40 - عدي بن حاتم رضي الله عنه

- ‌41 - ثمامة بن أثال رضي الله عنه

- ‌42 - عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه

- ‌43 - خباب بن الأرتِّ رضي الله عنه

- ‌44 - سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما

- ‌45 - عامر بن ربيعة رضي الله عنه

- ‌46 - عبد الله بن جحش رضي الله عنه

- ‌47 - صهيب بن سنان رضي الله عنه

- ‌48 - عثمان بن مظعون رضي الله عنه

- ‌49 - معاذ بن جبل رضي الله عنه

- ‌50 - عمرو بن الجموح رضي الله عنه

- ‌51 - حارثة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌52 - عبد الله بن رواحة رضي الله عنه

- ‌53 - عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه

- ‌54 - قتادة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌55 - عبادة بن الصامت رضي الله عنه

- ‌56 - خزيمة بن ثابت رضي الله عنه

- ‌57 - خالد بن زيد المشهور بأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه

- ‌58 - زيد بن ثابت رضي الله عنه

- ‌59 - سلمة بن الأكوع رضي الله عنه

- ‌60 - أبو الدرداء رضي الله عنه

- ‌61 - عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه

- ‌62 - عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه

- ‌63 - أبو زيد عمر بن أخطب رضي الله عنه

- ‌64 - أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه

- ‌65 - عبد الله بن بسر رضي الله عنه

- ‌66 - السائب بن يزيد رضي الله عنه

- ‌67 - ورقة بن نوفل رضي الله عنه

- ‌68 - حكيم بن حزام رضي الله عنه

- ‌69 - قيس بن عاصم المنقري رضي الله عنه

- ‌70 - عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه

- ‌71 - عبد الله بن حذافة السهمي

- ‌72 - عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌73 - محمد بن مسلمة رضي الله عنه

- ‌74 - حسان بن ثابت

- ‌75 - حجر بن عدي رضي الله عنه

- ‌76 - عمران بن حصين رضي الله عنه

- ‌77 - سهيل بن عمرو رضي الله عنه

- ‌78 - أبو سعيدٍ الخدري رضي الله عنه

- ‌79 - المغيرة بن شعبة رضي الله عنه

- ‌80 - النجاشي رضي الله عنه

- ‌81 - أسيد بن حضير رضي الله عنه

- ‌82 - عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه

- ‌83 - أسعد بن زرارة رضي الله عنه

- ‌84 - أبو دجانة سماك بن خرشة الخزرجي رضي الله عنه

- ‌85 - أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما

- ‌86 - أم حرامٍ رضي الله عنها

- ‌87 - أمُّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها

- ‌88 - هند بنت عتبة رضي الله عنها

- ‌89 - نسيبةُ بنتُ كعب رضي الله عنها

- ‌90 - أم أيمن بركة بنت ثعلبة رضي الله عنها

- ‌91 - أم عطية الأنصارية رضي الله عنها

- ‌92 - أم سَلِيط رضي الله عنها

- ‌93 - بريرة مولاة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

- ‌94 - الربيع بنت معوذ رضي الله عنها

- ‌95 - أسماء بنت عُميْس رضي الله عنها

- ‌تعليقات على هذا الباب

- ‌خاتمة القسم الأول

الفصل: ‌10 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

‌10 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

قال ابن حجر:

عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي أبو عبد الرحمن حليف بني زهرة، احد السَابقين الأوّلين أسلم قديماً وهاجر الهجرتين، وشهد بدراً والمشاهد بعدها ولازم النّبيّ صلى الله عليه وسلم وكان صاحب نعليه، من أخباره بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه شهد فتوح الشّام وسيّره عمر إلى الكوفة ليعلمهم أمور دينهم.

وقال ابن كثير:

وقد شهد ابن مسعود بعد النّبيّ صلى الله عليه وسلم مواقف كثيرة منها اليرموك وغيرها وكان قدم العراق حاجَّا، فمر بالرِّبَذّة- موضع قرب المدينة نحو الشرق فشهد وفاة أبي ذر ودفنه، ثم قدم إلى المدينة فمرض بها فجاءه عثمان بن عفان عائداً، ودفن بالبقيع عن بضع وستين سنة.

وقال الذهبي في ترجمته:

الإمام الَحّبر فقيه الأمّة، كان من السّابقين الأوّلين ومن النّجباء العالمين ومناقبه غزيرة روى علماً كثيراً، وروى عنه القراءة أبو عبد الرحمن السلمي وعُبَيْد بن نَضْلَة وطائفة، اتفقا له في الصحيحين على أربعة وستين وانفرد له البخاري بإخراج أحد وعشرين حديثاً ومسلم بإخراج خمسة وثلاثين حديثاً وله عند بَقي بالمكرر ثماني مِأئة وأربعون حديثاً، كان معدوداً في أذكياء العلماء، وروى الأعمش عن إبراهيم قال: كان عبد الله لطيفاً فطناً .... وعن عبيد الله بن عبد الله قال: مات ابن مسعود بالمدينة ودفن بالبقيع سنة اثنتين وثلاثين وكان نحيفاً قصيراً الأدمة. أ. هـ.

أقول: اجتمع له رضي الله عنه السبق والجهاد ومخالطة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخدمته والعبادة الكثير والعلم الواسع والتعليم العريض، ويكفي أنه إمام أهل الكوفة في الفقه، وعن مدرسته انبثقت مدرسة الحنفية أوسع المدارس الفقهية وأكثرها انتشاراً وأبعدها تأثيراً في تاريخ القضاء والفتيا، وكان له اجتهاد يخالف اجتهاد عثمان في إبقاء القراءات المأثور على غير حرف قريش الذي كتب به مصحف عثمان ولذلك لم يحرق مصحفه.

ص: 1786

1865 -

* روى البخاري ومسلم عن أبي موسي قال: قدمت أنا وأخي من اليمن، فمكثنا حيناً ولا ندري إلا أن ابن مسعود وأمه من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من كثرة دخولهم عليه ولزومهم به.

1866 -

* روى ابن ماجة عن ابن مسعود قال: إن أبا بكر وعمر بشراه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أحب أن يقرأ القرآن غضأ كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد".

1867 -

* روى البزار والطبراني والحاكم عن ابن مسعود قال: لقد رأيتني وإني لسادس ستة ما على الأرض مسلماً غيرنا.

1868 -

* روى أحمد بن ابن مسعود قال: كنت أرعي غنماً لعُقبةَ بن أبي مُعَيّط، فمُّر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، فقال:"يا غلام! هل من لبن؟ " قلت: نعم، ولكني مؤتمن، قال:"فهل من شَاة لم ينُز عليها الفحل؟ " فأتيتُه بشاة، فمسح ضِرُعَها، فنزل لبنّ، فحلب في إناء، فشرب، وسقي أبا بكر، ثم قال للضرع:"اقلُصْ" فقلص. زاد أحمد قال: ثم أتيته بعد هذا، ثم اتفقا- فقلت: يا رسول الله! عَلّمني من هذا القول، فمسح رأسي، وقال:"يرحمك الله إنك غُلَيَّمّ معلَّم".

وفي رواية لأحمد (1) زاد: فأتيتُه بصخرة منقعرة، فحلب فيها، قال: فأسلمتُ وأتيتُه.

1869 -

* روى البخاري عن شقيق بن سلمه، قال: خطبنا عبد الله بن مسعود،

1865 - البخاري (7/ 102) 62 - كتاب فضائل الصحابة- 27 - باب مناقب عبد الله بن مسعود.

ومسلم (4/ 1911) 44 - كتاب فضائل الصحابة- 22 - باب من فضائل عبد الله بن مسعود.

1866 -

ابن ماجة (1/ 49) المقدمة- 11 - باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضل عبد الله بن مسعود.

ورجاله رجال الصحيح غير عاصم بن بهدلة، صدوق له أوهام.

1867 -

البزار: كشف الأستار (3/ 248).

والمعجم الكبير (9/ 58).

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 287): رواه الطبراني والبزار ورجالهما رجال الصحيح.

والمستدرك (3/ 313) وصححه ووافقه الذهبي.

1868 -

أحمد في مسنده (1/ 379). وذكره الذهبي في السير (1/ 465). وقال محققه: حديث حسن.

(1)

أحمد في مسنده (1/ 462).

1869 -

البخاري (9/ 46) 66 - كتاب فضائل القرآن-8 - باب القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 1787

فقال: والله لقد أخذت من في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بضعاً وسبعين سورة. والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أني من أعلمهم لكتاب الله، وما أنا بخيرهم. قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع ما يقولون. فما سمعت راداً يقول غير ذلك.

وذكر الحافظ ابن حجر في الإصابة عن عروة بن الزبير عن أبيه قال: أول من جهرَ بالقرآن بمكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدُ الله بنُ مسعود.

1870 -

* روى الحاكم عن أنس: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم آخى بين الزبير وابن مسعود.

1871 -

* روى مسلم عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله، إذنك علي أن ترفع الحجاب، وتسمعَ سِوادي حتى أنهاك".

1872 -

* روى مسلم، عن أبي الأحوض قال: أتيت أبا موسي وعنده عبد الله وأبو مسعود الأنصاري وهم ينظرون إلى مصحف، فحدثنا ساعة، ثم خرج عبد الله، وذهب، فقال أبو مسعود: والله مَا أعَلَمُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ترك أحداً أعلَم بكتاب الله من هذا القائم.

1873 -

* روى الحاكم أحمد والترمذي والحاكم عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللَّذين من بعدي أبي بكر وعمر واهتدوا بهدْي عمار، وتمسَّكوا بعهد ابن أم عبد".

1874 -

* روى الحاكم عن جعفر بن عمرو بن حريث: عن أبيه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قد رضيتّ لكم ما رضي لكم ابن أُم عبد".

1870 - المستدرك (3/ 214). وصححه ووافقه الذهبي.

1871 -

مسلم (4/ 1708) 39 - كتاب السلام- 6 - باب جواز جعل الإذن رفع حجاب أو نحوه من العلامات.

السوّاد: الِّسرار والمحادثة.

1872 -

مسلم (4/ 1912) 44 - كتاب فضائل الصحابة- باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه.

1873 -

أحمد في مسنده (5/ 385).

والترمذي (5/ 672) 50 - كتاب المناقب- 38 - باب مناقب عبد الله بن مسعود.

قال: وهذا حديث حسن غريب.

والمستدرك (2/ 75). وصححه ووافقه الذهبي.

1874 -

المستدرك (3/ 319). وصححه ووافقه الذهبي.

ص: 1788

1875 -

* روى البخاري ومسلم عن عبد الله قال: قال لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "اقرأ عليَّ"

قلت: يا رسول الله أقرأُ عليكَ أُنزل؟ قال: "إني أشتهي أن أسمعه من غيري".

فقرأتُ النساء حتى بلغت: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} (1) قال لي: كف أو أمسك. فرأيت عينيه تذرفان.

1876 -

* روى ابن سعد والحاكم عن حارثة بن مضرب قال: كتب عمرُ بن الخطاب إلى أهل الكوفة: إنني قد بعثت إليكم عمارأ أميراً، وابنَ مسعود معلماً ووزيراً، وهما من النجباء من أصحاب محمد، صلى الله عليه وسلم، من أهل بدر، فاسمعوا لهما واقتدُوا بهما، وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي.

وذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء (2) عن زيد بن وهب قال: لما بعث عثمان إلى ابن مسعود يأمره بالمجيء إلى المدينة، اجتمع إليه الناسُ، فقالوا، أقم فلا تخرج، ونحن نمنعك أنْ يضلَ إليك شيء تكرهه. فقال: إنَّ له علي طاعة، وإنها ستكون أمور وفتنُ لا أحب أن أكون أولَ من فتحها. فردَّ الناس وخرج إليه.

وذكر الذهبي في السير (3) عن أبي وائل أن ابن مسعود رأي رجلاً قد أسبل، فقال: ارفع إزارك، فقال: وأنت يا ابن مسعود فارفع إزارك، قال: إنَّ بساقِّي حموشة وأنا أؤم الناس فبلغ ذلك عمر، فجعل يضرب الرجل، ويقول: أتردّ على ابن مسعود؟

وذكر الذهبي أيضاً (4) عن مسروق قال: شاعت أصحابَ محمد، صلى الله عليه وسلم، فوجدتُ علمهم انتهي إلى ستة: عليِّ، وعُمَر، وعبد الله، وزيد، وأبي الدرداء، وأبيّ. ثم شاعتُ الستة،

1875 - البخاري (9/ 98) 66 - كتاب فضائل القرآن- 35 - باب البكاء عند قراءة القرآن.

ومسلم (1/ 551) 6 - صلاة المسافرين وقصرها- 40 - باب فضل استماع القرآن وطلب القراءة من حافظ للاستماع والبكاء عند القراءة والتدبر.

(1)

النساء: 40.

1876 -

الطبقات الكبرى (3/ 225). والمستدرك (2/ 388). وصححه ووافقه الذهبي.

(2)

السير (1/ 489). وقال محققه: رجاله ثقات وذكره الحافظ في الفتح (6/ 217) ونسبه إلى ابن سعد.

(3)

السير (1/ 492). وقال محققه: رجاله ثقات وقد ذكره ابن حجر في الإصابة ونسبه إلى البغوي.

(4)

السير (1/ 493). وقال محققه رجاله ثقات.

ص: 1789

فوجدتُ علمهم انتهي إلى علي وعبد الله.

1877 -

* روى البخاري عن علقمة قال: جلستُ إلى أبي الدرداء، فقال: ممن أنتَ؟

قلتُ: من الكوفة. فقال: أو ليسَ عندكم ابنّ أمِّ عبد، صاحب النعلين، والوساد والمِطهرة، وفيكم صاحبُ السرِّ، وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان على لسان نبيِّه.

وذكر الذهبي في السير (1) عن عبد الله قال: من أراد الآخرة أضرَّ بالدُّنيا، ومن أراد الدنيا، أضرَّ بالآخرة، يا قوم فأضِرُّوا بالفاني للباقي.

1878 -

* روى ابن سعد عن قيس قال: دخل الزبير على عثمان رضي الله عنه بعد وفاة عبد الله فقال: أعطني عطاءّ عبد الله، فعيالُ عبد الله أحقُّ به من بيت المال. فأعطاه خمسة عشر ألفاً.

1879 -

* روى الحاكم بن زيد بن وَهّب قال: كنت جالساً عند عمر إذ جاءه رجل نحيف فجعل ينظر إليه ويتهلل وجهه ثم قال: كُنَيْفّ مّلِيء علماً. يعني عبد الله بن مسعود.

1880 -

* روى الحاكم عن عمرو بن ميمون قال: كان عبد الله يأتي عليه السنة لا يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحدث ذات يوم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحديث فعلته كآبه وجعل العرق يتحادر على جبهته ويقول: نحو هذا أو قريباً من هذا.

1881 -

* روى الحاكم عن علي رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم

1877 - البخاري (7/ 102) 62 - كتاب فضائل الصحابة- 27 - باب مناقب عبد الله بن مسعود.

(1)

السير (1/ 496). وقال محققه: رجاله ثقات.

1878 -

الطبقات الكبير (3/ 160)، وذكره الذهبي في السير (1/ 498). وقال محققه: رجاله ثقات.

1879 -

المستدرك (3/ 318). وصححه ووافقه الذهبي.

الكُنّيّف: تصغير كنْف: وهو الوعاء، والتصغير هنا تصغير تعظيم.

1880 -

المستدرك (3/ 314). وصححه ووافقه الذهبي.

1881 -

المستدرك (3/ 317). وصححه ووافقه الذهبي.

ص: 1790

وسلم ومعه أبو بكر رضي الله عنه وما شاء الله من أصحابه فمررنا بعبد الله بن مسعود وهو يصلى فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "من هذا؟ " فقيل: عبد الله بن مسعود.

فقال: "إن عبد الله يقرأ القرآن غضا كما أنزل". فأثني عبد الله علي ربه وحمده فأحسن في حمده على ربه ثم سأله فأجْمّلّ المسالةَ وسأله كأحسن مسألة سألها عبدُ رَبَّه ثم قال: اللهم إني أسألك إيمانا لا يَرْتَدّ، ونعيماً لا ينفد، ومرافقة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في أعلي عليين في جنانك جنان الخلد. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سل تعط سل تعط". مرتين. فانطلقت لأبشره فوجدت أبا بكر قد سبقني وكان سباقاً بالخير.

1882 -

(1) روي البخاري والترمذي عبد الرحمن بن يزيد قال: أتينا على حذيفة فقلنا: حدثنا من أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وسلم هدياً ودلا فنأخذ عنه ونسمع منه؟ قال: كان أقرب الناس هدياً وذلا وسمتاً برسول الله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود حتى يتوارى منا في بيته، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد أن ابن أم عبد هو أقربهم إلى الله زلفى.

1883 -

* روى أبو يعلى عن قيس بن مروان قال: جاء رجل إلى عمر وهو بعرفة فقال: يا أمير المؤمنين جئت من الكوفة وتركت بها رجلاً يملي المصاحف عن ظهر قلب، قال: فغضب عمر وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتي الرحل فقال: ويحك من هو؟

فقال: عبد الله بن مسعود. فما زال عمر يطفئ ويسري عنه الغضب حتى عاد إلى حاله التي كان عليها. فقال: ويحك والله ما أعلمه بَقيَ أحد من الناس هو أحق بذلك منه،

1882 - البخاري مختصراً (7/ 103) 62 - كتاب فضائل الصحابة- 27 - باب مناقب عبد الله بن مسعود.

والترمذي (5/ 673) 50 - كتاب المناقب- 38 - باب مناقب عبد الله بن مسعود.

السّمت: والذل والَهدْيُ: متقاربات، وهي بمعني السيرة والحالة.

حتى يتوارى: احتراز من الشهادة على الباطل المستور.

لقد علم المحفوظون: يعني: الذين حفظهم الله من تخريف في قول أو فعل.

1883 -

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 287) رواه أبو يعلى بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح، غير قيس بن مروان وهو ثقة.

انتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتي الرحل: تعبير عربي شائع كناية عن شدة الغضب.

ص: 1791

وسأحدثك عن ذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال يَسّمُرُ عند أبي بكر الليلة كذلك لأمر من أمر المسلمين وإنه سَمَرَ عنده ذات ليلة وأنا معه ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي ونحن نمشي معه فإذا رجل قائم يصلى في المسجد فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع قرآنه فلما كدنا نعرف الرجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يقرأ القرآن رطّبا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد". قال: ثم جلسَ الرجلُ يدعو فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم "سلْ تعطَهُ"". قال عمر فقلت: والله لأعودن إليه فلأبشرنه. قال: فعدوت إليه لأبشره فوجدت أبا بكر قد سبقني فبشره، فلا والله ما سابقته إلى خير قط إلا سبقني إليه. وفي رواية: فأتي عمر عبد الله ليبشره فوجد أبا بكر خارجاً فقال: إن فعلت إنك لسباق بالخير.

1884 -

* روى أحمد والبزار عن مجاهد عن ابن عباس قال: أي القراءتين كانت آخر، قراءة عبد الله أو قراءة زيد؟ قال: قلنا قراءة زيد. قال: ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على جبريل عليه السلام كل عام مرة، فلما كان العام الذي قبض فيه عرضه عليه مرتين، وكان آخر القراءة قراءة عبد الله.

1885 -

* روى أحمد وأبو يعلى والطبراني عن علي قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود فصعد شجرة فأمره أن يأتيه منها بشيء فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله حين صعد فضحكوا من حموشة ساقية النبي صلى الله عليه وسلم: "ما تضحكون؟ لَرِجْل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد".

1886 -

* روى الطبراني والبزار والحاكم عن عبد الله بن مسعود قال: لقد رأيتني وإني

1884 - أحمد في مسنده (1/ 325).

والبزار: كشف الأستار (3/ 351). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 288): رواه والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح.

1885 -

أحمد في مسنده (1/ 114)، والمعجم الكبير (9/ 97)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 288): رواه أحمد وأبو يعلي والطبراني ورجالهم رجال الصحيح.

حموشة: دقَّة.

1886 -

الزار: كشف الأستار (3/ 248)، والمعجم الكبير (9/ 58)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 287):

رواه البزار والطبراني ورجالهما رجال الصحيح، والمستدرك (3/ 313)، وصححه ووافقه الذهبي.

ص: 1792

لسادس ستة ما على الأرض مسلم غيرنا.

1887 -

* روى أحمد والطبراني عن الحسن قال: قال رجل لعمرو بن العاص: أرأيت رجلاً مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبه أليس رجلاً صالحاً؟ قال: قلت بلي. قال: قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبك وقد استعملك. قال: قد استعملني فوالله ما أدري حبُّا كان لي منه أو استعانة بي ولكن سأحدثك برجلين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهما راض عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر.

1888 -

* روى الطبراني عن حارثة بن مُضَرّب قال: كتب عمر إلى أهل الكوفة قد بعثت عمارّا أميًرا وعبد الله بن مسعود وزيًرا وهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أهل بدر فاقتدوا بهما واسمعوا من قولهما وقد آثرتكم بعد الله علي نفسي.

1889 -

* روى الحاكم عن علقمة قال: قدمت الشام فصليت ركعتين ثم قلت: اللهم يسر لي جليساً صالحاً. فلقيت قوماً فجلست فإذا بواحد جاء حتى جلس إلى جنبي، فقلت: من ذا؟ قال: أبو الدرداء. فقلت: إني دعوت الله أن ييسر لي جليساً صالحاً فَيُسِّرَ لي. فقال: ممن أنت؟ قلت: من أهل الكوفة. قال: أو ليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والوسادة والمطهرة، وفيكم صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا يعلمه غيره.

1890 -

* روى الحاكم عن علي رضي الله عنه قيل له: أخبرنا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: عن أيهم؟ قال: أخبرنا عن عبد الله بن مسعود قال: عَلِمَ

1887 - أحمد في مسنده (4/ 203). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 290): رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح.

1888 -

المعجم الكبير (1/ 85). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 291): رواه الطبراني ورجاله رجاله الصحيح غير حارثة وهو ثقة.

1889 -

المستدرك (3/ 316). وصححه ووافقه الذهبي.

1890 -

المستدرك (3/ 128). وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

ص: 1793

الكتابَ والسنةَ ثم انتهي وكفى به. وذكر باقي الحديث.

1891 -

* روى مسلم عن أبي الأحوص عوف بن مالك رحمه الله قال: شهدتُ أبا موسي وأبا مسعود الأنصاري رضي الله عنهما حين مات ابن مسعود، فقال أحدهما لصحابه: أتّراه ترك بعده مثله؟ فقال: إن قلت ذَلك إن ليؤذَنُ له إذا حُجِبْنا، ويشهدّ إذا غبِنْا.

وفي رواية (1) قال: كنَّا في دار أبي موسي مع نَفَرٍ من أصحاب عبد الله وهم ينظرون في مُصحفٍ، فقام عبد الله، فقال أبو مسعود: ما أعلّم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ترك بعده أعلم بما أنزل الله من هذا القائم. فقال أبو موسي: أما لئن قلتّ ذلك لقد كان يؤذَنُ له إذا حُجبِنا، ويشهدُ إذا غِبنْا.

وفي رواية (2): قال زيد بن وهب الجهني: كنتُ جالساً مع حذيفة وأبي موسي .. وساق الحديث.

1892 -

* روى مسلم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نَزلَتْ هذه الآية {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ

} (3) إلى آخر الآية قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قيل لي: أنتّ منهم".

وفي رواية الترمذي (4) قال عبد الله بن مسعود: لما نَزلَتْ- وقرأ الآية- قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أنتَ منهم".

* * *

1891 - مسلم (4/ 1911) 44 - كتاب فضائل الصحابة-32 - باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه.

(1)

مسلم (4/ 1912) الموضع السابق.

(2)

مسلم (4/ 1912) الموضع السابق.

1892 -

مسلم (4/ 1910) الموضع السابق.

(3)

النساء: 93.

(4)

الترمذي (5/ 355) 48 - كتاب تفسير القرآن- 6 - باب ومن سورة المائدة.

ص: 1794